أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم عايد ابو صعيليك - الشمس إذ تشرق من -الصين-















المزيد.....

الشمس إذ تشرق من -الصين-


هيثم عايد ابو صعيليك

الحوار المتمدن-العدد: 4575 - 2014 / 9 / 15 - 21:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشهد التاريخ السياسي الدولي على تلازم العلم السياسي مع معطيات الجغرافيا السياسية في تحديد وجهة الصراعات الإقليمية والدولية وإطارها العام في البعد المتوسط والبعيد لهذه الصراعات، فالعوامل الجغرافية المحددة لمدى نفوذ أي قوة وحجم الموارد التي تملكها لا يمكنه إلا أن يحدد طبيعة التحالفات الإستراتيجية للدولة بشكل قد يكون معه دور التناقضات الأيديولوجية هزيلا في تحديد العلاقات الدولية (خصوصا في عصر ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي)، فالنفوذ السياسي لأي دولة في ألف باء السياسة تحدده القيمة الاقتصادية للدولة وموقعها الجغرافي كما القيمة العسكرية لها، هذه المحددات الثلاث هي التي فرضت تفوق الولايات المتحدة في الحرب الباردة، وهي التي حددت طبيعة تحالفات العالم السياسية منذ الثورة الزراعية للآن.
فعلى امتداد النصف الثاني من القرن العشرين، ساد العالم الصراع المتجدد بين القوة البحرية الأكبر والقوة البرية الأكبر، ولعبت الجغرافيا دورا مركزيا في تحديد طبيعة التحالفات السياسية وتحديد الوجهة العامة للصراع، فالاتحاد السوفييتي، الذي امتلك موقعا جغرافيا في أقصى الدائرة القطبية الشمالية، وابتعادا ملحوظا عن خطوط المواصلات البحرية والبرية الإستراتيجية، واجه معضلة كبرى في كيفية تأمين وصوله إلى البحار الدافئة وفتح اكبر عدد من الموانئ لسفنه العسكرية والتجارية، بشكل أصبحت معه الحرب الباردة تندرج في سياق السعي الامبريالي إلى منع الاتحاد السوفييتي من توسيع نفوذه جنوبا وهو ما حتم على السوفييت توطيد علاقاتهم مع الدول حديثة الاستقلال في أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومع أن الحرب الباردة شهدت فشلا سوفييتيا في تدعيم مراكز قوته في العالم الثالث، ونجاحا أمريكيا في تطويق الاتحاد السوفييتي بمجموعة من الدول المعادية (منذ حلف بغداد حتى الثورة الإيرانية اقله!)، ومن ثم انهيار الاتحاد السوفييتي في 1990، إلا أن ثبات العوامل الجيوسياسية يجعل من المحتم تكرار هذا الصراع بصورة أخرى بغض النظر عن التباين الفكري بين روسيا البلشفية وروسيا فلاديمير بوتن، غير انه للمرة الأولى منذ عهد الثورة الصناعية ينتقل الثقل السياسي والاقتصادي (والعسكري!) والحضاري للعالم من القارة الأوروبية، ومستعمراتها في أمريكا الشمالية إلى المحيط الهادئ، مما سيشكل منعطفا تاريخيا يعيد تشكيل السياسة العالمية وتوزيع مراكز القوى والتمدن في العالم، ويعيد الإرث لقوى ودول فقدت دورها الاستراتيجي خلال عقود وقرون، ويحط من القيمة الحضارية لبعضها الآخر، بصورة مطابقة تماما لما أحدثه انتقال المحور الاقتصادي من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي بعد حركة الاكتشافات الجغرافية الأوروبية واستعمار العالم الجديد منذ دياز وفاسكو دي غاما ( مع ما رافق ذلك من انحطاط لمكانة الدول والحضارات على سواحل البحر المتوسط، مصر بالدرجة الأولى).
الصين؛ هذا المارد العظيم الذي استطاع خلال أربعين عام فقط تحقيق معجزته الاقتصادية وردم 500 عام من الفجوة الحضارية التي تفصله عن الغرب، وفرضت الصين نفسها اللاعب الأقوى على الساحة الاقتصادية باقتصاد يعد الأكبر رقميا، ومع فائض مالي يقدر بـ 260 مليار دولار في الوقت الذي تعاني فيه القوى الاقتصادية التقليدية من حالة من الركود والانكماش المالي وتباطؤ النمو منذ العام 2008 ( وان كانت جذور الأزمة تعود إلى تاريخ فك ارتباط الدولار بالذهب في عهد مارغريت تاتشر)، أضف إلى ذلك تلك الصفقة التجارية الكبرى التي وقعتها الصين مع الاتحاد الروسي لتوريد الغاز الروسي إلى الصين بكلفة 400 مليار دولار، مع ما رافقها مع بنود عسكرية تضمن إدخال الأسلحة الروسية – السوفييتية الرهيبة في ماكنة الإنتاج الصيني، ولنا أن نتخيل الناتج! ( نصت الصفقة إضافة لشراء الصين عددا من المقاتلات الروسية على السماح للصين بتصنيعها ذاتيا)، الصين الجغرافيا الغنية والموارد الهائلة، والبحار المفتوحة على كل العالم هذه الصين ماذا تحتاج حقا؟! وما وجهة تحالفاتها القادمة؟! يمكن القول إجابة على هذا السؤال بان أي قوة اقتصادية تحتاج إلى ظهير عسكري يؤمن لها المحافظة على مصالحها في قارات العالم السبعة، فإذا كانت قوة اقتصادية بحجم الصين تبحث عن نفوذ يصل القارات السبع، فأي قوة عسكرية تلزمها لذلك؟
على التخوم الصينية الشمالية كان هنالك جار كبير بدء يزيل عن نفسه ركام المعارك ويمسح عن وجهه ذل الهزيمة، وينظر بتوق نحو مستقبل أفضل يعيد فيه الاعتبار لنفسه وكرامته، فخلف ثلوج سيبيريا هبت نيران حرب القوقاز ليسعى ضابط الكي جي بي السابق ( الرئيس حاليا) فلاديمير بوتن إلى ضبط إيقاع الأمن القومي الروسي والحفاظ على عوامل الوحدة الجغرافية لبلاده، مستخدما حق القوة لا قوة الحق، كما أي سياسي ناجح، هذا الدب الروسي المنتفض شكل الخيار الأفضل ( أو ربما الوحيد) للصين لضمان أمنها القومي وتأمين نفوذ عسكري حليف، فشهد العالم هذا الزواج الكاثوليكي بين قوتين اقتصادية وعسكرية لا غنى لأحدها عن الآخر.
والسؤال المطروح، ما هي اطر هذا الزواج وكيف يمكن الحفاظ عليه، وتوثيقه على خارطة العالم السياسية؟
على الخريطة السياسية للعالم، إذا رسمنا خطا يصل بين بكين فمانيلا ( الفلبين) فجاكرتا ( اندونيسيا) فبومباي ( الهند) فعدن فبورسعيد فطرطوس فالقرم فكييف فموسكو ومن ثم القوقاز فأسيا الوسطى فالتيبت و شينجيانغ ( تركستان الشرقية) إلى بكين مرة أخرى ستكون تلك الدائرة هي الدائرة الملتهبة وخاتم الزواج الذهبي في هذا الزواج الكاثوليكي، وهي الرابط المقدس بين كل مناطق الصراع التي سيشهدها العالم مستقبلا، من الصراع على ميناء طرطوس الى الصراع على سيفاستوبول ليولد عالم جديد على أنغام المارشات العسكرية للجيش الأحمر والجيش الشعبي الصيني، سيشهد كل فرد فينا هذا الصراع ونواتجه بأم عينه! وإذا كان إشراق الشمس من الهند يشير إلى شدة الحرارة في المثل العربي، فان الصين تعدنا بمرحلة ساخنة (وان لم يكن شرطا أن تشتعل الحروب العسكرية المباشرة فيها)، وأمام هذا الواقع الجديد الذي يفرض وجوده ممثلا بالاقتصاد الصيني، والاقتصاد الياباني، وبقية النمور الأسيوية، والى حد ما الهند وروسيا، وفي الجانب الآخر من المحيط الولايات المتحدة الأمريكية، سيصبح المحيط الهادئ في المرحلة القادمة البقعة الأسخن في العالم، وستتشكل العواصف فيه إلى الحد الذي يدفعنا لتسميته بالمحيط المالي العاصف!



#هيثم_عايد_ابو_صعيليك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن البرجوازية السورية الحاكمة وتوجهاتها الرجعية، مجرد إضاءات ...
- خواطر وأسئلة: إضاءات على كربلاء الامة!
- الكربلائية العراقية: إلى أين يأخذون العراق؟!
- عن الدولة الاسلامية في المدينة (1ه - 29 ه) واشكالات الفكر ال ...
- صراع في الخليج ؛ قطر الإمارة، وأحلام التوسع الإمبراطوري ( ال ...
- صراع في الخليج؛ قطر الإمارة، واحلام التوسع الامبراطوري


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم عايد ابو صعيليك - الشمس إذ تشرق من -الصين-