أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل السعدون - لنكف عن مصمصة أصابع الأجداد الراحلون















المزيد.....

لنكف عن مصمصة أصابع الأجداد الراحلون


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 1359 - 2005 / 10 / 26 - 12:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مشكلة الإسلام أنه حين خرج من الجزيرة ، حمل الجزيرة وفكر الجزيرة وأخلاق الجزيرة معه ، في قرآنه وسيفه وثقافته وقيمه القبلية التي لما تزل حية فينا .
إغراء الجزيرة وضعناه على لسان الرب في عشرات النصوص القبلية الدموية القرآنية . قداسة الأجداد وقداسة العرف وقداسة الدم حملناه معنا حتى يوم الله هذا ، إذ نقسم الناس إلى أشراف وعوام ، اولئك من النسل الطاهر المقدس لمحمد ، وهؤلاء من العامة الغبية البليدة المستعربة التي لم تحمل ميراث المورثات الجينية لمحمد معها .
وحتى بين الأشراف ، أوجدنا مراتبية جديدة فهذا شريف حسني وذاك شريف حسيني ، هذا الشريف تشيع ، وذاك الشريف آمن ببعض التشيع لا كله ( كالشريف الزيدي أو الإسماعيلي ) ، والثالث شريف غير معترف به لأنه لم يتشيع أو لم يتسنن ( كأشراف آل البيت ممن لم يؤمنوا بما آمن به الباقر والصادق رحمهما الله ، رغم أنهم لم يكونوا أقل من هذا أو ذاك في التقوى والإنتماء إلى الحسن والحسين ) .
رفض الآخر ( المختلف ) ورثناه من القبيلة العربية مع إضافات جديدة قبيحة ، فعلاوة على الدم والنسب ودرجة الإبتعاد أو الإقتراب من محمد أو العرب ، أضفنا درجة الإبتعاد أو الإقتراب من رؤيتنا الخاصة للماضي إلى هذه التراتبية الجديدة .
السني ( المتدين المتسيس ) لا يؤمن بإنسانية آخاه المختلف ولا يؤمن بوطنية إن لم يكن عربيا ، سنيا ، ترجع مرجعيته إلى واحد من الأربعة الكبار ، وحتى بين أنصار الأربعة الكبار كان الصراع الحاد محتدم على مر العصور منذ ظهر هؤلاء الأربعة ( الشافعي وبن حنبل ومالك وأبي حنيفة ) والشيعي ( المتدين المتسيس ) ، لا يستطيع أن يتقبل الآخر حتى وإن كان شيعيا ( ولا نقول مسلما أو مسيحيا أو مواطنا بلا دين ) ، لا بل الآخر الشيعي المختلف عنه في المرجعية ذاتها ، مدرسي أو شيرازي أو خميني أو سيستاني أو صدري ... !
وكلنا قرأ التاريخ الشيعي العراقي والعالمي ورآى كيف كانت المدارس تحترب بينها ، وكيف يبلغ الأمر حد السباب والشتائم كتلك التي أطلقها مندوب الصدر في الجمعية الوطنية ، حين أتهم الإمام السيستاني بالعمالة للأمريكان .. !
أما صراع المراجع في إيران فقد أنفجر منذ لحظة الثورة وكلنا يعرف ما حل بالمنتظري وجمع كبير من العلماء أو الموقف من العلامة فضل الله وكيف أنكروا عليه حق الإجتهاد .
ما حصل في المسيحية بعد يسوع الجميل ، حصل في الإسلام بعد محمد ، وحصل في البوذية بعد بوذا ، وتلك حكمة العصور وإبداعات الفكر الإنساني لكن .. المرعب أن نسقط الماضي على الحاضر وأن نعيش هذا الماضي ونتنفسه ليل نهار بجهل أكيد بأن هواء هذا الماضي ما عاد فيه من أوكسجين لطول فترة دفن الموتى ولتعفن جثث كل هؤلاء الكرام ، بحيث ما ظل في قبورهم من شيء يمكن أن يستر عورة طفل من أطفالنا أو يمنح رغيفا لجائع من جياعنا .
الحقيقة ... أتابع كتابات كل من يكتب ، وأتابع منابر الحوار على شبكة المعلومات ، وأشعر بأسى شديد للغاية حين أسمع هذا الإجترار الدائم للماضي البعيد القميء الذي ما كان فيه خير لأهله فكيف بأهل هذا العصر . أستغرب كيف يعيش الناس هذا الماضي البعيد بكل هذا الوله والولع في تمثله ، وتلك الدنيا ملئى بكل جديد مفيد جميل يمكن أن يغني حياتنا ويجمع كلمتنا على العيش المشترك بحب وتسامح ورحمة .
للهندوس حكمة سبقت كل الأديان ، ومبدأ جميل جدا إكتشفه فلاسفة الإغريق لاحقا ثم أعاد إكتشافه المسلمون والمسيحيون وغيرهم وصار مبدأ إنسانيا نتداوله بشغف دون أن نعتبر به رغم بساطته الشديدة .
إنه مبدأ الفعل ورده أو السبب والنتيجة ... !
كل فعل تفعله اليوم أو للتو واللحظة ، سيثمر غدا ثمرا ما .. ما تزرعه اليوم تحصده غدا ..
وما زرع الآخرون بالأمس حصدناه اليوم .
في الحال العراقية والعالم أجمع في وقتنا الحاضر نرى أن ما زرعه العرب والمسلمون عبر العصور ، يحصدونه اليوم ، ما زرعه السنة عبر العصور في قلوب الشيعة ، يحصدونه اليوم ، ما زرعه صدام حسين في قلوب الكرد والشيعة ، يحصده أتباعه بل والعرب كافة ممن وقفوا معه عبر سنوات عديدة من حكمه .
هل من سبيل في الحكمة الهندوسية الجميلة للخروج من هذا النفق المظلم ؟
نعم .. أن نكف عن رمي الكرة صوب الآخر ... !
أن نوقف تلك المتوالية المملة الكريهة .. !
أن نكف بقوة الإرادة الذاتية لمن في يده الكرة الآن عن رميها صوب الآخر .. رد الفعل يجب أن يتوقف لكي لا نخلق فعلا جديدا بعد مائة عام أو الف عام .. !
الغربيون أجهزوا على سلطة البابا لكنهم لم يعلقوه على شجرة ولم يمنعوا الكنيسة من العمل ولم يكفروا بيسوع ولم ينفوا الكنائس إلى صحارى سيبيريا أو القطب حيث يقيم أهل الأسكيمو .
تلك اللعبة الكريهة المملة أوقفوها بقوة الإرادة الجمعية للمتنورين من الناس ، وذهبوا إلى المعمل والحقل والمختبر والمرصد الفضائي ، لينتجوا حضارة بديلة عن حضارة تكفير الآخر الأرثوذكسي أو البروتستانتي أو غيره .
ولا زالت المسيحية حية أنيقة مسالمة هادئة .. لماذا ؟ لأنها لم تُجتث بقوة السيف أو القرار السياسي الحازم للبراجوزية المنتصرة ، بل ترك لها ميدان لعب مناسب معقول ضمن الحريات الشخصية والجماعية للفئات المختلفة ، وبالنتيجة تحولت المسيحية إلى قوة أخلاقية وتربوية مفيدة ولا خطر منها على الأنظمة الإجتماعية أو حريات الناس ، بل كان لها الدور الأكبر في صدور قوانين الضمان الإجتماعي وأنظمة التكافل الإجتماعية الرائعة الموجودة في أغلب دول القارة الأوربية وبالذات في دول أسكندنافيا .
يقول الهندوس الطيبون أن الشر أي شرّ يحمل في داخله بذرة خير كبير لو إننا تأملناه بحكمة وقلوب مفتوحة وضمائر نقية ، وأظن أن الماركسيون يقولون ذات الأمر من ولادة النقيض من رحم نقيضه .
ويضيف الهندوس الحكماء ، ما يحصل لك من خير أو شرّ ، تأمله بعناية وحاول أن تبحث عن الحكمة من وراءه والفائدة الخبيئة بعد في جوفه ، ولا تكفر به أو تقاومه برد فعل سريع .
ويقولون تحمل مسؤولية أفعالك ولا تلصقها على الغير لأنك لن تنتفع من الحكمة الخبيئة في رحم هذا الذي حصل لك إن ألقيت الكرة مباشرة على الآخر وتنكرت لمسؤوليتك وتشبثت بما لديك من قناعات .
أظن أن في التاريخ القريب جدا عبرة كبيرة لنا ... !
حلبجتنا ، مقابرنا الجماعية ، الدجيل والدعوة وبدر والضاري ، العرب والإسلام وإيران والعراق ، تاريخ الصراع الشيعي السني الطويل .. جميع هذا علينا أن نتأمله بحكمة كبيرة ..وصبر كبير .. !
كلهم على حق .. السنة كما الشيعة كما الهندوس والبوذيين ... سواء بسواء ... لا أحد أفضل من الآخر ولا شيء أصح من الآخر ... !
لا أحد يملك الحقيقة الكاملة التامة المطلقة ... !
يقول آينشتين في عبارة ساخرة له : " إن الرب في علياءه يقهقه بقوة من اولئك الذين يتوهمون أنهم يملكون كل الحقيقة " .
لنعتبر بقول يسوع الجميل الرائع ولن أقول نبي الله أو إبن الله ، ولكن يسوع الجميل فقط :
يقول .. أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله .
أتمنى على أهلنا العراقيون من كل أعراقهم أن لا يعطوا للأشياخ الراحلون أكثر من حقهم في النذر والتكريم ، وحين يعودون إلى بيوتهم ، يعودون إلى الواقع ليعطوا أبنائهم وبناتهم وأمهاتهم وجيرانهم وأهل هذا البلد الطيب ، حقهم من التقدير والإحترام والتكريم والحب .
يجب أن نتحرر من الماضي دون أن نلزم أنفسنا على أن نكرهه أو نحاربه ، لأنه في واقع الحال لا وجود له اليوم ، ويعلم الله وحده كيف كان وجوده يوم أمس .
ليتنا نكف عن البحث عن إبن ملجم ومعاوية ويزيد لنقتلهم ، فهؤلاء لا وجود لهم إلا في مخيلتنا ، ويعلم الله وحده كيف كانوا ومن كانوا وما إذا كانوا موجودين حقا وصدقا أم لا .. لأننا حتى يوم الله هذا لا نملك نحن العرب أدوات بحثية علمية رصينة عن تاريخنا وجذورنا .
بالمناسبة حاول بعض الباحثين الغربيين أن يتفحصوا الحجر الأسود وبئر زمزم ليسجلوا بحثا علميا مختبريا رصينا عنهما ، ولكن حكام السعودية رفضوا أي محاولة للمساس بتلك الأماكن ولا زال الخيال وحده هو زادنا في رحلة البحث عن الحقيقة .. !
وعلى البعد قالها بعض العلماء الثقاة .. أن الحجر الأسود حجر نيزكي مثل آلاف الأحجار التي ترمي بها السماء على الأرض بين الآونة والأخرى من مخلفات الكواكب التي ماتت قبل ملايين السنين .



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحتفالية عرس الشهداء – شعر ونثر ورجاء
- حزمة إستراتيجية مخابراتية أمريكية واحدة
- هل كانت أمريكا غبية كما يتوهمون ؟
- اللجاجة في تفاصيل الديباجة
- الفاشوش في دستور قراقوش
- ليس هؤلاء بصالحين للسباق يا جلبي يا رائع
- لماذا الإصرار على عروبة العراق ؟
- إنتظروا علاوي العائد في القريب
- أهلنا عرب الجنوب …أدفنوا ماضيكم وأنهضوا
- الخطاب الصحفي الكردي القاسي على عرب العراق
- !..أضاعوه وأي عِراق أضاعوا
- عن الإسلام والعلمانية – رد متواضع على مقالة الأستاذ صائب خلي ...
- المرأة والحيوان مفسدات وضوء السيد الرجل
- عن المرأة والدستور في هذا العراق المقهور
- عن المرأة والدستور والإسلام وما به من جورٍ وفجورْ
- عن المرأة والأنفال ودستور أهل الإسلام
- الإسلام مصدر التشريع – خزعبلة دستورية -1
- - ملاحظات على الدستور العراقي المقترح - ج3
- ملاحظات على الدستور المقترح -ج2
- - ملاحظات على الدستور العراقي المقترح - ج1


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل السعدون - لنكف عن مصمصة أصابع الأجداد الراحلون