أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - عبد اللطيف بن سالم - ويسألونك عن العمر .















المزيد.....

ويسألونك عن العمر .


عبد اللطيف بن سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4854 - 2015 / 7 / 2 - 23:05
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


ويسألونك عن العمر قل هو السؤال عن الموت في حقيقته
يبدو أن حركة الموت والحياة هذه ناموس طبيعي لحفظ التوازن البيئي وأن الحركة بصفة عامة هي سر الوجود وسر بقائه ليتفاعل بعضه مع بعض إلى الأبد .إننا نموت ونحيى الملايين من المرات في كل لحظة من خلال الخلايا المكونة لنا وذلك ما يحدث في كل يوم لأبداننا خارجا عن إرادتنا وكذلك تفعل بنا الحياة في المجتمع الذي هو أيضا مكوّن من الأفراد الشبيهة بهذه الخلايا المكونة لأجسادنا، نموت ونحيى الملايين من المرات أيضا في كل لحظة ولا ينمو هذا الجسد أو يذبل ولا ذاك المجتمع إلا بمدى ما يسمح به هذا الناموس الكوني المتواتر المتواصل .وإنه لثلاثٌ هو العمر : عمر جسماني أو (بيولوجي ) وعمر نفساني أو(بسيشيك) وعمرنا الاجتماعي .أما العمر الجسماني فهو ذلك الذي يُعدّ بالأعوام التي تمضي بك في هذه الدنيا قبل رحيلك عنها ويُسجل لك في البلدية التي تُنسب إليها في بلادك وهو العمر العادي المتفق عليه بين الناس جميعا في هذا العالم وهو نتيجة لتعاقب الليل والنهار ودوران الأرض حول نفسها مرة في كل يوم وليلة ودورانها حول الشمس مرة في كل عام ،وأما العمر النفساني فهو ذلك الذي تعيشه في هذه الدنيا بثقافتك وبمدى وعيك بها فقد يكون أقل بكثير من ذلك العمر الذي يُعد بالسنين لأنك فيه تتحرك في أغلب الأوقات وتعمل ولا تتوقف إلى آخر لحظة من حياتك حتى إذا ما اقترب منك الأجل انتبهت إلى أنك لم تقض من العمر إلا قليلا وتطمح إلى المزيد منه إذا ما شاء القدر وإن مثل هذا الانتباه قد يشتد في هذا العصر المتسارع نبضُه إلى درجة أن الناس فيه قد صاروا يتبرمون أحيانا من قصر العمر ويصابون بالضغط النفسي كلما أحسوا بتقدم السن بهم سريعا قبل الانتهاء من العمل ،العمل على إنجاز المشاريع والمخططات المبرمجة في مخيلاتهم .وقد يكون عمرك هذا طويلا طويلا جدا حتى تمله وتعافه وربما تصير منتظرا بفارغ الصبر لنهايته وذلك إذا ما كنت فيه ساكنا قاعدا لاتتحرك (تاكل في القوت وتستنى في الموت ) كما يقال في الأمثال الشعبية التو نسية وربما تُردّد في خاطرك" اللهم لا تتركنا إلى أرذل العمر " فإذا ما قيل بأن الأجيال السابقة كانت تعيش أطول منا عمرا فذلك صحيح بالفعل لأن زمانها كان بطيئا إذا ما قيس بزماننا هذا المتسارع ولأن الزمن ما هو في الحقيقة إلا حركة في المطلق وإلا فإنه لم يكن ، وكلما كانت هذه الحركة أسرع كلما كان الزمن بنا أقصر وكلما كانت الحركة بنا أبطأ كان بنا الزمن أطول فلا يُقاس إذن زماننا بقصر العمر أو طوله وإنما هو يقاس بالحركة وإن لألبرت آينشتاين مثالا يستدل به على طول العمر وقصره نسبة إلى الحركة: شابان في نفس العمر قد ركب أحدٌهما صاروخا وانطلق به في الفضاء الكوني بسرعة هائلة قريبة من سرعة الضوء وآخر قد بقي في الأرض على حاله وقضى الأول يومين فقط في رحلته ثم عاد إلى الأرض فوجد صاحبه قد صار شيخا هرما كما لو كان في الثمانين أو أكثر من العمر وقد بقي هو على حاله كما كان قبل رحلته . هكذا هو الزمن الذي نحسّ به في عمرنا الجسدي ،أما العمر النفسي فإنه عمر الإحساس بالثقافة أي عمر الإنسان في وعيه بذاته وبالبيئة الطبيعية والاجتماعية المحيطة به وبمدى توسّع أبعاده أو تقلصها به فعلى قدر ما يكون المرء على علم بذاته في موقعه وعلى علم بموقعه في العالم على قدر ما يكون عائشا في حياته ومنغمسا في زمانه وطويلا في عمره لأنه يمتد ببصره وببصيرته إلى أبعد مدى ممكن بثقافته هذه وعلى قدر ذلك يكون شاعرا بالزمن ولهذا يقول نزار قباني وله الحق في قوله : تعبت من السفر الطويل حقائبي """ وتعبت من خيلي ومن غزواتي كل العصور أنا بها فكأنما """ عمري ملايين من السنوات
وهذا الإحساس لمتناسب جدا في هذا العصر بالخصوص مع كل من يعيش متنقلا في ما بين بلدان العالم أو في ما بين عواصمها المتباعدة مسافة والمتباعدة بالخصوص في مستوياتها الحضارية في فترة ما قبل انتشار هذه العولمة وتقنياتها المتطورة التي بدأت منذ مدة تقرّب الناس بعضهم من بعض حتى صار بإمكان المرء منذ زمن بعيد أن ينتقل من الصومال مثلا أو من أرياف بنقلاديش إلى لندن أو باريس أو واشنطن وكأنما هو بذلك يقطع عصورا بكاملها في ساعات قليلة من الزمن فما بالك لو يعيش هذا المرء في كل منها مرحلة من حياته كما يفعل الكثير منا في هذا الزمن الحالي ؟ ألا يكون ذلك كمن يقفز على العصور قفزا ويطول به العمرُ ؟ لكنه عمرٌ مختلف عن ذلك العمر الذي نملّه أو ننتظر نهايته إنما هو عمر نستمرئه ونحبه ونحاول دائما استدامته لأنه ممتع. أما الاجتماعي فهو ذلك العمر الذي يعيش به المرء بأخلاقه الحميدة وببذله وعطائه وبمدى انتشاره في محيطه الاجتماعي الطويل المتسع والذي قد يدوم أكثر بكثير من العمر البدني وأبرز هؤلاء الذين يتمتعون بهذا العمر هم ألاء الأنبياء والرسل وهؤلاء المبدعون من العلماء والفلاسفة وأهل الفن والأدب والصناعة مثل سقراط وأرسطو في الفلسفة وبيكاسو وليوناردو ديفنشي في الفنون التشكيلية وموزار وبيتهوفن في ما يُعرف الآن بالموسيقى الكلاسيكية والمتنبي والشابي في الشعر العربي وطه حسين والمسعدي ونجيب محفوظ في الأدب العربي وآينشتاين في الرياضيات وعلم الفلك وأديسون في الابتكارات والصناعة وابن خلدون وديركايم في علوم الاجتماع وغيرهم كثيرون ممن عاشوا طويلا في زمانهم بفضل ما قدموه للإنسانية من عطائهم الفكري والإبداعي طيلة حياتهم وها نحن لانزال الآن نعيش بهم وكأنما هم لايزالون بنا يعيشون. هذاهو العمر الاجتماعي ولاغرابة في هذا الرأي الذي نُدلي به هنا إذا ما علمنا بأن كل شخصية في البشر هي ذات أبعاد ثلاث بالضرورة : البعد الجسماني والبعد النفسي والبعد الاجتماعي وعلى قدر ما تكون هذه الأبعاد ضاربة في الآفاق على قدر ما يكون للإنسان وجودُه الزمني.

عبد اللطيف بن سالم



#عبد_اللطيف_بن_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارهاب و ثقافة التمرد
- ومن أهداف الثورة العربية( 2 ) البحث عن الحرية
- حدث ابو هريرة قال
- لماذا التقاعد و الخمول؟
- البحث عن الديمقراطية


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - عبد اللطيف بن سالم - ويسألونك عن العمر .