أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - قصة موت مرت من هنا














المزيد.....

قصة موت مرت من هنا


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4467 - 2014 / 5 / 29 - 22:35
المحور: الادب والفن
    


قصة موت مرت من هنا
محمد الذهبي
كان يتلعثم بين كلمة واخرى وهو البليغ الاذاعي المشهور، كنت اتردد على المكان الذي يرتاده في كل اسبوع، وعادة في يوم الخميس، تربطني به علاقة قديمة ، فهو يعتبرني بليغا ولذا طالما عرض عليّ مايكتبه من شعر، في آخر لقاء معه طرح عليّ فكرة غريبة، فهو قد تألم لاحتراق شجرة في حديقة النادي، انها شجرة قديمة احترقت على اثر شرارة كهربائية، قال: صديقي هل تتألم الاشجار، قلت له نعم ولذا تفرز سموما معينة للحفاظ على نفسها، وليس هذا فقط، فهي تقوم بتحذير الاشجار المجاورة، ضحك في البداية وتناول القدح بمزيد من العناء، قلت له: مابك صديقي؟ اراك تغتصب نفسك اغتصابا، منذ فترة وانت على غير عادتك، فقال: انا مثل الاشجار تسلمت بعض التحذيرات، ضحكت واضحكته معي، مرات عديدة جلست قربه، ولكنه هذه المرة كلمني بحميمية واضحة، وهو يعرفني انني دائما اغادر مسرعا، وقد لاحظت بعينيه كلاما كثيرا كان يود البوح لي به.
كنا متشابهان بعض الشيء ، خصوصا بوجومه الاخير، حتى انه وصل الى انه يريد التقاعد، فقلت له : دع الامر طبيعيا لماذا تتقاعد في هذه الظروف، في جلسة سابقة لم يتفوه بكلمة واحدة، يحمل في عينيه حزنا كبيرا، ولذا سألني عن الاشجار، وغضب حين اخبرته انها تفرز سائلا دليلا على الالم، فقال بحدة ... دم.. قلت له سائلا ربما هو دم الاشجار، اخرج هاتفه واتصل واعتذر ، وبعدها اتصل واعتذر، وصار يأخذ صورا مع الموجودين ويجالس الجميع وكأنه يعتذر من الجميع، وعاد ثانية الى حديث الاشجار والمها، وهو يردد جميلة هي الاشجار تتألم صامتة، ساكون مثلها، لن افصح عن المي، تناول قطعة من البطيخ ناولني اياها، ثم رفع جميع الزيتون من امامه ووضعه امامي، وهو يردد سأتالم مثل الاشجار: تعرف صديقي انه موضع قصيدة جميلة، نعم هو موضوع جميل، ولكنك مشغول كثيرا، وانا الاحظ لم تعد اناقتك مثل السابق، فقال : دعني اتالم مثل الاشجار، اين كانت هذه الفكرة غائبة، كان يودني ويشاركني الرأي، وهو يبتسم وانا اناقش فرانكشتاين ماري شيلي، وفرنكشتاين احمد سعداوي، امتعض الكثيرون مني، وهم لم يقرؤوا الروايتين، لكنه كان يبتسم لي، وفي قرارة نفسه يقول: امضِ انا معك، كل مرة كان يودعني وداعا مختلفا وانا اغادر الجلسة ينهض من مكانه ويعانقني، لم يمر سوى ثلاثة ايام على لقائنا الاخير، وقرر الخروج من الالم: هو قال هذا في آخر لقاء: اريد الخروج منذ زمان وانا اتألم مثل الاشجار، شعرت برحيله وانتابتني الحمى وانا اسمع خبر مرضه السريع، وفكرت بما كان عليه الاسبوع الماضي وعلمت انه سيرحل، لانه كان يعتقد ان الامر وصل الى نهايته، حتى انه وزع الكثير من الفاكهة على الجالسين، وكلمات الحنين الى البصرة والمعقل وابي الخصيب تترنم على شفتيه، كان يجب ان اذهب الى البصرة هذا الاسبوع، كان يودع الاشياء بنظرة عميقة، لكنه لم يكن متأكدا ان النهاية ستكون بهذه السرعة، رحل مثل الاشجار التي اعجب بالمها، تألم ولكنه لم يفرز سموما مثل الاشجار ، كان يفرز حبا لجميع الاصدقاء وغير الاصدقاء فراح يزور من يستطيع زيارته، تألم مثل الاشجار ورحل مثل الاشجار سريعا وبصمت، رحل بصمت منقطع النظير، لكنه ابقى ذاكرته هناك حيث يلتقي اصدقاءه كل يوم، ابقى ضحكته وحزنه والمه على ذات الكرسي، وسيقرأ الجميع معاناته في يوم ما بمجرد ان يتصفح ذاكرة الشجرة المقابلة له في الحديقة والتي احترقت بسرعة، لكنها بقيت شاخصة في حديقة النادي لتذكرنا بقصة موت مرت من هنا.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة حب سريالية
- شيخ الجلاسْ
- فرنكشتاين ماري شيلي خارج حدود الزمن والمكان
- سهوا اتخذت طريقي
- قداس جنائزي جدا
- الليل ينام ايضا
- اغنيات من زمن مملوء بالبكاء
- شيرازيات
- لافتة رقم 20
- قصيدة الى امرىء القيس
- الا انت وبلقيس
- فائق بطي رائد الصحافة والفكر الجزء الثاني
- فائق بطي رائد الصحافة والفكر
- التمويه في كتابة السيرة الذاتية ( بلقيس حميد حسن انموذجا)
- انا وقلبي لن تنتهي حربنا
- حين تكون الحياة فخا حزينا في رواية انطون تشيخوف عنبر رقم 6
- بين الماء والنار
- عندما تحكم فتح الباب
- يوميات الطائر نحو الشمس
- هو ميت


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - قصة موت مرت من هنا