أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد النمري - البورجوازية في التاريخ















المزيد.....

البورجوازية في التاريخ


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 4581 - 2014 / 9 / 21 - 14:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


البورجــوازيـــة في الـتاريــخ

طلب إلي أحد الأصدقاء الأعزاء الكبار من غير الشيوعيين أن أكتب عن البورجوازية، تاريخها وطبيعتها، حيث يلمس صديقي العزيز من متابعته الحثيثة لما أكتب أن مفهوم البورجوازية يظل غائماً في كتاباتي بالنسلة إليه على الأقل .
وما أتوقف عنده في طلب الصديق العزيز هذا هو أن الفهم الصحيح والتام لتاريخ البورجوازية وطبيعة أطوارها أمر في غاية الأهمية لا يمكن القفز عنه وإهماله في دراسة واستيعاب العلوم الماركسية حيث كثيرون من الماركسيين أيضاً لا يميزون بين أطوار البورجوازية الأربعة، البورجوازية (الصغبرة) والبورجوازية الرأسمالية (الكبيرة) والبورجوازية الدينامية والبورجوازية الوضيعة [Petty Bourgeoisie] . ولذلك يتوجب علي أن أتوجه بالشكر الجزيل للصديق العزيز على نباهته وتنبيهي لهذا الأمر الهام والجوهري .

التناقض الرئيس الذي قام عليه النظام الإقطاعي كان بين الإقطاعي مالك الأرض الشاسعة الواسعة من جهة والأقنان [Serfs] من جهة أخرى وهم الذين يقومون بمختلف الأعمال الشاقة المطلوبة لخدمة الأرض واستغلالها دون أجر وكما لو أنهم كحيوانات ملك الإقطاعي . في مواجهة الظلم وعسف الإقطاعي الشديد والاستغلال البشع الذي تحمله الأقنان خلال عشرة قرون شرعوا في القرنين السادس عشر والسابع عشر يهربون من الإقطاعيات ليعيشوا أحراراً في منطقة لا تعود إلى الإقطاعيات المحيطة [Free Zone] حيث بدأ يتشكل ما يسمى البورغ [Burg, Bourgh, Borough] وسكانه يدعون البورجوازيون [Bourgeoisie] ويعملون في الصناعات اليدوية . ما ساعد الأقنان على الهروب إلى البورغ والاستقرار فيه خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر هو ظهور أدوات يدوية جديدة للإنتاج . هكذا ظهرت مدن لصناعات يدوية جديدة على مساحة أوروبا وصفت بصفة بورغ [Bourg] التي تعني باللاتينية بلدة مستقلة للتسوق وذات سلطة محلية . وقد أحيط البورغ بأسوار عالية حماية لاستقلاله التام عن الإقطاعيات المحيطة، وللحياة الجديدة وللسكان داخله الذين سرى وصفهم بالبورجوازيين [Bourgeoisie] بغض التظر عن درجة البورجوازي في مهنته الحرفية . ما زالت مدن أوروبية عديدة تحمل اسم البورغ مثل أدنبره [Edinburg] في اسكتلندا، وبيتربورو [Peterborough] في انجلترا، وستراسبورغ [Strasbourg] في فرنسا، واللكسمتورغ [Luxembourg]، وهمبورغ [Hamburg]، ومجدبورغ [Magdeburg] ونورينبورغ [Nuremberg] في ألمانيا ، وفرايبورغ في سويسرا، وسالزبورغ [Salzburg] وكلوستيرنيوبورغ [Klosterneuburg] في النمسا، وبطرسبورغ [Petersburg] في روسيا .

منذ القرن السادس عشر وحتى إلى ما قبل الثورة الصناعية في منتصف القرن الثامن عشر ظلت هناك وحدة اجتماعية متماسكة اسمها البورجوازية وهي سكان مدن الصناعات اليدوية (البورغ) في أوروبا الإقطاعية واعتبر جميع سكان البورغ مرتبة واحدة على اعتبار أنهم سكان البورغ لا فرق بين أعضاءالنقابات المهنية [Guilds] وشيخ المهنة أو الصناعة [Guildmaster] والتلميذ المتدرب [Apprentice] فجميع هؤلاء يسكنون المدينة البورغ ولذلك هم بورجوازيون . ويمكن أن توصف البورجوازية في البورغ بالبورجوازية الصغيرة نظراً لإنتاجها المادي الصغير لكنها لم توصف حينذاك بالصغر حيث لم يتواجد هناك طور آخر للبورجوازية حتى يتم تمييزها بالصغر . لم تكن البورجوازية الكبيرة قد ظهرت بعد .

خلال منتصف القرن الثامن عشر تفجرت الثورة الصناعية وانتقلت أدوات الإنتاج نقلة نوعية فغدت تعتمد على الطاقة الصناعية بدل الطاقة البشرية وبذلك تضاعف الإنتاج البورجوازي حتى وصلت قيمته السوقية أضعاف قيمة الإنتاج الإقطاعي فكان أن لزمت الثورة من أجل تقويض النظام الإقطاعي لفتح الطريق واسعة للتقدم السريع للنظام البورجوازي فكانت الثورة البورجوازية الفرنسية الكبرى 1789 . انقسم سكان المدن البورجوازيون تبعاً لذلك إلى ثلاث طبقات جديدة بخلاف الطبقة البورجوازية الصغيرة التي لم تبدل وسيلة إنتاجها الحرفية اليدوية جرّاء الثورة الصناعية ..
1) الطبقة البورجوازية الكبيرة الرأسمالية التي امتلكت أدوات إنتاج تنتج بضاعة بالجملة [Mass Production] وتحتاج لتشغيلها أيدي عاملة كثيرة . هذه الجماعة البورجوازية باعتمادها على أدوات كثيفة الانتاج، رأت فيها الوسيلة المثلى لمراكمة الأموال، غدت تسمى بالطبقة الرأسمالية [Capitalists] وقد استولت على السلطة وحددت المجال الحيوي لصناعاتها فكان أن أقامت الدولة القومية وهي الجيوسياسة السائدة حتى يومنا هذا .

2) الطبقة البورجوازية الوضيعة [Petty Bourgeoisie] ـ يخطئ العرب بترجمتها إلى البورجوازية الصغيرة التي كانت قبل الثورة الصناعية ـ إتساع الانتاج الرأسمالي الكثيف كان له أن يقضي على الإنتاج البورجوازي اليدوي الحرفي الصغير قضاء مبرماً حتى أن كارل ماركس قد تهوّل من فداحة جريمة الرأسماليين بالقضاء على البورجوازية الصغيرة (وليس الوضيعة) ذات الإنتاج المادي الحرفي الصغير دون أدنى مسؤولية إنسانية . فكان على هذه البورجوازية الصغيرة إما أن تتحول إلى بروليتاريا أو إلى بورجوازية وضيعة لا تنتج إلا الخدمات تبيعها بواسطة الرأسماليين إلى البروليتاريا . ومما يجدر التوقف عنده هنا هو أن البورجوازية الوضيعة تبدي كل مقاومة ضد التحول إلى بروليتاريا وقد أشار ماركس إلى ذلك في البيان الشيوعي الفصل الأول .

3) البروليتاريا [Proletariat]. بعد أن تم تحطيم أدوات الإنتاج الفردية ما بين 1750 و 1850 على أيدي الرأسماليين ترتب على أقسام واسعة من البورجوازية الصغيرة أن تتحول إلى بروليتاريا تبيع قواها للعمل إلى الرأسماليين ليحولوها بدورهم إلى بضاعة لا يملك منها العمال نقيراً، لا بل لهم فيها عمل مسروق لم يقبضوا أجراً علية وهو ما يسمى بفائض القيمة [Plus Value] .

مع التقدم السريع لتطور أدوات الإنتاج تسارع بالتوازي تقدم النظام الرأسمالي محولا وسع طاقتة جماهير الشعب إلى بروليتاريا تعود عليه بالأرباح، فكلما تعاظمت طبقة البروليتاريا تعاظم بالتوازي فائض القيمة وتعاظمت الأرباح . ومثل هذه الميكانزما الرأسمالية تفضي إلى الضغط المتواصل على طبقة البورجوازية الوضيعة للإبقاء عليها ضيقة رقيقة للغاية تقوم بالخدمات الضرورية للإنتاج الرأسمالي بحدودها الدنيا .
وهكذا تقدم النظام الرأسمالي وفي ثناياه أكثر من تناقض يؤدي إلى انهياره . أولها، وهو التناقض الرئيس، التناقض بين العمال من جهة والرأسماليين من جهة أخرى ؛ والثاني هو التناقض بين البورجوازية الوضيعة من جهة والبروليتاريا من جهة ثانية ؛ والثالث وهو التناقض بين البورجوازية الوضيعة من جهة والرأسماليين من جهة ثالثة . كل تناقض من هذه التناقضات الثلاثة قادر على دفع المجتمع إلى النقطة الحرجة حتى الثورة وتقويض علاقات الإنتاج القائمة .
التطور السريع للنظام الرأسمالي وصل إلى مرحلة الإمبريالية في منتصف القرن التاسع عشر وسرعان ما اقتسمت بضعة مراكز رأسمالية العالم كله أرضاً وسكاناً كمستعمرات تكب فيها فائض إنتاجها خشية اختناقها . وبذلك أضاف النظام الرأسمالي الإمبريالي تناقضين جديدين هامين باهمية التناقض بين الرأساليين والعمال، وهما التناقض بين شعوب المستعمرات من جهة ومراكز الرأسمالية من جهة أخرى والذي تسبب بقيام ثورة التحرر الوطني والوصول في سبعينيات القرن المنصرم إلى انهيار النظام الرأسمالي في العالم، كما التناقض بين مراكز الرأسمالية المتعددة نفسها وهو ما تسبب بانهيار أكبر امبراطوريتين إمبرياليتين، بريطانيا وفرنسا، على يد ألمانيا النازية .
وفي المستعمرات ظهر طور جديد للبورجوازية هو البورجوازية الدينامية التي قادت ثورة التحرر الوطني في المستعمرات مستهدفة فك الروابط مع مراكز الرأسمالية وإقامة نظام رأسمالي يعمل لصالحها ولم تحقق أهدافها وتصبح في طور الرأسمالية .

تفجرت الثورة البورجوازية في روسيا القيصرية في فبراير شباط 1917 وفشلت الحكومة البورجوازية في التقدم على مسار ثورتها بصورة فاضحة، ولذلك قامت البروليتاريا الروسية في أكتوبر 1917 بالإستيلاء على السلطة استرشاداً بقرار كانت قد اتخذته الأممية الثانية في اجتماعها العام في بازل 1912 شارك فيه البلاشفة يقضي باستيلاء الاشتراكيين على السلطة في روسيا بهدف إنجاز الثورة البورجوازية حيث الطبقة البورجوازية في روسيا كانت ما زالت هشة غير قادرة على إنجاز ثورتها ـ هذا بالإضافة إلى أسباب أخرى بالطبع . رفضت البورجوازية قيادة الشيوعيين لثورتها وشنت حرباً على الشيوعيين تحدثت عن إبادتهم . لكن النتيجة كانت إبادة البورجوازية المعادية وليس الشيوعيين مما اضطر الشيوعيين إلى الإنتقال إلى الثورة الاشتراكية بدل الثورة البورجوازية بالرغم من تواجد أكثر من 80% من الشعب في طبقة البورجوازية الوضيعة التي ليس في حيلتها إقامة أي نظام للإنتاج، منها الفلاحون والعسكر . اقتضى التقدم السريع بالثورة الاشتراكية إلى السماح بتأهيل البورجوازية الوضيعة الواسعة رغم تحويل جزء كبير منها إلى بروليتاريا . في العام 1941 كان الاتحاد السوفياتي مؤهلاً لسحق ألمانيا النازية المتقدمة صناعياً والمسلحة حتى الأسنان ومدعومة بكل الموارد المادية والبشرية للقارة الأوروبية . في مايو 1945 خرج الاتحاد السوفياتي من الحرب كأقوى دولة في الأرض بعد أن كان هتلر قد فكك أكبر إمبراطوريتين استعماريتين هما بريطانيا وفرنسا، كما أبدت الولايات المتحدة ضعفاً فاضحاً أمام العسكرية اليابانية وما كانت لتنتصر لولا المساعدة السوفياتية وإبادة جيوش اليابان في منشوريا .
الهزيمة الكبرى التي لحقت بمعسكر الرأسمالية في الحرب سمحت لكافة الدول المحيطية أن تهب في ثورة تحرر وطني عالمية جارفة 1946 – 1972 تحت حماية المظلة السوفياتية الجبارة شملت القارات الثلاث، آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، فكان أن استقلت جميع الدول المحيطية وفكت روابطها مع مراكز الرأسمالية العالمية الأمر الذي قضى بتقويض النظام الرأسمالي في العالم كله .

الحرب التي خاضها الاتحاد السوفياتي وحيداً في مواجهة ألمانيا النازية المسلحة حتى الأسنان والمدعومة بكل الموارد المادية والبشرية للقارة الأوروبية تركت آثارها السيئة جداً على الثورة الاشتراكية . الخسائر الفظيعة التي لحقت بالإتحاد السوفياتي نتيجة الهجوم المفاجئ الكاسح الذي شنه النازيون ونقضهم المفاجئ لاتفاقية عدم الإعتداء تحملتها بداية البروليتاريا التي تقدمت الصفوف دفاعاً عن ثورتها وقد اضطر الاتحاد السوفياتي إلى تجنيد 16 مليون رجلاً يُقدر أن يكون منهم أكثر من 10 ملايين بروليتاري . وخسر الجيش في الحرب 9 ملايين جنديا لا بد أن يكون منهم أكثر من 7 ملايين بروليتاري معظمهم من طليعيي الحزب الشيوعي . الدمار الواسع والهمجي الذي لحق بالعمران السوفياتي إنما كان من إنجازات البروليتاريا السوفياتية على طريق تطوير ثورتها الاشتراكية . كانت الحرب وكما أمّل منها الرأسماليون بالتواطؤ مع النازيين والفاشست ضربة قوية أعادت الاشتراكية السوفياتية إلى العشرينيات .
وبالمقابل فقد ساعدت الحرب على ازدهار الطبقة البورجوازية الوضيعة السوفياتية حيث كان الحزب الشيوعي قد عطل سياسة الصراع الطبقي ضد البورجوازية الوضيعة منذ انفجار الحرب في سبتمبر 1939 . وبسبب مخزونها الثقافي والمهني احتلت البورجوازية الوضيعة الفيادات العليا في الجيش وبات فيه العديد من المارشالات والمئات من الجنرالات تزين صدورهم وتثقل ستراتهم الأوسمة والجوائز المختلفة وقد اكتسب الجيش الأحمر تقدير وولاء جميع السوفياتيين .
كان ستالين يدرك الفجوة الناجمة عن الحرب بين تقدم الطبقة البورجوازية الوضيعة والجيش في مقدمتها وتأخر طبقة البروليتاريا والحزب في مقدمتها، وأن تلك الفجوة تشكل خطورة حقيقية على الثورة . فما أن انتهت فترة إعادة الإعمار سنة 1950 حتى وضع ستالين خطة خماسية خامسة تعيد الموازين إلى سابق عهدها قبل الحرب بحيث تعود البروليتاريا إلى الطليعة بسلطاتها المطلقة الدكتاتورية ويتراجع بالمقابل النفوذ الفعلي للبورجوازية الوضيعة .
قراءتي لستالين في الندوة التي عقدها الحزب قبل نهاية العام 51 هي أن ستالين ولدى البحث في استئناف الصراع الطبقي ذهب إلى تهدئة أولئك المتحمسين لاستئناف الصراع الطبقي على أشده مثل مولوتوف لإدراك ستالين أن ميزان القوى لم يعد لصالح البروليتاريا . وكيلا يفضح الأمر راح ستالين يشيد بعلاقات الصداقة التي تربط البروليتاريا بمختلف شرائح البورجوازاية الوضيعة سواء الفلاحين أم موظفي الدولة أم العسكر . عبارات الصداقة تلك لم تجعله يراعي مصالح هذه الشرائح من البورجوازية الوضيعة بل إن الخطة الخماسية التي كانت في جدول أعماله تبيّت ضربات ساحقة لمختلف شرائح البورجوازية الوضيعة وخاصة الفلاحين وقد ألمح ستالين إلى أن تصفيتهم ستكون في نهاية الخمسينيات على أبعد تقدير . أما موقفه من العسكر فيفسره تعيين المارشال جوكوف الذي قاد الجيش الأحمر في أعظم الانتصارات التي حققها في الحرب في وظيفة إدارية هامشية بعيداً في الأورال . كان ستالين
غير أن البورجوازية الوضيعة لم تمهل ستالين طويلاً لتنفيذ مخططاته فنجحت في تسميمه في عشاء 28 فبراير على يد وزير الداخلية لافرنتي بيريا [Lavrenti Beria] الذي كان على وشك أن يكشف التحقيق في مؤامرة الأطباء اليهود في الكرملين عن إدارة بيريا نفسه لتلك العصابة، ولعل ذلك العشاء السام كان ستالين يهدف منه الإيقاع ببيريا . توفي ستالين في 5 مارس آذار 1953 ففقدت البروليتاريا في العالم قائدها وحارس ثورتها اليقظ الذي سجلت ثورتها الاشتراكية العالمية انتصارات تاريخية كبرى لا تمّحي بقيادته، فكان أن انهارت ثورتها على أساسها واجتمعت اللجنة المركزية في سبتمبر من نفس العام وقررت ذليلة إلغاء الخطة الخمسية الخامسة . وبذلك استولى العسكر طليعة البورجوازية الوضيعة على السلطة وبدأ انحدار أقوى دولة في العالم إلى الحضيض حتى الانهيار عام 1990 ـ وتتوجب الإشارة هنا إلى أن مجندي البورجزازية الوضيعة يدعون بوقاحة فاجرة أن ستالين كان سبب الإنهيار !!

إثر انهيار أكبر امبراطوريتين إمبرياليتين بفعل الحرب، بريطانيا وفرنسا، آلت التركة الإمبريالية للولايات المتحدة الأميركية وهي قلعة النظام الرأسمالي الأخيرة . الحرارة الشديدة للهيب الثورة الاشتراكية المتعالي بعد الحرب أفقد رجال الإدارة الأميركية رشدهم وأخذ يتقدمهم حمقى مثل ترومان وجورج مارشال والأخوان جون وألان دالاس وجون هوفر وجوزف مكارثي ولندون جونسون ومن على طرازهم، وعندما تقدمهم من ليس به حمق مثل جون كندي وأخوه روبرت سارعوا لاغتيالهما . هؤلاء الحمقى لم يترشدوا في إدارة التركة الإمبريالية وانفقوا ما طالته أيديهم من أرصدة الولايات المتحدة الغنية على مقاومة الشيوعية . في نهاية ولاية الأحمق الأخير لندون جونسون 1969 وجدت الولايات المتحدة نفسها مفلسة ليس لديها ما يغطي نفقاتها الهائلة على الحرب في فيتنام فكان أن خرجت من معاهدة بريتونوود [Brittonwood] في العام 1971 التي تقضي بالغطاء الذهبي للنقد وأخذت تطبع ما تحتاجه حربها في فيتنام من دولارات مسترشدة بانفاق هتلر على حروبه حتى انتهى المارك الألماني إلى ما لا يساوي الحبر في طباعته .

في عامي 1972 و 73 انخفض سعر الدولار في الأسواق بنسبة تزيد على 30% وهو إشارة قاطعة على أن النظام الرأسمالي في قلعة الرأسمالية الأخيرة في انهيار كبير ؛ وقد كتب اقتصاديون كبار آنذاك عن انهيار نظام الانتاج الرأسمالي في أميركا كما اعترف وزير الخزانة الأميركي بهذه الحقيقة في اجتماعه مع وزراء المالية للدول الخمسة الغنية فيما وصف في حينه بمحادثات المكتبة في نوفمبر 1974 وفي نوفمبر 1975 اجتمع رؤساء الدول الرأسمالية الخمسة الغنية [G 5] لينعوا النظام الرأسمالي في العالم، وقرأوا صلاة الجنازة التي قالت خلافاً للقانون الأساسي للنظام الرأسمالي أن غناهم يتمثل بنقودهم وليس ببضائعهم . وهكذا انهارت الطبقة الرأسمالية وحلت محلها البورجوازية الوضيعة التي تنتج الخدمات ومنها المتاجرون بالمال مثل أصحاب المصارف والمضاربون في البورصة . وانتهى مرشحا الرئاسة في الولايات المتحدة إلى أن يتنافسا على من هو ممثل الطبقة الوسطى أو طبقة البورجوازية الوضيعة، جورج بوش الإبن الجمهوري أم آل غور الديموقراطي .
عالم اليوم تحكمه في مختلف أمصاره طبقة البورجوازية الوضيعة وكان ذلك في العام 1953 في المعسكر الاشتراكي وفي العام 1975 في المعسكر الرأسالي . البورجوازية الوضيعة لا تعمل في الإنتاج البضاعي أو المادي ولذلك ترى عالم اليوم يغوص عميقاً في الفقر ويستدين سنوياً أكثر من ثلاث ترليونات من الدولارات حتى تجاوزت ديونه اليوم 75 ترليون دولار، وتتفشى فيه المجاعات وحروب الهويات والإرهاب وتجارة الرقيق والمخدرات ويتعامل بالنقود الزائفة وتبييض الأموال مسرعاً إلى الوصول إلى الكارثة الكونية الحتمية .

وأخيراً أؤمل أن أكون قد عرضت أطوار البورجوازية عبر التاريخ بما يفي بحاجة صديقنا الكبير لمعرفة البورجوازية



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة ثانية إلى سعد الحريري
- في السياسة والاقتصاد
- في بيتنا تروتسكيُ
- الشيوعيون ليسوا وطنيين
- برهان غليون يرثي انحلال الطوائف
- رسالة مفتوحة إلى سعد الحريري
- الماركسية والخارجون على القانون (تابع 5)
- الماركسية والخارجون على القانون (تابع 4)
- الماركسية والخارجون على القانون (تابع 3)
- الماركسية والخارجون على القانون (تابع 2)
- الماركسية والخارجون على القانون (تابع)
- الماركسية والخارجون على القانون
- الماركسية هي دستور الحياة وناموسها
- ماو تسي تونغ صمت دهراً ونطق كفراً (3/3)
- ماوتسي تونغ صمت دهراً ونطق كفراً (2/3)
- ماوتسي تونغ صمت دهراً ونطق كفراً (1/3)
- الديموقراطية السوفياتية المثلى
- السياسيون لا يُستشفَون
- الحزب الشيوعي يخون الثورة مرة واحدة فقط
- تفاقم المديونية إنّما هو إنعكاس لانحطاط المجتمع حتى الإنهيار


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد النمري - البورجوازية في التاريخ