|
الكلب الجميل ! قصة قصيرة حقيقية .
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4628 - 2014 / 11 / 9 - 10:56
المحور:
الادب والفن
الكلب الجميل!! ثمة بشر يدعون أن الحيوانات لا تفكر ! وهل يعقل هذا ؟ إليكم قصتي مع كلب الروائي السوري الصديق حيدر حيدر . أطال الله عمره من كتابي الذي صدر قبل بضعة أشهر " رسائل حب إلى ميلينا " من قصة ( موتي وقط لوسيان ) التي تتحدث عن علاقتي بالحيوانات وعن صداقتي للفرنسية لوسيان . ذكرني بذلك علاقة صديقة بكلبها :
كنت وزوجتي ( ألمانية ) نتنزه على شاطىء طرطوس ، وكان حيدر يقيم في كوخ بالقرب من الشاطىء. قلت لبيرجت ، لنذهب لزيارة حيدر ونعلمه أننا هنا. سرنا إلى جانب الشاطىء لعلنا نرى حيدر في البحر يصطاد سمكا كعادته. لم نره . سالنا صيادا كان يخيط شبكته إلى جانب البحر. أخبرنا أن حيدر خرج من البحر وهو الآن في المتنزه القريب. ذهبنا إلى المنتزه ، كان حيدر يجلس مع بعض أصدقائه ، وكان المنتزه يعج بالمتنزهين. ما أن صافحنا حيدر وضيوفه حتى سألت عن الكلب . قال حيدر أنه يحرس الكوخ . قلت سأذهب لأحضره . قال: سيأكلك ! قلت لست ممن تأكلهم الكلاب ، وسترى . وحين انصرفت راحت زوجتي تصرخ بعربية مشوبة بلكنة أوروبية ( محمود لا تجن ) لم اذعن لها ، وخرجت من المنتزه ميمما وجهي شطر كوخ حيدر ، سالكا طريقا شجرية . لم أر الكلب من قبل إلا مرة واحدة ، قبل أكثر من عام ، حين زرنا حيدر ليلا مع بعض الأصدقاء . ولا أظن أن الكلب تنبه لي ليتذكرني . ولا أعرف على ماذا اعتمدت حتى بت مقتنعا أنني سأتمكن من إحضاره . أظن أنها واحدة من الحماقات التي ارتكبتها في حياتي . ماذا سأفعل ؟ كيف سأحضر الكلب ؟ في البلدة كنت أحمل معي بعض الخبز لكلاب الفلاحين ، وما أن تهرع الكلاب نحوي حتى أشرع في إلقامها الخبز . لكن ماذا سألقم كلب حيدر وأنا لا أحمل شيئا ، ولا أظن أن الخبز سيجدي معه لو توفر . لم أكن خائفا على الإطلاق ، وحتى حينه لا أعرف لماذا كنت واثقا من قدرتي على تطبيق الكلب ، دون أن أعرف كنه هذه القدرة . ولا أعرف كيف وجدت نفسي أنادي من بين الأشجار بصوت عال ( فيدل فيدل فيدل ) وهذا اسم الكلب . لم أكن قد رأيت الكوخ بعد ، وبالتأكيد لم يكن الكلب قد عرف بقدومي قبل المناداه . هو بالتأكيد سمعني الآن ويصيخ السمع لمنادتي ، كلما اقتربت من الكوخ بخطوات متئدة . شاهدت أعلى الكوخ يطل من بين الأشجار. أبطأت من سيري وأنا أنادي الكلب . غير أنني لم اسمع أي نباح ولم ار الكلب أبدا. عجيب! ماذا أفعل ، أنا لا أريد الكوخ فلماذا أتقدم أكثر ؟ وبالتأكيد سمعني الكلب وربما تجاهلني . أصبح قرابة نصف جدار الكوخ في مواجهتي . توقفت ورحت أنادي الكلب دون أن أتحرك . كان الكوخ يبعد عني قرابة أربعين مترا على الأكثر. رحت أنظر تحت الأشجار لعلي أرى الكلب . لم أر شيئا . رحت أعيد النظر وأدقق تحت الأغصان الممددة فوق الأرض . شاهدت رأس الكلب ، كان يكمن بين الأغصان ملقيا رأسه على أماميتيه ويحدق نحوي بكل حدة بصره . لم أتوان على الإطلاق ، فما أن التقت عيوننا حتى هتفت بفرح شديد وأنا اوميء بيدي ( لك فيدل تع ! ) غير أن الكلب لم يحرك ساكنا ، ولم ينبس بأي صوت . كررت النداء والإيماء !دون جدوى . لا شك أن الكلب متوجس مني . خاطبته بندم ( ايه ! ما بدك ؟ باي ، أنا راجع لعند حيدر . خليك هون ) واستدرت وقفلت عائدا . سرت قرابة ثلاث خطوات والتفت لأنادي الكلب ثانية . لكن دون جدوى أيضا ! سرت خطوتين أخريين والتفت لأناديه ثالثة . وما أن ناديته بنفاد صبر مؤكدا له أنني لن أصحبه إذا لم يأت حالا ، حتى فز وانطلق نحوي كالسهم ، استدرت بكامل جسدي وثبت قدمي في الأرض وأشرعت صدري له فاتحا يدي على وسعهما . وثب نحوي من مسافة تقارب الأمتار الثلاثه ، لتطوق أماميتيه كتفي فيما خلفيتيه تتشبثان بحزامي ، الكلب وكأنه مصارع متمرس أي حركة تضمر سوءا مني ستجعل رأسي أو عنقي بين فكيه ! راح يتشمم وجهي يمينا ويسارا وكأنه سيقبل خدي فيما يداي تملسان على رأسه بكل حنو وأنا اميل برأسي أيضا لأعطيه خدي الآخر ! استمر الوضع قرابة دقيقة ، لا أعرف فيما إذا شم رائحة حيدر تنبعث مني ، أو أنه اطمأن لي . نزل عني وراح يتشمم الأرض وما لبث أن سلك الطريق الذي سلكه حيدر كما يبدو ، وهو الطريق الذي جئت منه . وحينها جزم أكثر أنني سأ صطحبه إلى صاحبه ، هكذا بدالي حين راح يذرع الأرض مرحا أمامي ويعود نحوي مبديا فرحة هائلة ! وما أن انهى استقباله لي حتى راح يعدو أمامي في الطريق الترابي متتبعا رائحة خطو حيدر . حتى حينه يا لوسي لم أكن أعرف أن الكلب يستطيع أن يميز رائحة خطو صاحبه حتى لو خالطها آلاف الخطوات ، وكنت من حماقتي وأنا فدائي في الأرض المحتلة أرد الآبار ليلا وأدور حول البئر عدة دورات ليختلط وقع أقدامي بأقدام الناس فلا تستطيع كلاب الأثر متابعة ملاحقتي . ليتبين لي الآن وأنا أتبع كلب حيدر أنني كنت جاهلا تماما ، فقد سبقني الكلب إلى المنتزه ودخل إليه وذهب في خط شبه مستقيم إلى مائدة حيدر ، رغم وجود متنزهين على جميع موائد المنتزه .أية قدرة رائحية هذه التي عند الكلب ، ثم هل تترك الخطوات في الصيف رائحة ما ؟ وكيف يستطيع الكلب تمييزها من مئات الروائح الخطواتية ؟ كان حيدر وضيوفه وزوجتي يحدقون إلي غير مصدقين ، فيما أنا أقف ضاحكا مزهوا بنصري ،رافعا يدي مشهرا ابهامي الأيمن دون باقي أصابعي . هاتفا لحيدر ( آه كيف أنا وياك ؟) وما لبث حيدر أن هتف ( يلعن أبوك راعي إبن راعي)!! أخذت طبقا من اللحم المشوي ورحت أطعم ضيفي فيدل ! ******
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صلاة الفذاذة العظمى ! قصة
-
السلام على محمود. أشعار في ديوان محمود درويش (لماذا تركت الح
...
-
الجنرال الزعيم . قصة قصيرة
-
السلام على محمود. أشعار في ديوان محمود درويش (لماذا تركت الح
...
-
أبناء الله . قصة
-
السلام على محمود. أشعار في ديوان محمود درويش (لماذا تركت الح
...
-
شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 22) - ( 883) الشباب ب
...
-
السلام على محمود. (1) فاتحة ! أشعار في ديوان محمود درويش (لم
...
-
ألخطار. قصة طويلة
-
شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 22) - ( 882) حوار الح
...
-
العبد سعيد. قصة.
-
نار البراءة . قصة في خمسة فصول !
-
شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 21) - ( 881) حوار الح
...
-
شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 20) في الدين والأخلاق
...
-
يوم مولدي .. يوم لدمشق
-
غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (الجزء
...
-
غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (الجزء
...
-
غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (11) ا
...
-
غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (10) ا
...
-
شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 19) تأملات وأقوال في
...
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|