أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - ((لستُ أدري!))















المزيد.....

((لستُ أدري!))


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4888 - 2015 / 8 / 5 - 16:43
المحور: الادب والفن
    


((لستً أدري!))

الجميع يتجنب القول حينما يحتدم نقاش عن أمرٍ ما... (لست أدري)، مع أنه أمر طبيعي واللجوء اليه هو ضرب من الحكمة مثله مثل السكوت، حيث ليس فينا من يمكنه استيعاب كافة المعلومات بكل النواحي، في العلم والأدب وفي تجارب الحياة وغيرها...
ما الضرر لو حضرنا مجلساً يضم أطباء يتحدثون عن مرض وعلاجه، أو أدباء يتحدثون بعمق عن ديوان وعن شاعره، أو محامون حول قوانين وتشريعات... وحين يتوجهوا بالحديث صوبنا، أن لا نهز رؤوسنا بشكل عمودي معلنين تأييدنا وقناعتنا بالطرح، بل نرفع حاجبينا لنقول.. لستُ أدري.
الشاعر العباسي (أبو نؤاس) المقرب من الخليفة (هارون الرشيد) وفي أحد أبيات قصيدته التي مطلعها...
دع عنك لومي فإن اللوم إغراءُ وداوني بالتي كانت هي الـــــداءُ
يقول...
قل لمن يدعي في العلم فلسفةً لقد حفظتَ شيئاً وغابت عنك أشياءُ
أي ليس من بيننا من هو قادر على استيعاب كافة حقول المعرفة، وكلمة (لست أدري) خير مخرج لكثير من المواقف، وهي ليست عيب ولا غلط، بل هي أحياناً حينما لم نعرف إجابة قاطعة أو أننا نتردد فيها، تكون (لستُ أدري) عين الصواب.
(1)
كان لأحتفاظ مراهِقة أو حتى شابة بكتيب يحمل شعراً لنزار قباني شيء يُعتبر من الممنوعات لدى العائلة في بلدان محافظة!
لماذا دواوين شعر الغزل لدى نزار ممنوعة، هل لأنها تتحدث عن المرأة ككيان وأحاسيس ومفاتن، أشياء خلقها الله وليس بشر؟
هؤلاء الذين يحاربون الحب والعاطفة والاشتياق والحلم بالحبيبة والوفاء لها، وينتقدون المودة والألفة بين الجنسين، هم مَن لا يتحسسوا الجمال وينظرون للمرأة جسد فارغ، هم المناوئون لشعر نزار، وهم نفسهم لو تتاح لهم فرصة مصاحبة جنس لطيف أو الخلوة معه، تجدهم السباقون بلا نقاش، ولو تتوفر لهم موهبة وقابلية وتفوق نزار، لملئوا الكتب والدواوين بشعرهم، ولو تتسنى الفرصة لنشر أشعارهم كما توفرت لنزار، لكانوا أول الناشرون.

الله أعلم هل منِعْ دخول كتب نزار البيوت والمدارس، والكلام واللغط الكثير حول كتاباته ومدى صلاحيتها للنشر في مجتمعات عربية، قد أدى لرفع نسبة مبيعات كتبه ودواوينه؟
ربما كان نزار يعلم بأن ما يدور حول أشعاره يؤدي بالنتيجة لزيادة أنتشارها وبالتالي مبيعاتها وأرباحها، لكنه لا يبوح بذلك، فالبشر لا يتحدثون عن أرباحهم لو تزداد، على العكس مما لو أنها تنخفض، وبالنتيجة هل ساهم مناوئيه بأنتشار أشعاره أكثر؟... (لست أدري)!
(2)
مجلة محترمة تصدر بملحق منذ الستينات بأحد الدول الخليجية، مجلة غنية رائعة ملتزمة زاخرة بالعناوين والأسماء الرنانة من صحفيي وكتاب الصف الأول العرب، أجمل ما قرأتُ فيها، تقارير متسلسلة تُنشر على أربعة أو خمسة صفحات وسط المجلة، تحت عنوان (أِعرف وطنك أيها العربي) وهي تقفز من بيروت للدار البيضاء، فإمارات الخليج اللائي كن عبارة عن صحارى وشوارع سوداء معبدة، ويذهب التقرير أسبوعياً بنا إلى واحات وشواطئ جميلة على البحار والخلجان.
قمتُ يوماً ببعث برسالة أسأل لماذا لم تزوروا بغداد، عاصمة الشرق العربي، أجابني المحرر بدبلوماسية بأنه فكر قبلي بزيارة بغداد والكتابة عنها، لكنه تحير من أين يبدأ، فبغداد كبيرة عامرة، آثارها تحتاج لصفحتين، دجلتها لصفحتين، ناسها وعمرانها بحاجة لمساحة شاسعة من الصفحات تتناسب وامتدادها كأكبر رقعة لعاصمة عربية.
لماذا لم تحضي هذه المدينة حقاً بكرم الأشقاء؟... (لست أدري)!
(3)
مجلة طبية كانت هي الأخرى منتشرة في السبعينات، وكلنا من قراءها، تصدر تحت إشراف أطباء سوريون.
كانت تكتب في صفحاتها عن تشريح الجسم البشري، وكيفية المحافظة على الصحة وإدامتها، والملفت أن أكثر من نصف قارئيها من المراهقين والشباب، ويكمن السبب الظاهر بأنها تُخصص صفحات للإجابة على أسئلة القراء، منها عن الطعام ومشاكل الجهاز الهضمي، أو التنفس وجهازه، ونمو الشعر بأماكن لا نريده فيها أو تساقطه في أماكن أخرى نريده عليها... وغيرها أمور كثيرة.
إلا أن ما كان يجذب المراهقين والشباب حقاً، تلك الأسئلة الساخنة عن الجنس وممارسته وجهازه التناسلي، فقد كانت تبعث فينا إثارة غريبة وكأنها نافذة مفتوحة ضد ثقافة (العيب) التي تلازمنا طلما ننشأ ونترعرع في البيت والشارع والمدرسة.

(حبيب العراق)... شاب أرسل برسالة مطولة ليست كالعادة، يحكي قصة زواجه من بنت عمه، فهي كما عرفها ويعرفها الكل منذ صغرها، هادئة خجولة جداً لا ترفع عينها بوجه أحداً حتى أخواتها وبنات خالاتها، لكنها ـ يقول حبيب العراق ـ ما أن تدخل غرفة نومهم، حتى تنزع لباس الخجل، فترقص له شبه عارية وتسرح وتمرح ولا تدعه ينام ليلته حتى الفجر، ليستيقظ في الصباح متعباً مرهقاً لا يقوى على يومه وعمله، ويتساءل هل خجلها خارج غرفة المنام مصطنعاً ويخفي فيما يخفيه علاقات مفترضة بشباب قبل الزواج طالما هي لا تستطع كبت جموح الرغبة فيها كلما تراودها؟
شكوك تراوده بجدية وهو يتمنى أن علاقتهما تكون متوازنة ومعقولة، ويقول أنه صار اليوم يتجاهلها ويتجنب الخلاء بها ليشتري راحته وصحته، ويُنهي رسالته بالتساؤل هل هو المظلوم أم هي؟ فيقول... (لستُ أدري)!

بينما تساءلت (فتاة الشام) عن السر الذي يُخفيه زوجها، فهي تعرفتْ عليه بالجامعة وخطفتهُ في السنة الرابعة لتتزوجه قبل أن تتلقفه المعجبات، وهو شاب وسيم مرح محبوب ونشيط و(أكتف) جداً.
لكنها تقول بأنه ما أن يدخل بين الحيطان الأربعة لغرفة نومهم، حتى يرمي بمرساته عمق البحر معلناً رسوه على جنب، فيضع رأسه وينام.
وكم حاولت وطبقت نصائح الأم والخالة ولبست له أو (لم) تلبس لتُغريه، ورقصت وتعطرت... والنتائج واحدة، (يرسو) في سريره بعيداً عنها!
وتساءلت هي الأخرى، هل هذا يعني بأنه يتمتع خارج البيت بعلاقات (حميمة) للدرجة التي تمنعه من ملاقاتها؟ أيضاً تتساءل لربما هو مظلوم... فهي (لا تدري)!
لو يتسنى لنا أن نضع الرسالتين المطولتين المتناقضتين في أعلاه في صفحتين متقابلتين ويقرئهما الطرفان، وندعهما أن يفترضان تبادل المواقع، فـ (حبيب العراق) يريد أن تهدأ و(تبرد) زوجته، في وقت تريد (فتاة الشام) من زوجها أن (يتلحلح) ويسخن قليلاً، لربما وصل الطرفان لعلاقات متوازنة!

... في تعليق غير متوقع لا أنساه لمحرر الصفحة في أحد الأعداد، حين كتب له (بطل كركوك) يسأله عن رأيه بما يمتاز به عن بقية خلق الله، فهو يقول بأن في إمكانه الممارسة خمسة عشر مرة يومياً وعلى امتداد أيام الأسبوع السبعة!
وكان ينتظر أن يناقش الطبيب المشرف على تحرير الصفحة حالته (السوبر) وتفسير ذلك وهل ممكن وهل يجوز وهل يحدث وهل يوجد بطلاً مثل (بطل كركوك)؟؟؟
جواب المحرر جاء ساخراً، حين أجابه بثلاث كلمات مختصرة... (لا حررنا فلسطين)!
... هل كانت المجلة تقدم لنا بحسن نية من خلال أسئلتنا في جو من المرح، الفائدة المتوخاة؟ أم أنها طريقة لترويج وبيع بضاعة لجيل مراهق وشاب يحيا في عالم الممنوع والحرام؟... (لستُ أدري)!
× × ×
وقع بين يديّ تخطيط ميكانيكي لجسم إنسان ذكر، قام بتصميمه شخص وضع كاميرة بدل العين ولوح سيطرة مبرمج (معالج ألكتروني) بدل الدماغ، ومضخة في الصدر قال بأنها بكفاءة القلب حيث يمكنها دفع الزيت بقوة مثلما يدفع القلب الدم لمسافة تصل لخمسون متراً...
هذه الآلة الميكانيكية، تحاكي فسيولوجية الإثارة الجنسية لدى الرجل، تحتها عدة أسطر تتكلم عن تفاصيل عملها، بأنه حين تجتذب الرجل لقطة جنسية مثيرة، تلتقطها العينين ويفسرها الدماغ كحالة إغراء فيرسل أوامره للجهاز العضلي بفتح المجرى التناسلي وغلق المجرى البولي وليسمح للقلب أن يضخ الدم بقوة داخل فجوات أو حجرات تؤدي للانتصاب... وهكذا يستمر بالشرح إلى الأخير.
وآلته تقوم بضخ الدهن (لمحاكاة الدم) من خلال مضخة لأسطوانة ومكبس فتحرك مجموعة عتلات، فتتمثل العملية الفسيولوجية بدقائقها.

واقترح الحصول على براءة اختراع (عربية) بهذه الآلة ليتم تصنيعها وتكون ـ منعاً للحرج ـ أحد وسائل الإيضاح في مادة الأحياء لتستخدم بمدارس البنين والبنات وتساهم بالثقافة الجنسية (المحافِظة)!
وكتب سطرين أثنين بعناية يقول بأنه لو لم تستجِب الحكومات العربية له، فسيضطر لعرض آلته على الدول الغربية التي تسرق ـ كما يقول ـ حضارتنا ومنجزاتنا وعقولنا، و(هدد) بأنه لن يتردد بوضع يده بيد (إسرائيل) لو تطلب الأمر...
لم أرَ وجود فعلي لماكنته العتيدة، وهل نفذ هذا العربي (الأصيل) تهديده ووعيده؟... (لست أدري)!
(3)
ثلاث إذاعات سلبت لبنا في السبعينات، مونت كارلو وصوت أمريكا ولندن، ومن أجل برامجهم الجميلة تركنا الدروس وهمنا في الخيال وسهرنا الليالي.
هذه الإذاعات التي كانت تبث دعايات منوعة بإطار جميل وغير ممل، تُمَوَّل بمبالغ طائلة من قبل حكومات لدول عظمى، الفرنسيين والأمريكان والانكليز...
هل هي سياسة أن تقوم هذه الإذاعات بتشويقنا لمتابعتها حباً بنا، أم أنها ترسل لنا من خلال برامجها، رسائل غير مباشرة بحسب رؤيتهم للأمور لتقوم بمسح أدمغتنا وتبث ما تريد فيها؟
أم أنها اذاعات بريئة تعمل برؤوس أموال (نظيفة) تعمل فقط (محبةً) بجيل عربي صاعد... إذاعات تبث البرامج من أجل المتعة والفائدة؟
بهذا الأمر... (أنا أدري)!

عماد حياوي المبارك

... تحدثنا عن مواضيع شتى، نأمل أن نتعدى فيها ثقافة (العيب) التي لازمت التربية الشرقية المحافظة للأبناء...
https://www.youtube.com/watch?v=Q-suM4C26bc
عبد الوهاب أيضاً... (لا يدري).



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ((وساطة!))
- مجرد كلام سلطنة
- سليخة
- وهابيون جدد
- ثلاثاً في ثلاث
- هبهب
- من نصرٍ... إلى نصر
- جواسيس (غشمة)
- حواس وعجايا
- فيكتوريا
- عادلون
- رحلات الصد ما رد...
- أذكياء لكن... أغبياء
- شكراً عم (جيليت)
- حارث
- مَثار النقعِ
- ختيارية زمن الخير
- دينار... أبو العباس
- هنا شارع السعدون
- عناكب


المزيد.....




- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - ((لستُ أدري!))