أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الإسلام والغرب والإرهاب (متابعة)















المزيد.....

الإسلام والغرب والإرهاب (متابعة)


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4849 - 2015 / 6 / 26 - 13:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس من السهل أن نعطي صورة واضحة لموضوع معقد وشائك ومتداخل كموضوع الثلاثي (الإسلام والغرب والإرهاب)، بحيث ترضي الجميع، خاصة وهناك خبراء محترفون في التضليل، ومحاولات متواصلة للتشويش ونشر البلبلة الفكرية، وشق الصفوف إلى جبهات جانبية متناحرة. فبعد نشر مقالي الموسوم (الإسلام والغرب والإرهاب)(1)، استلمت تعليقات كثيرة من عدد من الأصدقاء والقراء المهتمين بهذا الشأن. هناك مواقف متباينة حول هذا الموضوع المثير للجدل، فمنهم المعتدلون الذين شاركوني في الرأي، و منهم من يرى الإسلام هو المسؤول الأول والأخير عن كل ما حصل في المنطقة من مشاكل، أما أعداء أمريكا فأيدوني وبحرارة واعتبروا موقفي هذا هو تصحيح لخطأ وقعت فيه عندما طالبت بعلاقة استراتيجية دائمة مع أمريكا! وفريق رابع، وهم مع تبرئة أمريكا في كل شيء، اعتبروا موقفي هذا تراجعاً وخذلاناً، وطالبوني بإعادة النظر في موقفي الجديد هذا !!!

وفريق خامس يلعبون على عدة حبال، وهم من خلفية بعثية يتصرفون كبعثيين وينكرون ذلك، فيتظاهرون كذباً بالألم والحرقة على العراق. فهؤلاء يشتمون أمريكا ويشتموننا ويعتبرون كل من لا يوافقهم في الرأي عملاء لأمريكا وإسرائيل ، ويحثون القادة السياسيين والكتاب، وخاصة الشيعة منهم، لمعاداة أمريكا وفق مقولة (شيِّم البدوي وخذ عباته)، بينما نرى قادتهم يحجون إلى واشنطن باستمرار، ويدفعون ملايين الدولارات لشركات العلاقات العامة، وتكوين لوبيات الضغط لكسب الإدارة الأمريكية إلى جانبهم، فهؤلاء يشتمون أمريكا في العلن، ويخدمونها في السر، ويحاولون كسبها إلى جانبهم. ويكفي أن أذكر في هذه العجالة أن هذه الجماعة مصابون بعمى الألوان، لا يرون إلا الأسود والأبيض، و سأرد عليهم في مقال لاحق.

وفي الجانب الآخر، هناك بعض الأخوة يعتقدون أني نفيت عن الإسلام أي دور له في العنف، وما فيه من نصوص تدعو إلى الإرهاب. وعلى سبيل المثال، ضرب صديق لي مثلاً بما فعله الإرهابيون في محافظة نينوى (الموصل)، وسوريا من تدمير لمعابد غير المسلمين، وللآثار والمعالم الحضارية التاريخية...الخ، وقال أن ما فعله الإرهابيون هو تطبيق للنصوص في الكتاب والسنة، وعليه فالإسلام، وليست أمريكا وحلفائها في المنطقة مسؤولون عن الإرهاب.

لقد أشرتُ في المقال المذكور أعلاه، ومقالات سابقة أن في الإسلام، وكل الأديان السماوية، نصوص تدعو للعنف، ولكن لأول مرة في التاريخ نجد استفحال الإرهاب وعلى شكل جيوش وله دولة. وشبهت هذه النصوص بالألغام الخامدة، لا يمكن أن تنفجر إلا بتفعيلها بعامل سياسي. لذلك رأيت من الضروري العودة للموضوع، وتسليط المزيد من الضوء عليه بغية التوضيح.

فالاختلافات الدينية والمذهبية والقومية موجودة في معظم الشعوب. وفي فترات معينة حصلت حروب بين هذه المكونات بسبب هذه الاختلافات. فالحروب بين مكونات الشعب السويسري استمرت لعشرات السنين إلى أن انتهت بتأسيس فيدرالية الكانتونات. كذلك ما حصل في عصرنا من حروب إبادة الجنس بين شعوب البلقان (الشعب اليوغوسلافي سابقاً) في التسعينات من القرن المنصرم. ومجازر رهيبة في رواندا عام 1994 بين الهوتو والتوتسي بسبب الاختلاف القبلي راح ضحيتها 800 ألف إنسان خلال ستة أسابيع. وأنا واثق لو كان الشعب الرواندي مسلماً لقالوا أن الإسلام هو السبب.

على أية حال في الإسلام نصوص تدعو للعنف ضد المختلف، ومعوقة للتقدم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي، ويحتاج إلى إصلاح، ولكن هذا الإصلاح لا يتم بين يوم وليلة، بل يحتاج إلى زمن طويل، ونضال عسير من قبل المثقفين الإصلاحيين، وبالأخص من رجال الدين المتنورين. وقد بدأت هذه الحملة منذ أواخر القرن التاسع عشر من قبل مصلحين من أمثال: عبدالرحمن الكواكبي، وجمال الدين الأفغاني، و محمد عبده، والشيخ علي عبدالرازق والطاهر حداد وغيرهم، وفي عصرنا هذا، المرحوم آية الله حسين علي منتظري، والمرحوم السيد محمد حسين فضل الله، والمجتهد السيد حسين إسماعيل الصدر، وغيرهم. فالإصلاح الديني عملية بطيئة ملازمة للتطور الحضاري لكل شعب، ناهيك عن صعوبة أو استحالة الإصلاح، فـ(حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة). لذلك قال المستشرق الفرنسي إرنست رينان أنه "من الصعوبة إصلاح الإسلام لأنه إذا أردت إصلاحه لن يبقى منه شيئاً". وعليه لا يمكن التعرض للنصوص أو تغييرها، وإنما الإصلاح يحصل من خلال التقدم الحضاري. ولذلك يحارب الإسلام السياسي الحضارة الغربية فيريد إبقاء المجتمعات البشرية جامدة أو تعود إلى الخلف.

أما دور الإسلام في الإرهاب فقد تم توظيف النصوص له من قبل حكومات جئنا على ذكرها، ولأغراض سياسية. ولتوضيح الموضوع المعقد يمكن تشبيه هذه النصوص الدينية في الإسلام التي تدعو إلى العنف و(الإرهاب) بالجينات الوراثية المسببة للأمراض. فهناك الكثير من الأمراض تتناقل عن طريق الجينات الوراثية، أو الطفرة الوراثية (mutation)، مثل مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، والكثير من السرطانات والأمراض العقلية.
ولكن لاحظ العلماء أن معظم هذه الجينات لا يمكن أن تسبب الأمراض إلا إذا توفرت لها عوامل بيئية وطرق حياتية معينة (Life style). وهناك مقولة في هذا الخصوص:
""Genetics load the gun, lifestyle pulls the trigger، أي (الجينات تعبئ البندقية ولكن طريقة الحياة هي التي تسحب الزناد). فكثير من الناس يحملون جينات وراثية تعرضهم للإصابة بسرطان الرئة مثلاً، ولكن الإصابة بهذا المرض في أغلب الحالات مرتبط بالتدخين لفترة طويلة. فقد أثبتت الدراسات أن 80% من سرطانات الرئة في النساء، و90% في الرجال بسبب التدخين. وأن الرجال المدخنين معرضون لهذا المرض 23 مرة أكثر من غير المدخنين. يعني أن حمل الإنسان للجينات المرضية لا يكفي للإصابة بسرطان الرئة ما لم يكن مدخناً، وإذا تجنب التدخين فهناك 90% احتمال عدم إصابته.

الغرض من هذا المثال هو أن الإسلام، كأي دين سماوي، معبأ بالنصوص التي تدعو للعنف والإرهاب، ولكن هذه النصوص تبقى خامدة وغير فاعلة ما لم تأتي قوى سياسية شريرة تعمل على تفعيل هذه الألغام (النصوص) وتفجيرها. فأتباع الديانات من غير المسلمين عاشوا مع المسلمين خلال 1400 سنة بسلام، وفي بعض المراحل تبوأ مسيحيون ويهود وصابئة مناصب سياسية عليا في الدولة الإسلامية، ولعبوا دوراً كبيراً في النهضة الثقافية التي حصلت في مختلف العهود وخاصة في عهد الخليفة المأمون. كما وبقيت المعالم الحضارية القديمة بسلام وأمان ولم يمسها أحد بأي سوء وفي أشد فترات دولة الخلاقة قوة وبأساً. فما الذي جعل هؤلاء الإرهابيين وباسم الإسلام يرتكبون هذه الفظائع بحق الإنسانية والحضارة البشرية في القرن الحادي والعشرين؟ وإذا كان الإسلام هو سبب الإرهاب فلماذا أكثر من 99% من المسلمين ليسوا إرهابيين، إلا من تعرض منهم لغسيل الدماغ من قبل مشايخ الوهابية؟

ومن هنا نستنتج أن سبب الإرهاب هو توظيف النصوص الدينية من قبل حكومات ولأغراض سياسية. ومن هذه الحكومات السعودية وقطر وتركيا، وبدفع وتخطيط من المخابرات الأمريكية، وهذا واضح لأن توظيف الإسلام للإرهاب تم منذ أن بدأ الحكم الشيوعي في أفغانستان 1978 ولحد الآن. أما إثارة الفتن الطائفية والصراع بين السنة والشيعة وبهذا الشكل المخزي فقد حصل بعد الثورة الإسلامية في إيران بسبب إعلانها العداء لأمريكا وإسرائيل ولحلفائها في المنطقة، فبدأت السعودية وغيرها بإثارة الفتن الطائفية.

وهذا لا يعني أننا يجب أن نتوقف عن المطالبة بالإصلاح الديني. ولكن ما المقصود بالإصلاح؟ هل يعني إيقاف العمل ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية؟ فهذا الإجراء معمول به في جميع الدول الإسلامية عدا السعودية التي هي السبب الرئيسي للإرهاب، والغريب أنها أقرب دولة حليفة لأمريكا التي تقود الحملة لمحاربة الإرهاب.

في رأيينا أن المطلوب بالإصلاح هو فصل الدين عن السياسة، إذ كما قال حجة الاسلام السيد حسين الخميني (حفيد الإمام الخميني): "الدين يفسد السياسة والسياسة تفسد الدين"، و تطبيق مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص دون أي تمييز بسبب الاختلاف في الدين والمذهب والقومية، وتطبيق مبدأ (الدين لله والوطن للجميع)، ونشر ثقافة التسامح، وتقبل حق الاختلاف، والأخوة الإنسانية في جميع وسائل الإعلام، وجميع مراحل الدراسة من الابتدائية إلى الجامعة، وتنقية المناهج الدراسية من أي تحريض ديني، أو عنصري ضد الآخر المختلف. وإدخال مواد إنسانية مثل: علم الاجتماع، والفلسفة، وتاريخ الأديان المقارن في مرحلة الثانوية، لأن هذه المواد تهذب الإنسان، وتخلصه من التعصب الديني.

والسؤال المهم هنا ما هو الحل السريع للمعضلة العراقية، وكيف يتخلص من شرور هذا الإرهاب المدعوم دولياً؟ وهل الحل إما في الانبطاح والاستسلام لأمريكا أو محاربتها وحلفائها في المنطقة ولا شيء بينهما؟ أم هناك حلول عملية حضارية قابلة للتطبيق؟ الجواب على هذا السؤال هو موضوع مقالنا القادم.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
______________
رابط ذات علاقة
1- د. عبد الخالق حسين الإسلام والغرب والإرهاب
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=746

2- تقرير أميركي: اسامة النجيفي دفع 300 الف دولار لواشنطن بهدف تسليح مليشيا تابعة له
http://www.akhbaar.org/home/2015/6/193418.html

3- مجلة أميركية: النجيفي قدم مساعدات مالية بقيمة 40 مليون دولار للقاعدة
http://www.akhbaar.org/home/2015/6/193419.html



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وثائق ويكيليكس تفضح مملكة الشر
- الإسلام والغرب والإرهاب
- لماذا يحتاج الغرب إلى عدو دائم؟
- داعش ذريعة لتغيير النظام في العراق
- مؤتمر باريس لدحر الإرهاب أم لدعمه؟
- أزمة الشرق الأوسط وعلاجها!
- جدل حول أسباب الإرهاب
- السعودية دولة إرهابية يجب مقاضاتها
- سقوط الرمادي كسقوط الموصل، تم من الداخل
- تفحيرات الأعظمية مقدمات لشكيل قوات طائفية
- دروس من الانتخابات البريطانية 2015
- مشروع القرار الأمريكي، هل هو بالون اختبار؟
- حول إشكالية التعامل مع الماضي
- لكي لا ننسى الهولوكوست البعثي الداعشي
- هزيمة السعودية في اليمن
- محنة العراق بين إيران والسعودية
- الحشد الشعبي(مليشيات شيعية) مدعومة من إيران!
- حول تقرير ال(واشنطن بوست) عن علاقة البعث بداعش
- لماذا الحملة الهستيرية ضد الحشد الشعبي؟
- لماذا تثير السعودية الفتن الطائفية؟


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الإسلام والغرب والإرهاب (متابعة)