أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ثالوث الخرافة والأسطورة والدين















المزيد.....

ثالوث الخرافة والأسطورة والدين


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4802 - 2015 / 5 / 10 - 22:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يفصل علماء الأنثروبولوجيا والفلاسفة المؤمنون بالمادية التاريخية ، بين الخرافة والأسطورة ، كما اهتموا بالربط بين الأسطورة والخرافة والدين ، بينما التعليم والإعلام ومُـجمل الثقافة السائدة فى أنظمة الحكم الاستبدادية ، ينتشر فيها الخلط بين الخرافة والأسطورة ، والأشد خطورة القول بأنّ الأسطورة خرافة ، رغم الفروق الجوهرية بين الإثنتيْن . ونفس الخطأ يقع فيه كثيرون يُفرّقون بين الأديان والأساطير.
يعود الخلط بين الخرافة والأسطورة إلى أنهما يشتركان فى ملمح واحد هو : الأعمال الخارقة التى يقوم بها الإنسان وتتنافى مع قواه الطبيعية ، وبالتالى نكون إزاء ما هو (فوق طبيعى) مثل قدرته على رؤية الأشياء البعيدة عنه بمئات الأميال ، أو مثل خرافة (هرم بن حيان الأمير العبدى) الزاهد فى الإسلام الذى زعم المؤرخون أنّ أمه حملتْ به لمدة أربع سنوات ، ولذلك سُمى (هرمًا) وأنّ محمد بن عجلان حملتْ به أمه ثلاث سنوات ((وكان نساء آل الجحاف يقلنَ : ما حملت منا امرأة أقل من ثلاثين شهرًا)) (مروج الذهب-ج1ص337) أو تدّعى بعض الكاهنات أنها حملتْ بدون أنْ يُضاجعها رجل مثل (ظريفة) كاهنة الملك اليمانى عمرو بن عامر. وأنّ (أبا كرب أسعد الحميرى) عاش 300سنة. وآمن بنبى سوف يأتى بعده اسمه أحمد وكتب شعرًا فيه. أو أنْ يكتب أبو الفرج الجوزى ((إنّ الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام)) وكتب أ. أحمد كمال زكى أنّ ((سيف بن ذى يزن بطل خرافى تتلاحم فيه قوى ما وراء الطبيعة ويلتقى بالمردة والجن)) (الأساطير- دراسة حضارية مقارنة - ص107) أو جلد البحر مائة جلدة لأنّ أمواجه تسبّبتْ فى تعثر سفن الفرس المُتجه لغزو اليونان كما فعل الملك الفارسى إكزركسيس.
أما الأسطورة فرغم العناصرالخارقة فى نسيجها ، فهى أشبه بالملحمة التى تستهدف توصيل رسالة ما ، وفى هذا الشأنْ هناك إتفاق بين علماء الأنثربولوجى أنها ترجمة لواقع ما ، ولتحقيق غاية مُحدّدة ، فمثلا الأسطورة الأوزيرية هدفها تجسيد الصراع بين الخير والشرلأول مرة فى تاريخ البشرية. وهذا يبدو من الأسماء العديدة لأوزير، فعندما يأتى الفيضان فهو الماء المُـتجدّد الذى يكسب الحقول الخضرة. وهو إله الزراعة ورمز البعث (تجدد الحياة) ولأنه كرّس لقيمة العمل الزراعى (= الاكتفاء الذاتى) لذا يراه علماء المصريات أنه أول من نبذ استخدام أسلحة القتل . وأنّ جَمْعْ أشلاء جسده بعد موته معناه دورة جديدة من دورات الحياة ، وأنه يموت بإنتهاء فترة خصوبة الأرض ، ثم يعود للحياة مع اخضرارها. ويموت كما تموت الشمس بعد الغروب ويعود للحياة مع شروقها من جديد. كما أنها رسّختْ- لأول مرة فى التاريخ - للمنظومة القضائية بين المتخاصمين ، فالصراع بين حورس وعمه (ست) مغتصب العرش استمرعدة سنوات أمام الآلهة للفصل فى الخصومة ، وأوضحتْ مبدأ (استئناف الحكم) وتحكى قصة الصراع على تقسيم مصر : مملكة شرق الدلتا يحكمها أوزير. ومملكة غرب الدلتا ويحكمها حورس، ومملكة الجنوب ويحكمها (ست) ولكن بعد نجاح حورس فى قتل (رمز الشر) تم توحيد الشمال والجنوب. أما إيزيس (الطرف الفاعل فى الأسطورة) فهى التى جمعتْ أشلاء زوجها (رمز الوفاء) لذا كانت معبودة فى إفريقيا الشمالية وإسبانيا والدانوب وفرنسا . وسادتْ عبادتها فى كل أوروبا . وذكر عالم المصريات الألمانى أدولف إرمان عنها ((كانت السيادة فى كل مكان للإلهة إيزيس (ذات الأسماء العديدة) فستون شعبًا كانوا يعبدونها على أنها : الفضلى، الجميلة، الطاهرة، المقدسة.. إلخ)) (ديانة مصر القديمة- ص 484)
ورغم أنّ الآلهة فى الأساطير (المصرية واليونانية والبابلية إلخ) من صنع البشر إلاّ أنها ((أقدم مصدر لجميع المعارف الإنسانية. وترتبط ببدائية البشر. وهو ما يعكف عليه الأركيولوجيون عندما يستنطقون النقوش المتبقية فوق الألواح وهى تقص أطرافـًا عن حياة الإنسان فى الماضى البعيد)) (الأساطير- مصدرسابق- ص 42) ولأنّ الأسطورة (عكس الخرافة) تستهدف توصيل رسالة ما لذا نجد من بين الأساطير اليونانية أسطورة بروميثيوس الذى تحدى الآلهة وسرق النار ليهبها للبشر. هذا المغزى البديع رمز إلى أهمية الطاقة لحياة الإنسان ، ثم تستمر الأسطورة لتنتقل إلى تطور آخر وهو غضب كبير الآلهة زيوس الذى أرسل باندورا لتنتقم من بروميثيوس . وأنّ زيوس أمدّها بصندوق كلــّما فتحته كلــّما خرجتْ الشرور التى تصيب البشر. ونفس الشىء فى أسطورة سيزيف الذى أفشى الأسرار التى حكاها زيوس له وطلب منه عدم الافصاح عنها ، فلما خالف العهد عاقبه بأنْ يحمل صخرة وينزل بها من فوق الجبل ثم يرفعها ويصعد بها وهكذا إلى آخر الدهر. إذن فالأسطورة ترمز إلى العمل الذى لا جدوى منه غير لذة الانتقام ، وهذه الأسطورة شبيهة بأسطورة سبقتها أبدعها خيال المصرى القديم عندما تمّ الحكم على إنسان بالجلد ، وكلــّما تهرّأ جسمه عاد له جسد جديد فيستمر العذاب بلا نهاية. وهذا العقاب شبيه بالعقاب الذى أوقعه زيوس على بروميثيوس عندما كبـّـله بالسلاسل وأرسل له نسرًا ينهش كبده ، وكــّـلما تهرّأ الكبد صنع له زيوس كبدًا جديدًا ليستمرالعذاب.
أما الدين فعلاقته وثيقة بالأسطورة والخرافة. وأنّ من كتبوا كتب الأديان كانوا ينقلون عقلياتهم وأحاسيسهم البشرية ، لذا كان من الطبيعى أنْ يتصارع الآلهة اليونانية ويتقاتلون ويغدرون ببعض كما يفعل البشر، لدرجة أنّ زيوس كبير الآلهة انتهز فرصة غياب زوج (ألكيمنا) فى الحرب وتنكر فى هيئة زوجها وجامعها وأنجب منها البطل هرقل ، لذا حقدتْ (هيرا) زوجة زيوس على هرقل . وما فعله زيوس مع (ألكيمنا) فعل مثله النبى داود مع زوجة (أوريا) إذْ ضاجعها فى غياب زوجها الضابط ، وبعد أنْ عاد الزوج من الحرب أرسله داود للحرب مرة أخرى وكتب إلى (يوآب) رسالة قال له فيها ((اجعلوا أوريا فى وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فـيُضرب ويموت)) (صموئيل الثانى 11) ولأنّ صناعة الإله صناعة بشرية لذا أطلق الهنود على أحب وأهم إله اخترعوه (كرشنا) وترجمة الكلمة فى لغتهم (الأسود) لأنّ الهنود الأصليين كانوا يميلون إلى السواد . ولأنّ بنى إسرائيل عاشوا حياة القحط والترحال ، انعكس ذلك على حقدهم على الشعوب التى لديها وفرة فى المحاصيل وتنعم بالاستقرار، ولأنّ من كتبوا كتبهم التى يُـقـدسونها تبنوا سياسة قتل الشعوب الأكثر تحضرًا منهم ، لذا كان إلههم صورة طبق الأصل من مستوى تفكيرهم وأحقادهم ، فهو إله دموى مثلهم ، وهو مع الرعاة ضد الزراع ، ومع التخريب فيحوّل النهر والشجر والبيوت إلى دم وضفادع ويُـشجّع أتباع موسى على سرقة المصريين ، وينزل بنفسه ليضع علامة من الدم على بيوت بنى إسرائيل حتى لا يُخطىء وهو يُدمر بيوت المصريين ، ويقتل كل أطفالهم . وإذا كان العلم يُقر بأنّ الخوارق فى الأساطير لم تحدث ، مثل أسطورة شق البحيرة فى قصة (خوفو والسحرة) فالمؤمنون بالتراث العبرى يعتبرون أنّ شق البحر أثناء هروب بنى إسرائيل من مصر حقيقة. ومن الخرافات الدينية أنّ قدرة شمشون الخارقة مكــّـنته من أنْ يقتل ألف رجل بلحية حمار. وتمتزج الخرافة برغبة الدمار ((فيُطلق المشاعل والنار بين زروع الفلسطينيين فأحرق الزرع وكروم الزيتون)) (قضاة 15)
ولعلّ أدق مثال عن العلاقة بين الدين والخرافة والأساطير، التشابه بين المصرى القديم الذى أبدع ثلاث وسائل للصعود إلى السماء (سُلم مُتخيل وحيوان خرافى وبساط) وما ورد فى القرآن عن رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد (الأقصا) ولأنّ المُـنتج العبرى والعربى امتداد لتراث واحد كتب أ. أحمد كمال زكى ((كانت عملية تحليل المعتقدات التوراتية رحلة استكشاف للخرافة التى برع فيها العرب.. وإذن يكون علينا أنْ نبدأ برفض ما بدأ به الطبرى والمسعودى وابن خلدون)) (مصدر سابق- ص 31) وما قصده من البداية الموجودة فى كل الكتب التراثية هو ترديد لما جاء فى كتب العبريين عن قصة الخلق . ومع أنّ التراث العبرى حرّم زواج المحارم ، فإنه وقع فى إشكالية أكدتْ العكس ، فكان زواج أبناء آدم من بعضهم (حيث البداية آدم وحواء فقط) وهو ما عبّر عنه أبو العلاء المعرى فى بيتيْن من الشعر إذْ قال ((لو تذكــّرنا قصة آدم وفعاله/ وتزويجه ابنيه لبنتيه فى الخنا / لعرفنا أصل الخلائق/ وأنّ جميع الناس من أصل الزنا)) أما عن تاريخ مصر القديمة فإنّ كتب التراث العربى تمتلىء بالخرافة ، ففى كتاب (مختصر العجائب) فإنّ (الوليد العمالقى) ((غزا مصر أيام الملكة حورية)) فكان تعليق د. حسين فوزى ((ليس بمجدٍ أنْ نحاول التوفيق بين التاريخ المصرى القديم كما كشفتْ عنه الآثار المصرية ، وبين ما ورد عنه فى كتب العرب ، من أمثال العمالقى والملكة دلوكة)) (حديث السندباد القديم- ص129) وذكر ابن تغرى بردى فى النجوم الزاهرة أنّ من بين حكام مصر القديمة : حوريا بنت لوطس و(ماموم) ثم الوليد بن درمع وبعده الريان بن الوليد العمالقى والوليد بن مصعب إلخ (ج1ص57، 58) ونظرًا لسيطرة الخرافة كتب الهمذانى أنّ ((الجنّ عمّروا الأرض قبل هبوط آدم إليها)) لذا كان جيمس فريزرعلى حق عندما ذكر فى موسوعته الضخمة (الغصن الذهبى 12مجلد) عن العلاقة بين الدين والسحر، وعن العداء الحاد الذى يكنه رجل الدين للساحر على مر العصور)) وذكرأيضًا أنه مع التطور التاريخى حلّ الدين محل السحر. وأنّ الساحر أخد يُخلى مكانه لرجل الدين . ويرى علماء الأنثروبولوجيا أنّ الجذر الأول للخرافة والأسطورة والدين هو (التابو) باعتباره أقدم قانون غير مكتوب للجنس البشرى ، وذلك قبل أنْ يخترع الإنسان الآلهة. وأنّ التابو- كما فى الأديان - رسّخ آلية العقوبة لكل المختلفين مع منظومته العقائدية. لذلك فإنّ أنظمة الحكم المُـتحضـّرة يحرص التعليم فيها على تنوير عقول الطلاب ، وذلك بالفصل بين الأسطورة والخرافة من جانب ، والتشابهات الموجودة فى الأديان مع الخرافات والأساطير.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأساطير المصرية : معبد إدفو نموذجًا
- التعصب الدينى والمذهبى والعداء للتحضر
- العلاقة بين التحضر والتراث الإنسانى
- نبذ التعصب فى موسوعة للشباب
- فصل فى التحريم : قصة قصيرة
- اليسار المصرى والعروبة
- الغزالى وابن رشد
- نصر أبو زيد : الواقع والأسطورة
- نوبار الأرمنى : عاشق مصر
- الأرمن : صراع الإبادة والبقاء
- شركات السلاح والمؤسسات الدينية
- تقدم الشعوب وتخلفها ونظرية التكيف
- العلاقة بين العروبة والإسلام
- خصوم لويس عوض والعداء للغة العلم
- الصهيونية أعلى مراحل اليهودية
- آفة الولاء السياسى والدينى
- الهوان العربى والفكر الأبوى
- اليمن بين الماضى والحاضر
- العروبة والجحيم العربى
- الشخصية القومية والدين (3)


المزيد.....




- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ثالوث الخرافة والأسطورة والدين