أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - إعصار ساحة التحرير يتقدم بسرعة قياسية















المزيد.....

إعصار ساحة التحرير يتقدم بسرعة قياسية


حسين كركوش

الحوار المتمدن-العدد: 4892 - 2015 / 8 / 10 - 09:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    





كان عندي ربع مثقال من الشك في قدرة تظاهرات ساحة التحرير على تسديد ضربات موجعة للأيديولوجية الإسلاموية التي يطبقها منذ عشر سنوات الحكم القائم في العراق.
نعم ، كان عندي ربع مثقال من الشك.
أما الآن فقد تيقنت تماما أن هذه التظاهرات سددت ضربات قاتلة و زلزلت الأرض تحت أقدام حراس هذه الآيدولوجية وأدخلت الرعب لقلوب الصقور منهم قبل الحمائم.

اليقين تولد عندي عندما أطلعت على تصريح للسيد صدر الدين القبانجي حول التظاهرات.

سماحة السيد خطيب جمعة النجف صدر الدين القبانجي (هكذا يقدم نفسه) هو سياسي عراقي يضع عمامة على رأسه ويرتدي جبة علماء الدين.
و القبانجي هو أحد أشرس الصقور الذين يرفضون قيام دولة مدنية ، على اختلاف أحزابهم السياسية وطوائفهم.

فقد نشر موقع (براثا) تصريحا لصدر الدين القبانجي ورد فيه ما يلي:
" دعا سماحة السيد صدر الين القبانجي إلى عدم المشاركة بالتظاهرات (الجمعة الماضية) ، معتبرا ان الهدف وراءها هو العودة إلى الحكم اللاديني (و أرجو من القراء أن يتوقفوا مليا عند هذه المفردة).
وقال القبانجي : " اليوم نرى في التظاهرات شعارات ضد الدين والعلماء. وأستنتج "إن الشعب العراقي لن يشارك في هذه التظاهرات لأنه أكثر وعيا وامتثالا لعلماء الدين و المرجعية."

هذا ليس، فقط، كلاما غير عقلاني و غير منطقي ومحض كذب. هذا صراخ هيستري غير مسبوق منذ أثنتي عشر سنة ، سببه رعب حقيقي يعبر عنه القبانجي لأول مرة طوال تلك الفترة السابقة.

وألا :

هل قرأ أو شاهد عراقي واحد شعارات رفعها المتظاهرون ضد الدين ؟
هل قرأ أو شاهد أو سمع عراقي واحد شعارات رددها المتظاهرون ضد علماء الدين ؟

السياسي القبانجي يظن (مثل نظيره وزميله جلال الدين الصغير ، وآخرين كثيرين مثلهم) أنه هو وحده يحتكر الذكاء وأن بقية العراقيين مغفلون ساذجون. ولم يجد القبانجي أمامه غير الكذب ، و التلاعب في الألفاظ لإخافة العراقيين و تأليبهم ضد التظاهرات.
ويبدو أن القبانجي فكر طويلا ثم قال مع نفسه، آه، الآن وجدت التهمة القاتلة: (حكم لا ديني). المتظاهرون يطالبون بعودة الحكم اللاديني.
بالطبع هو يريد أن يقول (حكم مدني أو دولة مدنية). لكنه يعرف جيدا أن الحكم المدني لا يثير هلع العراقيين. و هو يعرف أن العراقيين يعرفون جيدا ، مثله تماما ، بأن الحكم المدني ليس، أطلاقا، حكم (لا ديني).

أما قوله : إن الشعب العراقي لا يشارك في هذه التظاهرات لأنه ( أكثر وعيا وامتثالا للمرجعية) ، فهو العكس ، بالتمام والكمال.
التظاهرات عمت بغداد والمدن العراقية ، بالضبط لأن العراقيين أكثر وعيا.
أما الذي يعصي مرجعية السيد السيستاني ولا يطيع أوامرها ، فهو (سماحة السيد صدر الدين القبانجي إمام جمعة النجف) نفسه وليس الذين يتظاهرون.

أليكم ما يقوله المرجع سماحة السيد علي السيستاني وما يقوله ويفعله صدر الدين القبانجي لنعرف هل التزم القبانجي بوصايا وبإرشادات المرجعية:

يقول المرجع السيستاني : " أما تشكيل حكومة دينية على أساس فكرة ولاية الفقيه فليس واردا."
ويقول : " إن القوى السياسية والاجتماعية في العراق لا تدعو إلى قيام حكومة دينية ، بل إلى نظام يحترم الثوابت الدينية للعراقيين ويعتمد مبدأ التعددية والعدالة والمساواة."
ويقول المرجع السيستاني: " سبق للمرجعية أن أوضحت أنها ليست معنية بتصدي الحوزة العلمية لممارسة العمل السياسي وأنها ترتأي لعلماء الدين أن ينأوا بأنفسهم عن تسلم المناصب الحكومية."
ويقول المرجع السيد السيستاني : "يحرم على الموظفين تجاوز القوانين والقرارات الرسمية."

نسأل: أي عمل يمارسه السيد الخطيب المعمم صدر الدين القبانجي الذي يقدم نفسه عالم دين ؟ أليس هو العمل السياسي ، بالضد من موقف المرجعية ؟
وما العمل الذي يمارسه داخل البرلمان زملاءه السياسيون الذي يضعون العمامة على رؤوسهم ؟ تعليم الصلاة و أمور الشرع ، أم العمل السياسي ؟
إذا أراد القبانجي وزملاءه السياسيون المعممون ، الذين يتحدثون عن ضرورة الامتثال لأوامر المرجعية ، الامتثال فعلا لأوامرها ، فأمامهم الخيارات التالية:

الأول: أن يحتفظوا بعمائمهم وبزيهم الديني و يعودوا ، معززين مكرمين ، إلى حيث أماكنهم الطبيعية في المساجد والجوامع والتكايا والحسينيات ، للإرشاد والوعظ.
الثاني: أن يستمروا في ممارسة العمل السياسي ، لكن شرط أن يتخلوا عن العمامة و زي علماء الدين ، تنفيذا لوصايا المرجعية.
الخيار الثالث هو أن يعلن القبانجي وزملاءه أمام الناس وبصوت واضح ومسموع بأنهم يرفضون الامتثال لوصايا و لأوامر المرجعية ، لكن شرط أن لا يتحدثوا بأسمها و يشوهوا سمعتها.

أما ما تقوله المرجعية ( يحرم على الموظفين تجاوز القوانين والقرارات الرسمية ) فأول ما خرقه (سماحة) صدر الدين القبانجي في أيار من عام 2013.
وقتذاك عرضت أحدى دوائر وزارة الثقافة مسرحية ألمانية لم تعجب القبانجي. وعلى أثر العرض (طالب القبانجي بمحاسبة وزير الثقافة على خلفية استضافة فرقة ألمانية للغناء والرقص). وانتقد القبانجي (صرف أموال الشعب على هذه الفواحش ) محملا وزارة الثقافة ومجلس الوزراء ( مسؤولية هذا التعدي على قيمنا الإسلامية.)
وتسبب صدر الدين القبانجي آنذاك في إقالة مدير عام دائرة السينما والمسرح ( اعتذر لأني نسيت أسم المدير العام الآن ).
دعونا ننسى الآن قوله صرف أموال الشعب على هذه الفواحش) ونفترض أن أموال الشعب لم تُسرق و صرفت طوال السنوات الماضية لخدمة المواطنين.
لكننا نسأل: أليس ما فعله القبانجي خرقا لتعليمات المرجعية ؟ نعم ، هو كذلك.
فما نعرفه هو ان السيد القبانجي لا يشغل وظيفة رسمية في الدولة العراقية. و الذي نعرفه هو ، أن الفرقة المسرحية الألمانية كانت حاضرة بدعوة رسمية من جهة رسمية. وإذا كانت المسرحية خادشة للحياء العام فالأولى بالقبانجي أن يرفع دعوة قانونية ضد وزارة الثقافة ويترك للقضاء أن يقول كلمته.

لكن القبانجي لم يفعل ذلك لأنه يعتبر نفسه أعلى من القضاء وأكبر من الدولة ، ويسمح لنفسه أن يتدخل في قضايا رسمية هي من اختصاص الدولة وحدها. وهذا أمر قد يجوز في دولة ولاية الفقيه لكنه لا يجوز في دولة مدنية أو دولة (لا دينية) كما يسميها القبانجي متلاعبا بالألفاظ.

لماذا لم تفعل مرجعية سماحة السيد علي السيستاني ما فعله القبانجي ؟
هل القبانجي أكثر ورعا وأشد حرصا على الدين والقيم الإسلامية من المرجعية نفسها ؟ يقينا لا.
المرجعية لم تفعل ذلك لحرصها على الالتزام بأقولها ، وهي ترى أن تسيير شؤون الدولة من اختصاص الدولة ومؤسساتها الرسمية وموظفيها.
المرجعية لم تفعل لأنها ترفض وجود (حكومة دينية). وهذا بالضد مما يفعله ويقوله القبانجي.

على هذه الخلفية يطالب القبانجي بعدم المشاركة في التظاهرات.
المرجعية الدينية تقول إن: (تشكيل حكومة دينية ليس واردا.)
وصدر الدين القبانجي يصر على رفض (حكومة لا دينية) ، أي يريد فرض (حكومة دينية).

علي أي حال، هذه أولى صرخات هلع أنصار ولاية الفقيه في العراق الذين حولوا العراق إلى قندهار.

و هذه أولى أنواع أسلحتهم. والباقي أعظم مليون مرة.
من هذه الأسلحة ، وهي فاسدة على أي حال ، أن العمامة خط أحمر ، كما قال أحدهم. وكأن المتظاهرين تظاهروا ضد العمامة.
تظاهرات ساحة التحرير ليست ضد العمامة. والمتظاهرون يفرقون ، يفرقون جيدا ، بين عمامة السيستاني التي أرست السلم الأهلي و أنقذت العراق من حرب أهلية ماحقة ، وبين عمائم السياسيين الذين تستروا وما زالوا يتسترون على نهب أموال اليتامى والأرامل.
الهتاف الذي يردده المتظاهرون هو: (الخايف خل يتكتر ، ألنا طلابة ويالخضراء.) (طلابة) المتظاهرين ليس مع المرجعية الدينية ، وليست مع العمامة ، وليست مع الأديان ولا مع المذاهب.
(طلابة) المتظاهرين مع سكنة المنطقة الخضراء ، بكل طوائفهم ومذاهبهم وأحزابهم ، وأزيائهم أيضا ، لأنهم حولوا العراق كله إلى ضيعة خاصة بهم ، ونهبوا أموال العراقيين بأسم الدين. ولهذا يردد المتظاهرون : (ما انريدكم كلكم حرامية).

خلاصة القول هي ، أن الوقت قد فات الآن ، و الصراع قد حُسم وأنتهى الأمر.
نعم ، فات الوقت وحُسم الأمر ، ورست سفينة التغيير على الجودي.
لن يقبل المتظاهرون إلا بدولة مدنية ، وبنظام ديمقراطي برلماني كما نص عليه الدستور ، وليس رئاسيا كما يقول انصار ولاية الفقيه الذين شارك بعضهم في التظاهرات.

المتظاهرون لم يحتشدوا في ساحة التحرير وبقية المدن العراقية لتحسين الكهرباء وتبليط الشوارع و إلغاء المنصب الفلاني وإقالة المسؤول العلاني ، وتقليل رواتب وحمايات المسؤولين ، وتقديم زيد وعمر للمحاكمة.
هذه كلها تحصيل حاصل ومن أبسط الأمور التي يفترض أن تطبقها أي حكومة.
المتظاهرون تظاهروا وسيتظاهرون من أجل دولة مدنية ونظام برلماني دستوري ديمقراطي.
هذه ليست تظاهرات. هذا إعصار مدمر سار منذ ساعاته الأولى وما زال يسير بسرعة قياسية.
وما علينا ألا انتظار الأيام القادمة ، وليست الشهور القادمة ، لنعرف حجم الخسائر المريعة التي سيخلفها هذا الإعصار:
سيطيح برؤوس عديدة. سيعيد أموال منهوبة. سيقدم كثيرين إلى القضاء. سيفتح أبواب الحريات على مصاريعها.



#حسين_كركوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تظاهرات ساحة التحرير: من (المشروطة) إلى ديكتاتورية (ما ننطيه ...
- تظاهرات ساحة التحرير: من (المشروطة) حتى ديكتاتورية ( ما ننطي ...
- تظاهرات ساحة التحرير: من (دستورية) الأخوند الخراساني حتى ديك ...
- قراءة في كتاب فالح مهدي : الخضوع السني والاحباط الشيعي. نقد ...
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (القسم الأخير)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (4/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (3/5)
- تمعنوا جيدا في هذه المواد الدستورية (2/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (2/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (1/5)
- ( النجف. الذاكرة والمدينة ) : مسح بانورامي للمدينة
- إيران تفجر قنبلة سياسية في العراق
- ماذا لو تجرع العراقيون السنة السم ؟
- مؤامرة، فلتسقط المؤامرة: على هامش الأحداث الإرهابية الأخيرة ...
- نفاق وانتهازية الأحزاب السياسية الإسلاموية في تعاملها مع الس ...
- شيعة الحياة وشيعة القبر
- هل أن أغنية لزهور حسين ، مثلا ، تُلهي عن ذكر الله ؟؟؟
- هل دخلت داعش مرحلة الموت السريري أم أن (الذئب) ما يزال ينتظر ...
- ليس ثمة انشقاقات وكل شيء هاديء على جبهة الأحزاب العراقية الح ...
- الإسلام ليس ماركة مسجلة والإسلامويون ليسوا الوكلاء الحصريين


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - إعصار ساحة التحرير يتقدم بسرعة قياسية