أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الفيل الأبيض















المزيد.....


الفيل الأبيض


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4475 - 2014 / 6 / 7 - 02:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رمضان على الأبواب !!... وسيأتى مع رمضان نسائم الرحمة والغفران !!.. لكن رمضان هذا العام سيأتى معه نسائم النسيان لذبح 11 جنديا مصريا بدم بارد في شهر رمضان على الحدود فى عهد الأخوان !!...وها هو رمضان يقترب ولا يعرف المصريون من قتل هؤلاء الجنود ولماذا ؟!!... الجميع يضحكون علينا ويقولون : التحقيقات مستمرة منذ وقوع الجريمة كما تقول أجهزة الدولة المصرية المختلفة والشكوك كثيرة من قبل المواطنين بأن هناك تواطؤا لإهالة التراب على هذه الجريمة !!... وفى عهد الأخوان أيضا تم اختطاف سبعة جنود مصريين جنوب العريش من قبل جماعات جهادية متمركزة في سيناء حسب التقارير الأولية.... حادث الاختطاف هذا له دلالة خطيرة هو أنه حدث كاشف ليس لاختطاف الجنود وإنما لاختطاف الدولة المصرية برمتها فى عهد الأخوان من قوى داخلية من ناحية وتعريض دولة في حالة نقاهة ثورية لأطماع خارجية من دول وحركات ما تحت الدولة وما فوق الدولة !!.. هذه الحادثة كشفت وقتها حالة الانكشاف المصري بشقيه الأمني والسياسي واللوجستي مما يغري قوى إقليمية متربصة وحركات مارقة بالطمع ليس في اختطاف جنود أو قتلهم بل في اقتطاع أجزاء من وطن ترهلت فيه فكرة السيادة سواء من خلال معاهدات دولية مقيدة كمعاهدة كامب ديفيد وبروتوكولها العسكري، أو من خلال ترهل أمني جعل الحركات الجهادية تسيطر على جزء من سيناء، أو من خلال عرض إقليم كامل كمنطقة القناة للبيع لمن يدفع أكثر...

اختطاف هؤلاء الجنود كشف لنا طبيعة السيادة المصرية المنقوصة فى عهد الأخوان على سيناء ، فبمجرد أن تقول إنه تم اختطاف جنود حول العريش لا تحتاج أن تعرف أكثر عن نوعية الجنود المختطفين، فأنت أمام خيارين فقط، إما أن المخطوفين جنود من الأمن المركزي الموجود في المنطقة «ج» الممتدة من العريش شمالا حتى شرم الشيخ جنوبا، فبنص البروتوكول العسكري لاتفاق كامب ديفيد لا يوجد قوات مقاتلة مصرية في المنطقة «ج»، فقط توجد قوات الشرطة المصرية ممثلة بالأمن المركزي المسلح تسليحا خفيفا..... وإما من قوات حرس الحدود القابعة في المنطقة «ب» الممتدة من بير العبد شمالا إلى سانت كاترين جنوبا. ومن يستطيع اختطاف جندي مصري في هذه المنطقة يستطيع أيضا أن يختطف جنديا من القوات المتعددة الجنسيات الموجودة أيضا جنوب رفح في موقع الجورة...... يمكن أن يختطف جندي فرنسي أو جندي من جزر فيجي أو كولومبي أو مراقب أميركي من فرق المراقبين الدوليين، وبهذا تدخل مصر في أزمة دولية...... فالقوات الدولية الموجودة في سيناء مسلحة وقادرة على الدفاع عن نفسها وعن مواقعها وإذا ما ردت هذه القوات فسندخل في حيص بيص.... إذن الموضوع ليس حكاية اختطاف الجنود المصريين بقدر ما يتعلق بنقاط الضعف الخاصة بمدى استكمال السيادة المصرية على هذه المناطق في سيناء فى عهد الاخوان .....

ما حدث للجنود المصريين في سيناء هو جزء من مشكلة أراد التنظيم الدولى للاخوان تفجيرها ليزيد قلق المصريين من الخلل الأمني للقوة الوحيدة المكلفة بحماية البلاد وهي الجيش، فهذا مدعاة للقلق ليس للمصريين في الداخل فقط وإنما لكل من له مصلحة في استقرار مصر في الخارج.... مع الوضع فى الحسبان أن مشكلة منطقتنا بما فيها مصر هو القصور في فهم الأمن..... حيث يتصور البعض أن الأمن هو مجرد أفراد الجيش والشرطة بما لها من عدة وعتاد.....و الحقيقة غير ذلك تماما.... الأمن هو في الأساس أمر سياسي عموده الفقري هو شرعية نظام الحكم وفكرة القبول بين الحاكم والمحكوم التي معها يكون الالتزام بالقانون أمرا طبيعيا.... في هذا يكون دور قوات الأمن هو تنفيذ هذا القانون المقبول من الجميع.... وأيا كانت قوة الجيش أو الشرطة فلن تستطيع تغطية هذا العجز في الشرعية...مصر اليوم بعد نجاح السيسى لن تعاني من أزمة شرعية بعد هذا العدد الكبير الذى نزل ليعلن تأييده للسيسى رئيسا لمصر .... مما يعنى أن شرعية النظام متوفرة ....والقبول بين الحاكم والمحكوم متوفر .... لكن يبقى فقط الالتزام بالقانون وهذا هو دور الشعب !!ويبقى تنفيذ القانون من قبل الشرطة مع ما يتفق وحقوق الانسان فى اطار احترام القانون...

ثقافة الاختطاف هى التى كانت تكون منظومة الحكم في عهد مبارك ...حيث اختطفت جماعة جمال مبارك الدولة وحامت بها كما طائرة في الجو حتى سقطت في 25 يناير ... ثم جاء الأخوان واختطفوا الدولة كما خططوا لاختطاف الجنود من أجل بث القلق فى نفوس الشعب المصرى من القوة الوحيدة المكلفة بحماية البلاد وهي الجيش!!! واليوم إن لم ترسو طائرة مصر على الأرض وتعمل حسب قواعد السلامة للطيران المدني، فنحن أمام مرحلة دقيقة وشديدة الخطورة، وعلى كل من له مصلحة في استقرار مصر أن يقدم نصيحة صادقة للسيسى وليس التطبيل والهتافات الحنجورية هى التى ستدير الوطن !! فليس هكذا تدار الأوطان..... ولكم فى مرسى عظة وعبرة يا شعب مصر !!...كان واضحا للجميع أن مرسى أعجبته كثرة جماعته، لذا لم يتردد في التصعيد... فمرسي لم يلق كلمته إلا بعد أن تجمعت حشود التيار الإسلامي أمام جامعة القاهرة.... وما بين خطابه في «الاتحادية» وخطابه لأعضاء الجمعية التأسيسية، الذي كان بلا شك خطابا لحشد «الإخوان»، مر أسبوع احتشدت فيه قوى المعارضة في ميدان التحرير بمئات الآلاف، واعتصمت من حينها ، ولم يعرها مرسى أدنى اهتمام، ولم يتحدث إليها، ولم يلتفت إلى مطالبها.... مرسي كان يتحدث لـ«الإخوان» وللتيار الإسلامي فقط «واللي مايعجبهوش يخبط راسه في الحيط».... هذا التحدي السافر لقطاعات عريضة من المجتمع المصري أخذ الوطن إلى منحنى الخطر والتهاب المشاعر الذي يدفع بالثورة المصرية إلى حافة العنف المجتمعي الأوسع وهذا ما حدث بكل أمانة وتجرد ....

منذ الإعلان الدستوري الذي حصن مرسى ضد أي حكم قضائي، وخطب مرسى التي اقتصرت على جماعته وأهله وعشيرته ، وسلق الدستور في ليلة واحدة، والدعوة للاستفتاء على دستور «الإخوان» بهذه العجلة، أمور لا يمكن تفسيرها إلا بسياسة فرض الأمر الواقع.... وكان لسان حال مرسى وجماعته يقول إن المعارضة بالنسبة لـ«الإخوان» أيا كان حجمها ليست مهمة !!.... «الإخوان» في السلطة الآن، وعلى المعارضة أن تنصاع إلى أوامرهم.... هذا السلوك المتغطرس من مرسى وجماعته كان لا يصب في أي صيغة من صيغ التصالح الوطني، وإنما كان يصب في توسيع هوة الشقاق بين «الإخوان» ودعاة الدولة الدينية من ناحية، ودعاة الدولة المدنية من ناحية أخرى.... منذ قرر مرسي أن يلقي خطابه الثاني فقط لجماعته، ومنذ دعوته إلى الاستفتاء على الدستور، ونبرة العنف تزايدت في مدونات الشباب على «تويتر» و«فيس بوك»، كرد فعل لخطاب مرسى، وكرد فعل لجو العنف والتكفير الذي خلفته مليونية الشريعة... تلك النغمة كانت مختفية لكنها تحولت إلى لهجة جديدة فيها مسحة عنف تصاعدية لا تبشر بخير بالنسبة لمستقبل الدولة المصرية وقتها !!...ما أريد قوله أن سلوك مرسي، الذي لم يترك مجالا للشك في أنه رئيس جماعة الإخوان المسلمين فقط أو رئيس التيار الديني إذا أردت أن تكون كريما في التوصيف، وتعنته وإصراره على عدم التراجع عن إعلان دستوري، جعل منه فرعونا يتضاءل أمامه أي ديكتاتور عرفه التاريخ المصري الحديث....

كل هذه الاحداث وغيرها مهدت الارضية الخصبة للفتنة الطائفية فى عهد الاخوان من خلال تهجير 120 أسرة قبطية قسرا وبدافع طائفي لا غير من قرية دهشور في الجيزة وهو أمر غير مسبوق في مصر... أن ترحيل نصف قرية من ديارهم هو نوع من التطهير العرقي والديني ولو حدث هذا في مكان غير مصر لكان محل حوار جاد في أروقة الأمم المتحدة ولكننا في مصر نعترض عل أي نقد قادم إلينا من الخارج....مما لاشك فيه أن خطورة الأمر ليست في مجرد حدوثه ولكن في مكان حدوثه.... فالقرية غالبا هي الملاذ الأخير لقيم التسامح في المجتمع ومتى ما وصل الأمر وتغلغل إلى قاع المجتمع حتى نخر سوس الطائفية في القرية فنحن أمام خطر داهم ...ولذلك لزم الحديث وبوضوح لا مواربة فيه ...لأننا أمام فيروس الطائفية في مصر، فمن يسكت عن التطرف متطرف.... آن الأوان أن يتعامل المصريون مع الطائفية بالجدية التي تليق بالخطر ولكن بكل أسف ما زالت الممارسات القديمة هي التي تسيطر على السلوك المصري وبالتالي نحن أمام خطر سيتفاقم مع الأيام لأننا غير جادين في البحث عن حلول جذرية للمشكلة.....الصحف حبرت بالحديث عن المجتمع المصري كنموذج تعايش لا نموذج تطرف، ولقاء شيوخ الأزهر بأهل الكنيسة وتم المعتاد من تبويس اللحى وترديد عبارات تعانق الهلال والصليب والشيخ والقسيس وتكررت عبارات أن أقباط مصر ليسوا أقلية، ووقف الكتاب فى الصحف يرفعون سيوفهم منددين بتصريحات الخارجية الأميركية وهيلاري كلينتون التي تتحدث عن الاضطهاد الديني في مصر على أنها تدخل سافر في الشؤون الداخلية المصرية !!... هذا الطرح والرؤية المطروحة ما هى ألا ما تدرب عليه الصحافيون والاعلاميون والكتاب في عهد صفوت الشريف وإعلام تعليق مشكلات الداخل على الخارج كبديل عن معالجتها.....

إذا كان الأمر هكذا والممارسات مستمرة بحذافيرها كما هى فلماذا الثورة إذن والثورة على ماذا إذا كانت الأفكار ذات الأفكار والسلوك نفس السلوك.... نفس الممارسات من خلال تبويس اللحى ودفن الرؤوس في الرمال وترديد عبارات الهلال والصليب كلها تصب في مؤامرة الصمت التي تتجنب الحديث المباشر عن التطرف ....فمن يسكت عن التطرف متطرف !!...ما معنى عناق الهلال والصليب الذي فتن به المصريون؟ المعنى السطحي هو الإخاء والمحبة.... أم المعنى العميق فهو تديين كل شيء في المجتمع... لقد أصبح الوطن فى ظل هذا الشعار ليس مكان مواطنين بل مكان طوائف، هلال وصليب، وهو أمر يصب في مشروع الدولة الدينية التى ينادى بها التيار المتأسلم ... سكان مصر ليسوا مواطنين بل هويات بدائية، أقباط ومسلمون وبهائيون ويهود الخ... إذن ما لزوم الثورة إن لم تكن المواطنة هي الأساس الجديد... المصرى بطبعه مغرم بالكليشيهات السطحية مثل الهلال والصليب ....وكذلك مغرم بالصور الكاذبة مثل الوطن يطير بجناحين أحدهما قبطي والآخر مسلم ...على الرغم من ما في هذه الصورة من طائفية مقيتة..... بالطبع لا يمكن أن تتصور طائرا بثلاثة أجنحة أو أربعة وبهذا إن لم تكن قبطيا أو مسلما في مصر .... فأنت لست مواطنا، فلا مكان للبهائي أو اليهودي أو البوذي أو أي ملة أخرى....إذن ما لزوم الثورة إن لم تكن المواطنة هي الأساس الجديد... المصرى لا يهمه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما حدث في العالم من تطور، هو فقط غارق في الطائر وجناحيه.... ونتيجة لأن 40 % من المجتمع لا تقرأ ولا تكتب والبقية تكتب ولا تقرأ فلا مكان لنقد جاد في مصر !!... وإذا ما تعرض كاتب مثلى للنقد الجاد رمي بالكفر والإخراج من الملة من قبل من يدعون أنهم يمتلكون صكوك الغفران أو رمي بالخيانة ممن يتوهمون أن لديهم صكوك الوطنية... وبهذا يتجنب المتطرفون الحديث عن المشكلة الطائفية ويرحلونها إلى خانات أخرى مثل خيانة الوطن أو العمالة أو الخروج عن الدين.... هذا الترحيل أيضا في تقديري يقع في خانة «الساكت عن التطرف متطرف وشيطان أخرس»....

كل يوم ندعي أننا حضارة قديمة ولا نعرف أننا دولة حديثة العهد بالحكم الرشيد وحقوق الإنسان.... نعم نحن مجتمع قديم ولكننا أبناء دولة حديثة لم تتجاوز سن المراهقة عند الدول المتقدمة ديمقراطيا والتي نراها واضحة في سلوك كثير من دول العالم الثالث..... نحن دولة لم تكتمل لديها فكرة المواطنة بعد ولكن من يقول بهذا في مصر يرجم في ميدان عام لأن مؤامرة الصمت تسيطر حتى على أكثر المثقفين تعليما ممن تراهم فجأة وعليهم كل أعراض الشفونية والانغلاق متى ما تعلق الأمر بالوطنية الوهمية التي أنتجتها حقبة الاستبداد....مصر تحتاج أن تنظر إلى نفسها في المرآة، فمصر بعد الثورة تشبه إلى حد كبير مصر ما قبل الثورة وربما أقل منها كثيرا من حيث الفضيلة.... اذا كنا نخطط لكى تضيع المواطنة وتصبح نسيا منسيا و تلك هي النية فلنقم بما نقوم به بفجاجته دون تبويس لحى ودون حديث عن جناحي الوطن وعن عناق متوهم وكاذب للهلال والصليب حتى يرى العالم إلى أين وصل بنا الحال.... لقد أبهرنا العالم بثورتنا والآن قد آن الأوان لنبهر العالم بطائفيتنا وعنصريتنا البغيضة ....لا بد أن نعي لماذا نحن في تلك الورطة التي وجدنا أنفسنا فيها.... البداية هي فشل الدولة الوطنية أو دولة ما بعد الاستعمار (وليست دولة ما بعد الاستقلال، كما ندعي، لأن الاستقلال لم يتحقق)..

لقد فشلت تلك الدولة في أول صفقة عقدتها مع مجتمعاتها... حينما طلبت منا دولة ما بعد الاستعمار التخلي عن حقوقنا السياسية مقابل تحسين أوضاعنا الاقتصادية، وانتظرنا ستين عاما أو يزيد ولم نحصل على النمو الاقتصادي، حتى عندما حدث انفتاح في عهد السادات كانت فوائده محصورة في قلة، وتم عزل الأغلبية عن النفع الذي جاء مع الاستثمارات الأجنبية التي شملت تلك الفئة الصغيرة.... لقد بنينا دولة ما بعد الاستقلال أو ما بعد الاستعمار لمنفعة الأقلية على حساب الأغلبية المطحونة والتى تحلم بغد أفضل ... لذلك كان التذمر السياسي والاقتصادي، وصبرنا قليلا من أجل الشرف الوطني في عام 1967 .... وطالبنا الرئيس المهزوم بالعودة من أجل الشرف الوطني... وشربنا المر وتجرعنا المهانة من أجل تحقيق النصر في أكتوبر 1973 ... واستعدنا الشرف الوطني، لكننا أيضا تكاثرنا وازدادت أعدادنا فأصبحنا 90 مليون مواطن نصفهم من العاطلين.... النتيجة بعد الصبر والحروب كانت فقرا مدقعا، وصحة بائسة، وتعليما مخجلا.... ولم يكن لنا من سبل الحداثة إلا أن نشاهدها في البلدان الأخرى عبر الشاشات أو أدوات التواصل الجديدة، مما زاد من الحنق والحقد معا.... وكان الحل من تلك الورطة هو : إسقاط النظام والنخبة التي فشلت في أن تؤدي ما وعدت به منذ الاستقلال أو منذ خروج الاستعمار.... وجاءت 25 يناير 2011 لهدم دولة النخبة الفاشلة التي استعبدتنا باسم الوطنية....

وخرج علينا فريقا يقول : إذا كان الهدف هو تكسير وهدم البنى الفاشلة لدولة ما بعد الاستعمار فلا بد من التحالف مع قوى قادرة على الحشد والتكسير والهدم ، وهي القوى الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.... ومن أجل تحقيق ذلك لا بد أن نصوت لمرشح «الإخوان» محمد مرسي وجماعته.... جماعة الأخوان عقدت معنا صفقة جديدة ليست مثل صفقة عبد الناصر ورفاقه التي قايضت الحرية بالتنمية ولم نحصل لا على حرية ولا تنمية، بل صفقة من نوع جديد...هم طلبوا منا مقايضة حقوقنا السياسية بما سنربحه في الآخرة.... أي سنساعدكم وتساعدوننا في الهدم مقابل أن تكون الجنة لكم في الآخرة والدولة لنا في الدنيا.... هذه كانت صفقة مرسى وجماعته !!... لم تكن صفقتهم التخلى عن الحقوق السياسية مقابل التنمية فى الدنيا مثلا ... أن صفقة الاخوان كانت من نوع الفيل الأبيض الذى يعد نوعا من الخيال ولكن برؤية متأسلمة !! أو بمعنى أنها خدعة أخرى ضمن سلسلة خدع التطور السياسي المصري !!..كنت أتصور أن مصر بعد الخامس والعشرين من يناير ستتغير وتتبنى الشفافية والوضوح في القضايا الداخلية والخارجية، وتتبنى مواقف عقلانية راشدة تأخذ في الاعتبار مستقبل مصر كوطن وما ينفع المواطن كأساس للسياستين الخارجية والداخلية، ولكن الجميع صدم بظهور جماعة الأخوان ركوبها على ظهر الثورة وتسيدها للمشهد السياسي المصري بعد الثورة، فأي ثورة تلك التي لم تقلب فيها التربة ولم يتغير بعدها مانشيت صحيفة أو كلمة في برنامج تلفزيوني عما كان عليه أيام نظام مبارك من قبل...

مما لاشك فيه أن أي تلميذ درس مبادئ علوم السياسة يدرك ما يسمى في الغرب بالـ«فستيد إنتريستس» أو مجموعة أصحاب المصالح في أي نظام..... أي أن في كل نظام ديكتاتوري أو حتى ديمقراطي هناك مجموعات أصحاب المصالح ممن تكمن مصلحتهم في بقاء النظام القديم.... وهؤلاء هم أيضا من كانوا أدوات دعم وبقاء النظام القديم وتمكينه من الاستمرار لمدة ثلاثين عاما.... على السيسى أن يدرك أن نظام مبارك كان به على الأقل أكثر من مائة ألف من رجال الأعمال أو من يدعون أنهم رجال أعمال من الذين كانوا يسمسرون في الأراضي إلى من يملكون الأعمال الكبرى في مصر وهم تقريبا مائة أو مائتين ممن يتمركزون في كل مفاصل الدولة..... فأين ذهب كل هؤلاء، وأين ذهبت أموالهم ومصالحهم؟...فهل اختفى كل هؤلاء في غمضة عين؟...هل استسلم هؤلاء بكل هذه السرعة ورفعوا الراية البيضاء للثورة وبهذه البساطة؟ ... هؤلاء الناس لن يختفوا وموجودون بيننا، يمارسون هواياتهم في تعظيم مصالحهم، يقفون مع من يقف معها ويتصدون لم يقف ضد هذه المصالح...هذه هي مجموعة الــ«فستيد إنتريستس»..
فبعد 3 أعوام من خلع حسني مبارك عن الحكم أجدني مختلفا كل الاختلاف مع معظم من كانوا معي في الميدان فى 25 يناير ، فهم يتصورون أنهم أسقطوا نظام مبارك، ولكن البيت المصري سليم لذلك كانوا يقولون نحتاج أن نستبدل رجال مبارك بشباب الثورة ، وأن نستبدل الفاسدين في النظام السابق بالأنقياء من أبناء يناير.....

نفس الرؤية سيطرت على من شاركوا في ثورة 30 يونيو التي أطاحت بمحمد مرسي ونظام الإخوان أيضا، حيث يرون أن البيت المصري سليم، فقط نريد أن يحل الوطنيون من ثوار يونيو بدلا من الخونة الذين كانوا يحكمون باسم التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية.... وعلى العكس من هؤلاء جميعا كلى يقين بأننا لم نسقط نظام مبارك في يناير 2011 ولا نظام مرسي في 2013 ... ومن هنا يأتي اختلافي الجوهري مع بني وطني...حيث يجب الاعتراف بأن البيت قد انهار تماما لأنه معمار قديم انتهت صلاحيته لذلك يلزمنا بناء بيت جديد، أما دعوى إحلال أطهار الثورة مكان أزلام مبارك أو وطنيي ثورة يونيو بدلا من خونة الإخوان فهذا عبث لن يؤدي إلى أي تغيير في مصر..... الحقيقة حتى في حالة نظام الإخوان فهو لم يسقط بفعل 30 يونيو، وأعرف أن هذا سيغضب الكثيرين.... لقد سقط نظام الإخوان لأن الإخوان أقاموا دولتهم على الأنقاض، على نفس مؤسسات مبارك التي فشلت في 2011.... الإخوان لم يحاولوا بناء بيت جديد.... أقاموا خياما للإيواء على الأنقاض وشاهد الناس خدشا للحياء علنا فثاروا في 30 يونيو.... البيت تهدم ونريد بيتا جديدا ونظاما جديدا، وإن توهمنا أن خيام الإيواء على الأنقاض دولة، سواء أنقاض مبارك أو أنقاض الإخوان، فنحن في انتظار مقلب كبير....

في تاريخنا القريب ، قرر جمال عبد الناصر طرد وحدات المراقبة الدولية في العريش كنوع من «التهويش» لإسرائيل بأنه مقدم على حرب قبل أن يجهز نفسه أو تعود قواته من اليمن، فقررت إسرائيل أن تستغل هذا «التهويش» لتكسب شرعية دولية لحرب كانت تخطط ومستعدة لها..لقد أخطأ عبد الناصر التقدير وهزمت مصر في عام 1967 هزيمة لم تتعاف منها حتى الآن .... نعم ليس من العدل تحميل كل مآسي مصر على كتف عبد الناصر، فاليابان ضربت بالقنابل النووية وحرقت مدنها ومع ذلك قامت من رمادها دولة متقدمة تنافس الأمم وتتقدم كل الأمم.... ولكن ما أقصده أن الحكومة المصرية بعد الثورة بدأت فى استخدام السياسة الخارجية بطريقة فتوات الحارة أو «بالتهويش البلدي» للحصول على مزيد من الشرعية في الداخل من دون حساب ما يعرف في أسس العلوم السياسية بــ «التبعات غير المحسوبة للأفعال السياسية»...مصر الآن دخلت هذا النوع من السلوك السياسي، سياسة خارجية قائمة على تسرع عاطفي من أجل شعبية رخيصة، ستكلف مصر وتكلف الجوار، فعلى المقيمين خارجها ربط الأحزمة ومراعاة فروق التوقيت....

حمدى السعيد سالم
صحافى ومحلل سياسى



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كفاية بقر بقى !.. أفهموا يرحمكم الله
- الفرق بين كم المشاركة وكم التصويت
- امنحوا مصر والسيسى فرصة كى يتنفسا
- اسلام محمد عبدالحليم بطلا لمصر وافريقيا
- عندما يستخدم الإعلام كأفيون لتغييب العقل
- أكسروا حاجز الخوف من الطبقة الوسخة
- وشائج الأمن القومي المصري والأمن القومي العربي
- طلاء البيت من الخارج لا يعني التغيير
- ما أشبه الليلة بالبارحة
- مجزرة استاد بورسعيد كادت أن تحدث فى استاد بيلا
- المغترب أيمن عطا الضادى
- قصص وحكايات مظلومة تاريخيا
- ابراهيم محلب بيلبسنا العمة وهو اخوانى
- ذي الخويصرة وأحفاده من الإخوان المسلمين خوارج العصر
- مشكلتك ايه مع السيسى
- الإعلام الجديد وكتاب الإخوان
- جريمة سرقة الآثار تعادل جريمة خيانة الأوطان
- رئيس مجلس مدينة بيلا ( كفرالشيخ) حرامى بدرجة شيخ منسر
- بأى منطق تحكمون وتفكرون!!!
- يا حمدين لقد وجدت الحمير لنركبها لا لتركبنا


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الفيل الأبيض