أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - حرب الاستنزاف بين الحقيقة والوهم















المزيد.....

حرب الاستنزاف بين الحقيقة والوهم


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 23:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



بعد هزيمة الجيش المصرى أمام الجيش الإسرائيلى ، فى الحرب التى فرضها عبد الناصر على شعبنا فى شهر بؤونة/ يونيو1967، دارتْ بعض المعارك بين مصر وإسرائيل ، وتلك المعارك أطلق عليها النظام الناصرى – بقيادة الصحفى محمد حسنين هيكل – تعبير (حرب الاستنزاف) وكانت الرسالة المقصودة من هذا التعبير، أنّ القوات المسلحة المصرية (استنزفتْ) القوات المسلحة الإسرائيلية. واستمر هذا التعبير على ألسنة الناصريين والعروبيين وأغلب الماركسيين المصريين حتى كتابة هذه السطور، مع مطلع عام 2015. فإلى أى مدى كانت الحقيقة؟ وهل الجيش المصرى استنزف الجيش الإسرائيلى ؟ أم أنّ الوقائع تؤكد العكس ؟
إنّ النظرة المُـحايدة التى تستند على المعلومات ، تؤكد أنّ سلاح الطيران المصرى تصدى لبعض هجمات سلاح الطيران الإسرائيلى ، وأنّ سلاح البحرية المصرية حقــّـق بعض الانتصارات على بعض قطع البحرية الإسرائيلية ، وتلك الوقائع يجب الاعتراف بها ، للتأكيد على (حيادية) البحث . ولكن السؤال الذى يتغافل عنه الناصريون ، ومن مشىَ وراء توجهاتهم وأيّـد أيديولوجيتهم هو: أليست العبرة ب (النتيجة النهائية) لما أطلق عليها النظام الناصرى (حرب الاستنزاف) ؟ والسؤال بصيغة أخرى : كم حجم الخسائر بين الجيش المصرى والجيش الإسرائيلى ، من حيث عدد الجنود والضباط المصريين الذين فقدوا أرواحهم ، وعدد الجنود والضباط الإسرائيليين ، أو من حيث المعدات العسكرية ؟ والسؤال بصيغة ثالثة : هل دخل الطيران المصرى فى أعماق المدن الإسرائيلية ، كما دخل الطيران الإسرائيلى فى أعماق المدن المصرية ؟ والسؤال بصيغة رابعة : كيف يكون الجيش المصرى هو الذى (استنزف) الجيش الإسرائيلى، بينما الطيران الإسرائيلى اخترق المجال الجوى المصرى وقتل العديد من المدنيين، مثلما حدث عندما قذفتْ الطائرات الإسرائيلية مدرسة (بحر البقر) فى محافظة الشرقية وقتلتْ التلاميذ الأطفال ، وعندما قذفتْ مصنع (أبو زعبل) وقتلت العمال؟ ومع ملاحظة أنّ العدوان الإسرائيلى على مصنع (أبو زعبل) كان فى يوم 12 فبراير1970، أى قبل مبادرة روجرز بأربعة شهور (يونيو70) والتى قبلها عبد الناصر. ومع ملاحظة (ثانيًا) أنّ الطيران الإسرائيلى دمّر المصنع بالكامل ، وبلغ عدد القتلى من العمال 70 عاملا ، وعدد المصابين 69 عاملا (صحيفة الأهرام 12 فبراير2010- باب " فى مثل هذا اليوم " )
هذه الأسئلة – المُـستمدة من الوقائع – يتجاهلها الناصرين وأشباههم ، كما يتجاهلون السؤال الذى تكشف إجابته عن الحقيقة وتـُزيح الستار عن الوهم : إذا كانت (حرب الاستنزاف) لصالح مصر، وكبّدتْ إسرائيل الكثير من الخسائر فى الأرواح والمعدات ، كما زعم الإعلام الناصرى، فلماذا قبل عبد الناصر مبادرة روجرز فى شهر يونيو1970؟ ومع ملاحظة أنّ تلك المبادرة الأمريكية كانت البروفة التمهيدية لتوقيع معاهد كامب ديفيد ، بين مصر وإسرائيل ، والتى وقــّع عليها عن الجانب المصرى خليفة عبد الناصر (أنور السادات) وعندما أعلن عبد الناصر موافقته على تلك المبادرة الأمريكية ، هاجمته بعض الفصائل الفلسطينية والأنظمة العربية التى أطلق عليها الإعلام الناصرى/ العروبى (الدول التقدمية) و (دول المقاومة) خاصة عندما أرسل عبد الناصر رسالة إلى الرئيس الأميركى يوم أول مايو70 يحثه فيها على وقف العدوان الإسرائيلى على مصر، واختراق الطيران الإسرائيلى للمدن المصرية (الفيوم والمعادى وحلوان الخ) وعندما وجد عبد الناصر أنّ درجة الهجوم عليه بلغتْ أقصاها ، من الابتذال والاسفاف ، والاتهام بالتخاذل والانهزامية أمام إسرائيل ، وأنّ الهجوم جاءه من الأنظمة العربية التى دأب إعلامه على وصفها ب (التقدمية) و(المقاومة) مثل سوريا والعراق وليبيا والجزائر، لذلك اضطر (عبد الناصر) أنْ يُدلى بالتصريح التالى الذى كان صادقــًا فيه وكاشفـًا عن الحقيقة ومُمزقــًا لستائر الأوهام ، حيث قال ((إنّ المضى فى حرب الاستنزاف ، فى حين أنّ إسرائيل تتمتع بتفوق جوى كامل ، معناه – ببساطة – أننا نستنزف أنفسنا)) (نقلا عن د. عبد العظيم رمضان فى كتابه "حرب الاستزاف بين الحقيقة والافتراء"- هيئة الكتاب المصرية- عام 98- ص48)
كما أنّ الإعلام الناصرى/ العروبى يتجاهل أنه أثناء الحرب التى قال عنها إنها (استنزاف لإسرائيل) فإنّ قوة من الكوماندوز الإسرائيلى هاجمتْ محطة رادار مصرية فى (رأس غارب) واستطاعتْ تفكيك محطة الرادار المصرية (وكانت جديدة) وتمّ شحنها على إحدى الطائرات الهليكوبتر الإسرائيلية (المصدر السابق- ص37)
ورغم أنّ هيكل روّج لتعبير (حرب الاستنزاف) وأنها كانت لصالح مصر، فإذا به يعترف ((بقسوة التجربة النفسية ، التى تعرّض لها الجيش المصرى فى حرب الاستنزاف ، عندما تحوّل العدو، من غارات العمق وراء الجبهة ، وأخذ يصب جنونه على شريط رفيع من الأرض بمحاذاة الشاطىء الغربى لقناة السويس ، وبعرض 30 كيلو مترًا ، وعلى هذا الشريط المحدود الذى هو ركيزة الخط الأمامى من الجبهة المصرية ، كان متوسط غارات العدو اليومية 150 غارة ، ومتوسط معدل القصف 1200 طن متفجرات كل يوم ، ولأكثر من مائة يوم ، حتى استطاعتْ شبكة الصواريخ المصرية أنْ تــُسقط الطائرات الإسرائيلية فى الأسبوع الأول من شهر يوليو70 (المصدر السابق- ص26، 27)
ويجب ربط التاريخ السابق (يوليو70) بالزيارة التى قام بها عبد الناصر إلى الاتحاد السوفيتى بتاريخ 29يونيو70، وفى تلك الزيارة قال أمام القادة السوفيت ((إنّ القوات المسلحة المصرية تتعرّض لغارت إسرائيلية عنيفة جدًا بطائرات الفانتوم الأمريكية ، المُجهّـزة بمعدات الكترونية متطورة للغاية. وأنّ الهدف من تلك الغارات – وفقــًا لتصريحات موشى ديان – هو منع الجيش المصرى من استكمال استعداداته الهجومية لتحرير أراضينا المحتلة)) ثم أضاف عبد الناصر أنّ ((خسائرنا فى شهر مايو وحده بلغت حوالى ألف قتيل وجريح ، وأنّ الولايات المتحدة زوّدتْ إسرائيل بالأجهزة التى تستطيع تحديد مواقع الصواريخ والتشويش عليها لضربها بالطائرات ، يضاف إلى ذلك أنه من الخطأ القول بإمكان مواجهة مائة طائرة ميج لمائة طائرة ميراج وفانتوم ، لأنّ طائرة الميج تبقى فى الجو عشرين دقيقة ، فى حين تبقى طائرة الميراج الفرنسية فى الجو مدة ساعة كاملة، والفانتوم أكثر من ذلك ، وبدون إمداد مصر بأجهزة الحرب الالكترونية المتطورة فإنّ دفاعنا الجوى سيبقى ضعيفـًا)) وقال أيضًا أنّ ((مصر تقف عارية أمام غارات العمق الإسرائيلية ، وأنه أصبح من المستحيل حماية السكان المدنيين فى داخل البلاد)) وفى نهاية كلمته طلب من القادة السوفيت إقامة حائط صواريخ فعـّال يستطيع مواجهة غارات العمق الإسرائيلية. وإمداد مصر بطائرات قاذفة ثقيلة لردع إسرائيل إذا حاولتْ ضرب العمق المصرى مرة أخرى ، لأنّ الدفاع بدون قوة ردع يبقى دفاعًا ضعيفـًا)) (ص16، 77)
ويجب ملاحظة أنّ زيارة عبد الناصر للاتحاد السوفيتى فى يوليو70 سبقتها زيارة فى يوم 22 يناير70 وفى تلك الزيارة قال للقادة السوفيت إنّ ((مصر كلها تشعر بأنها بدون حماية ، وأنّ مئات العمال من المدنيين والعسكريين قد قــُــتـلوا ، وأنه من الضرورى إيجاد وسيلة لتمكين مصر من الوقوف فى وجه التفوق الإسرائيلى الجوى ، وهذه الوسيلة لا تتحقق إلاّ بواسطة الدفاع الجوى)) (المصدر السابق- ص15) فهذا اعتراف صريح من عبد الناصر بقتل المئات من المدنيين والعسكريين ، فلماذا لا يتعظ الناصريون وأشباههم من زعيمهم ؟ الذى لم يخجل من الاعتراف بالواقع وهو يُمزق ستائر الوهم عن أنّ حرب الاستنزاف كانت لصالح مصر- فى المحصلة النهائية- كما يزعم الناصريون وأشباههم. ولماذا لا يعترفون بأنه لولا دور الطيارين الروس ، لما أمكن وقف غارات الطائرات الإسرائيلية على مدينة الفيوم.
تلك هى وقائع (حرب الاستنزاف) فهل يمكن أنْ يأتى يوم على مصر، فيكون لدينا إعلام وتكون لدينا ثقافة سائدة تحترم عقل المواطنين ، لخلق جيل جديد ، فتـُرسّخ فى عقله أنّ البحث العلمى لابد أنْ يتجرّد (بقدر الامكان) من العواطف الشخصية ومن الأيديولوجيا السياسية والفكرية ، وبالتالى يستطيع فصل الحقيقة عن الأوهام ، وأنّ الاعتراف بما حدث ، سواء فى هزيمة بؤونه/ يونيو67، أو فيما يُسمى (حرب الاستنزاف) لا يعنى التقليل من شأن القوات المسلحة المصرية ، إنما يعنى إدانة للقيادة السياسية والعسكرية. وعلى حد تعبير أمين هويدى (قائد المخابرات العامة الأسبق) الذى قال فى مذكراته ((ليس هناك وحدة عسكرية رديئة إلاّ فى ظل قيادة رديئة)) وقراءة كتب التاريخ علــّمتْ العقل الحر أنّ المؤرخيْن البريطانييْن (جرانت وهارولد تمبرلى) كتبا عن الجيش الألمانى بأنه ((كان أعظم جيش دخل الميدان على الاطلاق سلاحًا وقوة)) ولم يتهم أحد من البريطانيين هذيْن المؤرخيْن بأنهما ضد بريطانيا وأنهما يقصدان تشويه تاريخ إنجلترا العسكرى . ولم يتهما أحد بأنهما يقصدان مدح العدو الألمانى.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابة التاريخ بين الرأى الشخصى والواقع
- الفرق بين القدر اليونانى والزمان المصرى
- توفيق الحكيم والوعى بالحضارة المصرية
- مراجعة لتاريخ الحقبة الناصرية
- كزانتزاكيس وصديقه زوربا
- آفة الآحادية وأثرها على البشرية
- التشريعات الوضعية تتحدى الأصولية الإسلامية
- العلاقة بين الواقع والفولكلور
- الإخوان المسلمون بين الشباب والشيوخ
- الفيلسوف والتخلص من آفة الثوابت
- الفلسفة والبحث عن التحرر
- خطاب التنوير (2)
- خطاب التنوير (1)
- قواعد اللغة والتنقيط فى القرآن
- الإكراه فى الدين إبداعيًا
- الخطاب الدينى : هل يقبل التجديد ؟
- اختلاف المصاحف (7)
- اختلافات المصاحف (6)
- اختلاف المصاحف (5)
- اختلافات المصاحف (4)


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - حرب الاستنزاف بين الحقيقة والوهم