أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مخطط العداء للنوبيين















المزيد.....

مخطط العداء للنوبيين


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4817 - 2015 / 5 / 25 - 00:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مخطط العداء للنوبيين

تداولتْ وسائل الإعلام المُـختلفة تصريحات المُـطربة المصرية (شيرين عبد الوهاب) التى وصفتْ كلبها بأنه ((كلب نوبى)) وتزامن هذا التصريح مع تصريح آخر للمُـطربة اللبنانية (هيفاء وهبى) التى وصفتْ قردها بأنه ((قرد نوبى)) فهل هى مُـصادفة أنْ يتزامن التصريحان فى وقت واحد؟ وإذا ربطنا تلك التصريحات المُـعادية لأبسط قواعد السلوك الحضارى، بما حدث خلال السنوات الماضية من عداء سافر ضد أبناء شعبنا النوبيين ، وإتهامهم (بالباطل) أنهم يدعون إلى الانفصال عن مصر، فإنّ العقل الحر لابد أنْ يتوقف أمام مُـخطط مُمنهج لتشويه صورة النوبيين، خاصة وأنّ الكاتب الذى نال شهرة كبيرة (علاء الأسوانى) ساهم فى هذا التشويه عندما كتب فى كتابه الذى أخذ اسم (رواية عمارة يعقوبيان) أنّ من عوّد الصحفى المريض بداء الحب المثلى (الشهير فى الترجمة العربية بالشذوذ الجنسى) الخادم (النوبى) والسؤال المسكوت عنه فى الثقافة المصرية السائدة ، لماذا لجأ علاء الأسوانى إلى تحديد الهوية الوطنية لشخصية إدريس (النوبى) دون أى مبرر درامى ، فتعمّد أنْ يكون أول شخص تسبب فى تعلق حاتم بالانحراف الجنسى نوبى الهوية. فلماذا هذا التعمد فى الاختيار؟ وماهى وظيفته الدرامية ؟ وما دلالة ذلك على المستوييْن الواقعى والفنى ؟ وعند البحث عن إجابة لهذه الأسئلة ، نجد أنّ كل الصفحات التى تناولتْ حياة حاتم تخلو تمامًا من أى توظيف درامى لاختيار شخصية إدريس النوبى ليكون هو البداية لانحراف حاتم الجنسى ، وبالتالى فإنّ السؤال المشروع هو : لماذا لم يكتف الكاتب بإطلاق اسم الشخصية دون تحديد هويته الوطنية ؟ لماذا لم يُـفكر فى رد فعل النوبيين وهم يقرأون هذا الاتهام ، أليس هذا الاتهام إهانة لهم وتجريحًا لمشاعرهم ؟ ولماذا لم يُفكر فى أثر ذلك على القارىء العادى ، فيُصدّق أنّ النوبيين ( المعروف عنهم التزمت الدينى والأخلاقى ) بهم هذه العادة المرذولة دينيًا وأخلاقيًا . ونبذها شعبنا وفق التراث الحضارى المصرى، اللصيق بالثقافة القومية النوبية. وإذا كان بعض الأشخاص لديهم تلك العادة الشهيرة لدى العرب ب (اللواط) فوجودها فى مصر (كافتراض) إستثناء عن القاعدة ، والاستثناء – كما يقول القانونيون- لا يجوز القياس عليه أو التوسع فيه. وكذلك عندما اختار الأسوانى شخصيات مسيحية دون أى توظيف درامى . ويكون السؤال أكثر مشروعية عندما تكون هذه الشخصيات شديدة الوضاعة كما أراد لها الكاتب أنْ تكون . مثل شخصية أبسخرون الديوث الذليل . وشخصية ملاك الانتهازى المتآمر. وشخصية مدام سناء فانوس التى أقامتْ علاقة جسدية مع زكى . وكل ذلك دون أى توظيف درامى .
وإذا تجاوزنا المُـطربتين اللتيْن لا علاقة لهما بالفن أو الأدب أو الثقافة، وتوقفنا عند علاء الأسوانى بصفته أحد المحسوبين على الثقافة المصرية، نكون قد عرفنا السبب وراء تشوية الشخصية النوبية، حيث أنّ المُـتعلمين المصريين المحسوبين على الثقافة السائدة (وعلاء الأسوانى من بينهم) يرفضون مبدأ الخصوصية الثقافية، وانصبّ عداؤهم للنوبيين بسبب وجود تيار ثقافى نوبى يدعو للدفاع عن مُجمل التراث النوبى، وعلى رأس ذلك التراث الدفاع عن اللغة النوبية ، والعمل على إحيائها حتى يعرف الجيل الجديد من النوبيين تراثهم ولغتهم. بينما الثقافة السائدة ترى أنّ هذا التوجه ضد (العروبة) وضد اللغة العربية، ليس ذلك فقط وإنما هذا التوجه (من وجهة نظر العروبيين) الهدف منه ((انفصال النوبة عن مصر)) هنا تبلغ ذروة التشويه الذى طال الأديب حجاج أدول الذى اتهمه العروبيون بأنه يدعو لانفصال النوبة عن مصر، دون دليل واحد يؤكد مزاعمهم. بل إنّ الأمر حدث معى شخصيًا عام 1999 عندما صدر كتابى (أبعاد الشخصية المصرية بين الماضى والحاضر) الصادر عن هيئة الكتاب المصرية، حيث كتب أحد الصحفيين فى جريدة العربى الناصرية مقالا سخر فيه من دفاعى عن الحضارة المصرية ، وعن مُجمل الثقافة القومية لشعبنا المصرى ، واختتم مقاله بأننى أطالب بانفصال النوبة عن مصر. فاتصلتُ بالصديق الراحل الشاعر فتحى عامر (المُشرف على الصفحة الثقافية بجريدة العربى الناصرية) فأكــّد لى أنه كان خارج القاهرة عند إعداد هذا العدد الأسبوعى . فلما قلتُ له هل من حقى أنْ أرد على هذا الاتهام الباطل؟ فرحـّب بطلبى وبالفعل كتبتُ مقالا (نشره بالكامل) تحديتُ فيه ذلك الصحفى أنْ يذكر مصدر كلامى الذى زعم فيه أننى طالبتُ بانفصال النوبة عن مصر، وبالطبع لم يفعل كعادة الناصريين/ العروبيين.
000
إنّ العداء لخصوصية النوبيين الثقافية ، هو جزء من العداء لخصوصية أى شعب. وهذا العداء آفة من آفات الثقافة السائدة التى تمشى وراء (الزعيم الأوحد الذى يقول كـُن فيكون) ولأنّ عبد الناصر أصرّ على أكذوبة أنّ شعبنا المصرى عربى، فإنّ المُـتعلمين المصريين مشوا وراءه وردّدوا أكاذيبه. وفى دراسات علم الأجناس وثقافات الشعوب مدرسة (ضعيفة التأثير والانتشار) ترى أنّ كل الشعوب تتشابه فى خصائصها الثقافية. ومدرسة ثانية (الأكثر تأثيرًا وانتشارًا) ترى أنّ كل شعب ينفرد بخصائص ثقافية تـُميزه عن غيره من الشعوب. ومن داخل تلك المدرسة برز عدد كبير من العلماء مثل (مارشال ساليز) الذى كتب ((هناك الكثير من الخلط نشأ فى الخطاب الأكاديمى والسياسى، حين لا يتم التمييز بين الثقافة بمعناها الإنسانى والثقافة بمعناها الأنثروبولوجى، باعتبارها نهجًا كاملا ومتميزًا لحياة أى شعب. إنّ ثقافة أى بلد تعكس تاريخه وأخلاقياته)) وكتب (كلود ليفى شتراوس) أنّ ((الإسهام الحقيقى لأية ثقافة لا يتكوّن من قائمة من الاختراعات التى أنتجتها، بل من اختلافها عن غيرها. فالأساس بالعرفان والاحترام لدى كل فرد فى أية ثقافة تجاه الآخرين لا يقوم إلاّ على اقتناع بأنّ الثقافات الأخرى تختلف عن ثقافته فى جوانب عديدة حتى وإنْ كان فهمه لها غير مكتمل، ومن ثم فإنّ فكرة (الحضارة العالمية) لا تـُقبل إلاّ باعتبارها جزءًا من عملية شديدة التعقيد ، ولن تكون هناك حضارة عالمية بالمعنى المطلق الذى درج البعض على استخدامه، لأنّ الحضارة تعنى تعايش الثقافات بكل تنوعها. والحقيقة أنّ أية حضارة عالمية لا يمكن أنْ تـُمثل إلاّ تحالفـًا عالميًا بين الثقافات تحتفظ فيه كل منها بأصالتها))
من هذا المُنطلق الواعى بأهمية الاختلافات الثقافية بين شعب وآخر، دافع مؤيدو هذه المدرسة عن حقوق الأقليات العرقية داخل مجتمع أغلبيته من أعراق أخرى، كالأكراد فى العراق وسوريا وتركيا، والأمازيج فى شمال إفريقيا إلخ. لذا كان العلماء المُدافعون عن الخصوصية الثقافية لكل شعب مع ضرورة أنْ تؤخذ رغبات الأقليات الثقافية فى التأكيد على هويتها الثقافية والتعبير عنها سياسيًا بصورة من صور الحكم الذاتى مأخذ الجد . ليس هذا فقط وإنما لابد أنْ يتمتـّع أعضاء الأقليات الثقافية بنفس الحقوق والحريات الأساسية، ونفس الحصانات الدستورية التى يتمتـّع بها سائر المواطنين. مع العمل على دعم التسامح والتعايش وتشجيع التنوع الثقافى. ورغم أنّ النوبيين مصريون بالثقافة والعمق التاريخى والجغرافى، إلاّ أنّ لهم لغة خاصة بهم يود المخلصون منهم الحفاظ عليها، فتنقلب الثقافة المصرية السائدة المنحطة عليهم وتتهمهم بأنهم يرغبون فى الانفصال عن مصر، مع اتهامات أخرى مثل العمالة لأمريكا. وهى تهم باطلة بحكم معرفتى بعدد كبير من النوبيين الشرفاء الفخورين بانتمائهم لمصر، مع تمسكهم بلغتهم ومجمل تراثهم الذى توارثوه عن جدودهم. وكان (ألفا أوما كونارى) رئيس جمهورية مالى عام93 صائب النظر عندما كتب إنّ ((إنكار الخصائص الثقافية لشعب من الشعوب يُعد نفيًا لكرامته))
وفى أوروبا فإنّ المنظمات الدولية المُدافعة عن حقوق الأقليات، تستفيد من نصوص قديمة مثل النص الصادرعام 1555(سلام أوجسبورج) عن حماية الأقليات الدينية. ومعاهدة (ويستفاليا) عام 1648والاتفاقية البولندية الروسية عام 1767وأخرى عام 1775 لضمان حقوق المُنشقين ببولندا. كما أنّ معاهدة فينا عام 1815منحتْ الأقليات الدينية حرية العقيدة والحقوق المدنية.
ومن أشد القضايا ذات الحساسية فى قضية التنوع الثقافى، قضية اللغة. فلغة أى شعب هى السمة الثقافية التى تـُميّـزه عن غيره. وكل لغة فى العالم تمثل أسلوبًا فريدًا فى رؤية التجربة الإنسانية. لذا فإنّ قضية اللغة هى فى مقدمة الحقوق التى تـُطالب بها الأقليات الثقافية. فمن حقهم تدريس لغتهم فى المدارس (كما تفعل أمريكا وبعض الدول الأوروبية) وكذا من حقهم أنْ تكون لهم وسائل إعلام خاصة بهم. ولكن هذا التنوع المطلوب ثقافيًا والمؤيد إنسانيًا يخضع لأشد أنواع القهر من أنظمة الاستبداد العربية. ومن هنا كانت مأساة الأكراد والأمازيج، وهى ذات المأساة التى يعيشها شعب الأحواز فى إيران. إنّ سكوت الأنظمة العربية لما يحدث لشعب الأحواز كشف حجم الرياء والكذب وهم يتشدقون ويتظاهرون بالدفاع عن الشعب الفلسطينى، لأنّ ما فعلته إيران منذ عام 1925وحتى ركوب خمينى وأتباعه الحكم مع شعب الأحواز هو بالضبط ما فعلته الصهيونية مع الشعب الفلسطينى . حيث احتلت إيران أراضيهم بالقوة. وأراضيهم فيها أكبر كمية بترول وغاز. ورغم أنهم (عرب وسنة) فإنّ الأنظمة العربية لا تـُبالى بهم، ولا بما يتعرّضون له من اضطهاد واعتقال النشطاء السياسيين وإعدامهم، وتمنعهم من الحديث باللغة العربية، لا فى الشوارع ولا حتى داخل بيوتهم. وأطلقوا على الإقليم اسم (خوزستان الإيرانية) ولأنّ الحزب الذى سرق اسم (الله) مُموّل من إيران فإنّ قادته يكتبون فى الصحف أنّ الأحواز ليست عربية (د. أحمد أبو مطر- الخطر الإيرانى- وهم أم حقيقة- ص 90، 91) وهكذا يتم التواطؤ بين إيران والأنظمة العربية والحزب سارق اسم (الله) بنفى خصوصية شعب الأحواز. ولأنّ الفكر العروبى والإسلامى أحادى ، لذا لا يعترف العروبيون والإسلاميون بحق كل شعب فى الدفاع عن خصوصيته الثقافية، ويتجاهلون الحقيقة التى تؤكد على أنّ التنوع هو سر تقدم البشر، وهو ما عبّر عنه المفكر(كونور كروزا) الذى كتب ((مع أننا نشترك فى إنسانية واحدة، فإنّ هذا لن يجعل منا أعضاء قبيلة عالمية واحدة، فتنوع الجنس البشرى هو الذى يضرب بجذوره فى هذه الإنسانية المشتركة)) وكتب (كارلوس فوينتيس) أنّ ((من عجائب كوكبنا تعدد تجاربه وذاكرته ورغباته. وأية محاولة لفرض سياسة موحدة على هذا التنوع ستكون بداية النهاية)) وإذا كانت الأنظمة الشمولية ترفض أنْ تستخدم كل أقلية ثقافية لغتها، فإنّ دراسة ميدانية أثبتتْ أنّ 104بلدًا فيها لغتيْن رسميتيْن. وفى 15بلد يستخدمون ثلاث لغات أو أكثر. وانتهتْ الدراسة إلى أنه ((كلما بكــّرنا بتعليم الصغار باللغات الأخرى فى عالمنا متعدد الثقافات كانت النتائج طيبة)) وتوصى لجنة اليونسكو الدولية لتنمية التعليم بتنمية تعددية اللغات من أصغر سن مع تدريس لغات وثقافات وأديان عديدة))
ونظرًا لذاك الوعى بأهمية التنوع الثقافى، نظم نادى اليونسكو فى فرنسا فصلا عن مصر القديمة. وحضر تلاميذ المدارس الابتدائية دروسًا لمدة ثلاثة أسابيع فى متحف اللوفر، ليتعلموا فنون وعمارة وتكنولوجيات مصرالقديمة، وحياتها اليومية وطقوسها الدينية. وكانت النتيجة أنْ قرّر التلاميذ أنْ يزوروا مصر لمدة أسبوع على حسابهم الخاص.
وما حدث فى فرنسا تكرّر فى معظم دول أوروبا، أى الإهتمام بدراسة الحضارة المصرية. وعن الطلبة الأمريكان كتب د. حسن بكر أثناء وجوده فى أمريكا (( الطالب الغربى عمومًا والأمريكى بالذات يدرس الآثار المصرية فى جميع مراحل التعلم قبل الجامعى بدقة تفوق دراسة أى طالب مصرى أو عربى لها. وقد أذهلنى حينما كنتُ طالب بعثة بالولايات المتحدة خلال عقد الثمانينات أنّ عديدا من الأمريكيين يحفظون مراحل تطورالحضارة المصرية عن ظهر قلب. وقد أوجعنى أكثر أنّ أحدهم تدخل فى مناقشة معنا فى النادى الثقافى المصرى ، فراح يعدد أسماء الأسر الفرعونية واحدة تلو الأخرى ووقفنا أنا وزملائى واجمين)) (أهرام 21/4/92) وكتب أ. صبحى شفيق أنّ أول كتاب يتسلمه التلميذ فى أوروبا فى المدارس الابتدائية على صفحته الأولى صورة لهرم زوسر المدرج وتحته ((أول حضارة عرفت استخدام الأحجار ذات الزوايا القائمة وأول صرح حضارى فى تاريخ الإنسانية)) (صحيفة القاهرة 22/11/2005)
وذكرتْ د. مرفت عبد الناصر أنها ذهبتْ إلى لندن لتكمل دراستها فى الطب النفسى . وكان لجارتها الإنجليزية طفل فى السابعة من عمره. سألته مرفت السؤال التقليدى ((تحب تكون إيه لما تكبر؟)) فكان رده عليها ردًا غير تقليدى ((أحب أكون عالم مصريات)) هذا المشهد صاغته عملية وجود جراحية داخل وجدان د. مرفت فعبّرتْ عنه قائلة ((شعرتُ وقتها بألم عميق نابع من تلك الفجوة المعرفية بين ما أعرفه أنا عن هذا التاريخ وبين ما يعرفه الطفل الإنجليزى. فقد بدا لى وكأنه يعرف أسرارًا عن أهلى لا أعرفها. وأحسستُ وقتها أنّ هذا الطفل وربما أفراد الجنس الذى ينتمى إليه ، له الحق فى أنْ يشعر بتفوقه علىّ وعلى أبناء لونى. فهو ببساطة يملك المعرفة)) وبشجاعة نادرة تعترف بأنّ لقاءها بذاك الطفل كان ((نقطة تحول محورية فى حياتى)) نقطة التحول هذه كانت البداية لتخصصها فى علم المصريات بجانب تخصصها فى علم النفس. وكان المشهد الثانى الذى أحزنها وأبهجها فى نفس الوقت، عندما عرف سائق التاكسى الإنجليزى أنها مصرية، فأخذ يُحدّثها عن الحضارة المصرية. وعندما أبدتْ دهشتها قال لها أنّ أغلب الكتب فى مكتبته الخاصة عن مصرالقديمة. أما المفاجأة الثالثة فكانت بمناسبة الدعوة التى تلقتها لإلقاء محاضرة عن الطب النفسى. وفوجئتْ بأنّ تكريم رئيس الجلسة لها عبارة عن صورة كبيرة للبرلمان الإنجليزى وفوقها صورة كبيرة ل (ماعت) المُجنحة إلهة العدالة المصرية التى هى اليوتوبيا الممكنة لأنها رمز الاعتدال والانسجام والتناغم. ونقلت د. مرفت عن الشعر المصرى القديم (إذا ماتتْ ماعت ماتتْ مصر)) (لماذا فقد حورس عينه- قراءة جديدة فى الفكرالمصرى- دارشرقيات- عام 2005)
ورغم ما يحدث فى أوروبا وأمريكا من إهتمام بالحضارة المصرية، فإنّ التيار العروبى فى مصر يستنكردعوة تيار(القومية المصرية) للإهتمام بحضارة جدودنا وتعليم لغتهم فى المدارس والجامعات كما تفعل مدارس وجامعات أوروبا. ويُهاجمون كل من يكتب (بلغة العلم) أنّ مصر ليست عربية. وأنّ شعبنا يتكلم (لغة مصرية حديثة) كما ذكر المفكر الكبير بيومى قنديل فى كتابه (حاضرالثقافة فى مصر) وأننا مصريون بالثقافة القومية والتاريخ والوجدان. ويصل الشطط بالعروبيين (ومعهم الإسلاميين) إلى أنّ دعوة (القومية المصرية) تصب فى صالح إسرائيل. ولأنهم يكتبون بدون قاعدة معرفية، كما قال عميد الثقافة المصرية (طاها حسين) لذا فات عليهم أنّ أ. أحمد أمين كتب ((العرب أزالوا استقلال فارس. وحكموا مصر والشام والمغرب وأهلها ليسوا عربًا)) (ضحى الإسلام- ج1- ص76) ولأنّ الفكر الأحادى هو المُسيطرعلى عقلية العروبيين والإسلاميين، لذا لم ينتبهوا لحكمة الأب الروحى للشعب الهندى (المهاتما غاندى) الذى لخــّص الانفتاح على ثقافات العالم مع الاحتفاظ بخصوصية ثقافته القومية فقال ((إننى أرغب أنْ تهب على بيتى جميع ثقافات العالم، ولكننى أرفض أنْ تقتلعنى من جذورى إحدى هذه الثقافات)) صدق غاندى فى قوله الحكيم. لذلك فإننى أرى أنّ العداء لخصوصية النوبيين الثقافية، سببه الأيديولوجيا العروبية التى تكره وتـُعادى التنوع الثقافى، وهو المُـخطط الذى تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذه ، والذى بدأ منذ أنْ أنشأت المخابرات الأمريكية محطة إذاعة (صوت العرب) فى مصر وليس فى الجزيرة العربية، وكان افتتاح تلك المحطة الإذاعية المشبوهة يوم 6 يوليو1953.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرياضيات والألعاب فى مصر القديمة
- فلسفة إلغاء العقوبات البدنية
- المرأة فى التراث العربى / الإسلامى
- تحولات المثقفين وتنازلاتهم
- الإنسان ال Dogma والكائنات غير العاقلة
- تناقضات الأصوليين ومرجعيتهم الدينية
- ثالوث الخرافة والأسطورة والدين
- الأساطير المصرية : معبد إدفو نموذجًا
- التعصب الدينى والمذهبى والعداء للتحضر
- العلاقة بين التحضر والتراث الإنسانى
- نبذ التعصب فى موسوعة للشباب
- فصل فى التحريم : قصة قصيرة
- اليسار المصرى والعروبة
- الغزالى وابن رشد
- نصر أبو زيد : الواقع والأسطورة
- نوبار الأرمنى : عاشق مصر
- الأرمن : صراع الإبادة والبقاء
- شركات السلاح والمؤسسات الدينية
- تقدم الشعوب وتخلفها ونظرية التكيف
- العلاقة بين العروبة والإسلام


المزيد.....




- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مخطط العداء للنوبيين