أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سلام صادق - الذي تبقى من الاشتراكية ، الطريق اليها














المزيد.....

الذي تبقى من الاشتراكية ، الطريق اليها


سلام صادق

الحوار المتمدن-العدد: 1266 - 2005 / 7 / 25 - 10:53
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


خلال فترة اعتقاله المديدة ، عمد انطونيو غرامشي الى تدوين ملاحظاته المهمة ، التي مافتأ الفكر يستشهد بها الى يومنا هذا . ان المفتاح لاراءه تلك مازال موجودا بين ايدينا ، واعني بهذا آلالاف الصفحات التي ركن اليها الكاتب اليساري السويدي اندرش انمارك في تناول غرامشي كشخصية وكمجموعة افكار وكذلك الحركة العمالية الايطالية انذاك مداها وابعادها ، في كتابه المهم والصادر حديثا عن منشورات نورستيدس والمعنون مدينة في ضياء
فغرامشي الذي راى النور عام 1891 وفي اشد احياء ايطاليا فقرا وتخلفا ، كانت حياته السياسية قصيرة جدا ولكنها ساطعة كالشهاب في سماء الفكر ، حيث امتدت منذ عام 1921 حين ساهم وبفاعلية في تاسيس الحزب الشيوعي الايطالي وحتى اصبح بعد ذلك بثلاث سنوات اي في عام 1924 عضوا في البرلمان عن كتلة المعارضة ، حيث تم ايداعه السجن بعد هذا التاريخ من قبل موسوليني
ان تناول افكار غرامشي وملاحظاته وتحليلاته في هذا الاصدار الجديد لم ياتِ اعتباطا ، حيث ان هذه الافكار كان لها وقع كبير في بلورة الحياة السياسية الايطالية في حقبة الستينات، حين غزت الشارع وراحت تستحوذ على ماهية الصراع السياسي الذي كان سائدا آنذاك ومازال لهذا اليوم وان كان بحلقات اضيق من السابق
ومنذ ذلك الوقت المبكر قام الكاتب اليساري السويدي انمارك بقراءة واستيعاب مجلدات غرامشي وملاحظاته وتعليقاته التي كتبها في السجن واضفت على مؤلفاته عمقا جديدا ، والتي بدونها ماكان بالامكان الاسهام في النقاش الدائر آنذاك ، حيث انها سلطت الضوء على الكثير وفسرت الكثير مما كتبه
ان عودة انمارك لتناول افكار غرامشي والكتابة عنها مجددا وعن شخصيته بالذات يتحدد اليوم بمعطى جديد ومعاصر يصاغ على شكل سؤال مهم وهو :ماذا تبقى من الاشتراكية ؟
فحينما تقع الاشتراكية في مأزق وتواجه صعوبات على مستوى التطبيق وتتلكأ جدلية الافكار كما هو مألوف اليوم، او كما في زمن غرامشي وبحدود ضيقة ، تتولى الخلفيات الفلسفية والفكرية الصعود بهذه الاطروحات الى السطح في محاولة للاجابة على الاسئلة المستعصية ، وتناولها من جديد وإن بشكل مختلف كما يقول انمارك
ففي كتابه ( مدينة في ضياء ) يعمد انمارك ويرغب في التذكير بان الخطوط الاساسية للاتجاهات الثورية والراديكالية ، لايفتأ يستمر ويتوالد ويتطور في رحم المجتمعات ، حتى دون ان يُرى او يظهر للعيان على شكل تمارين او تطبيقات وباشكال واضحة ومكرسة في الحياة اليومية
لقد اسهم غرامشي في نقض او اعادة بناء وتطوير الكثير من الافكار التي عكف عليها ليفيوس وكذلك ميكيافيلي والتي تخص موضوعة ولادة المواطن والمواطنة ، غير ان غرامشي كان مؤمنا بشيء محدد وهو بناء قواعد الفكر الجماهيري ، وتسليمه بان الارتقاء بعملية تطوير الوعي الجماهيري له اهمية تنعكس بشكل مباشر على المجتمعات ، فمن خلال الصراع الفكري والثقافي يمكن ان يتغير زمام مقاليد السيطرة الثقافية ، وهذا بدوره سيرفع من دور ومشاركة حتى الطبقات البرجوازية وجعلها تقترب من الحقيقة والعقلانية
كان غرامشي جازما بان الجماهير بمشاركتها الفعالة وبمساهماتها المتنوعة تستطيع من صنع الظروف المؤاتية للوصول الى السلطة ، وما يستتبع ذلك من توزيعها ( السلطة) من اجل تحقيق الحرية وارادة التحرر ، وهذه هي بالذات الفكرة الاساسية والرئيسية للراديكالية ، انها تتمحور حول ادارة الجماهير وتوزيع السلطة بارادتها
ان الاجابة التي يؤكد انمارك على انه وجدها عند غرامشي مبثوثة بين صفحات افكاره، هي ان ماتبقى من الاشتراكية -وبكل بساطة- هو طريقها الموصل اليها والى الديمقراطية اخيرا ، لكن استنتاج انمارك هذا يبدو وكانه مصاب بشلل جزئي ، ولم يعرضه كما لو كان محورا مركزيا تدور في فلكه الكثير من المحاور الاخرى المعروفة ، في كتابه المذكور مدينة في ضياء
ان اهمية الكتاب تكمن في انه مبهور بالرغبة في بعث افكار غرامشي وازالة ماعلق بها من غبار واعادة اكتشافها وعرضها في الهواء الطلق من جديد ، في وقت اصبح فيه اليسار الديمقراطي في ايطاليا( فاقدا السلطة لصالح احد المهرجين ) ويعني به برلسكوني ، ولهذا يؤكد بان على القوى الراديكالية ان تعود الى النبع لتغترف منه بعضا من احلامها القديمة واعطاءها شحنات جديدة ستدفع ببراعم جديدة للتفتق والازدهار
لكن انمارك نفسه يصيب الخط الفكري لغرامشي احيانا باحباطات والتواءات شديدة وكانما هو يتقصد ذلك، بدلا من التحليل المباشر والواضح والمتوازن ، وقد يكون السبب في ذلك هو ان غرامشي وضع افكاره وعلى الدوام موضع مسائلة وتجريب واعادة نظر وبوسيلة اشتهر بها ، تتلخص في عمله مسودات لاعماله تشتمل على آراء وافكار اكثر او اقل اهمية من كتاباته الاصلية
ثم ان انمارك يبدو - وفي بعض المواضع- وكانه مولع بالانتقاد فقط ومحاولة جر القاريء الى طريقة بحثه في الفحص والتقييم ، فبمقاطع قصيرة ومكثفة يسبغ انمارك انطباعاته الشخصية على قضايا فكرية على درجة كبيرة من الاهمية ، او يلغي تماما اهمية بعضها الآخر ، هكذا دفعة واحدة وبجمل وعبارات قصيرة لاتشبع نهم القاريء في الوصول الى المعرفة او الحقيقة ، بينما يستفيض احيانا اخرى في التاكيد على احداث عابرة وغير ذات اهمية يستمدها من تفاصيل حياة غرامشي ويعطيها ثقلا كبيرا حينما يزن افكار غرامشي على ضوءها
فقد اعطى وزنا كبيرا لتفاصيل واحداث رسخت في ذاكرته من خلال زياراته المتكررة الى ايطاليا موطن غرامشي وتتبع اثارها عليه هو شخصيا (معايشاته) وعمل مقارنة لها مع افكار غرامشي واستنتاجاته او دراستها على ضوء طروحاته
ان حصيلة افكار انمارك في كتابه الموسوم ( مدينة في ضياء) تعتم احيانا على افكار غرامشي او تسلط عليها ضوءا ساطعا يعمي البصر ، وفي كلتا الحالتين لايستطيع القاريء سبر ماتحت سطحها ومعاينتها او التمعن في معانيها ، لكنه وفي نفس الوقت يحقق اقترابا كبيرا من حياة ونضال انطونيو غرامشي كمفكر وكمناضل سياسي



#سلام_صادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجهول في رحلتهِ الأخيرة نحو المجهول
- مايجمعني برفائيل ألبرتي اكثر من إمرأة وقصيدة
- هشاشة الدهشة / 3 القصيدة آخر خطوط دفاعنا المفترضة
- ازاحة الفاصل - عراقيون
- ثلاث قصائد
- رياضة يومية
- في ثقافة اليسار : الابداع والحرية الفردية
- *الاعلام بين نارين : العولمة والانظمة الشمولية
- ونحن كل هذا وذاك : خيط دم من رئة السياب يمتد على طول الشفق ، ...
- في تأبين الاديبة السويدية سارة ليدمان
- قصيدتان
- التماثيل تتجول ليلاً في حدائق المستشفيات
- أذكر ان امرأة تمردت على الوحش فتغمدها الاله بالرحمة
- ذوبانات بفعل شموس قديمة
- في سلوكية اليمين الامريكي المتطرف - سلالة بوش .. وسياسة الحر ...
- احتجاجا على مايجري أراك واضحة كامرأة ليست في مرآة


المزيد.....




- غانتس يعلن أن إسرائيل لم تتلق ردا عن موافقة حماس على الصفقة ...
- باكستان تتعرض في أبريل لأعلى منسوب أمطار موسمية منذ عام 1961 ...
- شاهد: دمار مروع يلحق بقرية أوكرانية بعد أسابيع من الغارات ال ...
- خطة ألمانية مبتكرة لتمويل مشاريع الهيدروجين الأخضر!
- بوندسليغا: بايرن يتعثر أمام شتوتغارت ودورتموند يضرب بقوة
- الداخلية الألمانية تحذر من هجوم خطير
- روسيا.. 100 متطوع يشاركون في اختبارات دواء العلاج الجيني للس ...
- ملك المغرب يدعو إلى اليقظة والحزم في مواجهة إحراق نسخ من الق ...
- تأهب مصري.. الدفع بهدنة في غزة رغم تمسك إسرائيل باجتياح رفح ...
- تونس.. وزارة الداخلية تخلي مقر المركب الشبابي بالمرسى بعد ال ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سلام صادق - الذي تبقى من الاشتراكية ، الطريق اليها