أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سلام ابراهيم عطوف كبة - عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 23















المزيد.....



عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 23


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 4614 - 2014 / 10 / 25 - 02:41
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في 26/10/2014 يكون قد مضى عقد كامل على رحيل الدكتور ابراهيم كبة،العالم الاقتصادي المعروف والباحث الاكاديمي والمربي الاجتماعي والوزير السابق في اول حكومة بعد ثورة 14 تموز 1958.ولاطلاع الرأي العام العراقي على دوره السياسي والاقتصادي والاكاديمي في بلادنا نلقي الاضواء على جوانب هامة من نشاطاته ومؤلفاته!

-;- ابراهيم كبة والاقتصاد الاسلامي
-;- ملاحظات عامة حول مادة (التاريخ الاقتصادي)

-;- عام 1961،وعلى هامش زيارة له الى مدينة كربلاء لتفقد بعض المشاريع الاقتصادية،التقى الدكتور ابراهيم كبة وزير الاقتصاد في حكومة الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم المرجع الديني المعروف محمد الحسيني الشيرازي،ودار بينهما حديث مقتضب حول الاقتصاد الاسلامي،قام الشيرازي بذكر فحوى اللقاء وما دار فيه في الفصل الثاني عن العهد الجمهوري الاول من كتابه الموسوم"تلك الايام / صفحات من تاريخ العراق السياسي/مؤسسة الوعي الاسلامي / بيروت / 2000".ننقل للقراء نص الحوار الذي جرى بين الدكتور ابراهيم كبة والسيد الشيرازي،مثلما هو مدون في كتاب الشيرازي"تلك الايام / صفحات من تاريخ العراق السياسي"!.كان حوار بين شخصيتين،علمانية ودينية...
"....
وكان لنا لقاء مع وزير الاقتصاد فـي حكومة عبد الكريم قاسم"الظاهر أنه الدكتور إبراهيم كبة الذي يعتبره الشيوعيون ممثلهم في وزارة قاسم، وكانت الصحافة الشيوعية تشير إليه على أنه ممثل القوى الشعبية، وظلّ فـي الوزارة حـتى عام 1380هـ (1961م) ثم أُحيل على التقاعد"،وقد تمّ فـي مقبرة والدي في الحرم الحسيني (عليه السلام)،حيـث كـان مكان تدريسي ولقـاءاتي،وقـد حضـر هـذا اللقـاء لفيـف من الأصدقاء،وقد دونت مقتطفات مـن هـذا الحوار في منشور،قد وزّع في حينه على المعنيين.
وقـد ناقشت الوزيـر حـول موضـوع الاقتصاد الإسلامي،وقلت له:لمـاذا لا تقدمـون على تطبيق الاقتصاد الإسلامي؟
فقال:لي وقد بدت عليـه آثار التعـجب،ما هو الاقتصاد الإسلامي؟
قلت:الاقتصاد الإسلامي:اقتصـاد مستقل ليس اقتصاداً شيوعياً ولا اقتصاداً رأسمالياً ولا اقتصاداً اشتراكياً،بل لـه خصائص وميـزات معينة تفرزه عـن المذاهب الاقتصادية الأخـرى،وقـد كتب فقهاؤنا معالم هذا الاقتصاد في كتبهم.
قاطعني وفي حالة استغراب: مثلاً !
قلت:يقول الله سبحانه في محكم كتابه:( فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)،ثم أردفت قائلاً:انظر إلى احدى كتبنا الفقهية،فقد ضم هذا الكتاب أكثر من خمسين موضوعاً اقتصادياً.
ازداد تعجبه وقال في حالة دهشة!خمسين موضوعاً؟
قلت:نعـم،كتاب(جواهـر الكلام)يتضمن موضوعـات عـن البيع والرهـن والإجارة والإعارة والمساقات والمزارعة والمضاربة و...
وطفقت أعدد له عنـاوين المعامـلات فـي الفقه الإسلامي،فازداد انبهاره.
ثم افصح عن انبهاره هـذا بقوله:لم اسمع من قبل بكل الذي قلته.
اجبته:أمـر طبيعـي،إنـك لا تعرف شيئاً عن الاقتصاد الإسلامـي،لأنك لم تـدرس شيئاً عن هذا الاقتصاد في المدارس بكافة مراحلها،وعندما دخلت إلى كلية الاقتصاد درستَ كل شئ إلا الاقتصاد الإسلامي.
وإنك لو تصفّحت المنهج الدراسي فانك لا تجد شيئاً عن الإسلام بكافة حقوله،ولو وجدت شيئاً فهو صور ولقطات مشوّهة عـن التاريخ الإسلامي،عن الحروب والصراعات،وعن بطش الخلفاء وبطرهم،ومـا أشبه ذلك،وهـي أمـور ليس فيها أيـة فائدة لمن يريد التعرف علـى حقيقة الإسلام،بل هـي تسبب عنده الاشمئزاز والنفور.
أما الأمـور المفيـدة للمجتمع وبالأخـص الأمور الحياتية،فلا تجد في هذه الكتب شيئاً عنها.
لذا أرى من الضروري إضافة الاقتصاد الإسلامي إلى المناهج الدراسية وعلى الخصوص كلية الاقتصاد ليُدرَّس إلى جانب الألوان الأخرى من الأنظمة الاقتصادية،وشيئاً فشيئاً يتم تطبيق هذه القوانين،حـتى يتم إزالة الفقر والفاقة من المجتمع،فعند تطبيق الاقتصاد الإسلامي سوف لن تجد فقيراً ولن تجد شخصاً بدون مسكنٍ،وما أشبه ذلك.
وضربت له مثالاً ببلد أوربي وهو النَـرويج،وقلت له:في هذا البلد الأوربي ينعدم الفقراء،بينما تجد الفقراء والمساكين والمتكففين فـي بلادنا أينما ذهبت وبالمئات،ناهيك عن الفقـراء الآخـرين الذين لا يسألون الناس إلحافاً.
ثم ذكرت له قصة من التاريخ الإسلامي عـن مدينة( نيشابور)وكانت سابقاً مدينة علمية كبيرة وذات شأن كبـير في العالم الاسلامي وفيها كثـافة سكانية عالية،كما يظهر من رواية ورود الإمام الرضا(عليه السّلام)والتفاف أربعة وعشرين ألف عالم وصاحب قلم وتأليف حـوله ليكتبوا ويدونـوا الأحاديث التي يمليها عليهم،فأية مدينة كبيرة تلك التي يتواجـد فيها أربعة وعشرون ألف عالم في ذلك الزمان؟
دخل رجل فقير إلى هذه المدينة ولما كان فقيراً وجائعاً مدَّ يده إلى الناس طالباً منهم المساعدة، فلم يعطـه أحدٌ شيئاً،وقالوا له:ليس في بلدنا فقير ومحتاج،وإن أهل البلد لا يعطونك،لأنّ عطاءهم سيشجـعك على الفقر والفاقة.
فقال لهم:إني جائع،فدلوه على مكان يستطيع فيه أن يسدّ رمقه.
ثم قال لهم:أريد مكاناً للنوم.
فقالوا له:المكـان الـذي تطلبه مخـصص للعجزة والمعوقين،أما أنت فإن كنت منهم،فانهم سيعطونك مكاناً فـي تلك الدار ويمنحونك ما تحتاج إليه من طعام وكساء،أما إذا كنت قادراً على العمل،فانهم سيمنحونك فرصة الاشتغال والعمل.
ثم قالوا له:ليس فـي مدينتنا من يتكفف طالما كان كل شئ مهيئاً له.
وهو علـى ما يبدو حـال بقيـة البلاد الإسلامية لايختلف عن حال هذه المدينة.
إن التاريـخ يحدثنا أنه من كان يأتي إلى رسول الله(صلّـى الله عليه وآله وسلّم) كان يسأله سؤالين،ولا أعلم هل سؤال الرسـول(صلّى الله عليه وآله وسلم) علـى نحو الإحصاء أو التقريب؟
السؤال الأول:هـل أنت متـزوج؟ فإذا لم يكن متزوجاً كان يحثَّه على الزواج،وفـي كثير من الأحيان يقوم بتزويجه.
وقد ذكر صاحب المستدرك الرواية التالية: عن عكّاف بن وداعة الهلالي قال: أتيتُ إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)،فقال لي:يا عكّاف ألك زوجة؟
قلت: لا يا رسول الله.
قال: ألك جارية؟
فقلت: لا.
قال: وأنت صحيح موسر؟
قلت: نعم.
قال:إذاً أنت من إخـوان الشياطين،إما أن تكون من رهبان النصارى وإما أن تصنع كما يصنع المسلمون،وإن مـن سنّتنا النـكاح،شراركم عزّابكم،وأراذل موتاكم عزّابكم ـ إلـى أن قال ـ ويحك يا عكّاف،تزوج تزوج فإنك من الخاطئين.
قلت:يا رسول الله زوجني قبل أن أقوم.
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):زوّجتـك كريمة بنت كلثوم الحميري.
أما السؤال الثاني الذي كان يسأله رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):ما هـو عملك؟ فإذا عرف أنه لا عمل له، قال له: سقط من عيني.
عن ابن عباس:أنه كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):إذا نظر إلى الرجل فأعجبه، قال لهم هل له حرفة،فإن قالـوا لا: قال سقـط من عيني، قيل وكيف ذاك يا رسول الله،قال:لأن المؤمن إذا لم يكن له حرفة يعيش بدينه.
وكان (صلى الله عليه وآله وسلـم) يستخـدم شتى وسائل التحريـض والتشجيع لدفع الشباب إلـى العمل والمتاجرة.
وكان يقول لمن يأتـي إليه يسأله المال: (من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله)،وهذا كناية عن أن الأفضل للمسلم هـو العمل والمثابـرة وليس التكفّف والاستجداء.
وكما كان يكـرر عبارة:(اليد العليا خير من اليد السفلى)،حيث أن اليد التي تعطي دائماً هي يد عليا، بينما اليد التي تأخذ دائماً يد ذليلة وسفلى.
من هذا المنطق اهتم الإسلام بالاقتصاد ووضع حلولاً لمشاكل البشر الاقتصادية.
ثم خاطبـت الوزير:وأنتم من مصلحتكم إن أردتم البقاء،ومـن مصلحة البـلاد أن تفكـروا بتقدمها،وأن تطبّقوا بنود الاقتصاد الإسلامي واحداً تلو الآخر.
قال الوزير بعد أن أصغى لكلامي : الإسلام غير قابل للتطبيق.
قلت له:هذه العبارة يكررها الذين يجهلون حقيقة الإسلام في كل زمان ومكان. ثم أضفت: أي جزء من الإسلام غير قابل للتطبيق؟
هل وجدت شيئاً من الإسلام غير قابل للتطبيق؟
كلامك أيها الوزير يخالف مقولة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم):(حلال محمـد حلال إلـى يوم القيامة وحرامه حرام إلـى يـوم القيامة)،ليس في الإسلام بندٌ واحدٌ غير قابل للتطبيق.
صحيح أن هناك حالات نعمل فيها بقانون(لا ضرر ولا ضرار)أو قانون(الأهم والمهم)،وهـذا لا يعني خروجاً عن الإسلام بل يعـني الدخول من الإسلام إلى الإسلام،لان هذه القوانين من واقع وصلب الإسلام.
سمع الوزير كلامـي وقال: إنشاء الله سأخبر الزعيم عبد الكريم قاسم بهـذا الموضوع ثم قام وودعنا متوجها إلى بغداد......"

في دراستنا المعنونة"ثورة 14 تموز 1958 المجيدة والاقتصاد الاسلامي"وضحنا الآتي:
هل من وجود لمصطلح"اقتصاد سياسي اسلامي"او لنظرية اقتصادية اسلامية،تفسر وتهئ لقيام "نظام اقتصادي اجتماعي"مختلف نوعياً عن "الرأسمالية" و"الاشتراكية" في مستهل القرن الحادي والعشرين؟الاقتصاد الاسلامي هو مصطلح غير دقيق من وجهة نظر الاقتصاد السياسي!ويقف الزمن ضد المحدودية الدينية ومحاولات ارجاع التاريخ الى الوراء بأختلاق خرافات دينية جديدة ومتجددة او اسلمة المظاهر العصرية،والعقائد الدينية تمتلك اطر جامدة ضيقة تماما!فالعودة الى الماضي والبدائل الاسلامية ردود افعال على التخلف ودليل عمق ازمة المجتمعات المتخلفة!التخلف والبدائل الدينية يرتبطان بعلائق تاريخية!
الاقتصاد السياسي علم يعني بدراسة تطور علاقات الانتاج الاجتماعية بين الناس،اي العلاقات الاقتصادية بينهم،ويكشف عن القوانين التي تحكم انتاج الخيرات المادية وتوزيعها في المجتمع البشري في مختلف مراحل تطوره،ودراسة علاقات الانتاج في تفاعلها مع قوى الانتاج،وعلاقات الانتاج في تفاعلها مع البناء الفوقي اي مع الآيديولوجيات والنظرات والمؤسسات السياسية،والقوانين الاقتصادية الخاصة بمختلف انماط الانتاج المعروفة في التاريخ.والاقتصاد السياسي لا يعني ابدا بالانتاج بل بالعلاقات الاجتماعية بين الناس في الانتاج وبالنظام الاجتماعي للانتاج!
وبديهيا للجميع انه مثلما يكون نمط الحياة عند الناس يكون كذلك نمط افكارهم،وان المضمون الرئيسي للكيان الاجتماعي هو نشاط الناس في عملهم لانتاج الخيرات المادية،واساس التطور الاجتماعي يجب البحث عنه لا في وعي الناس بل في كيانهم الاجتماعي وفي تطور انتاج الخيرات المادية.ان تاريخ القوى المنتجة وعلاقات الانتاج يثبت موضوعيا ان بين هذه وتلك وحدة داخلية:وان مستوى معين للقوى المنتجة يتطلب علاقات انتاج"قبل كل شئ علاقات ملكية" معينة تماما.وبتعبير آخر فأن القوى المنتجة وعلاقات الانتاج مجتمعة تعين اسلوب انتاج الخيرات المادية،وهذا هو اساس قانون توافق علاقات الانتاج مع طابع القوى المنتجة،وهو قانون موضوعي ومحرك اساسي للتقدم التاريخي.اما منظومة علاقات الانتاج التي تشكل النظام الاقتصادي للمجتمع،هي بالذات اساس حياة المجتمع الروحية،والنظام الاقتصادي او ما نصطلح عليه البناء التحتي للمجتمع هو نوع من قاعدة يقوم عليها بناء فوقي من مختلف الافكار والنظريات الاجتماعية والعلاقات الآيديولوجية المتنوعة والمؤسسات السياسية والحقوقية والثقافية،وما بين البنائين وحدة داخلية ايضا:ومستوى تطور معين للنظام الاقتصادي يتطلب بناء فوقي مناسب،وهذا هو اساس قانون توافق البناء الفوقي مع طابع البناء التحتي للمجتمع،القانون الموضوعي الثاني المحرك للتقدم التاريخي..وفي كلا القانونين ترتبط الاطراف ذات العلاقة بوحدة عضوية ارتجاعية Feedback،وليس من المعقول ان نرجع كل الحوادث التاريخية الى الاقتصاد وحده،فالحياة الاجتماعية غنية والوانها متنوعة!
النظام الاجتماعي السائد هو الذي يحدد،ويتحدد بناء على طبيعة علاقات الانتاج الاجتمااقتصادية السائدة!والاقتصاد هو الطرائقية التي يتم بها انتاج السلع التي يحتاج اليها الفرد في حياته اليومية وفي اطار نمط معين من انماط الانتاج المختلفة التي تتحدد فيها طبيعة ملكية وسائل الانتاج التي تحدد بدورها طبيعة علاقات الانتاج،ولصالح من يذهب فائض القيمة مثلا!ووسيلة الانتاج لا يمكن ان تخص انصار عقيدة معينة دون بقية العقائد،ونجدها عند جميع الأمم والشعوب،في كل مكان وكل زمان!الاختلاف يحصل في مدى تقدم او تخلف علاقات الانتاج!
الاقتصاد يرتبط بنمط من انماط الانتاج المرتبطة بالتشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية التي تكون سائدة في بلد ما،وفي مرحلة تاريخية محددة تعكسها طبيعة التطور التي بلغتها تلك التشكيلة!وما تاريخ المجتمعات الا تطور وتبدل التشكيلات الاجتمااقتصادية.وعليه،الاقتصاد انتاج اجتماعي لا عقيدة له،بل نظام يرتبط بطبيعة الخيارات القائمة في المجتمع!والسلطات القائمة تعمل على تنفيذ تلك الخيارات خدمة للطبقة المالكة لوسائل الانتاج،وتسن القوانين التي تخضع الشعب وترغمه،وتستعبده بمختلف الوسائل القمعية،سواء كانت آيديولوجية او سلطوية للحريات العامة والخاصة!ومن هذه الوسائل القمعية الدين والطائفة لجعل الرعية يقبلون بكل اشكال الاستغلال باعتبارها قدر من عند الله،ليتحول الاسلام الى دين غير عادل،والتشيع الى طائفية مستبدة،وهو ما يتنافى مع حقيقة الاسلام الذي يحرص على تحقيق كرامة الانسان!والوعي الديني عموما ينتمي الى تشكيلات عديدة الا انه الشكل السائد من الوعي الاجتماعي في الحقب العبودية والاقطاعية بطوريها،التجزؤ والمركزية.
من هنا نحكم ان مصطلحات من قبيل الاقتصاد الاسلامي او الاقتصاد المسيحي او الاقتصاد العربي او الاقتصاد الكردي او الاقتصاد الشيعي او الاقتصاد العربي الاسلامي،كلها مصطلحات طوباوية واوهام من نسج الخيال لا وجود لها في عالم الاقتصاد الواقعي.فالاقتصاد الاسلاموي طرائقية آيديولوجية تسعى الى تضليل الناس الذين يدخلون في دوامة الاحلام بتحقيق العدالة الاجتماعية!وهذا لا يمنع من القاء الضوء على سعي الاسلام الى تحقيق الكرامة الانسانية في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بغض النظر عن نمط الانتاج السائد.
لا يوجد اقتصاد اسلامي،لكن يوجد "اقتصاد المسلمين"باعتبارهم مجموعة بشرية تمارس نشاطا اقتصاديا مصنفا في اطار احد انماط الانتاج المعروفة- عبودية،اقطاعية،رأسمالية ليبرالية او وحشية،اشتراكية.ووجب التمييز بين العقيدة التي تستلزم الثبات على الايمان والتشبع بالفضيلة والقيم النبيلة وبين العلاقات التي تربط بين الناس،سواء كانت تلك العلاقات اقتصادية او اجتماعية او ثقافية او سياسية،وهي علاقات معرضة لمختلف المؤثرات الجغرافية والتاريخية!التمييز بين الاسلام عقيدة وشريعة وفقه وبين ما للمسلمين من انظمة اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والقوانين الوضعية وما يخططونه لتحقيق مستقبلهم.
يبدو ان النظام الاقتصادي الاسلامي هو الاسلمة "الاخلاقية في الاساس"او اللبوس الاخلاقي الديني لكل نظام اقتصادي يقوم على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج!مثال على ذلك،ما يذكره المفكر الاسلامي حسن الشيرازي مؤسس الحوزة العلمية الزينبية،وهو اخ للسيد محمد الحسيني الشيرازي في كتابه"الاقتصاد":"لعله من المؤسف حقاً ان ينطلق علماء الاقتصاد الغربي من المفاهيم المادية اللا اخلاقية عن الحاجات التي ترغب فئات مختلفة من البشر في اشباعها فيعتبرون كثيراً من السلع التي تضر بصحة الانسان ووجوده الواعي سلعاً نافعة طالما انها تشبع هذه الحاجات.مثل الاسلحة والسكائر والمشروبات الكحولية والمخدرات التي يتعاطاها الشباب دون تصريح من الاطباء.لقد فقدت المنفعة مفهومها الانساني السليم واصبحت صبغة لجميع الأشياء التي تشعر بعض الفئات بالحاجة اليها والتي يقبل المنتجون على انتاجها وتوزيعها وفقاً لمفهوم الاقتصاد الحر،الأمر الذي يتعارض تماماً مع الرفاهية الاجتماعية بمفهومها الذي يقوم على تحريم الاعمال التي قد تحقق ربحاً لفئة من المجتمع وضرراً لفئات اخرى".ويقول ايضا(نفس المصدر السابق،ص236):"ان كل ما نص عليه القرآن وكل ما اوصى به النبي في احاديثه عن الشؤون الاقتصادية،يبين المبادئ الاقتصادية الرشيدة التي يجب ان يأخذ بها البشر جميعاً لتنظيم علاقاتهم ومبادلاتهم المرتبطة بتدبير امورهم المعيشية.والنصوص الاقتصادية الاسلامية لا يمكن ان تحقق اهدافها في تنظيم العلاقات الاقتصادية للبشر تنظيماً عادلاً ورشيداً الا اذا طبقت ضمن اطار اسلامي عام يقوم على قيم اخلاقية اسلامية وعلاقات اجتماعية اسلامية وطموحات اسلامية تأخذ في الاعتبار التوازن بين ما يستطيع الانسان ان يحققه في دنياه وما يجب ان يتركه لآخرته".
العدالة الاقتصادية الاسلامية اليوم لا تختلف جوهريا عن العدالة الاقتصادية الرأسمالية،والتباينات شكلية نتلمسها مثلا في "الضريبة"و"المنتوجات"بحسب ميزان الحلال والحرام كانتاج الخمور،و"اخلاق العمل والاستثمار"كالرفق بالعمال واحسان معاملتهم،و"المواضع الاقتصادية"التي لا يحق للفرد تملكها كالمناجم.والفارق الاساسي بين النظام الاقتصادي الاسلامي والنظام الاقتصادي الرأسمالي هو الموقف من الربا كظاهرة اقتصادية اجتماعية تاريخية!وكتجسيد لعلاقة استغلال بين انسان وآخر،يفرض بها الطرف الاول شروطا مجحفة على طرف ثاني يحتاج الى المال ليلبى حاجة اساسية له،كفائدة على هذا المبلغ!وتحريم الاسلام لـ "الربا" عالجها شكلا اصحاب الثروة عبر استثمار ثرواتهم النقدية مباشرة في التجارة وبقية اوجه الاستثمار الاقتصادي،لينتفي الرأسمال الربوي الطفيلي!يقينا ان الربا كظاهرة تاريخية نشأ مع ولادة المال كوسيلة لتبادل البضائع وللادخار!
تخدم البنوك الاسلامية التطور الطفيلي(ماهية الفرق بين سعر الفائدة (Rate of interest) والربا (usury) ) لأنها مؤسسات مالية تعمل من اجل الربح،فهي تجمع الاموال غير المستثمرة وتحولها الى اموال يمكن ان تستثمر،ليحصل صاحب المال غير المستثمر على فائدة،ويحصل صاحب المال المستثمر على فائدة،ومن خلال تنسيق العمليتين يحصل البنك ايضا على فائدة.والمرابحة والمشاركة والمضاربة،في النهاية،هي ارباح يتم الحصول عليها من تداول المال في السوق وليس في محراب التدين الاسلامي.
معروف ان الربا هو جوهر النشاط المصرفي الرأسمالي،ولا يوجد نشاط مصرفي اسلامي يختلف عن النشاط المصرفي الرأسمالي!اي ان البنوك الاسلامية ليست في الواقع سوى مؤسسات مالية رأسمالية يملكها كبار الاثرياء ويتأكد فيها الربا مهما سعت الى اظهار العكس!بل موضوعيا هي مضطرة الى تحليل الربا المحرم تحت مختلف المسميات"ايران سمته اتعاب"!والبنوك الاسلامية هي الأكثر استغلالا وربحها الطائل مستمد من اقتصاد السوق والعرض والطلب،ومن استغلالهم لخشية كثير من المسلمين من ان يقعوا في الربا!
الاقتصاد الاسلامي او اقتصاد المسلمين مثله مثل غيره من الاقتصاديات يقوم على التجارة والتي تعني تبادل المنتجات بين الناس (بيع وشراء)!وطالما انها تجري في ظل الملكية الخاصة فإنها لابد وان تصبح مصدرا مباشرا للدخل بالنسبة للتجار،وهدفها الرئيسي هو الربح،وحتى يتحقق الربح لا بد ان يبيع التاجر بسعر اغلى ما يمكن،وان يشتري بأرخص ما يمكن.بالطبع،تلقى التجارة التي تقف في طليعة التراتبية المهنية تشجيع الفقه والشريعة الاسلامية في عدم التسعير وترك الاسعار خاضعة لأوضاع السوق وتشجيع الاحتكار مما يسهم شئنا ام ابينا في تعميق التفاوت الاجتماعي وتوسيع نسب التضخم والتمركز المالي!وتتضمن الاحكام الفقهية المختصة بأصول الاتجار والكسب قيودا لا تتلائم مع مطلب النشاط التجاري الحر والمتساوق مع نزعة الربح المتأصلة في التجار.وتسهم المضاربات التجارية الدولية في نمو الروح الرأسمالية لدى الانظمة الاقتصادية الاسلامية الحاكمة ونخبها الأرستقراطية والاستحواذ على تراخيص التجارة مع الجميع!وهنا يتضح بجلاء ان التجارة في الاقتصاد الاسلامي خداع يجيزه القانون!
التضخم والغلاء وارتفاع الاسعار والركود والبطالة والفقر والافقار وانحسار فرص العمل وندرة الاستثمارات والافلاسات المتتالية والمديونيات هي اليوم اهم سمات ما يسمى بالاقتصاديات الاسلامية،خاصة في المنظومة البدوية الشرق اوسطية وايران والعراق وتركيا والباكستان...!وعليه ليس هناك شيء اسمه اقتصاد اسلامي منزه ومقدس ومنزّل ومعصوم،وبمنأى ومنجاة عن تقلبات السوق وتجاذباته والعوامل الاقتصادية الاخرى الصارمة!فمع الانفتاح العولمياتي وتداخل هياكل الاقتصاد ووجود الشركات المتعددة الجنسيات العابرة للقارات ذات الاذرع الاخطبوطية في كل زاوية من زوايا الاقتصاد العالمي،والناجم عنها ارتباط وثيق للبورصات والبنوك في جميع دول العالم،وارتباط اقتصاد الدول الاعضاء في منظمة الأووبك بالدولار الامريكي،والتداخل في كافة اشكال المتاجرة والمضاربة والتداولات،فإن الاقتصاد عبر العالم يخضع اليوم لقوانين السوق الواحدة الموحدة،ولا علاقة لها بالغيب وبالسماء وبخطاب الحكام،حيث تتشابك وتترابط وتتصل وتتداخل الاقتصاديات فيما بين بعضها البعض بمنظومة من العلاقات الادارية والاجرائية والبيروقراطية المعقدة تجعلها جميعها تتأثر هبوطا وصعودا ازدهارا او افلاسا.


-;- في مجلة الاقتصاد والعلوم السياسية/العدد الاول/الجامعة المستنصرية/1969،كتب د.ابراهيم كبة دراسته المعنونة"ملاحظات عامة حول مادة (التاريخ الاقتصادي)"جاء فيها نصا:
موضوع المادة – بعض المؤلفات الجامعية واساليبها- بعض اسماء المادة – بعض التفسيرات الاقتصادية للتاريخ الاقتصادي – موقع المادة من العلوم الاقتصادية - علاقة المادة بمادة(تاريخ الفكر الاقتصادي).

1- موضوع (التاريخ الاقتصادي)
يعني التاريخ الاقتصادي بدراسة تاريخ النشاطات الاقتصادية Activities كما تجري في الواقع او حسب تعبير اندريه بيتر(1)يعنى بتاريخ الحياة الاقتصادية Vie او بتاريخ الوقائع الاقتصادية Faits حسب تعبير مؤرخي الاقتصاد الفرنسيين(2)او بتاريخ الخبرات والتجارب الاقتصادية حسب تعبير شومبيتر(3)في كتابه (تاريخ التحليل الاقتصادي/الطبعة الثانية/ 1955/ص12-13) او بتاريخ تطور العمليات الاقتصادية كما هي متجسدة عبر الزمن Processes حسب تعبير اوسكار لانكه(4)او بكلمة مختصرة يدرس (التاريخ الاقتصادي) تاريخ تعاقب النظم الاقتصادية Economic Systems.

2- اساليب عرض المادة في المؤلفات الاكاديمية
باستعراضنا لأهم المؤلفات الاكاديمية في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي نلاحظ ان هناك عدة طرق واساليب لعرض الموضوع قد تستعمل بصورة انفرادية او في الغالب بصورة تجمع بين اكثر من اسلوب واحد.وفيما يلي نستعرض اهم الاساليب مع بعض الامثلة عليها من المؤلفات الاكاديمية الشائعة.

أ- دراسة التاريخ الاقتصادي حسب التقسيم الاكاديمي التقليدي للتاريخ العام الى عصور قديمة ووسيطة وحديثة مثال ذلك هيتن(5)مؤلف كتاب(التاريخ الاقتصادي لأوربا)حيث يستعمل هذا الاسلوب جزئيا في دراسة التطور التاريخي للاقتصاد الاوربي فيدرس على التعاقب الغرب القديم،الامبراطورية الرومانية،اوربا الوسيطة، التوسع الاوربي ... الخ. وعيب هذه الطريقة فضلا عن الغموض والشكوك الحديثة حول هذا التقسيم التقليدي للتاريخ هو اقتصارها على دراسة التاريخ الاقتصادي من زاوية الاطر التاريخية فقط ( زاوية شكلية) دون التعمق في محتويات هذه المراحل والاطر التاريخية او بعبارة اخرى اهمال دراسة النظم الاقتصادية نفسها في اطرها التاريخية.

ب- دراسة التاريخ الاقتصادي من زاوية القطاعات الاقتصادية(زراعة،صناعة،تجارة..الخ) واستعراض تاريخ كل قطاع على انفراد.وكمثال على هذا الاسلوب نشير الى برني(6)صاحب كتاب(تاريخ اقتصادي لاوربا/الطبعة السابعة)حيث يستعرض تاريخ اوربا الاقتصادي،خاصة في العصر الحديث وفق هذه الطريقة،فيدرس الثورات الزراعية والصناعية والتجارية والثورة في المواصلات وفي السياسة التجارية ثم الائتمان والمصارف والاستثمار ثم الحركات العمالية والنقابية والسياسية ثم الحركة التعاونية ونظام المشاركة في الارباح وقوانين الفقراء والضمان الاجتماعي والثورة الروسية ومستقبل الرأسمالية والامبريالية الاقتصادية.. الخ.ويلاحظ ان المؤلف يحشر في كتابه اقساما تدخل في الواقع في تاريخ الفكر الاقتصادي،وخاصة تاريخ الفكر الاشتراكي،وليس في التاريخ الاقتصادي.كذلك يستعمل(هيتن)هذه الطريقة جزئيا في كتابه السابق،فيعمد لدراسة كل قطاع اقتصادي بصورة منفصلة احيانا،كما فعل في دراسته للزراعة والصناعة والتجارة الخارجية والمؤسسات المالية..الخ.ان عيب هذه الطريقة يكمن اولا في تجزئتها للعملية الاقتصادية بصورة مصطنعة،وعدم ملاحظة الطابع العضوي الذي يوحد جميع قطاعات هذه العملية داخل النظام الاقتصادي الواحد،ثم يكمن ثانيا في استعراض تاريخ اجزاء من العمليات الاقتصادية تعود لانظمة اقتصادية مختلفة من دون ملاحظة وظائفها المتباينة داخل الانظمة المتباينة.ان استعراض تاريخ النقود مثلا(كمثال على هذه الطريقة القطاعية)يخفى تحته مفاهيم مختلفة تماما للنقود،وحسب الانظمة التاريخية.فقد تكون وظيفة النقود مجرد وسيلة لربط عملية التبادل،وقد تكون وسيلة لفصم العملية الانتاجية،كما هي الحال في نظام الانتاج السلعي البسيط او وسيلة للاستثمار كما في النظام الرأسمالي.وعليه فلا يمكن استعراض تاريخ النقود منفصلة عن تاريخ النظم الاقتصادية نفسها كما تفعل الطريقة القطاعية.

ج- الدراسة الاقليمية للتاريخ الاقتصادي اي استعراض هذا التاريخ من زاوية التوزيع الجغرافي للعملية الاقتصادية،او بعبارة اخرى تجزئة التاريخ الاقتصادي العام الى تواريخ اقتصادية للبلدان المختلفة.وكمثال على ذلك،نشير الى كتاب كول(7) المعروف(مقدمة للتاريخ 1750 – 1950)حيث يستعرض على التعاقب التاريخ الاقتصادي لانكلترا وفرنسا والمانيا والولايات المتحدة والشرق الاقصى وروسيا..الخ.ومن رأينا انه لا غنى عن هذه الطريقة(8)في اي اسلوب علمي لاستعراض التاريخ الاقتصادي،ولكن بشرط ان تستعمل الا كتجسيد او كتطبيق اقليمي لعملية تطور النظم الاقتصادية نفسها.اما اذا استعملت على انفراد او بصورة اساسية فانها تؤدي الى الانطباع الخاطئ في وجود انظمة اقتصادية تاريخية وتواريخ أقتصادية و قوانين للتطور الاقتصادي مختلفة نوعياً لكل بلد من البلدان،كما تفعل المدرسة التاريخية الالمانية(هلد براند مثلاً).او بعبارة مختصرة ان هذه الطريقة تخلط بين الاسلوب المناسب للتاريخ الاقتصادي واسلوب الجغرافية الاقتصادية (دراسة التوزيع الجغرافي للعملية الاقتصادية)وتهمل ما هو جوهري في التاريخ الاقتصادي،اي الطابع الموحد لقوانين التطور الاقتصادي في البلدان المختلفة.

د- الدراسة المقارنة للتاريخ الاقتصادي،اي دراسة النظم الاقتصادية الرئيسية من زاوية الدراسة المقارنة.و قد يعمد بعض المؤلفين الى مقارنة انظمة اقتصادية كاملة كما يفعل وولتر بكنكهام(9) في كتابه(النظم الاقتصادية النظرية – دراسة مقارنة)حيث يقارن بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي ككل.ولكن عيب الكتاب هو خلطه بين مفهوم النظام الاقتصادي كنظام انتاج واقعي وبين النظام الاقتصادي النظري كمجموعة من التحليلات النظرية للنظام الاقتصادي،او بكلمة اخرى خلطه بين التأريخ الاقتصادي والنظرية الاقتصادية.ويعمد المؤلفون الآخرون الى دراسة مقارنة لمؤسسات الانظمة الاقتصادية المختلفة كما يفعل(رالف بلوجت)(10) في كتابه(النظم الاقتصادية المقارنة)حيث ينصب اسلوبه في الدراسة على المقارنة لا بين النظم الاقتصادية ككل بل بين(المؤسسات)الاقتصادية في كل من النظم الاقتصادية.مثلاً يقارن بين المبادئ الاقتصادية ثم الحكومة ثم تنظيم الانتاج ثم الزراعة ثم آلية التبادل ثم المصارف ثم توزيع الدخل ثم وضع العمل ثم التجارة الخارجية ثم المالية العامة..الخ في كل من النظام الرأسمالي ممثلا في امريكا والنظام النازي الالماني والنظام الفاشي الايطالي والنظام الروسي وما يسميه النظام الاشتراكي الجزئي في بريطانيا.ان هذا الاسلوب قد يكون مفيدا من الناحية العملية،ولكنه مضر جدا من ناحية اهماله للطابع العضوي للنظام الاقتصادي،والمقارنة السطحية بين مؤسسات قد تكون لها وظائف مختلفة في الانظمة المختلفة.ان المؤسسات الاقتصادية كسائر المؤسسات الاجتماعية الاخرى هي جزء لا يتجزء من النظام الاجتماعي وتتفاعل بصورة عضوية مع سائر اجزاء النظام،وعليه فلا يجوز مقارنتها بمعزل عن المقارنة الكلية الشاملة للنظام.

هـ - دراسة مؤسسية Institutional للتاريخ الاقتصادي اي التركيز على تاريخ المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية،ومثال ذلك دراسة الاقتصاديين الامريكيين كولمان وسكنر(11)(النظام الاقتصادي – طبعة منقحة 1964).
وبالرغم من ان هذه الدراسة تضم فصلا نظريا مكرسا للمفاهيم والعلوم الاقتصادية وعدة فصول في علم الاقتصاد السياسي،الا ان اهم ما فيها هو دراسة تاريخ النظام الاقتصادي الامريكي من زاوية مؤسستيه الرئيسيتين،الملكية الخاصة ونظام الاسعار الحر Free Price – System . ولاشك ان دراسات المؤسسات الاقتصادية هي ضرورة حتمية لفهم التاريخ الاقتصادي،ولكن فهم هذه المؤسسات مستحيل من دون استكشاف ارتباطاتها المتبادلة بسائر مكونات النظام الاقتصادي.ان المؤسسات عادة هي مجرد شرائح من العلاقات الاجتماعية للانتاج تخضع لضوابط معينة قانونية او عرفية او اقتصادية..الخ.وعليه فلا يجوز دراستها بمعزل عن علاقات الانتاج والتوزيع اي الاساس الاقتصادي للمجتمع.ان دراسة سكنر تهمل في الحقيقة المفهوم العلمي للنظام الاقتصادي(نمط انتاج معين)فضلا عن مفهومها الخاطئ للرأسمالية(مفهوم قانوني شكلي)وخلطها بين الدراسة النظرية والواقع الاقتصادي.وقد اصاب شومبيتر(المرجع السابع ص 20)عندما جعل دراسة المؤسسات الاقتصادية او مايسميه السوسيولوجية الاقتصادية احد العناصر الاساسية في دراسة التاريخ الاقتصادي بوجه عام.

و – دراسة النماذج النظرية Economic models في التاريخ الاقتصادي،اي دراسة الخصائص الجوهرية للنظم الاقتصادية التاريخية(اقطاع،رأسمالية،اشتراكية..الخ)وتجريدها من التفاصيل غير المهمة،المتأثرة بالظروف المحلية الخاصة.ان هذا الاسلوب في دراسة التاريخ الاقتصادي هو خطوة اساسية لا غنى عنها لفهم جوهر الانظمة الاقتصادية الحقيقية التي تعاقبت على مر التاريخ،وذلك لتركيز النظر على ما هو مهم وجوهري واساسي في النظام المدروس.الا ان هذا الاسلوب لا يمكن ان يكون مكتفيا بذاته بل لابد ان تعقب عملية(التجريد) هذه Abstraction عملية اخرى هي تقريب هذا النموذج النظري الى الواقع الملموس واعادة صياغة الصورة الكاملة للنظام الواقعي بعد ادخال جميع التفاصيل الخاصة التي اهملت – كخطوة تمهيدية – عند صياغة النموذج النظري او حسب تعبير المنهجية العلمية لابد ان تعقب عملية التجريد عملية اخرى هي عملية(التقريب او التحديد المتعاقب)(12) اما اذا اكتفى المؤلف بدراسة النماذج النظرية وحدها كما يفعل الكثير من الاقتصاديين الاكاديميين فان دراستهم تكون مشوبة بعيب التجريد والبعد عن التاريخ الاقتصادي الحقيقي.ان مثالا ممتازا لحسن النماذج النظرية يمكن العثور عليه في دراسة (بول سويزي) المعروفة عن (نظرية التطور الرأسمالي) (13)، كما نستشهد على طريقة ناقصة في استعمال هذا الاسلوب هي دراسة بكنكهام المشار اليها سابقا.

ز – دراسة التاريخ الاقتصادي من زاوية النمو الاقتصادي Growth او بعبارة اخرى دراسة تاريخ النمو الاقتصادي.وكمثال على هذا الاسلوب نشير الى مؤلف(كلاف) بعنوان (التطور الاقتصادي للحضارة الغربية)(14) .
وهذه الدراسة الممتازة تدور حول مفهوم النمو الاقتصادي وتعقب مراحل النمو المذكورة عبر التاريخ في عصوره القديمة والوسطى والحديثة مع دراسة التاريخ لكل عصر من زاوية قطاعية( زراعة،صناعة،تجارة،ائتمان،مواصلات..الخ).والطابع العام لهذا الاسلوب هو الطابع التكنولوجي.وبالرغم من اهمية التكنولوجيا كعنصر من عناصر (قوى الانتاج) في تحريك التاريخ الاقتصادي،الا ان هدف هذا التاريخ في الواقع هو دراسة نظم العلاقات الانتاجية نفسها في تأثيرها وتأثرها بتطور قوى الانتاج،او بعبارة اخرى ان دراسة تاريخ الاقتصاد تتركز حول تأريخ التنظيم الاجتماعي للانتاج في تحولاته المتعاقبة نتيجة لتطور قوى الانتاج.

ج – واخيرا نشير الى اسلوب بعض انصار المدرسة التاريخية الالمانية في تقسيم التاريخ الاقتصادي الى مراحل تاريخية مختلفة Stufen تتميز كل منها بسيادة نظام اقتصادي معين،ولكن مع التأكيد على الطابع المثالي او الروحي الذي يميز الانظمة المذكورة عن بعضها البعض او بتعبير اخر تنسب هذه المدرسة المؤسسات والوقائع في الحياة الاقتصادية الفعلية الى السيكولوجيا او الآيديولوجيا او ماتسميه (الروح) Geist,Spirit الخاصة بالنظام،كما يفعل ماكس فيبر(1846- 1920) في كتابه (التاريخ الاقتصادي العام،الاصل الالماني،1923) (15) حيث يستعرض التاريخ الاقتصادي العام في اربعة اقسام،يبحث القسم الاول مرحلة الاقتصاد المنزلي والنظام العشيري والفردي والاقطاعي،ويبحث القسم الثاني مرحلة الصناعة والتعدين حتى بدايات الرأسمالية الحديثة،ويبحث القسم الثالث مرحلة التجارة والتبادل في العصر السابق للرأسمالية ويبحث القسم الرابع مرحلة جذور الرأسمالية الحديثة.والكتاب كله يدور حول محور وجود او غياب وتطور ما يسميه (الروح الرأسمالية).ويتابع فيبر في نفس الاسلوب،دون التقيد بنفس النتائج والآراء مؤلفون آخرون امثال فرنرسوميارت ( 1863-1941) في كتابه الضخم عن (الرأسمالية الحديثة)(16) والاشتراكي الديمقراطي ثوني في كتابه عن (الدين ونشوء الرأسمالية)(17)المتأثر مباشرة بمجموعة مقالات فيبر الشهيرة التي جمعت عام 1904 تحت عنوان (الاخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية).
اننا لا نشعر بحاجة لنقد هذا المفهوم (الروحي) للتاريخ الاقتصادي لانه يستند لمنهج يخالف على طول الخط اوليات المنهج العلمي الذي يتسم بطابعه المادي (بالمعنى الفلسفي) اي يشتق الافكار والمواقف النفسية وجميع عناصر الوعي Bevustsein من الوجود الواقعي للنظم الاقتصادية وليس العكس.ان (الروح) الرأسمالية،بأي معنى اخذت،هي نتيجة لنظام الرأسمالية،وليس العكس كما يذهب اصحاب هذا المنهج التاريخي،واللا تاريخي بالاحرى.ان جميع الطرائق الاكاديمية المذكورة في عرض التاريخ الاقتصادي مشوبة بعيبين مشتركين هما عيب التجزيئية من جهة،اي انها تركز على بعض جوانب العملية الاقتصادية مع اهمال الجوانب الاخرى ولا تأخذ بنظر الاعتبار وحدة هذه العملية وعيب اللا تاريخية من وجهة اخرى،اي انها تستعرض النشاطات الاقتصادية بشكل مطلق وليس في اطرها الاجتماعية والتاريخية.ان الطريقة الصحيحة في رأينا في عرض التاريخ الاقتصادي هي طريقة دراسة تطور وتعاقب النظم الاقتصادية(نظم الانتاج والتوزيع) بسائر مقوماتها العلمية وفي اطرها الاجتماعية والتاريخية وهذا ما يفعله عادة مؤرخو الاقتصاد الاشتراكيون.

3- بعض اسماء المادة :
ان التاريخ الاقتصادي يدرس في الجامعات عادة تحت اسماء مختلفة،كما ان مؤلفات التاريخ الاقتصادي قد تتخذ لها عناوين متباينة.وفيما يلي نشير الى بعض الاسماء والعناوين الهامة،مستشهدين بأمثلة من المؤلفات المعروفة وخاصة الاكاديمية منها.
أ- مؤلفات بأسم (التاريخ الاقتصادي)،نذكر كأمثلة عليها (18)
هيتن- التاريخ الاقتصادي لاوربا.
برني – تاريخ اقتصادي لاوربا.
ماير – دراسات في التاريخ الاقتصادي.
كول – مقدمة للتاريخ الاقتصادي.
هنري سي – تاريخ فرنسا الاقتصادي.
امبير – التاريخ الاقتصادي من الاصول حتى 1789.

ب- مؤلفات بأسم (التاريخ الاقتصادي العام)،نذكر كأمثلة عليها (19)
ماكس فيبر - التاريخ الاقتصادي العام،ترجمة نايت بالانكليزية.
كونوف – التاريخ الاقتصادي العام،بالامانية في اربعة مجلدات.

ج- مؤلفات بأسم (تاريخ الوقائع الاقتصادية)،نذكر كأمثلة عليها (20)
اندريه فيليب- تاريخ الوقائع الاقتصادية من 1800 حتى اليوم.
نيفو – تاريخ الوقائع الاقتصادية.

د- مؤلفات بأسم تاريخ العلاقات الاقتصادية : مثال ذلك كتاب المؤرخ الاجتماعي البولوني كرزيفسكي بعنوان(تطور العلاقات الاقتصادية)،وارشو،1912.

هـ - مؤلفات تبحث تاريخ النظم الاقتصادية: وقد اشرنا سابقا لبعض المؤلفات الامريكية بهذا الاسم،ونضيف اليها الآن كتاب لانداور (21) (النظم الاقتصادية المعاصرة) 1963،وكتاب بورنشتاين (22)(النظم الاقتصادية المقارنة)،طبعة ثالثة،1966..وكتاب هرسكوفتس(23)(دراسة في النظم الاقتصادية المقارنة)،1952.

و- مؤلفات تبحث تاريخ النظم الاقتصادية الاجتماعية:مثال ذلك كتاب لنفس المؤرخ البولوني المذكور كرزيفسكي بعنوان(النظم الاقتصادية – الاجتماعية في عهد الوحشية والبربرية)وارشو،1912.

ز- مؤلفات في تاريخ التطور الاقتصادي والاجتماعي،مثال ذلك كتاب (كلاف) المشار اليه سابقا،وكتاب رجر سولتو(24)القيم (خلاصة للتطور الاقتصادي الاوربي)1935،وكتاب موريس دوب المشهور(التطور الاقتصادي السوفييتي)(25)طبعة ثالثة 1953،وكتابه الآخر الرائع(دراسات في تطور الرأسمالية(26)طبعة 1963)والمؤلفات الاشتراكية السوفييتية الجماعية(خلاصة للتطور الاجتماعي(27)جزءان،و(المجتمع الانساني)(28)و(الانسان والعلم والمجتمع)(29).

ح – مؤلفات تبحث في التاريخ الاقتصادي تحت اسماء اخرى لاتدل على ذلك في الظاهر،مثال ذلك اكثر الكتب الاشتراكية التي تبحث في الاقتصادي السياسي،كمؤلف لانكه المشار اليه سابقا وكتاب الاشتراكي البريطاني جون ايتن(30)(الاقتصادي السياسي)والمؤلف الجماعي السوفياتي(مختصر الاقتصاد السياسي،1955)(31)،وكتاب المونتيف(32)بنفس الاسم وكتاب موريس دوب(الاقتصاد السياسي والرأسمالية)(33)..الخ.ومن الجدير بالذكر ان الاقتصادي الفرنسي جان مارشال كرس القسم الاول من مطوله(مطول الاقتصاد السياسي)(34) للتاريخ الاقتصادي وتاريخ الفكر الاقتصادي على السواء.وكذلك الكتب التي تبحث في التاريخ الاقتصادي ضمن دراسة تواريخ الفكر الاقتصادي وهي من الكثرة بحيث لا نجد جدوى لذكر الامثلة.تراجع مذكراتنا في(تاريخ المذاهب الاقتصادية)لطلبة الصف الثالث هذا العام.

4- بعض النظريات الاكاديمية حول مراحل التاريخ الاقتصادي :
قبل ان نتطرق الى النظرية الاشتراكية في تحديد مراحل التطور الاقتصادي (نظرية نظم الانتاج الاشتراكي) نرى من المناسب الاشارة بكل اختصار الى بعض النظريات الاكاديمية الشائعة حول مراحل التاريخ الاقتصادي لامكان اعطاء تقييم صحيح للنظرية الاشتراكية على ضوء الفكر الاقتصادي العام.وسنختار من بين النظريات الاكاديمية بعض نظريات التفسير الاقتصادي فقط تاركين النظريات الاخرى(الجغرافية او السكانية او الدورية Cyclicalاو الجيوبوليتيكية او الميتافيزية..الخ) لطابعها اللاعلمي الواضح.

أ – نظرية فون لست حول مراحل التاريخ الاقتصادي القومي :
يمثل الاقتصادي الالماني فردريك لست (1789- 1846) وهو احد رواد المدرسة التاريخية الالمانية والمدرسة الرومانتيكية ومؤسس المدرسة الوطنية فيها،يمثل رد الفعل (الوطني) او القومي للمدرسة الكلاسيكية الانكليزية.ويقوم نظامه الفكري المشروح في كتابه (النظام الوطني للاقتصاد السياسي)(35) 1841 على ثلاثة اركان: ركن نظري او قانوني يستند الى فكرة العدالة في التبادل،التي تقتضي (المساواة في المركز) بين المتبادلين.واستنادا لهذه الفكرة هاجم النظرية الليبرالية الكلاسيكية، خاصة حرية التجارة Free Trade لانها تخفي التفوق بل الاستعمار البريطاني(36). وركن عملي اي يتصل بالسياسة الاقتصادية، ومفادها ضرورة (الحماية) Protectionism كوسيلة للامة الضعيفة لاجتياز حالة التخلف عن طريق تطوير القوى الانتاجية Producktiven Krafte وبلوغ المساواة في المركز المشار اليها في الركن الاول.اما الركن الثالث فهو تاريخي والمقصود به تأكيد حقيقة عدم المساواة في مستوى التطور التاريخي بين الامم، واستنادا لهذا الركن طرح لست نظريته الشهيرة في المراحل التاريخية الخمس(37) التي تمر بها كل امة سوية Normal وهي المرحلة الوحشية التي تعتمد على الصيد البري والمائي Jagd and Fisherie ومرحلة الرعي Viezucht والمرحلة الزراعية الصناعية Ackerbau–Industrie والمرحلة الزراعية الصناعية التجارية Ackerbau –Industrie - Handel ،وليس في مقصودنا بيان جوانب القوة والضعف في نظرية لست(38)،ولكن لابد من الاشارة الى ان هذه النظرية تستند الى اعتبار (تقسيم العمل)،العامل الحاسم في التطور الاقتصادي.وبالرغم من الاهمية العظمى لهذا العامل فعلا كما دلل على ذلك آدم سميث على الاخص وقبله افلاطون وارسطو،الا ان هذا العامل لا يمكن ان يكتسب دلالته الا ضمن نمط العلاقات الانتاجية بمجموعها،اي في الاطار الاقتصادي الاجتماعي، وعليه فيجب ان تنصب جهود جهود المؤرخين الاقتصاديين على دراسة تعاقب الانظمة الاقتصادية (انظمة الانتاج والتوزيع) بجميع عناصرها التكنولوجية والاجتماعية بما في ذلك تقسيم العمل. ان الاطار (القومي) للاقتصاد مهم دون شك ولكنه يبقى مجرد اطار للمحتوى الاقتصادي الاجتماعي، الذي يكمن في نظام الانتاج والتوزيع القائم في المرحلة التاريخية المعينة، وهذا ما اغفله لست واغلب اقطاب المدرسة التاريخية.

ب- نظرية هلدبراند حول مراحل التطور الاقتصادي للامم:
يعتبر برونو هلدبراند (1812- 1878) احد الثالوث الذي اسس المدرسة التاريخية الالمانية الاولى (القديمة) في الاقتصاد Altere Historische Schule وقد هاجم المدرسة الكلاسيكية البريطانية في كتابه(الاقتصاد السياسي للحاضر والمستقبل)(39)1848 بسبب سيكولوجيتها التبسيطية القائمة على نظرية الانسان الاقتصادي Homo Economicus اي الانسان المدفوع بالدوافع الاقتصادية وحدها،وكذلك بسبب اتجاهها لاقامة قوانين اقتصادية (طبيعية) اي عامة تنطبق في كل زمان ومكان Allgemein Gultiq في حين ان علم الاقتصاد في نظره يجب ان ينصرف فقط لاقامة قوانين للتطور الاقتصادي للامم Entwickbungsgesetze اي قوانين ذات طابع تاريخي فحسب(40)،او بعبارة اخرى يرى هلد براند ان مهمة علم الاقتصاد يجب ان تقتصر على دراسة التاريخ الاقتصادي(41)،او حسب تعبير الاقتصادي الالماني شتافنهاكن (42)،دراسة قوانين التطور الاقتصادي للامم.وقد اقترح هلد براند استنادا لهذا المفهوم لعلم الاقتصاد نظريته الشهيرة حول المراحل الثلاث للتاريخ الاقتصادي وهي مرحلة الاقتصاد الطبيعي Naturalwirtschaftومرحلة الاقتصاد النقدي Geldwirstchaft ومرحلة الاقتصاد الائتماني Kreditwirtschaft،هذا بالاضافة الى رأيه في ان الاقتصاد لا يجب ان ينظر اليه كعلم طبيعي بل كعلم اخلاقي Ethische Wissenschaft او حسب تفسير البعض كعلم ثقافي(43).
ان نظرية هلدبراند،فضلا عن النقد الذي وجه اليها من ناحية عدم انطباقها على وقائع التاريخ الحقيقي،اثبت التاريخ الاقتصادي ان استعمال الائتمان سبق استعمال النقود المعدنية،فمثلا استعمل الفراعنة الائتمان منذ الالف الثانية ق.م. بينما لم تستعمل النقود المعدنية قبل القرن الثامن ق.م. اقول،فضلا عن ذلك فهي تستند الى نظرة سطحية للاقتصاد مفادها ان (التبادل) هو المحور الاساسي لهذا العلم،في حين ان التبادل ما هو الا (شكل تاريخي) من اشكال التوزيع،لم يكن قائما في المراحل التاريخية الاولى بل ظهر تاريخيا بعد ظهور الملكية الفردية للمنتوجات ووسائل الانتاج وارتفاع مستوى تقسيم العمل،ولن يبقى قائما في المستقبل بعد اختفاء مستلزماته التاريخية،بل ان التوزيع نفسه يتقرر من حيث الاشكال والوسائل بنظام الانتاج.ان التاريخ الاقتصادي هو تاريخ نظم الانتاج،من حيث الاساس،وليس نظم التوزيع او التبادل الا بالتبعية،وهذا ما يهمله هلدبراند والتاريخيون عموما.كما ان مفهومهم الخاطئ للقوانين الاقتصادية كمجرد قوانين وصفية تاريخية (اي قوانين للتاريخ الاقتصادي) وليست قوانين علمية نظرية تحليلية،يستند لخطأ منهجي كبير هو فصلهم المطلق بين علم التاريخ (والاقتصاد فرع منه في نظرهم) والعلوم البحتة،في حين ان الصحيح هو ان العلوم الاجتماعية عامة (ومنها التاريخ والاقتصاد معا) لا تختلف عن العلوم الطبيعية من ناحية طبيعة القوانين وموضوعيتها،بل هي تختلف عنها من ناحية تاريخية القوانين فقط اي انطباقها في المرحلة التاريخية المعينة وليس في كل زمان ومكان،وكذلك من ناحية انسانيتها اي ضرورة تدخل الارادة البشرية لابرازها لحيز التطبيق مقابل تلقائية عمل القوانين الطبيعية.ان المدرسة التاريخية بانكارها النظام النظري للقوانين الاقتصادية وفصلها النظرية عن التاريخ بشكل مطلق انما تنكر في الواقع وجود (علم) للاقتصاد،وتقصر دراسة الاقتصاد على مجرد تجميع المعلومات عن التواريخ الاقتصادية للامم،وبهذا تحكم على نفسها بالعقم والعجز عن معالجة المشاكل الاساسية في النظام الاقتصادي كمشاكل الاستثمار والتخلف والنمو والتغير والتقلبات والتوزيع..الخ(44).كما ان تركيز هذه المدرسة على الطابع القومي للاقتصاد متأثرة بلا شك بفلسفة هيغل Hegel السائدة في المانيا حينذاك ضيق من نظرتها للطابع الاجتماعي للنظام الاقتصادي وجعلها تنظر للقوانين الاقتصادية وكأنها قوانين للتطور القومي فحسب (كقوانين اللغة والثقافة مثلا)بدل ان تكون قوانين لتطور النظم الاجتماعية.ان هلد براند بالذات حدد غرضه في مقدمة كتابه المشار اليه اعلاه في انه تحويل علم الاقتصاد(لمذهب قوانين التطور الاقتصادي للامم) Okonomischen Entwicklungs Geesetzen Der Volker (راجع جيدو لست،تاريخ المذاهب الاقتصادية،الطبعة السابعة 1947)(45)،وبهذا نظر هلدبراند للامة كعامل عازل يحول دون عمومية تطبيق القوانين الاقتصادية التاريخية(راجع تقييما للمدرسة التاريخية في كونار- تاريخ المذاهب الاقتصادية،الطبعة الخامسة 1947 الفصل الرابع (46)،وكذلك مؤلف بوفيه آجام (47)تاريخ المذاهب الاقتصادية،1952،ص 215).

ج – نظرية موركان مراحل التطور الاقتصادي بفعل تطور ادوات الانتاج :
سوف نتطرق الى هذه النظرية بشئ من التفصيل عند عرضنا لنظام المشاعية البدائية،ونكتفي هنا بالقول بأن الانتربولوجي الامريكي هنري موركان Morgan كان من اوائل من ركز على اهمية العوامل التكنولوجية(تطور ادوات الانتاج) في نشوء وتطور وانحلال النظم الاقتصادية.وقد شرح في كتابه(المجتمع القديم،1877) المراحل التي مرت بها المجتمعات القديمة في اقطار مختلفة حتى ظهور الحضارات القديمة في المجتمعات الطبقية.وهذه المراحل هي اولا مرحلة الوحشية (جمع الطعام) ومرحلة البربرية (انتاج الطعام) ومرحلة الحضارة (ظهور المجتمع الطبقي).وقد قسم كلا من المرحلتين الاوليتين الى مراحل فرعية ثلاث سوف نتطرق اليها فيما بعد.ان نظرية موركان كانت احد المصادر الاساسية للنظرية الاشتراكية في تفسير التاريخ وذلك بتأكيدها على عامل قوى الانتاج باعتباره الحافز الاولي للتطور الاقتصادي والاجتماعي.ولكن النظرية اذا اخذت على اطلاقها فانها من دون شك وحيدة الجانبOne – Sided لان التقدم التكنولوجي نفسه مشروط دائما بالمحيط الاجتماعي وخاصة نوعية التنظيم الاقتصادي(علاقات الانتاج).ان النظرية الاشتراكية انطلاقا من نظرية موركان ومن مصادر فكرية واجتماعية كثيرة اخرى(الجدل الهيغلي،المادية الفرنسية،الفويرباخية،الكلاسيكية الانكليزية،الداروينية،ومجموع التقدم العلمي في القرن التاسع عشر)استطاعت صياغة نظرية متكاملة للتفسير الاجتماعي تأخذ بنظر الاعتبار مجموع العوامل الاجتماعية المتفاعلة،مادية وفكرية،فتتجنب بذلك جميع النظرات الوحيدة الجانب الشائعة في الفكر الاجتماعي الاكاديمي الحديث.لقد كانت نظرية موركان خطوة كبيرة الى الامام بالنسبة للتفسيرات الخرافية الشائعة حينذاك عن الانسان القديم والمجتمعات البشرية الاولى .

د – نظرية بوخر في تطور الوحدات الاقتصادية :
كارل بوخر(1847- 1930) هو احد اقطاب المدرسة التاريخية الالمانية او الجديدة او الفتية او المتأخرة كما تسمى احيانا Die Jungere Historische Schule بجانب شمولر وماكس فيبر وبرنتانو وسومبارت..الخ.وقد ذهب في كتابه (نشوء الاقتصاد،1893) (48) الى ان الاقتصاد مر بثلاث مراحل تاريخية هي مرحلة الاقتصاد المنزلي فمرحلة اقتصاد المدن فمرحلة الاقتصاد الوطني.وقد طور نظريته هذه في كتاب آخر له بعنوان(الثورة الصناعية،1901).وقد كان لهذه النظرية تأثير كبير في صياغة بعض نظريات المدرسة الاقتصادية الامريكية المعروفة بالمدرسة النظمية او المؤسسةInstitutional (فبلن،كومنز،ميتشل..الخ)وخاصة في كومنز Commonsكما يؤكد بعض الاقتصاديين المعاصرين(49).
ومن الواضح ان هذه النظرية قديمة قدم الفكر اليوناني وقد اشار اليها بوضوح افلاطون وارسطو،كما ان تحليلات آدم سميث لتقسيم العمل وتطور انتاجيته تفترضها ايضا.ان النظرية سليمة اذا كانت جزءا من نظرية اشمل تتناول تطور النظام الاقتصادي كمجموع،بعناصره الكمية والنوعية.اما اذا اضفى طابع الشمول والاطلاق عليها فتصبح مجرد نظرية آلية سطحية.ان الفروق بين المراحل التاريخية للتطور الاقتصادي لا تقتصر على الفروق الكمية(مجرد اتساع النطاق الاقتصادي من المنزل الى القرية فالمدينة فالدولة فالنطاق العالمي)بل ان هذه الفروق في جوهرها فروق نوعية،فروق في نوعية العلاقات الانتاجية الاجتماعية،وخاصة العلاقات بين العمل ومالكي وسائل الانتاج.ان ما يميز العصور الوسطى مثلا عن العصور الحديثة هو ليس مجرد اتساع النطاق الاقتصادي بل هو طابع القنانةSerfdom في الاولى وطابع العمل الاجير Wage-System في الثانية،بل ان توسع الاطر الاقتصادية بالذات لم يكن من الممكن ان يتم تاريخيا الا بعد حصول التغير النوعي في العلاقات الانتاجية.ولهذا السبب بالذات اي بسبب الطابع الميكانيكي لنظرية بوخر هاجمها حتى بعض اقطاب المدرسة التاريخية نفسها وخاصة سومبارت(50)،فضلا عن نقد الاقتصاديين المعاصرين(مثلا:اوليفيه لروا في مقالته – مقدمة لدراسة الاقتصاد البدائي)(51).

هـ - نظرية روستو في مراحل النمو الاقتصادي :
يرى الاقتصادي الامريكي وولتر وتمان روستو في كتابه (مراحل النمو الاقتصادي)(52) بأن جميع الاقطار تمر في تطورها الاقتصادي بخمس مراحل تفضي كل مرحلة دنيا منها الى المرحلة الاعلى،وهذه المراحل هي التالية:

1- مرحلة المجتمع التقليدي : Traditional وتتميز بركود المجتمع وتخلفه المادي والفكري.ان الانتاج وبالتالي الانتاجية فيه ضعيفة جدا وتستند الى العلم والتكنولوجيا السابقتين للعصر العلمي الذي بدأه نيوتن (1642-1727)،كما انه يتميز ببدائية وسائل الانتاج وجمود التركيب الاجتماعي وغلبة الزراعة ومحدودية نسبة النمو للشخص الواحد Per Capita Output وتشمل هذه المرحلة اوربا الغربية الى زمن نيوتن.ولا تزال كثير من اقطار العالم راكدة في هذه المرحلة.

2- مرحلة الشروط المسبقة للانطلاق : Perconditions of Take – off
وهي مرحلة انتقالية للمجتمع Transitional تتجمع فيها ببطء شروط الانطلاق الاقتصادي من تطور الرأي وانتشار افكار امكانية التقدم استنادا للعلم،الى تأسيس البنوك والشركات سعيا وراء الارباح والمخاطرة الى تحول مركز السلطة الى المجددين في الانتاج والاستثمار الى دخول الشركات الفردية في الميدان الزراعي الى اقامة الرأسمال الاجتماعي اي بناء الاساس المادي لمواصلة التطور الاقتصادي.ومن الناحية السياسية تتطور القوميات وتنشأ الدول المركزية في هذه المرحلة.وفي كثير من بلدان العالم لم ينتقل المجتمع من المرحلة التقليدية الى المرحلة الثانية الا بفضل الغزوات الاجنبية التي تهز المجتمع التقليدي وتزعزع اركانه.

3- مرحلة الانطلاق: Take off
وتتميز بحدوث ثورة صناعية حقيقية بعد اجتياز جميع العقبات التي تحول دونها بصورة نهائية،من شأنها ان تؤدي الى تحول النمو بمعدلات متزايدة الى الحالة الطبيعية للاقتصاد.تتميز هذه المرحلة بغلبة قوى التقدم على القوى المعارضة له بشكل حاسم وكذلك بالتجديد في المؤسسات والتكنيكات والآراء والصناعات،وبزيادة نسبة الادخار والاستثمار الى 10% فاكثر من الدخل القومي،هذا بالاضافة الى نشوء صناعات تتوفر فيها نسبة النمو المذكورة،مع اقامة الاطر الاجتماعية التي تسهل استمرار هذه النسبة للنمو.ان هذه المرحلة تنشأ نتيجة فعالية بعض الحوافز الحادة Sharp Stimuli المرافقة لها،كثورة سياسية مثلا (ثورة 1848 في المانيا وحركة الميجي Miji في اليابان عام 1868 وثورة الاستقلال الهندية وانتصار الثورة الشيوعية في الصين..الخ او ثورة تكنولوجية تثير سلسلة من الافعال وردود الافعال المواتية،او ظروف دولية ملائمة كارتفاع مفاجئ في اسعار التصدير..الخ.ويرى روستو ان بريطانيا انتقلت لهذه المرحلة بين عامي 1783-1802 وفرنسا بين 1830-1860 والولايات المتحدة بين 1843- 1860 واليابان بين 1878- 1900 وروسيا بين 1890- 1914 والهند والصين بعد 1952 على وجه التقريب.

4- مرحلة السير نحو النضوج : Drive Towards Maturity
يرى روستو ان المجتمع يحتاج حوالي الستين عاما على العموم لاتمام تحوله من بداية الانطلاق الى مرحلة النضوج.ان هذه المرحلة تتميز بثبات نسبة النمو واستقرار نسبة الاستثمار بين 10- 20% من الدخل القومي وزيادة نسبة النمو على ازدياد نسبة السكان وتقد العمليات التكنولوجية وامكانية تحول مراكز المركبات الصناعية من نوع لآخر من الصناعات(من صناعات الفحم والحديد الى صناعة المكائن والصناعات الكيمياوية والكهربائية مثلا)كما ان تغيرا يحصل في القيادة من بارونات الصناعة الى المدراء الممتهنين الاكفاء Professional Managers.

5- مرحلة الاستهلاك الجماهيري المرتفع High Mass Consumption
وتتميز بالتحول نحو البضائع والخدمات الاستهلاكية المستديمةDurable وذلك بسبب زيادة الدخل الحقيقي للفرد Real Income Per Capita زيادة تسمح باكثر من اشباع الحاجات الحيوية الضرورية كالطعام والملبس والمسكن.كما تتميز بزيادة نسبة سكان المدن وزيادة نسبة القوة العاملة في دوائر الدولة والمشاريع الخاصة.والمهم في هذه المرحلة هو ان هدف استثمار الموارد القومية يتحول من زيادة وسائل الانتاج(التكنولوجيا)الى الرفاه الاجتماعي والاستهلاك الخاص وتحقيق الامن الجماعي(عسكرة الاقتصاد).ويرى روستو ان الانتاج الواسع النطاق للسيارة الرخيصة هو رمز هذه المرحلة العليا للتطور الاقتصادي.لقد دخلت الولايات المتحدة في هذه المرحلة بين 1913 والعقد الاول بعد الحرب العالمية الاولى اما اوربا الغربية واليابان فقد دخلتا المرحلة بشكل كامل خلال الخمسينات من هذا القرن،وبالنسبة للاتحاد السوفييتي فيرى روستو انه جاهز تكنولوجيا للدخول في هذه المرحلة الا ان نظامه الدكتاتوري الكلي Totalitarian هو الذي يمنعه من حل مشاكل التكيف الاجتماعية والسياسية التي ينطوي عليها الدخول في هذه المرحلة.ومن الملاحظ ان روستو لا يعرض نظريته كمجرد نظرية وصفية للتطور الاقتصادي بل كنظرية حركية(دينامية)للتغير الاقتصادي،بل انه يطرحها – اكثر من ذلك – كبديل للنظرية الاشتراكية(نظرية نظم الانتاج)،القائمة في نظره على فرضية تبسيطية هي انفراد الدافع الاقتصادي بتحريك السلوك الانساني في حين ان نظريته تأخذ بنظر الاعتبار تعقد وتعدد الحوافز الاجتماعية للسلوك البشري والتوازن Balance بين الحلول البديلة Alternative المفتوحة للانسان. و يذكر روستو بين هذه الحوافز الاخرى التي تحرك الانسان و التي اهملتها النظرية الاشتراكية في زعمه الميول Propensities السبعة التالية:الميل للاستهلاك،الميل نحو قبول التجديدات،الميل نحو تطوير العلم،الميل نحو تطبيق العلم على الاغراض الاقتصادية،الميل نحو التقدم المادي ثم اخيراً الميل نحو انتاج الاطفال. وهذه الميول جميعها في نظر روستو تؤثر على مستوى الانتاج و نسبة النمو الاقتصادي،وعن تفاعلها المعقد تتقرر الاتجاهات الطويلة الامد والبطيئة السير لحركة المجتمع.

نقد نظرية روستو :
لا يمكن في هذه العجالة نقد هذه النظرية بشكل مفصل لأن هذا يحتاج لنقد مجموع الفكر الاجتماعي البورجوازي بكل فرضياته ومنطلقاته.ولكن من الواضح ان هذه النظرية لا تحتوي على اي عنصر جديد لا في الفكر الاجتماعي ولا في الفكر الاقتصادي،فهي خليط متنافر من آراء الاشتراكيين التصحيحيين(برنشتاين ومدرسته – فكرة التطور البطيء بدل الثورة الاجتماعية) والتكنولوجيين المعاصرين(جيمس بيرنهام ومدرسته – فكرة المجتمع القائم على سيادة المدراء والفنيين)وبعض الآراء الكينزية(الميول للاستهلاك والادخار والاستثمار) الى جانب العديد من الآراء المغرقة في الفاشية والنازية(توجيه الانتاج للحرب بحجة الامن الجماعي،فكرة فضل الاستعمار في ازالة التخلف الاقتصادي للمستعمرات).وقد وجه روستو هذا الخليط من الافكار لتحقيق اهداف محددة واضحة يمكن اكتشافها على الفور من اول قراءة لمؤلفاته وهذه الاهداف هي التالية :
1- ان الامبريالية (مجتمع الاستهلاك العالمي في اصطلاح روستو) هي اعلى مراحل التطور الاقتصادي،بدل ان تكون اعلى مراحل الرأسمالية كما اثبت التاريخ.
2- ان الاشتراكية (التوتاليتارية في اصطلاح روستو) هي العقبة الوحيدة امام تطور الشعوب نحو مرحلة الرفاه العليا.
3- ان السبيل الوحيد امام الشعوب المختلفة للحاق بالشعوب المتقدمة هو طريقة التطور الرأسمالي على غرار ما حصل للشعوب الغربية.
4- ان الاسلوب الوحيد لتحقيق التقدم لهذه الشعوب المختلفة هو سبيل التطور التدريجي البطيء،وان سبيل الثورة الاجتماعية مسدود موضوعياً امامها(لاحظ ان مرحلة الانطلاق وحده تستغرق ستين عام في نظر روستو).
5- ان محتوى التقدم هو محتوى تكنولوجي في الاساس وليس محتوى اجتماعياً،وعليه فلا موجب لتركيز الشعوب المتخلفة على التغيرات الاساسية في البنى الاجتماعية.

واراني في غنى عن اثبات بطلان هذه الحجة التي تتناقض مع كل التطور الاجتماعي الحديث حتى لاوربا الغربية.ان الثورة الصناعية مثلاً في اوربا الغربية لم تنشأ الا بفضل الثورة الاجتماعية نفسها( ثورة البورجوازية).ان الثورة الاجتماعية الرأسمالية هي التي اطلقت الثورات التكنولوجية الحديثة – التجارية والزراعية والصناعية..الخ وليس العكس كما يدعي روستو والتكنولوجيون المعاصرون.كما ان الثورة العلمية الحديثة(التي يجعل روستو نيوتن رمزاً لها) والتي يضعها كمنطلق لعلمية النمو الاقتصادي هي نفسها من انجازات هذه الثورة البورجوازية.انها نتيجة وليس سبباً للثورة البورجوازية وان كانت هي الاخرى قد ساهمت في اطلاق قوى الانتاج.ان نظرية روستو اذ تميع المحتوى الاجتماعي وتغلب العامل التكنولوجي تسىء تقدير الاهمية النسبية للعوامل الفعالة في التطور التاريخي ولا توضح نوعية التفاعل بين هذه العوامل في كل مرحلة من مراحل التطور،بعكس النظرية الاشتراكية التي ينسب اليها روستو – خطأ في احسن الفروض – فكرة انفراد العامل الاقتصادي في حركة التاريخ كما يفعل الكثير من الاكاديميين المعاصرين.يتضح من كل ما سبق بأن نظرية روستو ،نظرية مكشوفة الهدف السياسي،وهي موجهة في الواقع للشعوب المتخلفة،وهدفها المباشر هو اغلاق السبيل الوحيد امام تطور هذه الشعوب،طريق التحول النوعي السريع في نظام الانتاج الاجتماعي.كما ان هذه النظرية تعمم تجربة تاريخية خاصة هي تجربة البلدان الغربية الرأسمالية بعد ان تفسرها تفسيراً خاطئاً بالمرة وتطرحها كنظرية عامة لجميع البلدان المتخلفة التي تكون اكثرية سكان العالم في ظروف تاريخية مختلفة جذرياً(ظروف الانتقال من الامبريالية الى الاشتراكية)عن ظروف التجربة التاريخية السابقة(ظروف الانتقال من الاقطاع الى الرأسمالية).أن هذه الطبيعة السياسية الصرفة لنظرية روستو،كنظرية معارضة للاشتراكية وحركة التحرر الوطني،هي السبب الحقيقي لشيوعها وانتشارها في الاوساط الاكاديمية الامريكية،وكما يلخص احد الاقتصاديين الامريكيين المعاصرين(اوزر – تطور الفكر الاقتصادي)بأن من اهم اسباب ذيوعها هو طيبعتها التطورية اللا ثورية وكونها ذات طبيعة تلقائية او قدرية أي لا تشترط سياسة منهاجية محددة لتحقيق النمو الاقتصادي(53).

و- نظرية اندريه بيتر في ربط مراحل التطور الاقتصادي بمراحل حضارات البحر المتوسط
طرح الاقتصادي الفرنسي اندريه بيتر في كتابيه(عصور الاقتصاد الثلاثة 1955) (54) و(الفكر الاقتصادي والنظريات المعاصرة 1961) نظرية محددة في مراحل ما يسميه بحضارات البحر المتوسط ،التي تشمل الحضارات اليونانية والرومانية والغربية الحديثة،اسند اليها نظرية اخرى في مراحل التطور الاقتصادي ونظرية ثالثة في مراحل الفكر الاقتصادي.
ان نظريته تتلخص في مرور الحضارات المتوسطية بثلاث مراحل ...

1- المرحلة الاولى :
تتميز بخضوع الحياة الاجتماعة لقواعد عرفية و تقاليد دينية واخلاقية ومهنية وعائلية،من شأنها ان تجعل الاقتصاد في هذه المرحلة اقتصاداً خاضعاً Subordonnee وقد بقيت اوربا الغربية في هذه المرحلة حتى القرن الثامن عشر.
2- المرحلة الثانية :
وتتميز بتحرر المجتمع من جمبع التقاليد المذكورة وبنزع الوصايات المختلفة عليه وبمسح الطابع التقديسي على الاخص منه Se Desacralise وببلوغ مستوى الايمان النقدي Critique بالفردية.ومقابل ذلك بنزوع الاقتصاد نفسه نحو التحرر فيتحول من اقتصاد خاضع الى اقتصاد مستقل Independante عن الاخلاق والسياسة على السواء.وقد دخلت اوربا الغربية في هذه المرحلة ابتداءاً من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
3- اما المرحلة الثالثة :
فتتميز بانحلال عناصر الفردية وتحول الحرية الى فوضى والسلطة الى استبداد بسبب الطابع اللااخلاقي لتراكم الثروة.ولهذا السبب تحصل ردود فعل من جانب السلطات الاجتماعية التي تضطر للتدخل في الحياة الاقتصادية فيتحول من اقتصاد مستقل الى اقتصاد موجه -dir-igee.ان المرحلة الثالثة اذن هي مرحلة تدخل الدولة Etatism ويستنتج بيتر من هذه المرحلة النظرية قاعدة يعتقد انها ثابتة في التاريخ وهي ان الحضارات تولد في احضان الدين وتموت في كنف تدخل الدولة.او بعبارة اخرى فأنه يعتقد ان فلسفات صوفية جديدة تنمو في اواخر المرحلة الثالثة تمهد لدورة حضارية جديدة تعاود نفس المراحل الثلاث وهكذا.
واستنادا لهذه النظرية في المراحل الحضارية،ومراحل التطور الاقتصادي التي تقابلها يضع بيتر نظرية ذات مراحل ثلاث ايضا في تطور الفكر الاقتصادي(55) لا حاجة للتطرق اليها الآن.

نقد النظرية
ان هذه النظرية في مراحل التطور الاقتصادي هي مثال نموذجي للمنهج المثالي الذي يستحوذ على الكثير من الادب الاكاديمي المعاصر.ان بيتر بدل ان يفسر التاريخ الحضاري استادا الى التطور الواقعي للمجتمع كما يقتضي اي منهج علمي واقعي يلجأ الى منهج معاكس فيفسر المراحل الاقتصادية للمجتمع بتطوره الحضاري،كما فعل هيغل مثلا.ان مقياسه لتميز المراحل الاقتصادية مقياس مفرط في السطحية،وهو علاقة الاقتصاد(الاساس المادي للمجتمع)بالمؤسسات الاجتماعية غير الاقتصادية(وخاصة الدولة)في حين ان جوهر المراحل الاقتصادية يتجسد في تركيب البنيان الاقتصادي نفسه(طبيعة قوى الانتاج وعلاقات الانتاج والتفاعل بينهما).وبنتيجة هذا المنطلق المثالي الخاطئ،والمقياس الاقتصادي السطحي،يصل بيتر الى نتيجة في منتهى الغرابة وهي انه لا فرق بين العصور القديمة حيث ساد النظام العبودي والعصور الوسطى حيث ساد الاقطاعي والمرحلة الاولى من العصور الحديثة حيث سادت الرأسمالية التجارية.كما يصل الى نتيجة ثانية لا تقل غرابة عن الاولى وهي ان نظام الرأسمالية الصناعية(الاقتصاد المستقل حسب تعبيره)يختلف نوعيا عن الرأسمالية التجارية(كنوع من الاقتصاد الخاضع)ورأسمالية الدولة الاحتكارية(الاقتصاد الموجه حسب تعبيره).واخيرا يصل الى نتيجة غريبة ثالثة وهي ان الدولة الامبريالية انما تتدخل لكبح جماح النظام الامبريالي وليس لاسناده والحفاظ على اسسه.ومن الواضح ان جميع هذه الاستنتاجات لا تحظى بالموافقة حتى لدى اغلبية الاقتصاديين الاكاديميين المعاصرين.والواقع ان نظرية بيتر هي اقرب للفكر السكولائي الوجوبي Normative منها الى الفكر العلمي التحليلي Analytical.

5- موقع (التاريخ الاقتصادي) من العلوم الاقتصادية الاخرى(56)
جميع العلوم انما تتناول الجوانب المختلفة من العملية الاقتصادية اي النشاطات الاقتصادية ذات الطابع المستمر.والمقصود (بالنشاطات الاقتصادية) هي النشاطات المتعلقة بانتاج وتوزيع الوسائل المادية (اي البضائع) الضرورية لاشباع الحاجات الانسانية.ويمكن تقسيم العلوم الاقتصادية الى قسمين رئيسيين:
أ- العلوم الاقتصادية النظرية Theoretical:وهي تشمل (الاقتصاد السياسي) الذي يعنى بدراسة مظاهر العلمية الاقتصادية التي تفصح عن نفسها في القوانين الاقتصادية او بعبارة اخرى هو دراسة القوانين الاجتماعية التي تحكم العملية الاقتصادية.والاقتصاد السياسي ينطوى طبعا على مجموع اقتصاديات النظم الاقتصادية التاريخية المختلفة(النظام البدائي،النظام العبودي،الاقطاع،الرأسمالية،الاشتراكية..الخ).اي انه جماع الاقتصاديات المذكورة من جهة فضلاً عن احتوائه على قسم يعالج المشاكل العامة المشتركة بين النظم المختلفة.ان اقتصاديات النظم المختلفة مترابطة ومتداخلة وتقوم على اساس مشترك هو الانتاج والتوزيع،وهي كمجرد اقسام من علم الاقتصاد السياسي تقتصر على دراسة اسلوب عمل النظام المعين وقانون حركته.كذلك تشمل العلوم الاقتصادية النظرية(تاريخ الفكرالاقتصادي) أو ما يسمى احياناً (تاريخ المذاهب الاقتصادية)،وهو دراسة تاريخ الصياغات النظرية للقوانين الاقتصادية سواء كان النوعية منها Specific أي الخاصة بنظام اقتصادي معين(قوانين الرأسمالية أو الاشتراكية مثلاً ) أو المشتركة Common بين أكثر من نظام اقتصادي واحد.
ب- العلوم الاقتصادية الوصفية De-script-ive :وهي التي تدرس العملية الاقتصادية كما هي متجسدة في الواقع في ازمنة وامكنة معينة،وعلى هذا فهي تشمل التاريخ الاقتصادي الذي يعالج تطور هذه العملية الاقتصادية عبر التاريخ،والاقتصاد المعاصر لبلد معين(مثلاً الاقتصاد العراقي) والجغرافية الاقتصادية التي تتناول التوزيع الجغرافي للعملية الاقتصادية،والاحصاء الاقتصادي الذي يتناول صياغة العملية الاقتصادية صياغة كمية.
جـ - والى جانب ذلك توجد العلوم الاقتصادية التطبيقية أو كما تسمى احياناً الفرعية Branch او القطعية Sectorial او المتخصصة Specialised (حسب تعبير شومبيتر)،وهي تعالج مظاهر معينة أو قطاعات محدودة على انفراد من العملية الاقتصادية،كالاقتصاد الزراعي والصناعي والتجاري والمصرفي والمالي..الخ.وهذه العلوم التطبيقية تجمع بين الطابعين النظري(اي بالاشارة الى تطبيق القوانين الاقتصادية على القطاع المدروس) والوصفي (اي بالاشارة الى العمليات المتجسدة).يتضح من التصنيف السابق للعلوم الاقتصادية ان (التاريخ الاقتصادي) هو علم تاريخي ووصفي،يقتصر على وصف تاريخ العمليات الاقتصادية،ويقابله على الصعيد النظري(تاريخ الفكر الاقتصادي).

6 – علاقة (التاريخ الاقتصادي) ب (تاريخ الفكر الاقتصادي) :
كثيراً ما تخلط المؤلفات الاكاديمية بين هذين العملين الاقتصاديين،سواء اكان ذلك في الموضوعات،أو حتى احياناً في العناوين(57).ويمكن تحديد العلاقة بينهما في النقاط التالية :
أ- من الضروري التمييز بدقة بين العلمين:فالتاريخ الاقتصادي علم وصفي كما ذكرنا يتناول الواقع التاريخي للعملية الاقتصادية،اي انه علم وقائع كما يعبر البعض Facts في حين أن تاريخ الفكر الاقتصادي يتناول تاريخ الصياغات النظرية للقوانين الاقتصادية.
ب- على ان التمييز الدقيق بين العملين لا يعني امكانية الفصل بينهما بأي شكل كان.انهما الوجهان،النظري والواقعي لنفس العملية الاقتصادية التاريخية،وعليه فمن المستحيل دراسة أي منهما بمعزل عن الآخر.ولهذا فان بعض الجامعات الاجنبية تدرس موضوعات المادتين في مادة واحدة بأسم(تأريخ المذاهب والوقائع الاقتصادية)كما ان المؤلفات الاشتراكية بوجه عام تعالج المادتين بترابط كامل.
جـ - ان العلاقة الحقيقية بينهما هي علاقة الفكر بالوجود،علاقة النظرية بالواقع.فالفكر الاقتصادي هو جزء من مفهوم(الآيديولوجية)،وهذه جزء من مفهوم (البناء العلوي) او التركيب الفوقي كما يسمى احياناً Superstructure.اما التاريخ الاقتصادي فهو جزء من (القاعدة الاقتصادية)Base وجزء من(علاقات الانتاج) على الاخص.وعليه فان التاريخ الاقتصادي هو الاساس المادي لتأريخ الفكر الاقتصادي،ولا يمكن ان تفهم اية نظرية اقتصادية تاريخية الا على ضوء جذورها المادية في النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم(58) .


الهوامش
1. بيتر/ الفكر الاقتصادي والنظريات المعاصرة/ 1961/ ص2
Andre Piettre- pensee economique et theories contemporains, dalloz, 1957
2. مثلا اندريه فيليب(تاريخ الوقائع الاقتصادية والاجتماعية من عام 1800 حتى ايامنا)باريس/1964
Philip - Hisoire Des Faits Economiques Et Sociaux De 1800 A Nos jours
3. Schumpeter- History of Economic Analysis
4. لانكه – الاقتصلد السياسي/ ترجمة محمد سلمان حسن /ص 143/ 1967
5. Heaton – Economic History of Europe, 1964
6. Birnie - An Economic History of Europe, 1957
7. G.D.H. Cole – Introduction to Economic History
8. يستعمل هيتن في المرجع السابق الذكر هذه الطريقة ايضا بجانب الطريقتين التاريخية والقطاعية، فيدرس التاريخ الاقتصادي احيانا حسب البلدان والاقاليم(انكلترة،الجنوب الاوربي، اوربا القارية، فرنسا، المانيا ... الخ) ولكن عيبه الاساسي يبقى قائما وهو اهماله عضوية النظام الاقتصادي التي تستلزم دراسة اقتصاديات النظام ككل.
9. W. Buckingham-Theortical Economic Systems, 1957
10. R. Blodgette-Comparative Economic Systems, 1949
11. Kuhlman and Skinner- The Economic System,1964
12. راجع لانكة(المرجع السابق،الفصل الرابع عن منهج الاقتصاد السياسي).
13. Paul Sweezy – Theory of Capitalist Development, 1949
14. Clough – Economic Development of Western Civilization, 1959
ولهذا المؤلف،على انفراد او بالتعاون مع آخرين مؤلفات هامة اخرى في تاريخ الاقتصاد منها(تاريخ اقتصادي لاوربا،بالانكليزية ) و (التاريخ الاقتصادي للولايات المتحدة،بالترجمة الفرنسية).
15. Translated by Knight – General Economic History
16. Sombart – Der Moderne Kapitalismus, 1902
17.
18. Heaton- Economic History of Europe
Birnie - An Economic History of Europe
Meyer – Studies in Economic History
Cole – Introduction to Economic History
H. See- Histoire Economique De La France.1942
Imbert - Histoire Economique Des Originies A, 1789
19. M. Weber- General Economic History
Cunov – Allgemine Volkwirtschtftsgeschischte
20. A. Philip - Hisoire Des Faits Economiques De 1800 A Nosjours Niveau - Hisoire Des Faits Economiques
21. Leandaur- Contemporary Economic Systems, 1963
22. Bornstein - Comparative Economic Systems, 1966
23. Herskovits - Study in Comparative Economic Systems,1952
24. Roger Saltua – An Introduction of European Economic Development.
25. M. Dobb – Soviet Economic Development, 1953
26. M. Dobb – Studies in The Development of Capitalism, 1963
27. Outline of Social Development
28. Man s Society
29. Man, Science and Society
30. J. Eaton - Political Economy
31. Manuel D Economie Politique, 1955
32. Leontief – Political Economy
33. Dobb – Political Economy and Capitalism
34. J. Marchal – Traite D economic politique
35. List-Das Nationale System Der Politischen Okonomie
36. Piettre-Pensee Economique et Theories Contemporaines,1961
37. Stavenhagen – Die Geschischte der Volkwirtschaltsfehre, s. 179-181
38. L. Baudin - Precis d historire des doctrines economiques
راجع تقييم لويس بودان للنظرية(الوجيز في تاريخ المذاهب الاقتصادية)الطبعة الرابعة ص 162 – 163.
39. Hildebrand – Die Nationalokonomie der gegenwert und zukunft,1848
40. Nogaro – Development de la pensee econmique,1944 , pp. 212- 213.
41. Roll-A History of Economic Thought , 2nd edition , pp . 307-308
42. Stavenhagen , ibid , pp. 182.
43. Kuhn – The Evolution of Economic Thought , 1963 , pp. 418.
44. H. Denis – Histoire de la pensee economique , 1960,pp.458
45. Gide et Rist – Histoire des Doctrines Economiques,1947, pp . 441, deuxieme partie
46. Gonnard – histoire des doctrines economiqnes , 1947.
47. Bouvier – Ajam – Histoire des Doctrines Economiques, 1952, pp. 215
48. K. Bucher – Die Entstehung der Volkwirtschtft, 1893.
وقد ترجم للفرنسية بعنوان (دراسات في الاقتصاد السياسي والتاريخ) .
49. Kuhn – The Evolution of Economic Thought,1963 , pp . 437.
50. Oser – The Evolution of Economic Thought, pp . 365.
وقد وضع سومبارت نفسه نظرية بديله لثلاث مراحل ايضا هي مرحلة الاقتصاد الفردي فمرحلة الاقتصاد الانتقالي ثم مرحلة الاقتصاد الاجتماعي.
51. Olivier Leory – Essai d introduction de l economie
52. W.W. Rostow – The Stages of Economic Growth, 1960
53. Oser- The Evolution of Economic Thought, pp.368
54. A. Pittre - Les trois de I economy 1955
55. اشرنا اليها في محاضرات (تاريخ المذاهب الاقتصادية ) لطلبة الصف الثالث
56. راجع لانكة/ المرجع السابق/ ص 143 – 149،وشومبيتر/ المرجع السابق /الفصل الثاني الذي يعالج تقنيات التحليل الاقتصادي.
57. راجع امثلة كثيرة على ذلك في محاضراتنا عن ( تاريخ المذاهب الاقتصادية ) .
58. راجع امثلة تفصيلية على ذلك في محاضراتنا عن تاريخ المذاهب الاقتصادية .



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 22
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 21
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 20
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 19
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 18
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 17
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 16
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 15
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 14
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 13
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 12
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 11
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 10
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 9
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 8
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 7
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 6
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 5
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 4
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 3


المزيد.....




- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...
- الإصلاح البيداغوجي الجامعي: نظرة تعريفية وتشخيصية للهندسة ال ...
- موسكو تطالب برلين بالاعتراف رسميا بحصار لينينغراد باعتباره ف ...
- تكية -خاصكي سلطان-.. ملاذ الفقراء والوافدين للاقصى منذ قرون ...
- المشهد الثقافي الفلسطيني في أراضي الـ 48.. (1948ـــ 1966)
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عملية بمجمع الشفاء الطبي في غزة ...
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى تخليد ...
- النهج الديمقراطي العمالي بوجدة يعبر عن رفضه المطلق للأحكام ا ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سلام ابراهيم عطوف كبة - عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 23