أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - إبراهيم هنانو والمقاتلات الكرد - الجزء الثاني















المزيد.....

إبراهيم هنانو والمقاتلات الكرد - الجزء الثاني


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 5 - 19:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


طوال سنوات الثورة السورية الجارية، اختلطت وتختلط المعايير لدن المعارضة العربية، وتتأرجح بين الصراعين المذهبي والقومي، وفي الحالتين ترجح كفة الإرهاب السني الداعشي أو جبهة النصرة، كونهما يمثلان الإسلام القومي في عمقه. وكثيرا ما لا يتمكن الإعلام السوري المعارض، إخفاء هذا الوباء الفكري، فكل ما يقع خارج الثقافة الدينية القومية، يعتبر منفّرا، ولا تقبل شراكته الدينية. حصلت وتحصل تقسيمات بين شرائح المعارضة، ظهرت وتظهر إفرازات فكرية شاذة لتؤكد عن قوميتها العروبية وليس عن تدينها.
ومن هذه الإفرازات الفكرية، نبذ التاريخ والمجاهدين المسلمين من غير العرب، الذين لا يدينون بمفاهيمهم، ويحرصون بفرض قناعاتهم المذهبية ولا يتذرعون باستخدام العنف. ومن ضمن نتائج هذه المفاهيم، تدمير التاريخ بكل مواده، كالمتاحف، والأبنية الأثرية والتماثيل، الحديثة والغارقة في قدم التاريخ، والكتب القيمة التاريخية. فمن متحف الموصل إلى الجامع التاريخي في مدينة شنكال، إلى تمثال المجاهد إبراهيم هنانو في إدلب طالها عبث تلك التيارات.
هذا المجاهد الذي لا يختلف بجهاده عن جهاد عمر المختار ولا يقل نضاله عن نضال سعد زغلول، وفي التقييم البشري، جرائمه، إن كانت له جرائم، لا تقارن بجرائم نبلاء الزعماء المسلمين السياسيين، مثلما هي إسلام صلاح الدين الأعمق والأصدق من إسلام العديد من الحكام الصالحين، فقد وحد الإسلام في فترة كانت التناقضات والصراعات بين المذاهب على أشدها، ووحد الخلافتين وجمع المسلمين جميعهم تحت خيمة خلافة واحدة، كما ألغى هذا المسلم قوميته الكردية من ذاته، خدمة صادقة للأمة الإسلامية، في الوقت الذي كانت العصبية الجاهلية والقبلية طافحة لدى الأمويين والعباسيين وبدون استثناء.
والمقاتلات الكرديات، اللواتي يتعرضن إلى انتقادات مبتذلة من قبل بعض العروبيين، ولا غرابة أن تخصصت لهذه الانتقادات شريحة من مجموعات الإسلام السياسي العروبي، تحت غطاء المعارضة السورية، ودفاعا عن الثورة، دون انتباه إلى التاريخ الإسلامي الذي تفتخر بالمجاهدات القلائل اللاتي شاركن في العديد من المعارك، كغزوة أحد، ومعركة أجنادين، وغيرها. ولو كانت الرؤية إسلامية صادقة، وخالية من العنصرية، لوجدوا أن مشاركة النساء الكرديات في المعارك وعلى مر التاريخ له حضوره. وما يجري اليوم في سوريا، رغم الاختلاف مع قياداتهم السياسية، استراتيجية وأيديولوجية، دليل على حب الوطن والتضحية بالنفس من أجله. وتضحياتهن هذه من أجل الوطن ألا تشابه تضحية نسيبة بنت كعب (أم عمار) المدافعة عن الرسول، صلوات الله عليه، في غزوة أحد، أو مشاركة خولة بنت الأزور، التي قاتلت الروم في واقعة أجنادين ضمن جيش خالد بن الوليد نيابة عن أخيها ضرار بن الأزور، الذي كان أسيرا عند الروم، وكذلك تشابه نضال المجاهدة الجزائرية جميلة بوحيرد ضد الاستعمار الفرنسي. فما الضير والفرق في وبين مشاركة هؤلاء النساء الكرديات وتلك النسوة كل واحدة في زمنها وفي ظروف نضالها. لقد شاركن هذه الكرديات في الدفاع عن شرف الوطن والقومية الكردية وعن المنطقة بشكل عام، ضد جحافل الأشرار والإرهابيين من داعش وأمثالهم، ناشري الوباء الفكري في المنطقة، ومدمري الإنسان والتاريخ والوطن، الذين يهاجمون الكرد تحت شعار محاربة الكفار.
رباط مقدس يجمع بين هذه النساء على أبعاد التاريخ، ولا وجه مقارنة بين المقاتلات الكرديات وألوية بشار الأسد اللواتي يحاربن من أجل طاغية ومستبد وسلطة غارقة في الجريمة، والذي شذ عن الحقيقة كاتب التقرير في أحد أعلام المعارضة السورية، وكان متقصّدا في مقارنته الشاذة هذه، ليس دفاعا عن الوطن أو الثورة السورية بقدر ما كان تهجماً على الكرد قوميا، ودعم مباشر لداعش الذين اندحروا أمامهن. وفي الحقيقة ألوية الأسد النسائية قريبة فكريا من هذا الإعلامي العروبي، ومن شريحة أولئك الكتاب، الذين يصعب عليهم الخروج من الثقافة العنصرية القومية، والذين يحملون لواء الإسلام تغطية لرفع شأن العنصرية القومية. حيث يجمعهم، والبعث وثقافة سلطة بشار الأسد، استبداد الفكر، ومنطق إلغاء الآخر، في الوقت الذي تجمع المقاتلات الكرد من المجاهدات المذكورات أسماءهن مع ثقافة الدفاع عن الحق، حيث الشعب والأمة والوطن. وهنا يلتقي إبراهيم هنانو وصلاح الدين وسليمان الحلبي والمقاتلات الكرد في إنكار الذات من أجل الأمة والشعب، ملغيين التعصب وثقافة إنكار الآخر، مبتعدين عن الازدواجية بين القول والفعل، رافضين التأويل أو الإتيان بالنص الإلهي حسب المصلحة الحزبوية أو الفئوية أو التنظيمية، فلم يسخّروا يوما الأمة الإسلامية لرفع شأن القومية، بعكس ما فعلته العديد من السلطات العربية والتركية والفارسية، وتفعلها المنظمات الإرهابية كداعش والنصرة والبعض من المعارضة السورية، مسخري الإسلام لتمرير الأجندات السياسية الحزبية.
تدمير تمثال المجاهد الكردي الوطني إبراهيم هنانو في مدينة إدلب من قبل جبهة النصرة، ومهاجمة مشاركة المرأة الكردية في القتال، على خلفية خروجها من عتامة الفكر الديني المتزمت، ومحاربتها لداعش، كل ذلك يبيّن أن كتابات هؤلاء دعيي الثورة مبنية على بعدين:

1- البعد الإسلامي، الملغي للأصنام والتماثيل، وقد فعلتها تيارات إسلامية أخرى في مناطق متفرقة من العالم الإسلامي، وما قامت وتقوم به داعش تعكسها النصرة في المنطقة، وهما يستمدان أفعالهما من سيرة الأولين عند ظهور وانتشار الإسلام وتدميرهم للأصنام وتماثيل آلهة آبائهم، وأبشع مثال، عندما دمروا وأحرقوا مكتبة الإسكندرية بكتبها وتماثيلها، أثناء دخول أوائل جحافل العرب المسلمين إليها ... حتى ولو كان الإسلام منهم بريئا. فالمتأخرون يستندون إلى نصوص وأعمال الأولين من المسلمين.
2- الانحراف بالثقافة الإسلامية وطغيان الجهل الفكري عليها، والدعوة بالقضاء على دور المرأة في المجتمع، واعتبارها مقتصرة على إرضاء غرائز الرجال، وهي نفسها الثقافة التي تبحث عن النص القرآني، لتثبيت عمليات سبي النساء وبيعهن في أسواق النخاسة، والإسلام منهم براء.
3- البعد القومي العروبي العنصري، ولا نقصد المجتمع العربي، بل السياسيين والمثقفين الذين لا يزالون يمثلون الأكثرية بينهم، والملغيين للآخر.
إنه الإسلام السياسي، ابتداء من أقصى التطرف ومرورا بالسلفية إلى أرقى المنظمات الليبرالية فيها، من القاعدة والداعش والنصرة إلى الإخوان المسلمين، فتصريحات قادتهم ملأت قاعات عدة مؤتمرات سابقة للمعارضة، وكثيرا ما التقت مفاهيمهم وثقافتهم مع ثقافة البعث وسلطة بشار الأسد في هذا البعد العنصري، لهذا فالثورات الجارية هي للقضاء على هؤلاء مثلما هي للقضاء على الطغاة أمثال بشار الأسد الذين مهدوا البيئة الملائمة لتنمية الوباء العنصري القومي والمذهبي.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبراهيم هنانو والمقاتلات الكرد الجزء الأول
- ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء الحادي عشر
- أخطأت السعودية الهدف
- نتيجة ثقافة الائتلاف الوطني السوري
- الأمة الديمقراطية طمسٌ للقومية الكردية
- الواقع الاقتصادي في جنوب-غربي كردستان لمحة مقتضبة الجزء الأخ ...
- ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء العاشر
- الواقع الاقتصادي في جنوب-غربي كردستان لمحة مقتضبة الجزء الثا ...
- الواقع الاقتصادي في جنوب-غربي كردستان- لمحة مقتضبة- الجزء ال ...
- عندما يتخلى الكردي عن سلاحه
- مستقبل جنوب-غربي كردستان-الجزء الأخير
- مستقبل جنوب-غربي كردستان الجزء الأول
- لا تموت الثورات
- ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء التاسع
- ماتت الثورة!
- ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء الثامن
- ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء السابع
- خدعة ابنتي براف.. قصة واقعية
- ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء السادس
- ماذا فعل المربع الأمني في غربي كردستان؟ الجزء الخامس


المزيد.....




- بيرنز يعود إلى القاهرة وواشنطن تأمل -جسر الفجوة- بين حماس وإ ...
- -الماموث-.. -أكبر مكنسة- لامتصاص الكربون في العالم تدخل حيز ...
- بايدن يصرح لـCNN بنصيحة أوباما له بشأن الانتخابات المقبلة
- مناورة -غير عادية- لمقاتلات روسية قرب أمريكا.. ومصدر يوضح ال ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي دفن فلسطينيين في مقبرة جماعية داخل مجم ...
- الاتحاد الأوروبي يعلن عدم تجديد تفويض بعثة تابعة له لتدريب ا ...
- الرئيس الأمريكي يحذر إسرائيل من تعليق بعض شحنات الأسلحة إلى ...
- 5 دول تتجه للاعتراف قريبا بدولة فلسطين
- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - إبراهيم هنانو والمقاتلات الكرد - الجزء الثاني