أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السيد محسن - عن رفيق اسمه منقذ الشريدة















المزيد.....

عن رفيق اسمه منقذ الشريدة


محمد السيد محسن

الحوار المتمدن-العدد: 4587 - 2014 / 9 / 28 - 11:15
المحور: الادب والفن
    


عن رفيق اسمه منقذ الشريدة
محمد السيد محسن
لندن 2014
ليس من السهولة ان تفقد صديقا عشت معه ايام محن والام ولكنها قسوة الحياة علينا ان نتلقى اخبار أعزائنا وهم يغادرون بصمت
النحات العراقي والرسام منقذ عبد الوهاب الشريدة رحل بصمت في الولايات المتحدة بعد ان كان يملأ الدنيا صخبا وألقا
منقذ كان رفيقي في درب الحرب وعشت معه اياما من الخوف والرعب اثناء الحرب العراقية الإيرانية على الرغم من أني وإياه دخلنا رحاها في اخر أيامها لكنها كانت اياما مخيفة وكان الأيام التي دخلنا فيها أواخر الحرب كانت ايام تفجير الدملة كي ينتهي الوجع بأوجاع متتالية دفعنا نحن ضريبتها
في السابع من شباط فبراير عام 1988 اتفقنا ان نلتقي في بغداد في ساحة الغريري لان تمثالا لعبد الوهاب الغريري سيفتتح وفعلا حضرنا الافتتاح ثم توجهنا الى حانة في شارع السعدون وعدنا الى فندق على أمل ان نلتحق بوحدتنا فجر يوم التاسع من فبراير قبل ان ننام في الغرفة وجدت تحت سريري مبلغ 250 دينارا عراقيا وكان يومها مبلغا كبيرا فارتأى منقذ ان نذهب الى احدى الحانات ونقضي الليل هناك ثم نخرج منه الى مرآب النهضة لتستقل سيارتنا الى السليمانية ومنها الى عربت ومنها الى كاليبنكه حيث وحدتنا العسكرية وفعلا نفذت ما طلبه وبقي من المبلغ 150 دينارا وارتأيت ان نتقاسمها فأبى وقال اذا احتجت لشيء فأنت لست ببعيد
وصلنا الى كاليبنكه وكانت وحدتنا المتقدمة عند جبل شرام المطل على مدينة حلبجة وبقيت فترة شهر ولم أحظ باجازة ووعدت بها بعد أنجاز رواتب المقاتلين
عانقنا بعضنا بقيت أنا في القدمة باء وهو الموقع الخلفي لوحدتنا المقاتلة وهو غادر الى القدمة الف وهو الموقع القتالي المتقدم عند خطوط التماس بيننا وبين القوات الإيرانية
كنت أراه بين حين وآخر ويوم تحركت لتسليم رواتب المقاتلين الشهرية وتوزيعها ذهبت الى منقذ وتبادلنا الأحاديث ولم نكن نعلم اننا لن نعود وفي المساء اكتشفنا ان كل الوحدات المجاورة لنا أعلنت استسلامها للإيرانيين حيث احتلوا مدينة حلبجة بالكامل وتفرقت قواتنا وعم الهرج والمرج وقال لنا رائد منير هادي الحكيم : خلصوا انفسكم بأية طريقة فليس لدينا خطة فنحن محاصرون
بقينا أنا ومنقذ جنبا الى جنب وبقينا نسير الليل ولا نعلم الى أين نمضي وبقينا على هذه الحالة ليلتين نأكل الحشائش ونشرب من مياه الأنهار وكلما حاولنا فتح طريق نجد ان القوات الإيرانية تحاصرنا فنعود منكسرين
حتى جاءت احدى الليالي وأخذني النعاس وصحوت ووجدت نفسي لوحدي وبدأت اركض خائفا وتحركت لأجد منفذا وإذا بي امام وحدة إيرانية تفتح ضياءها لتكتشفني ويبدأ رمي الرصاص لكنني نجوت بان ألقيت نفسي بالنهر القريب
الى ان وقعت أسيرا بيد قوات اليكتي( قوات الاتحاد الوطني الكردستاني ) الذي يقوده جلال الطالباني رئسها العراق السابق
باعني مقاتلو الطالباني الى القوات الإيرانية مع اخرين من الأسرى من القوات العراقية بثمن بخس حيث استبدلوا كل خمسة مقاتلين بكيس طحين يزن 50 كيلو غراما
وتم نقلنا من قبل الإيرانيين الى معسكر تختي او طَرِيق القدس 4 وهناك التقيت بمنقذ وكان ذقنه الأبيض قد ملأ وجهه وكنت أنا ازرق الوجه ذَا عينين حمراوين بفعل الضربة الكيمياوية التي نفذتها القوات العراقية لطرد الإيرانيين من مدينة حلبجة ومحيطها
، عرفته بنفسي وقال ان صوتك صوت محمد لكنك ليس هو قلت أنا محمد
قضينا أنا ومنقذ خمس سنوات في الأسر بجنب بَعضُنَا نتحمّل مرارة ألذل والجوع والبرد والقهر حتى جاء يوم خروجي وانتقالي الى معسكر اللاجئين حيث طلبت اللجوء السياسي يومها الى بلجيكا بعد مقابلتي مع وفد الصليب الأحمر الدولي
وبعد السنوات الخمس خرجت من معسكر الداوودية الى طهران حرا طليقا فيما بقي منقذ أسيرا لكنه رسم 37 لوحة عن مجزرة حلبجة شارك فيها فريق إيراني في مسابقة في هولندا وأحرز المركز الاول وتم تكريمهم من المرشد الإيراني علي الخامنئي وقال له رئيس الفريق ان الفضل يعود الى رسّام عراقي أسير وقع لوحاته باسم ابو حيدر فأمر الخامنئي بإخراج منقذ من الأسر وان يكون طليقا وفعلا خرج منقذ والتقينا في طهران وعدنا سوية نتسكع وننتقل بين مدن ايران ونكتشف جمال نساءها مع بعضنا وحين قررت الهرب الى خارج ايران لم يستطع هو لان الطريق كانت فيه مخاطرة كبيرة فقمت بالمخاطرة وحدي وفعلا وصلت الى مدينة السليمانية حيث دخلتها هاربا مت ايران وبقيت فيها الى ان زار المدينة الفنان فؤاد سالم وكان يبحث عن عازف عود يرافقه في حفلاته فعرضت نفسي عليه وكنت يومها لم المس العود منذ اكثر من سبع سنوات لكنني تدربت بشكل سريع على أغنياته وكنت احفظها جميعا ماعدا الأغاني الحديدة التي لحنها وعرضها يوم كنت إسيرا وفعلا شاركت فؤاد سالم ووعدني ان يساعدني في إرسال اسمي لمعبر فيش خابور لمي اسافر الى سورية كمعارض عراقي
نفذ فؤاد وعده وانتقلت الى سورية وبدأت أراسل منقذ عبر البريد ونسقت مع احد العراقيين المتنفذين ان يأتي بمنقذ الى شمال العراق ودفعت المبلغ له وجاء به ثم دفعت مبلغا الى رجل في حزب الدعوة يقال له ابو مجاهد وهو الان رجل في الحكومة واسمه كاطع فاصدر برقية باسم منقذ ليأتي منقذ الى سورية ولنبدأ رحلة مشقة وغربة جديدة في منفى جديد
افترقنا بعد مغادرتي سورية الى يوغسلافيا فيما هو غادر الى الولايات المتحدة الامريكية ولم اعثر على منقذ الى يومنا هذا على الرغم من السعي الحثيث الذي كنت عليه للعثور ولو على خبر من منقذ في أمريكا لكنني فشلت
وأبلغني قبل ايام قلائل احد العراقيين في الولايات المتحدة الامريكية ان منقذ موجود وأبلغني تحية منه لأصدم قبل يومين ان منقذ فارق الحياة بعد معاناة طويلة ورحلة شاقة لم نستفق منها بعد ووصلنا الى كل الدنيا وعثرنا على كل ما نبغي لكننا لم نعثر لحد الان على وطن
وداعا منقذ ....... وداعا رفيقي وعزيز دربي هذا الفراق لن يعطينا يوما لنلتقي فيه ثانية فقد حجز التراب بيننا هذه المرة ....... سأبكيك ما حييت وسأذكرك ما حييت وسأذكر انك رفضت في يوم من الأيام الزواج من فتاة بعد ان أقنعتك بالزواج لكنك رفضتها لانها لم تكن تعرف من هو مظفر النواب وقلت لي يومها تريدني ان ارتبط بفتاة لاتعرف من هو مظفر النواب
سأذكرك كلما اشاهد نصبا اوتمثالا وكلما اشاهد تخطيطا لأَنِّي سأقارن عمله وتشريحه مع ما كنت عليه من دقة تشريح
الباقي بعدك محمد




#محمد_السيد_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البغدادية عودة بطعم العتب
- البعث العراقي. اثبات وجود ام تزلف؟
- جهاد التخريب
- فأراد معرفة اليقين فذاقه
- داعش العراق وحرب الفتاوى
- البطاقة التموينية بين السيستاني والمالكي ومحمد مهدي صالح
- اللاعب الثالث في سوريا
- السعودية والبحرين , اعلان موت اتحاد
- شكسبير يدعو العراقيين للمحبة
- دمشق ... اخر العواصم
- القرضاوي وصناعة الفتوى
- لحية جيفارا ولحية الاخوان
- هل سيقلب رفعت الأسد الطاولة
- جمهوريات الاخوان
- جلباب الدكتاتورية
- المظلومة حنان الفتلاوي
- رسالة الى اياد علاوي
- الفاعل والمفعول به في تجديد البقاء للامريكان
- السعودية وايران الحرب الخامسة
- جمعة البحرين في العراق والخلط بين الزعامة السياسية والطائفية


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السيد محسن - عن رفيق اسمه منقذ الشريدة