أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - درس حضاري من اسكتلاندا














المزيد.....

درس حضاري من اسكتلاندا


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4579 - 2014 / 9 / 19 - 15:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمكن اعتبار استفتاء الشعب السكتلاندي يوم 18 أيلول/سبتمبر 2014، عملاً تاريخياً مهماً، ودرساً حضارياً بليغاً، ليس لشعوب المملكة المتحدة البريطانية فحسب، بل وللعالم أجمع، وبالأخص لشعبنا العراقي ذو التعددية القومية والدينية المشابهة لبريطانيا، مع الفارق في المرحلة التاريخية والحضارية.

لقد رفض 55% من الاسكتلنديين الانفصال عن الاتحاد البريطاني مقابل 45% مؤيدي الاستقلال، أي بفارق 10% لصالح الاتحاد. وكانت نسبة المشاركة عالية جداً 84% من الذين يحق لهم التصويت من عمر 16 سنة فما فوق.

إن مطالبة الحزب القومي السكتلاندي (SNP) بقيادة أليكس ساموند (الوزير الأول لحكومة الإقليم) بالاستقلال هي انعكاس للشعوري القومي القوي لدى نسبة عالية من هذا الشعب في تحقيق دولته القومية، وهو حق مشروع وفق مبدأ تقرير المصير (مبدأ ويلسون، رئيس الولايات المتحدة) الذي أقرته الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. فالشعب السكتلاندي فخور جداً بهويته القومية، وبتاريخيه المجيد الذي أنجب شخصيات تاريخية فذة تركت بصماتها على الحضارة البشرية من أمثال آدم سميث، وديفيد هيوم، وجيمس واط وغيرهم كثيرون في مختلف مجالات المعرفة، إضافة إلى ما يتمتع به من ثروات طبيعية.

ولكن ما يهمنا هنا هو الدرس الحضاري الذي يجب ان نستخلصه من هذه التجربة، وهو أن ما حصل عن طريق الاستفتاء كان يتم في الماضي، ولحد الآن في شعوب العالم الثالث، عن طريق الحروب المدمرة،. لقد حصل الاتحاد الاختياري بين مملكتي سكوتلاندا وإنكلترا عام 1707، والذي وضع نهاية وإلى الأبد للحروب الطاحنة بين المملكتين قبل ذلك التاريخ.

إن أول استفتاء اسكوتلاندي للحكم الذاتي كان قد جرى في عهد حكومة حزب العمال برئاسة الراحل جيمس كالهان عام 1979، وفشل. ثم تلاه استفتاء آخر عام 1997، وكان أيضاً في عهد حكومة العمال، برئاسة توني بلير، والذي نجح في تحقيق الحكم الذاتي، وتأسيس برلمان يتمتع بصلاحيات محدودة ما عدا تقرير الضريبة وأمور أخرى. وهذا النجاح شجع القوميين فيما بعد إلى المطالبة بالانفصال والاستقلال التام والذي فشل يوم أمس.

إن سبب الفشل هو أن خلال 300 سنة من عمر الاتحاد حصل اندماج كلي في مختلف المجالات بين الشعب السكوتلاندي وبقية شعوب المملكة المتحدة، وأهمها الاندماج الاقتصادي والثقافي. فمن الصعوبة على حكومة اسكوتلاندا المستقلة أن تبقي الجنيه الاسترليني عملة لها، وحتى الحفاظ على الاستقلال الاقتصادي بدون دعم المملكة المتحدة، وعلى سبيل المثال، انهار قبل أعوام البنك الملكي السكوتلاندي (Royal Bank of Scotland)، فقام البنك المركزي الإنكليزي بإنقاذه، ولولا هذا الدعم لحصل إنهيار كارثي في الاقتصاد السكوتلاندي. هذه الحقيقة باتت معروفة لدا الشعب. إضافة إلى نظام الرعاية الصحية الوطنية (NHS) التي هي من أروع الخدمات في العالم والتي هي مضمونة في ظل الاتحاد. ولذلك وجد 55% من الشعب السكوتلاندي مصلحته مع البقاء في الاتحاد بدلاً من مغامرة الانفصال ومخاطر المستقبل المجهول.

ما بعد الاستفتاء
هذا الاستفتاء هو الأخير من نوعه، ولن يتكرر في المستقبل، وهو لم يمنع إنفصال اسكوتلاندا من المملكة المتحدة فحسب، وإنما قدم تحذيراً للقوميين الآخرين في إقليم ويلز، وشمال أيرلندا أيضاً، فهؤلاء كانوا ينتظرون نتائج الاستفتاء، ففي حالة نجاحه كانوا ينوون السير على نفس الخطى ويركبوا الموجة ويجربوا حظوظهم في استفتاء مماثل والمطالبة بالاستقلال وبالتالي تفتيت المملكة المتحدة، ولكن هذا الفشل وضعاً حداً لطموحاتهم القومية.

ولكن مع ذلك، فهذا الاستفتاء ليس نهاية المطاف، بل هو أشبه بزلزال سياسي أجبر قيادات الأحزاب الكبرى الثلاثة (المحافظين، والعمال، والأحرار) إلى أن تعيد النظر في دستور الاتحاد. فجميع القوميات (سكوتلاند، ويلز، وشمال أيرلاندا) تتمتع بالحكم الذاتي حيث لها برلماناتها وحكوماتها الإقليمية ما عدا الشعب الإنكليزي الذ يفتقر إلى برلمان إقليمي وحكومة إقليمية. ولهذا السبب، فهناك مطالبة من الشعب الانكليزي، ووعود من قيادات الأحزاب الرئيسية بالشروع في سن قانون يعتبر نقلة نوعية في الديمقراطية، يزيد من صلاحيات برلمانات وحكومات الأقاليم بما فيها تقرير الضريبة، و ينصف الشعب الإنكليزي بتأسيس برلمانه الإقليمي الخاص به، وربما تقسيم إنكلترا إلى عدة أقاليم، (جنوب، ووسط، وشمال)، والحفاظ على البرلمان المركزي الاتحادي (مجلس العموم البريطاني) والحكومة المركزية الاتحادية في لندن.

وبالنسبة للقيادات السياسية العراقية من مختلف مكونات الشعب العراقي أن تستخلص دروساً وعبراً من هذه التجربة، بأن لا تتسرع في اتخاذ أية خطوة انفصالية في هذه المرحلة العاصفة من تاريخ العراق يصعب عليهم التراجع عنها عندما تثبت فيما بعد أنها كانت خاطئة. وإنما العمل على إنضاج الديمقراطية، واستعادة الثقة، ومن ثم اتخاذ الخطوات التدريجية العلمية لإنشاء الأقاليم وتوسيع صلاحياتها.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أمريكا دولة إستعمارية؟
- عودة إلى مقال: الاتفاقية..أو الطوفان!!
- حوار هادئ مع الأستاذ علي الأسدي
- مناقشة حول العلاقة مع أمريكا
- خطاب مفتوح إلى الدكتور حيدر العبادي
- داعش يفضح مناصريه السياسيين
- نفاق السعودية في محاربة الإرهاب والتطرف الديني
- لماذا ربح المالكي الانتخابات وخسر (المقبولية)؟
- المالكي يعطي درساً حضارياً في التداول السلمي للسلطة
- أما حان الوقت لإنصاف المسيحيين؟ نقترح مسيحي عراقي نائباً لرئ ...
- هل تكليف العبادي حل لمحنة المالكي؟
- لماذا بدأت أمريكا بضرب داعش الآن؟
- حول مفهوم حكومة التكنوقراط
- لا بديل عن صناديق الاقتراع
- البعث يدَّعي إعلان الحرب على داعش!!
- إذا كنت لا تستحي فقل ما تشاء
- مؤتمر عمّان نتاج تساهل الحكومة العراقية مع داعمي الإرهاب
- لماذا رشح الجلبي لمنصب النائب أول لرئيس البرلمان؟
- ماذا لو تحقق ما يريده أنصار داعش؟
- بارزاني على منزلق خطير


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - درس حضاري من اسكتلاندا