الظهور الأخيررلكعب بن الأشرف

رياض الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 4522 - 2014 / 7 / 24 - 16:39
المحور: الادب والفن
    

الظهور الأخير لكعب بن الأشرف
كان حزّ السيف لا يزال على رقبته ظاهرا. عمل بمهارة على إخفاء طريقة قتله القديمة. وضع قلادة خاصة للتمويه: دائرة في وسطها مثلث ذهبي، لكن الحزّ ذاك أشهر من أن يخفى عني. لكن أيمكن عودته بعد كل هذه القرون الطويلة؟ ربما أكون من أولئك الذين يمتلكون خيالا واسعا؟ لكنه هو هو من أقرأ عنه في أخبار الأولين: كعب بن الأشرف الشاعر الوسيم اليهودي. لديك حساسية عالية في تتبّع أخبار اليهود القديمة. أتعبك التلمود وقرية (جاي) هل جننت؟؟ أحيانا: أفكر وكأنك عنصري بغيض مثلهم..!كان يقف بعيدا قرب سياج مكتبة المتحف البريطاني وهو يضع برنيطة سوداء ومعطف مطري باللون نفسه.
تتطايرُ في الفضاءِ القريب
أيقونات سودْ
من تابوتِ الأسرار
كأنما فراشات استوائية
وحدها ما تبقى من الرحلة كلّها
تحت الصليب الحبشيّ المذهّب
وأصواتِ المرتلين الصاعدين
وطنينُ ذبابِ الآدميين
وكلما هبت ريح مفاجئة
والتابوت المحمول وسْطَ الجموع
غاص الجميع
في مكان ما
من صحراء الربّ
وضلعُ كنيسةٍ غابَ معهم في رمالِ الجزيرة
لحظتها
كان
هو
"عبد الحسن"(*) الكسير
سأتركك الآن أيها الباحث الموهوم. لا فائدة منك. تحولت في لحظة واحدة غريبة من المادية الديالكتيكية إلى الخرافات؛ أي ظهور وأي كعب هذا؟ تدفع الدولة الباونات الإسترلينية لتقول لها: سيظهر كعب بن الأشراف ثانية؟؟ لم يكن عبد الحسن غير إنسان يعتقد إلا بما يرى فقط.
ـ كيف حضرت إلى هنا يا صديقي ؟
ـ أنا من الذين يخطون !!
ـ هل تسخر؟!
ـ ربما ..أما زلت تكتب الشعر؟
ـ لا.
ـ تفكر بتابوت الحبشة أم بتابوتك الخاص؟
ـ لا أدري..
ـ تموت ولن تكتشف شيئا.
ـ هاهي قضية أخرى: حضورك هنا!.
كانت القلادة من كنوز نادرشاه المفقودة بيعت في مزاد علني في فندق الهيلتون بمبلغ أقل من قيمتها التاريخية. بدا كعب بن الأشرف مبتسما أخيرا وهو يضغط على زرّ الضيافة.
ـ ماذا تشرب؟ دم بشري أم شمبانيا؟أم شاي بسكر كثير كما هي طريقتكم التقليدية!؟
ـ دم بشري! أأنت جاد؟
ـ طبعا. ماذا تتوقع إذا؟ أنا كعب بن الأشرف ولست أي أحد أخر أيها الباحث عني.
لست ممن يؤمنون بتناسخ الأرواح، وتبادل الأدوار المضحك ذاك. أما عبد الحسن صديقي الديلكتيكي القديم فقد أصبح من أولئك الذين يبحثون في أسرار العالم الدفينة منذ أن استغرقه التابوت الحبشي في المدة الأخيرة. قال لي في أخر لقاء معه:
ـ هل رأيت كعب؟
ـ أي ككككعب تقصد ؟
ـ كعب بن الأشرف .. أي باحث أنت؟
ـ هذا قتل في عصر النبوة!
ـ هاهاهاها ها قد ظهر ثانية أيها الباحث!
ـ وما أنت فاعل له؟
ـ سأذبحه من جديد الليلة.
رأيت عبد الحسن لأخر مرة يحمل سيفا غريبا بشفرتين وهو يسير الى جانب سور مكتبة المتحف الخارجي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) الشاعر ألعدمي البصري عبد الحسن الشذر1952- 1981, شيوعي،مات في عقد الثمانينات وقد شوهد يسير على عكاز في أيامه الأخيرة ثم اختفى نهائيا لأسباب لا تزال غامضة..ربما اغتالته مخابرات صدام حسين آنذاك. الشعر للكاتب.

#رياض_الاسدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات