أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - المشهد السوري في سياق التحولات العالمية















المزيد.....

المشهد السوري في سياق التحولات العالمية


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4827 - 2015 / 6 / 4 - 09:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الوقوف على مستجدات الأوضاع في سوريا، وتحديد مآلاتها، يستوجب الإحاطة بكامل عناصر المشهد السوري، وما يكتنفه من تداخلات إقليمية ودولية. وقد يكون ذلك من الصعوبة بمكان في ظل واقع متحرك ومتغير. وأيضاً لأن كثيراً من الباحثين درجوا على دراسة وبحث قضايا الواقع في وضعها السكوني، انطلاقاً من ثوابت نظرية وأيديولوجية ناجزه. فكانت تتجلى نتائج تلك الدراسات غالباً في سياق يتم فيه إعادة إنتاج وتوضيب تلك القضايا بأشكال وأنماط تتوافق مع ثوابتهم الأيديولوجية. وكان ذلك من أهم الأسباب التي أعاقت عملية الإنتاج المعرفي والفكري الراديكالي. ولا نقصد بذلك أن نتخلى عن مفاهيمنا النظرية، بقدر ما نعني أنها بحاجة إلى مرجعات نقدية. انطلاقاً من ذلك نرى أن ضبط وتحديد عوامل ومستويات الأزمة السورية، وتحديد مآلاتها يستوجب تحليلاً منهجياً مفتوح على مجمل التحولات وأسبابها الموضوعية والذاتية انطلاقاً من العام وصولاً إلى الخاص.
ــ إن تموضع الأزمة السورية والتحولات التي تكتنفها يندرج في سياق أزمة بنيوية عامة ومركبة تعاني منها شعوب ودول المنطقة العربية. وهذا يدلل على أنها ستخضع في المستقبل إلى تحولات بنيوية سيكون لها كبير الأثر على مستقبل شعوب المنطقة وأنظمتها السياسية. وبات واضحاً أن التحولات التي تمر أو ستمر بها شعوب المنطقة تتعدّى في أسبابها عوامل الأزمة السياسية والاقتصادية العميقة التي تتراكم مفاعيلها منذ عقود. وإن كان ذلك من الأسباب الأساسية التي دفعت إلى ما تشهده دول «الربيع العربي»، فإن تحديد مآلاتها يتجاوز عتبة الأهداف التي يطالب بها المواطن العربي. وذلك نظراً إلى تفاقم أزمة الرأسمالية البنيوية التي تساهم في تعقيد المشهد السوري، ومن تراكب وتداخل العوامل الإقليمية والدولية.
ـ من الملاحظ أن العالم يقف على عتبة إعادة إنتاج نظام عالمي جديد يتجاوز حدود العوامل الذاتية لكل دولة. فازدياد كتلة رأس المال المتراكم، وشمولية تأثيره وتسارع حركته تجعله يتحوّل بشكل مستمر إلى أشكال وآليات عمل تُعبّر عن أوضاعه المتغيرة. وإذا كان ذلك يساهم في تجاوز بعض الإشكاليات والتناقضات، فإنه من جانب آخر يؤدي إلى تعميق أزمة رأس المال البنيوية، ذلك نتيجة تراكم فائض رأس مال مالي لا يتم توظيفه في الإنتاج الصناعي. وكان ذلك من الأسباب التي ساهمت في تجاوز وتحطيم الأطر والحدود القومية إلى أشكال وآليات عابرة للحدود والجنسية. وتلازم ذلك مع آليات اشتغال سياسية وعسكرية لتذليل العقبات التي تقف أمام حركة رأس المال. لكنّ ميل رأس المال للقطع مع قاعدته الإنتاجية، وتحوّله إلى أشكال مالية ساهم في تعميق أزمته البنيوية. وبالتالي أزمة الرأسمالية العالمية. وكان ذلك من الأسباب التي دفعت الدول الرأسمالية الكبرى إلى البحث عن مخارج جديدة لأزمتها. ويتجلى ذلك من خلال اشتغالها على إعادة فرض سيطرتها على مصادر الثروة خارج حدودها. وذلك من خلال اشتغالها على إعادة ترتيب وتوضيب المنطقة العربية لإعادة إنتاج علاقات التبعية والارتهان وفق أشكال تسمح لها بتعميق وتوسيع نهب الثروات. ويتقاطع ذلك مع تناقضاتها البينية على إعادة تقاسم الثروات العالمية. وتتمظهر تلك الميول من خلال التناقض والصراع داخل منظومة رأس المال العالمية ومع القوى الاقتصادية الناهضة التي تعمل على صياغة تحالفات دولية جديدة من منظور إعادة إنتاج عالم متعدد الأقطاب يتجاوز آليات الهيمنة والاحتكار التي تعمل واشنطن وحلفاءها على فرضها بالقوة العسكرية. تلك الأسباب وغيرها جعلتنا نربط منذ البداية بين الربيع العربي بغض النظر عن أهدافه وحوامله السياسية والاجتماعية، وبين التحولات التي يكتنفها المشهد العالمي. ودفعنا أيضاً إلى التأكيد على أن تحولات ومآلات الربيع العربي، لن تقف عند حدود دولة بعينها. وسيكون ذلك مرتبطاً بإعادة توضيب المنطقة لفرض شروط هيمنة رأسمالية جديدة تُخرج رأس المال العالمي من أزمته الراهنة، وتُحافظ على التراكم والاحتكار لصالح حفنة من المستثمرين والتجار والشركات العابرة للحدود والجنسية. إن قيادة الدول الرأسمالية الكبرى لتلك التحولات يؤكد أنها مجرد أداة للدفاع عن حرية رأس المال أياً تكن الأشكال التي يتجلى بها. وكان تحقيق ذلك يفترض من وجهة نظر حكومات تلك الدول بناء تحالفات جديدة وإعادة إنتاج القديم منها بأشكال جديدة. ومعلوم أن ذلك يتم في سياق صراع مباشر وغير مباشر. وهذا يجعلنا نؤكد على أن تحديد أهداف ومآلات الصراع الذي يتهدد دول عربية وإقليمية، لا يرتبط فقط بحراك شعوب عربية تسعى إلى الديمقراطية والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. فذلك يتم توظيفه وإعادة إنتاجه في إطار التحولات العالمية الكبرى. وهذا يدلل مرة أخرى على أن صراع المصالح بين تلك الدول يتمحور حول مواجهة أي تحوّل ديمقراطي والاشتغال على إعادة رسم الخرائط السياسية والاقتصادية. في المقابل، فإن منطق التطور التاريخي يؤكد على أن إرادة الشعوب الطامحة إلى تجاوز التخلف والاحتكار والهيمنة السياسية، يُشكّل المدخل الأساس لمواجهة تلك التحولات. هذا في لحظة ما زالت فيها حكومات كثيرة ترى أن الحفاظ على عروشها يقتضي مشاركتها بأشكال مباشر وغير مباشرة في الصراع ضد شعوبها وشعوب عربية أخرى. ويبدوا ذلك واضحاً من خلال ازدياد وتيرة التعاون والتنسيق بين تركيا وقطر والسعودية والأردن وإسرائيل من جانب، وبين تلك الأطراف والمجموعات الجهادية من جانب آخر. وذلك لتحقيق هدفين: الأول فرض حلول سياسية تتناسب مع ميولها السياسية في سوريا والعراق واليمن وليبيا. الثاني: فرض معادلة عربية وإقليمية جديدة لا يكون فيها للروس والإيرانيين دوراً مهيمناً في المنطقة. ومن الواضح أن تلك التحوّلات تتم بإشراف ورعاية أمريكية وغربية، حتى لو صرّح بعضٌ من قادتها بما يخالف ذلك.
إن التحولات السياسية والعسكرية المحمولة على قوى إسلامية سلفية وهابية تكفيرية مدعومة من قبل دول عربية وإقليمية تثير مخاوف السوريين الطامحين إلى إقامة نظام سياسي ديمقراطي علماني يضمن المشاركة السياسية والعدالة الاجتماعية، وأيضاً الرافضين لسيطرة القوى الإسلامية. وتزداد مخاوف السوريين نتيجة: تفاقم مظاهر التداخل والتناقض في وطنهم ـ تنامي ظاهرة التطرف الديني المحمول على قوى جهادية تعادي أي مشروع وطني ديمقراطي علماني مدني ـ عجز أطراف الصراع عن بلورة مشروع سياسي ديمقراطي وطني جامع. ويتزامن ذلك مع عجز المعارضة عن تشكيل رؤية سياسية مشتركة، وتطوير آليات عمل سياسي مشترك. ولا تقف أزمتها عند تلك الحدود، لكن تتجاوزها إلى مزيد من الارتهان والتبعية، إضافة إلى التحاف بعضها بعباءة إسلامية متطرفة تتناقض مع وعي السوريين وطبيعتهم التاريخية التي تميل إلى الاعتدال الديني والتمسك بالعيش السلمي المشترك، ورفض الانجرار إلى مشاريع إسلامية وهّابية سلفية تقودها الرأسمالية العالمية وأنظمة الخليج العربي ومن يدور في فلكهم وينطوي تحت أجنحتهم. وكان لذلك دور كبير في زيادة عزلة المعارضة وتفككها وتبعثرها إضافة إلى فقدانها للمصداقية والفاعلية والحوامل الاجتماعية، وتفاقم مظاهر التشكيك بأهدافها وولاءاتها. وانعكس ذلك بشكل واضح على زيادة عجزها في تمثيل السوريين.
وفي اللحظة التي نتكلم فيها عن صراع مشاريع دولية وإقليمية على أراضٍ عربية. فإن تفاقم الكارثة الإنسانية يقضُّ مضاجع السوريين دون استثناء. فعداد الموت لا يتوقف، وضحايا القتال الدموي يتحولون إلى مجرد أرقام في سجلات. هذا في لحظة لا تفارق فيها عيون السوريين نساء ورجال دموع الحزن واللوعة على فراق أحبّة لم يبقى منهم سوى الذكرى، وبقايا أحلام وآمال كانوا زرعوها قبل رحيلهم الأخير. وإضافة إلى معاناة الهجرة والنزوح التي يعاني منها أكثر من نصف السوريين، فإن الموت يتربص بمن يضطر إلى الهجرة. أما فيما يتعلق بالمستوى الاقتصادي فإن حوالي 90% باتوا عاجزين عن تأمين أدنى متطلبات حياتهم اليومية. ويتزامن ذلك مع دمار البنى التحتية والمشاريع الإنمائية ومصادر الثروة الطبيعية والزراعية والصناعية والسياحية. وكلما استطال الصراع تزداد الفجوة بين معدّل الدخل وقيمة الليرة السورية من جهة، وبين معدلات التضخم والأسعار. إضافة إلى ذلك فإن تجار الحروب وزعماءها يقبضون بالأنياب والنواجذ على رقاب السوريين. مستخدمين كافة أشكال النهب والاحتكار، فحوّلوا حياة السوريين إلى جحيم لا يطاق. فلم تبقى أسرة لم تتأثر علاقات أفرادها من تداعيات الصراع. ويجب ألا ننسى ارتفاع حالات الخطف والاغتصاب والزواج القسري وتجارة الأعضاء البشرية. هذا في وقت تنتشر فيه لغة القتل والعنف كالنار في الهشيم. ولم يعد أياً من السوريين بمنأى عن تداعيات ذلك. فالمناطق التي لم تخرج عن سيطرة النظام يطفوا على سطحها أشخاص ومجموعات يتسترون بالولاء والوطنية لتبرير ما يمارسونه من انتهاكات وارتكابات. وممارسات هؤلاء لا تقل خطورة على حياة المواطن ومستقبل الوطن عن ممارسات أقرانهم في المناطق التي خرجت عن سيطرة الحكومة. وتنعكس تداعيات تلك الممارسات بأشكال سلبية على الروابط الاجتماعية والوطنية. ويتقاطع ذلك مع: نكوص السوريين إلى انتماءات قبل وطنية لتأمين بعضاً من الأمن والاستقرار ـ تجاهل أطراف الصراع إلى أهمية الربط بين منظومة حقوق المواطنة ومفهوم الوطنية. ومعلوم أن التمسك بالانتماء الوطني يُشكّل المدخل الرئيس لمواجهة نزعات ما قبل وطنية، ويحافظ على كيانية الدولة ووحدة المجتمع. ولضمان ذلك يجب تكثيف الجهود من أجل التوافق على مخرج سياسي ينهي الصراع ويضمن وحدة سورية أرضاً وشعباً.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمات أولية إلى نهضة
- في سوريا: دافعوا الضرائب هم الأفقر
- الترابط بين اليمن وسائر الإقليم
- تحولات عربية: اليمن ليس وحيداً
- خرائط تُرسم بدماء السوريين
- أربع سنوات من الصراع السوري: الحداثة التخلف
- سوريا: في النموذج الطائفي؟!
- في أسباب وتجليات انخفاض سعر النفط
- المرأة السورية... سنديانة في لهيب الصراع
- آفاق المشروع الطائفي في سوريا
- الهدم الديموقراطي: قراءة في المشهد السوري
- الأسرة السورية بين تآكل قيمة الدخل وارتفاع قيمة الاستهلاك
- السياسة بين العصبية والعقائد الأيديولوجية
- في مأزق الحوار السوري
- ماذا يحمل أطفال سوريا إلى المستقبل؟
- من جنيف إلى موسكو: ما جديد الأزمة السورية؟
- ماذا يعني تحرير سعر المحروقات في سوريا؟
- الاقتصاد السوري في نفق مظلم
- ماذا يعني أن تكون يسارياً في سوريا
- شتاء السوريين القارس: ابحثوا عن سياسات تحرير الاقتصاد


المزيد.....




- -علامة على الحظ الجيد-.. مصورون يرصدون حيوان موظ أبيض نادر ف ...
- -قد تكون فيتنام بايدن-.. سيناتور أمريكي يعلق على احتجاجات جا ...
- آية قرآنية عن قوم موسى يستشهد بها إعلامي إسرائيلي لدخول الأر ...
- عن الموت.. تفاعل على آخر تدوينة من بدر بن عبدالمحسن قبل تداو ...
- آخر تحديث لعدد القتلى في غزة منذ 7 أكتوبر تكشفه الصحة في الق ...
- تقرير إسرائيلي يكشف: قطر مستعدة لإبعاد قادة حماس من الدوحة ف ...
- فوتشيتش يرى أن شي جين بينغ يمكنه المساعدة في إنهاء بعض الحرو ...
- عريس جزائري يحدث ضجة في مواقع التواصل بهدية غريبة لعروسه (في ...
- بالتأكيد لا.. وزير الدفاع الإيطالي حول احتمال تدخل جيشه في أ ...
- النشر الإلكتروني يزاحم طباعة الكتب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - المشهد السوري في سياق التحولات العالمية