|
لا ديمقراطية في غياب الثقة ..
احمد الطالبي
الحوار المتمدن-العدد: 4908 - 2015 / 8 / 26 - 14:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وجود الإنتخابات في المغرب ، لا يؤشر على وجود ديمقراطية حقيقية بالمعنى المتعارف عليه فلسفيا و سياسيا ، ولا يشفع لها قدمها لكي تؤشر على ذلك ، وهذا راجع إلى عدة أعطاب مست مسلسل البناء الديمقراطي المزعوم ، و أفقدته الكثير من المعنى ، وربطت البلد برهانات و أجندات أبعد من أن تحقق للشعب المغربي كل طموحاته ، وتعزز أمله في المستقبل ، ويمكن إجمال هذه الأعطاب في ما يلي:
– الإستقلال الشكلي الذي أعقب مفاوضات – إكس ليبان – والذي تم بموجبه هدر كل تضحيات الحركة الوطنية ، وربط البلد بمصالح قوى خارجية ، وهذا ما دفع بالقائد الشهيد بنيركة إلى الحديث عن سلبية أنصاف الحلول في نقده للتجربة في كتاب الإختيار الثوري..
– – قمع وتصفية جيش التحرير بالجنوب في ما عرف آنذاك بعملية المكنسة عندما هم باستكمال تحريرالصحراء ، مما إدى إلى تعقيد المشكل ، واستنزاف جهود البلد اقتصاديا و سياسيا و عسكريا
– إغتيال القائد المهدي بنبركة ، بتواظؤ مع قوى أجنبية وصهيونية ، وهو بصدد التحضير لإنعقاد مؤتمر القارات الثلات..
– التآمر على الإتحاد الوطني للقوات الشعبية و إسقاط حكومة عبد الله إبراهيم التي كانت بصدد قيادة أوراش إصلاحية كبرى ، وهي الرسالة التي كانت واضحة حدد فيها المخزن وأدواته نوعية السياسة التي يريدها في البلد…
– قمع اليسار الجدري طيلة سنوات السبعينيات مما خلق جوا من الهلع و الرعب و الخوف لدى عموم الشعب المغربي الذي لم يكن يطالب سوى بالحد الأدنى من الحقوق..
– خلق كائنات سياسية مشبوهة ومدها بكل الإمكانيات من أجل تنزيل وتنفيذ استراتيجية المخزن لتشويه معنى الديمقراطية ، وهي الكائنات التي أطلقت عليها القوى الوطنية : الأحزاب الإدارية…
– إغتيال القائد السياسي عمر بن جلون من طرف قوى إرهبية متطرفة ورجعية بتحريض مخزني..
– إعتقال عبد الرحيم بوعبيد بعد رفضه موافقة النظام على إجراء استفتاء في الصحراء المغربية…
– قمع الحركة العمالية ومعها حلفاؤها قمعا شرسا في إضرابي20 يونيو 1981 و 14دجنبر 1990.، إحتجاجا على تصفية الأزمة على حساب الشعب بتطبيق مخطط مسار للتقويم الهيكلي…
– تفجير الإتحاد الإشتراكي من الداخل بتواظؤ مع التيارات الإنتهازية ، واعتقال جناحه الجدري آنذاك – حزب الطليعة – الآن…
– فرض الحضر العملي على الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، مدرسة الصمود و تكوين القيادات السياسية الشبابية ، و الأطر المناضلة المتشبعة بالفكر الثوري التحرري ..
، والتضييق على جماعته .. فرض الإقامة الجبرية على الشيخ عبد السلام ياسين –
– المناورة على المجتمع المدني بخلق ما كان يعرف لدى القوى المناضلة بجمعيات السهول و الهضاب .للحيلولة دون خلق مجتمع مدني حقيقي و ديناميكي ، مع توريط الجمعيات في معالجة مخلفات تراجع الدولة عن أداء دورها التنموي بعد سقوط جدار برلين وانفراط عقد دولة الرفاه ، تطبيقا لاختيارات ما بعد سقوط جدار برلين …
– إدماج المغرب في نظام النيوليبرالية المتوحشة فازدادت معدلات الفقر و ارتفعت مؤشرات الإقصاء الإجتماعي ، وتدهورت الخدمات الإجتماعية : تعليم ، صحة ، سكن
– مناورة ما سمي هيأة الإنصاف و المصالحة التي لم تجد توصياتها طريقا إلى التنزيل بما يضمن تأسيسا جديا لدولة الحريات و الحق و القانون….
– تتبخيس نضالات حركة 20 فبراير و الإلتفاف عليها بأكذوبة دستورية ، بتواطؤ مع حزب يدعي الصدق و النزاهة و محاربة الفساد و الإستبداد ، والدي قاد حملة تصفية ما تبقى من الحراك العشريني بدعوى استرجاع هيبة الدولة ، فما كان غير الإنتقام من العشرينيين و الزج بهم في السجون ، وما كان أيضا غير تطبيق توصيات صندوق النقد الدولي في أبشع صورها ، من إزدياد للغلاء و الفقر و سحق الطبقة الوسطى …
كل هذه الإجراءات وغيرها كثير ، تؤكد عدم جدية المخزن وقواه في التعبير عن الرغبة في بناء الديمقراطية بالبلد ، فكل هذه الإجراءات لم تكن سوى تعبيرا عن استراتيجية المخزن في قمع الأصوات الحقيقية المطالبة بالديمقراطية ، وهي أصوات الصف اليساري الوطني التقدمي الديمقراطي الذي ما زال متمسكا بشعار الملكية البرلمانية ، في الوقت الذي اختار البعض التطبيع مع المخزن منذ تجربة الإ تـحاد الإشتراكي ، إلى مهزلة البيجيدي ..
تقييم هذه المرحلة من تاريخ المغرب المعاصر ، يعكس جو اللاثقة الذي تجري فيه العمليات الإنتخابية وتعاقب الحكومات و المجالس ، بحيث يشعر المرء أن الإختيارات التي تتعاقب علينا هي هي لا تتغير و إن تغيرت الأحزاب ، وبدل أن تنتج العملية السياسية مناضلين و أطر متشبعة بالهم الوطني ، كما في أزمنة النضال الحقيقي ، أصبحت تنتج سماسرة..
ومع أن القاعدة الشعبية والشبابية الواعية بخطورة مناورات المخزن وشركائه القدماء و الجدد ، في اتساع مستمر فعليها يمكن الرهان لتشكيل قوة ضاغطة داخل الأحزاب والمجالس المنتخبة و في الشارع ، هذه القوة يجب أن تتشكل وتضغط في اتجاه ما يلي:
احترام ما ورد في الدستور بشأن حقوق الإنسان في بعدها الكوني و الشمولي ، ووضع تشريعات منسجمة مع هذا المبدأ تضمن الحقوق الفردية و الجماعية كما تضمن الحريات – الضغط في اتجاه إقرار تشريعات تضمن استفادة جميع المواطنين من خيرات بلدهم -الضغط في اتجاه الحسم مع كل القوى الإنتهازية السياسية و النقابية ، التي لا تصطف إلى جانب مقهوري المغرب وو فقرائه و كادحيه الضغط في اتجاه ترسيخ معنى الديمقراطية في بعدها السياسي و الفكري و الفلسفي بدل ترسيخ مفهموم مشوه يختزلها في أغلبية عددية ، مما يكرس الفهم الإستبدادي لها ، هذا الفهم الذي ليس من روحها في شيء…
و إذا كانت كل هذه الأفكار لا تتعارض و الروح الوطنية ، فإن الدولة مدعوة بدورها للتفاعل الجدي و الصادق و بشكل إيجابي و سريع مع المطالب الديمقراطية و الإجتماعية و الحقوقية و الثقافية للشعب المغربي ، بما يضمن بناء الثقة بين المجتمع و الدولة
و في اعتقادي فإن المطالب تلك يمكن تحقيقها في المزاوجة بين ضغطين متواززين ، الضغط من داخل المؤسسات عبر تكثيف المشاركة باختيار من هو قادر على النضال و الإرتباط العضوي بالناخبين و إبلاغ الصوت الحقيقي للشعب والجماهير مع عدم تزكية محترفي السمسرة ، والضغط من الخارج عبر أحزاب سياسية تعبر حقيقة عن حلم المواطنين ، وجمعيات المجتمع المدني التي يجب أن تعيد النظر في دورها وتعمل على بناء الإنسان وعيا وفكرا وثقافة ، وبذلك تخدم الحاضر و تؤسس المستقبل ، ويمكن كذلك الرهان على حركة نسائية بمضمون تحرري تقدمي ديمقراطي و حركة نقابية قوية نساهم جميعا في بنائها و تجديرها ، كما يجب على المثقفين الإضطلاع بمهامهم النقدية في إطار هيئات و اتحادات مستقلة تماما عن المخزن و متجدرة في المجتمع…
وكما طبيعة كل تفكير بشري ، تبقى هذه الأفكار مجرد راي نسبي ، لا يدعي امتلاك الحقيقة المطلقة ، فكل خطاب يدعي ذلك ، هو بالضرورة خطاب زائف..
و إلى أن يتحقق حلمنا جميعا ، والذي يجب أن ندافع عنه بمختلف التعبيرات المتاحة لنا وبمعية الشرفاء الصادقين في أفعالهم ونواياهم ،فللشعب المغربي و لقواه التقدمية الديمقراطية و الوطنية كل التحية وكل التقدير، هذه القوى التي قدمت شهداء و أمتلأت سجون المخزن بمناضليها من مختلف التلوينات ، عندما كان للنضال معنى ،حيث لم يجرأ الذين يتسلقون المناصب و يتهافتون عليها الآن ، لم يكونوا بقادرين على حل أفواههم ولو تثاؤبا ، واليوم يزعقون و يصرخون ملء أشداقهم لينطقوا سفاهة و ثفاهة من قبيل : ديالي لي كبير عليك..
#احمد_الطالبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليس البحر بحرا ......
-
الفخاخ المقدسة
-
هل من معنى للمرجعية الدينية في السياسة ؟
-
خطاب إلى عبدة الأصنام ......
-
مرثية لشهداء السيول ، ونعي الوطن ..
-
..........لا عدالة ، لا تنمية ...............
-
صمت ليس من علامات القبول و الرضى ...
-
أيها المغاربة ، إنتبهوا و احذروا............
-
بعد أن نفدناه
-
ضد السلم الإجتماعي دفاعا عن الإضراب العام
-
المغرب القهرقراطي و الهدرقراطي
-
...أرقص ليذهب عنك الحزن و تسقط عنك الخطايا...
-
الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل تقرر إضرابا عاما..
-
في الحاجة إلى حركة سياسية، فكرية ، مدنية، قوية.
-
أزمة الراهن المغربي ، ومسؤولية القوى التقدمية ..
-
دفاعا عن العقل
-
شيء ما يستعصي على الفهم
-
يجب إرجاعهم إلى زمن ما قبل الصناعة..
-
مرافعة تحت التراب
-
شبح داعش
المزيد.....
-
البنتاغون: انتصار روسيا في الصراع الأوكراني سيكلف الولايات ا
...
-
الجيش الإسرائيلي ينشر ملخص عملياته في رفح (فيديو)
-
زخارف ذهبية وعرش خشبي.. مقاطع مسربة من -قصر بوتين- تكشف عن
...
-
ممثلة إباحية تدلي بشهادتها عن علاقتها الجنسية بترامب في المح
...
-
غموض يحيط بمقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر، ما الذي نعرفه عن
...
-
محيطات العالم تعاني من -ارتفاع قياسي- في درجات الحرارة هذا ا
...
-
بعد أشهر من المماطلة.. اتهامات تطال فون دير لاين بتجاهل وعرق
...
-
اتفاق أوروبي على استخدام الأموال الروسية المجمدة لتسليح أوكر
...
-
وزير مصري سابق يوضح سبب عدم تحرك جيش بلاده بعد دخول إسرائيل
...
-
كيم جونغ أون يودع -سيد العمليات الدعائية- في كوريا الشمالية
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|