|
الفَارِسُ المَوْعُودُ
كمال التاغوتي
الحوار المتمدن-العدد: 4492 - 2014 / 6 / 24 - 09:03
المحور:
الادب والفن
المَوْقِدُ فِي الرّكْنِ البَارِدِ. رَوْضٌ يَسْقِيهِ قَشٌّ يَابِسٌ. لَمْ يَنْسَ رَمَادَهُ بَعْدُ. قَنْدِيلٌ يَسْتَدْرِجُ الظِلَّ. مَا أشَدَّ إلْحَـاحَ الفَتِيلِ! الوَعْدُ بَعِيدٌ والرَّعْدُ عَجُولُ. يَطْرُقُ البَابَ ذَا القُفْلِ. "مَا أيْسَــرَ أنْ يُفْرِغَ قِــــرْبَتَهُ مِنْ كَـــوْمَةِ الأضْـوَاءِ". هَذَا مَا قَالَهُ شَيْخٌ يُحْصِي أوْجَاعَهُ. النِّسْوَةُ يُغْرِقْنَ الرَّاوِي فِي أقْدَاحِ الشَّايِ. يَرْمِي شَبَكًا. يُوقِظُ البَطَلَ الطَّافِحَ بالجِرَاحِ. "الفَارِسُ لاَ يَجْهَرُ بالسِّرِّ. يَدُهُ ذَابَتْ فِي مِقْبَضِ السَّيْفِ الطَّاعِنِ. يَبْلُغُ الجَبَلَ المَسْحُورَ. يَمْلأُ جَرّةً رُمَّانًا مِنْ زُجَاجٍ." الرَّاوِي لاَ يَنْسَى مَا أوْصَتْ بِهِ العَرَّافَةُ:" إيَّــاكَ واليَأسَ". القِنْدِيلُ يُرْسِلُ رَائِحَةً لِلْبَرْقِ العَابِرِ. أفْعُوانٌ يَمْتَدُّ عَلَى الجِدَارِ. يَتَمَادَى. يَنْقَسِمُ الرَّأسُ المَصْقُولُ إلَى سَبْعَةٍ. "يَهْجُمُ الفَارِسُ وَقَدْ قَهَرَ اليَأسَ بالذِّكْرَى". يَبْدُو أنَّ رَاوِيًا أوْحَدَ يَعْجَزُ عَنْ حَمْلِ هَيْكَلِ البَطَلِ. قَالَ كَهْلٌ:"ألاَ بُدَّ مِنْ أمِيرَة؟" الشّيْخُ يُرَسِّخُ السَّقْفَ بِعَيْنَيْهِ. " الحُبُّ هُوَ الخَمِيرَة. لاَ يَقْطَعُ الفَارِسُ بالبَتَّــارِ رَأسًا إلاَّ وَأثْمَرَ مِثْلَهُ. لاَ مَخْرَجَ إلاَّ فَقءُ العَيْنِ. هَا هِيَ تُومِضُ." تُرْسِلُ امْرَأةٌ تَنْهِيدَةً. تَتَلأْلأُ عَيْنَاهَا فِي انْتِظَارِ القُبْلَةِ. "الفَارِسُ لاَ يَشْرَبُ. تِلْكَ الوَصِيَّةُ". يُعَقِّبُ الشَّيْخُ:" حَتَّى يَنْزِلَ القَمَرُ." طِفْلٌ يَأوِي كالجَرْوِ إلَى أقْرَبِ حِضْنٍ. الرِّيحُ تَهْجُمُ بالمُكَاءِ وصَدَى الأمْوَاتِ. تُمَزِّقُ جِلْدَ الغَيْمِ. حَنِينُ الرَّعْدِ يُشْرِقُ فِيهِ كَفٌّ حِنَّاؤُهُ خَضْرَاءُ. "هِضَابٌ مِنْ أشْهَى النِّسَاءِ. زَوْرَقٌ مُفْعَمٌ بالحَلْوَى. أهْرَامُ السَّاحِرَاتِ المَقْلُوبَةُ تَصْرُخُ غُلَّةً ". قالَ شَابٌّ: "آهٍ! لَوْ كُنْتُ مَكَانَهُ!" الرَّاوِي غَارِقٌ فِي لُجَّةٍ مِنْ نُهُودٍ مِثْلَ صُحُونِ العَسَلِ. "الفَارِسُ لاَ يَأبَهُ. يَغُضُّ البَصَرَ. تُمْسِي النِّسَاءُ عَقَارِبَ. لَكِنَّ السَّيْفَ الصَّارِمَ بالمِرْصَادِ. يَعْصِفْنَ. طُوفَانٌ مِنَ المِلْحِ يَشْمَلُهُ. تَغْدُو الهِضَابُ صَحْرَاءَ. مَا عَدَا العَيْنَ". فَلْيَرْوِ الظَّمَأَ. تَبًّا لِلْحُبِّ! ذَاتُ الحِنَّاءِ الخَضْرَاءِ قَالَتْ:" يَنْجُو" الرَّاوِي جَفَّ حَلْقُهُ. "المِلْحُ يَزْحَفُ صَوْبَ عَيْنَيْهِ. يُغْمَى عَلَيْهِ.". تَشْهَقُ المَرْأةُ. التِّنِّينُ سَيَقْضِي عَلَيْهِ. " لَمْ يُبْصِرْ سِوَى العَيْنِ. سَيْفُهُ لَمْ يَسْقُطْ. ذَاكَ مَا أبْقَاهُ حَيًّا. ظُلْمَةٌ تَنْثَالُ. وَجْهُ العَيْنِ ازْدَادَ نُضُوحًا. " قال الشَّيْخُ:" فَرَجٌ يَقْتَرِبُ." الرَّعْدُ يَبْعُدُ. الرِّيحُ تُرْقِصُ الأشْجَارَ العَجْفَاءَ. "القَمَرُ الوَضَّاءُ فَوْقَ رَأسِهِ. يُصَابُ بالهَلَعِ الشَهِيِّ. يُفْسِحُ الطَّرِيقَ. يَنْزِلُ القَمَرُ. يَنْغَمِسُ فِي العَيْنِ. يَقْطِفُ الفَارِسُ جُرْعَتَهُ. تَرْتَجُّ مِرْآةُ المَاءِ. القَمَرُ الصَّافِي يَغْتَسِلُ. يَرْتَفِعُ. تُورِقُ السَّمَاءُ أجْرَاسًا مِنْ بِلّوْرٍ. يَمْتَدُّ الجِسْرُ". الشَّابُّ الحالِمُ:" والنِّسَاءُ؟" "يَعْبُرُ الفَارِسُ. يَدْخُلُ الصَّدَفَةَ المَلْعُونَةَ. يُلْقِي السَّلاَمَ عَلَى سَيِّدِةِ الهَبَاءِ. لاَ تَلْبَثْ حَتَّى تَسألُهُ عَنْ سِرِّهِ. لاَ يُجِيبُ. بَلْ يُشْهِرُ السَّيْفَ. تُسْعِفُهُ بالجَاوِي. يُلْهِبُ التَّابُوتَ. تَـرْتَسِمُ الأدْخِنَةُ أحْرُفًا مِنْ يَاقُوتٍ. امْضِ إلَى بُحَيْرَةِ النُّحَاسِ" المَرْأةُ:" مَا أقْسَى الحُبَّ! " الشَّيْخُ: "حَانَتْ سَاعَةٌ. سَأسَافِرُ." يَأخُذُ الشَّابُّ بِيَديْهِ فِي رِفْقٍ. الرَّاوِي يَسْتَرْجِعُ أنْفَاسَهُ. " يَلْمَحُ الفَارِسُ سَفِينَةً... " تُشْبِهُ تَابُوتًا مَحْمُولاً عَلَى الأعْنَاقِ عِنْدَ الظُّهْرِ. الشَّابُّ تُدْمِعُ عَيْنَاهُ وَهْوَ يُوَدِّعُ جَدَّهُ. المَرْأةُ:"كَانَ فَارِسًا." ذَاتُ الحِنَّاءِ:" وَدّعَنَا أمْسِ. لَمْ نَسْمَعْ." الشَّابُّ زَحْفًا يَجْتَثُّ الأعْشَابَ المَنْسِيَّةَ. لَنْ يَنْسَى الوَعْدَ.
#كمال_التاغوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نَعَمْ لِكَسْرِ الوِثَاقِ
-
مُحَالٌ
-
حَبِيبِي، كُنْ صَاعِقَةً وأنا الهَشِيمُ
-
مكر الراوي في مسرحية -مغامرة رأس المملوك جابر- لسعد الله ونو
...
-
درويش
-
رسالة حمدان قَرْمَط إلى أهل السّواد
-
لِمَ عَاجَلْتَنا بِالنَّشِيدَ ؟
-
أخِي يَصْقُلُ شَمْسَهُ
-
الإبادة الجماعية في القرآن مهمة تطهيرية
-
سحابة عابرة
المزيد.....
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|