رياض الاسدي
الحوار المتمدن-العدد: 2548 - 2009 / 2 / 5 - 09:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بات من الوضوح بمكان إن أختيار رئيس لمجلس النواب العراقي الحالي والمزمع اجراؤه في جلسة يوم غد الأربعاء هو من الصعوبة بمكان. وقد أبدى العديد من اعضاء مجلس النواب قلقه في هذا المجال لكن العديد منهم بالطبع لم يضع يده على التناقض الرئيس الذي شاب هذا المجلس والمتمثل بالمحاصة الطائفية والمخاصصة السياسية؛ إن لم تكن هذه الحال واحدة من معالم الفشل العام الذي يعاني منه هذا المجلس.
ويكفي ان نمحص قليلا في طبيعة النقاشات والمواقف التي اتخذها أعضاء مجلس النواب على اختلاف توجهاتهم الطائفية لنكتشف مدى البؤس السياسي لهؤلاء السادة وهذه السيدات المغرمات بالصمت غالبا، ومجموعة المعرقلات التي قاموا بها للحيلولة دون سير عجلة الدولة بما يتوازى والتحديات التي واجهتها.
وشكلت أقالة أو استقالة رئيس مجلس النواب السابق السيد محمود المشهداني واحدة من التحديات السياسية الكبيرة التي تواجه هذا المجلس في دورته الحالية. ليس في أختيار خليفة له بل في الآلية المتخلفة المتحكمة بهذا المجلس. ومن المفيد التذكير ان حصول الأغلبية النيابية المطلقة هو شرط أساس لهذا المنصب الخطير, حيث تكون الاغلبية المطلقة (نسبة الثلثين) أي (138) نائبا من أصل (275) هي الحالة ةالقانونية لأشغال هذا المنصب, ومن الصعوبة الوصول إلى هذه النسبة بطبيعة الحال على وفق التجاذبات الحالية وعدم الاستقرار على شخص بذاته وإخضاع هذا الامر للتجاذبات الطائفية بالدرجة الاساس.
ولعل هذا الوضع السياسي الشائك هو الذي دفع ببعض النواب من مناصري المشهداني الذي أحدث ما يكفي من مشكلات تدل على ضعف هيبة ذلك المجلس وسؤ إدارته, مما دعا اولئك النواب إلى عودة المشهداني مرة اخرى إلى منصبه! هكذا تحل المشكلات التي تواجه هذا المجلس بطرق التراضي بآلية عفا الله عما سلف وبعد ما يكررها!
ولو اجرينا فحصا علميا لعموم اداء هذا المجلس الموقر فإننا سنكتشف حتما بانه كان عقبة في تطور الدولة العراقية في العديد من المشكلات التي واجهتها ولم يكون ما يكفي من عوامل لتذليل الصعوبات التي واجهتها. وحسنا فعل السيد عبد الناصر الجنابي النائب الشيخ المقاومجي أن أستقال عن هذا المجلس وأعلن توبته النصوح عنه بقوله: إني اتوب وأبرء إلى الله من هذا المجلس!. كما أننا لا نحيد الطرف عن الطريقة البارعة التي قام بها السيد سلام المالكي النائب السابق عن التيار الصدري حينما قدم استقالته من هذا المجلس على خلفية سؤ إدارته.
ولو أراد العديد من السادة النواب مراجعة طبيعة الاداء التشريعي والرقابي وطريقة حل المشكلات التي واجهت العراق لطالبوا بحل هذا المجلس وإجراء انتخابات مبكرة. لكنهم بالطبع لا يمكنهم فعل ذلك بسبب المغانم المليونية والجاه وما هو تحت الطاولة الذي حصلوا عليه بسبب وجودهم تحت هذه القبة غير السماوية. هذا المجلس الذي اصبح العراق وبامتياز الدولة الأولى في العالم في الفساد المالي والإداري. ويكفي أن نذكر غن تقريرا أميركيا قد صدر يوم أمس كان قد أشار بان نسبة الاهدار في المال العام بلغت 100 مليار دولار منذ 2003- 2008 يالها من فضيحة كبرى جديدة مائة مليار وبعض العراقيين يتسولون في الشوارع.
ومن الطيب التذكير بأن وزراء طلب استداعاؤهم لهذا المجلس - كوزير النقل على سبيل المثال - لكنهم لم يحضروا لحد الآن, وربما لن يحضروا للمسألة قط أمام هذا المجلس الموقر الذي لم يتبق امامه مزيدا من الوقت والمزيد من العطلات المجلسية طبعا. لم لا والدورة الصيفية على الابواب.
ولا تزال امام هذا المجلس ما يمكن أن يفعله للشعب العراقي المظلوم غير النزاعات على المناصب والاستحواذات على الغنائم وهو الاستقالة وغجراء انتخابات مبكرة لحفظ ماء الوجه. ومن هنا فإن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة لأختيار مجلس أخر في أسرع وقت يبدو مجديا في هذه الشهور لتلافي قضية تنصيب رئيس لهذا المجلس. فقد اثبت الفشل المتواصل لهذا المجلس ضرورة إنهاء أعماله في وقت مبكر لصالحة الشعب والدولة العراقية. لكن هذا الإجراء الضروري من يتخذه؟ هنا مكن السؤال دائما.
ومن الضروري التذكير بأن بول وولفويتز أحد المخططين للحرب على العراق قد استقال من منصبه رئيسا للبنك الدولي على خلفية 60000 دولار سريها لاحدى صديقاته من الموظفات العاملات لدية كما ان وزيرا معينا جديدا في حكومة اوباما الحالية قد استقال مسرعا بعد اتهامه بالتهرب عن دفع الضرائب التي مقدارها 120000 دولار فقط لا غير. هكذا تعالج الاخطاء والخروقات في الدول الديمقراطية. ولذلك ادعو اعضاء مجالس المحافضات الجدد إلى فتح ملفات الفساد الإداري والمالي للمدة السابقة من اجل الحفاظ على أموال الشعب العراقي. كما أدعوهم إلى ضرورة الإسراع بتفعيل ملفات الأغتيالات على اختلاف انواعها من اجل إحقاق الحق وعرضها على عموم الشعب مباشرة عن طريق الإعلام.
فالتعجيل بانتخاب مجلس للنواب جديد اوقع من البحث عن رئيس جديد لهذا المجلس الذي كان انتخابه واحدة من الاخطاء التاريخية الكبرى التي سيسجلها التاريخ السياسي العراقي بامتياز. وإذا كان لابد من وجود معيار لقياس الفوضى السياسية في هذه البلاد للمدة 2003- 2008 فإن خير مقياس لدى الباحثين السياسيين هو محاضر ووثائق مجلس النواب.
#رياض_الاسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟