أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - آزاد أحمد علي - داعش بين خيوط اللعبة الأمريكية















المزيد.....

داعش بين خيوط اللعبة الأمريكية


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 4543 - 2014 / 8 / 14 - 22:29
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    



وصلت بهدوء وسرية رسالة بريطانية الى وزارة الخارجية الأمريكية، الرسالة كانت تتضمن صعوبة احتفاظ بريطانيا بهيمنتها ووصايتها على مناطق عديدة من العالم، ومواجهة المد الشيوعي فيها، وخاصة في تركيا واليونان. كانت تلك الرسالة دعوة بريطانية صريحة لأمريكا لملئ الفراغ الذي سيتشكل جراء انسحابها غير المعلن، وخوفا من ان يشغلها الاتحاد السوفيتي السابق. كانت الرسالة - الحدث المفصلي في شباط عام 1947، وعلى ما يبدو بدأت مع تلك الرسالة ( الدعوة) مرحلة جديدة من استجماع القوة والنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، لدرجة ان وزير خارجيتها يومئذ (جورج مارشال) وجه خطابا خاصا الى الأمركيين حفزهم لتحمل أعباء المسؤلية في حماية أمن وسلامة العالم. هذا ما أكده مايلز كوبلاند في كتابه: The Game of Nations (لعبة الأمم. بيروت 1970 تعريب: مروان خير)، كما أسهب: بان السياسة الأمريكية الجديدة اعتمدت مبدأ ترومان، اضافة الى مشروع مارشال. جوهر تلك السياسة كانت تهدف الهيمنة والتغلغل في مناطق واسعة من الشرق الأوسط، بمنهجية سلمية، سميت في الوثائق الدبلوماسية السرية: "التخطيط السياسي للصراع على مناطق النفوذ، في العالم عن طريق الحرب الباردة."
ما هو مثير للانتباه بعد مرور أكثر من ستين سنة على الانطلاقة الدبلوماسية الأمريكية السرية، أن تلك الخطة قد بدأت من سورية:" كان المفروض ان يكون العراق اول اهدافنا، فحكومته بوليسية مكروهة، الا ان الفريق المكلف بالتنفيذ في العراق لم يستطع مباشرة ذلك دون علم البريطانيين وموافقتهم... كما اسقطنا من حسابنا التدخل في شوؤن لبنان والاردن ومصر لاعتبارات شتى، وبحساب البواقي فلم يبقى امامنا الا سورية." ص66
استهدفت سورية كمفتاح لتغيير الشرق الأوسط. وبناء عليه قررت امريكا تغيير الحكم المدني فيها برئاسة شكري القوتلي، واعدت ضابط كردي طموح ومغامر هو حسني الزعيم ليقوم باول انقلاب في سورية، وربما في العالم بعد الحرب العالمية الثانية. سعت امريكا لإتخاذ سورية المساحة الأولى لرقعة اللعب الأممية: "كان انقلاب حسني الزعيم في 30 مارس 1949 من اعدادنا وتخطيطنا." ص 73

شكل انقلاب الجنرال الزعيم عمليا الخطوة السياسية الامريكية الأولى في المنطقة، وتم تقديمه ليكون لاعب أمريكا المعتمد. الا ان حسني الزعيم فشل في حكم سورية وتمرد على طاقم الدبلوماسية السرية، ولم يلتزم بتطبيق السياسة الأمريكية بحذافيرها. تم البحث عن رجل جديد لمتابعة المهمة. نفذ مركز اللعبة الأممية في وزارة الخارجية الأمريكية، مخططها المستند على قاعدة: "اذا لم تربح اللعبة يجب تغيير اللاعبين". فدعمت انقلابا عسكريا في مصر، اطاحت الملك فارورق، واستلم تنظيم الضباط الأحرار الحكم، تحت عنوان ثورة يوليو 1952. كان اللاعب الأمريكي الجديد ضابطا طموحا من بيئة فقيرة هو جمال عبدالناصر. دعمت أمريكا ناصر في الخفاء، حتى أصبح قائدا للعالم العربي، وأحد ابرز زعماء العالم، ومؤسسي دول عدم الانحياز.
تصاعدت الفعالية السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط بعد عام 1947، لتعويض التراجع في السياسة الكولونيالية التقليدية البريطانية، ولوقف المد الشيوعي، ولتأمين المصالح النفطية الأمريكية، اضافة الى توفير بيئة مناسبة لولادة واستمرارية دولة اسرائيل، عن طريق انشاء نظم حكم جديدة، تخدم هذه الأهداف والمخططات عمليا، وتعادي أمريكا شعاراتيا. وكانت قاعدة اللعبة الأمريكية تختزل في عبارة: "امريكا تجيد صنع أعدائها".
اعتمدت الادارات الأمريكية لاحقا على ما اسست له تلك المجموعة الدبلوماسية -الاستخباراتية في أعوام (1947 – 1958)، ولم تتحرر من أسر مخططاتها لاحقا. ان قراءة واستذكار بداية الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، ومعرفة بيئة انشاء ما يسمى بمركز اللعب العالمي، وكذلك مؤسسة (CIA) لاحقا يبدو ضروريا، لأن السياسات التي اعتمدت تثير تساؤلات حول جذور تاريخ الشرق الأوسط السياسي الحديث، وثقل (CIA) في الانقلابات والثورات، وحتى تشكل بعض الدول العربية في النصف الثاني من القرن العشرين. ان المحلل والمتابع يحتاج الى مزيد من المعلومات والحقائق حول تلك الخطط والنشاطات التي عرفت في وزارة الخارجية الأمريكية: "بدبلوماسية ماوراء الكواليس."
ان القراءة الراهنة للأحداث السياسية توحي بتكرارها بصيغ متحاكية في كل من سورية ومصر. فبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الانتفاضات العربية، وتتبع الموقف الأمريكي، يتبين حرص أمريكا منذ الأيام الأولى على عدم التدخل الظاهري والتروي، خاصة من قبل وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون. إلا أن نشاطات السفير الأمريكي في دمشق روبرت فورد _ والتي لامجال لحصرها هنا _ كانت تدل على ان امريكيا ترغب في متابعة لعبتها السياسية في سورية، بل ان تجدد اسس اللعبة برمتها. جدير ذكره ان كوبلاند كان قد اشار عام 1969 الى ان النجاح الأمريكي في سورية يحتاج الى رجل قوي ومتعطش للسلطة، تساعده نخبة حاكمة، لكي تستقر أوضاع البلد. وهذا ما تحقق عام 1970. السفير روبرت فورد فشل في دبلوماسيته، التي لم تكن تماما تجري وراء الكواليس، فاستقال. وعلى الرغم من ذلك مازالت الادارة الامريكية تحتفظ بخيوط اللعبة، وان لم تقرر بعد بقيادة اوباما - حتى اجتماعه الأخير مع وفد ائتلاف قوى المعارضة السورية - كيفية استعادة فرصتها الضائعة، أو اي لعبة ستشارك فيها. لكن ماهو مؤكد ان أمريكا عند انطلاقتها الأولى الى فضاء السياسة العالمية قد بدأت من سورية، واختارت طريق الانقلابات العسكرية لتنفيذ مخطاطاتها، وان لم توفق فيها.
ثمة تساؤل يفرض نفسه اليوم في سياق استذكار هذه الأحداث التاريخية، فيما اذا ارسلت وزارة الخارجية الأمريكية ايضا رسالة سرية الى روسيا تفصح عن رغبة أمريكا في الانسحاب من المنطقة، او الشرق الأدنى على أقل تقدير، تدعو فيها روسيا _ كدعوة بريطانيا لها قبل أكثر من ستين سنة _ لملئ الفراغ الاستراتيجي الذي سيتشكل جراء انسحابها؟! والذي سيملئ حكما من قبل قوى محلية او منظمات متطرفة. ربما تم فعلا توجيه مايشبه الرسالة، أو الدعوة، والا لماذا كل هذا التخبط الأمريكي في سياسات المنطقة، وهذه الخسارة الواضحة والمتكررة في ساحة لعبتها المفضلة "سورية". الا اذا تنبهنا الى حقيقة ان الساسة الأمريكان يفضلون دائما ان تستمر اللعبة السياسية وتطول، وان خسروا في جولاتها المتكررة، لأنهم مولعون بمتعة الممارسة ذاتها، كما انهم عن طريق اطالة اللعبة فقط يعيدون اكتشاف مصالحهم، وما ينبغي ان يفعلوه بالضبط في أشواط اللعبة المتناوبة بين سورية ومصر.
أخيرا ان غزوة داعش لمدينة الموصول في 10 حزيران 2014، وحربها على اقليم كوردستان في 3 آب، وتزايد الدعم الدولي لكوردستان في الدفاع عن مواطنيها، واشتداد حدة المعارك، قد تجبر داعش للانسحاب من سورية. واذا اخذنا تصريحات الرئيس اوباما بافتراضه ان مدة الهجمات الجوية على مسلحي داعش قد تطول. فالمشهد برمته بات يثير الكثير من التساؤلات، فهل شارفت اللعبة الأمريكية في سورية على الانتهاء؟ أم ان خيوط اللعبة قد تشابكت أكثر من المتوقع بعد صعود داعش؟ المؤكد ان الادارة الأمريكية ابدت فعالية وحزما لدرجة اوحت بأنها الوحيدة التي مازلت تمسك بخيوط اللعبة السياسية التي شملت العراق بقوة أكثر من أي وقت آخر.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معرفة الأكراد عربيا
- لماذا انحنت القوى العظمى أمام حكام طهران؟
- هل حقا كردستان مستعمرة دولية؟
- مصير مناطق غربي كوردستان بعد محطة تل كوجر
- الانتفاضات العربية: جوع للسلطة وكراهية لللاصلاح
- تركيا وخيارات شراكتها الصعبة
- من المدينة الفاضلة إلى مدينة الكينونة
- دور الحركة الكردية في الانتفاضة السورية خلال عام 2011
- الحركة الكردية ودورها في المعارضة السورية*
- يشار كمال في: سلطان الفيلة
- الاستخدام المُفرَط للتاريخ في الأجندات السياسيّة
- اللغة السيكولوجية في العمارة
- مفتي دمشق ابن فضل الله العمري
- العمارة المعاصرة من النزعة السلفية إلى الحداثة المنسجمة
- الكرديّ الذي يحمل خازوقه -نموذجاً للقسوة والاستبداد-
- أسماء للنسيان رواية لنسيان الأحداث الكبرى
- هل تحتاج تركيا إلى حربٍ دائمة ضد الأكراد؟!
- سحر المكان وطاقته أو فن «الفينغ – شوي»
- سحر المكان وطاقته
- العَمارةُ المحليّة وتأثيراتُ الثقافة البصريّة المُعَولَمَة


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - آزاد أحمد علي - داعش بين خيوط اللعبة الأمريكية