أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزيز باكوش - قراءة في كتاب - الإخفاق الاجتماعي بين الجنس والدين والجريمة - المؤلف: عياد أبلال ذ. إدريس مقبوب















المزيد.....

قراءة في كتاب - الإخفاق الاجتماعي بين الجنس والدين والجريمة - المؤلف: عياد أبلال ذ. إدريس مقبوب


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 4464 - 2014 / 5 / 26 - 17:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يواصل الدكتور إدريس مقبوب أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة وجدة موافاة الموقع بدراساته وأبحاثه ومتابعاته الأكاديمية ، آخر ما توصل به الموقع "قراءة في كتاب " الإخفاق الاجتماعي بين الجنس والدين والجريمة " المؤلف: عياد أبلال

يدعونا العنوان أعلاه، بدءا، إلى ضرورة التمييز بين أصناف قراءات الكتب، كخطوة منهجية أساسية، حتى تتوضح العتامة التي يمكن للمتتبع أن يصطدم بها وهو ينصت لهذه المداخلة. فهناك إذن القراءة الوصفية أو التعريفية، والقراءة التحليلية والقراءة التحليلية النقدية وهي القراءة التي يلجأ فيها قارئ كتاب ما إلى تحليل مضامينه مع الإدلاء برأيه وموقفه بشأنها. في هذا السياق، فإن هذه المداخلة تتأطر ضمن المستوى الأول من القراءات التي جئت على ذكرها قبلا، والهدف هو جعل الجمهور المتتبع يكون على دراية بمحتوياته.
وعودة إلى الكتاب، "الإخفاق الاجتماعي بين الجنس والدين والجريمة"، فإنه منشور في القاهرة بدار النشر "روافد للنشر والتوزيع" سنة 2011، ط 1، يتوزع في 224 ص. حاول فيه صاحبه، وهو من الباحثين الشباب الذي تتميز شخصيته بالهوس المعرفي منذ أن عرفته كطالب ولازال، أن يثير قضايا اجتماعية وإشكالات مقلقة للذات العربية الجريحة كما للذات المغربية. إنها قضايا الجنس والدين والجريمة فيها تنجلي ملامح الإخفاق الاجتماعي التي تظهر في أوساط وشرائح اجتماعية بعينها.
مضامين هذا الكتاب هي ثمرة حوارات أجراها الباحث مع جرائد وطنية وجرائد إلكترونية أو قنوات تلفزية يعبر فيها عن رأيه ومواقفه تجاه هذه القضايا المستفزة، وتشكل طابوهات لا يمكن اختراقها إلا لمن تكون له الجرأة المعرفية، ومؤمن بمواقفه ومبادئه تجاهها، وهو ما نلمسه في كتاب الباحث. إنه يتحدث عن الجنس والجنسانية مقتفيا خطى باحثين آخرين عرب ومغاربة ( بوعلي ياسين في كتابه: الثالوث المحرم، وعبد الصمد الديالمي في كتابه المرأة والجنس في المغرب مثلا ). ويقارب الدين بنفس الموقف متجاوزا الحدود الحمراء التي كان لوقت قريب يصعب على كل باحث الاقتراب منها، ويغوص في أعماق الجريمة ومدى ارتباطها بالعنف في كل تجلياته.
إن ما يميز هذا الكتاب في عمقه هو اعتماد صاحبه في مقاربة هذه الإشكالات، على المنهج التأويلي الذي تشبع به من خلال كتابات كليفورد غورتز المتأثر بدوره بالوظيفية كإطار نظري سوسيولوجي. إذ يعتبر أن الإخفاق الاجتماعي في هذه المجالات ما هو إلا نتيجة لاختلالات يشهدها النسق الاجتماعي برمته، وتحديدا النسق الاقتصادي والثقافي. وهكذا، يؤكد الباحث في مختلف فقرات هذا الكتاب بأن المحدد السوسيو– اقتصادي والسوسيو- ثقافي، وبفعل الخلل الذي يشهدانه، يساهمان في الانكسار والتحطيم الاجتماعيين للذات المغربية على وجه الخصوص، والذات العربية عموما، وبصورة أخرى، إخفاقها الاجتماعي. لذلك يدعو الباحث إلى تغيير النظرة إلى كل من الدين والجنس والجريمة، وعدم البقاء حبيس النظرة الأرثوذوكسية التي تهول من هذه القضايا، وتحرم الاقتراب منها بداعي ارتكاب الخطيئة. فهو إذن ينحو منحى غورتز عندما يعتبر السلوك الإنساني بكل تجلياته سلوكا ثقافيا ذات حمولة سميائية، وأن الإنسان هو حيوان عالق في شبكات رمزية نسجها بنفسه حول نفسه، وبالتالي النظر إلى الثقافة على أنها هذه الشبكات، وأن تحليلها لا يجب أن يكون في علم تجريبي يبحث عن قانون بل علما تأويليا يبحث عن معنى (غورتز، تأويل الثقافات، ص82).
ترتيبا على ذلك، فالباحث يصبو إلى الشرح، شرح التعبيرات الاجتماعية وإجلاء غوامضها الظاهرة على السطح كما فعل غورتز، مما يجعل قيمته العلمية تزداد بفعل الفهم الأنتروبولوجي والسوسيوولوجي للسلوك الإنساني سواء كان دينيا أو جنسيا أو جريمة. فهذا الكتاب إذن هو محاولة سوسيو- أنتروبولوجية لفهم الظواهر الاجتماعية التي عمل الباحث على مقاربتها واقتحامها على الرغم من تسييجها بأنساق من الاستعدادات المكتسبة (الهابيتوسات) التي تشبعت بها الشخصية بفعل التنشئة الاجتماعية التي تخضع لها في مؤسسات المجتمع (الأسرة، المدرسة، الإعلام...).
قسم الباحث كتابه إلى ثلاثة فصول. هم الأول منها الجنسانية بين حلم التحرر والهيمنة الذكورية، أما الثاني فقد خصه للدين بين البعد الأرثوذوكسي والتطبيقات الشعبية، وأخيرا العنف بين الجريمة والإرهاب.
وإيمانا منه بشدة الارتباط القائم بين الأدب والمجتمع على الرغم من بعده التخييلي، فإنه قارب ظاهرة الجنس وهندسته الاجتماعية من خلال رواية الكاتب محمد شكري (الخبز الحافي) مبرزا تجلياته في المخيال الاجتماعي، وداعيا إل ضرورة فتح نقاش حول الجنسانية بالمغرب وتجلياتها: الزواج المختلط، الاغتصاب، الهيمنة الذكورية، الزواج المبكر، زواج المتعة، الزواج العرفي والزواج بسورة الفاتحة. إنها إشكالات حقيقية استفزت الباحث مما جعله ينغمس في مقاربتها وينخرط في تفكيكها مؤكدا بأن الشروط الاجتماعية والاقتصادية وغياب الوعي هي أسباب موضوعية تساهم، إلى حد كبير، في إنتاج هذه الظواهر الباتولوجية، وبالتالي، فلابد من ترسيخ أسس تربية جنسية وفق قواعد التربية الحديثة وهدم الطابوهات والهيمنة الذكورية، وكسر جدار الصمت حولها. لهذا، يتحتم على المجتمع المغربي تجاوز الرؤيا البطريركية للجنس التي تختزله في بعد أحادي هو الفحولة والقوامة واعتبار المرأة والجسد موضوعا شبقيا وسلعة تقاس قيمتها في سوق التبادلات الرمزية. وتأسيس العلاقة معها عملية لا تحدث إلا لكونها عبارة عن جسد، وتقوم هي بدورها على ترسيخ هذا التمثل الذكوري لجسدها عبر الموضة والتزيين والتجميل حتى تنال رضى الرجل عليها، ورضى المجتمع ورضاها هي نفسها على جسدها، والهدف تسويقه وتسليعه داخل سوق التبادلات التي لا تقبل إلا الجسد المنمط واعتباره الباراديكم المثالي.
إذن فلابد من تجاوز النظرة التقليدية للجنس والجسد والانخراط الفعلي في فتح نقاش مسؤول عن التربية الجنسية لتفادي الظواهر الباثولوجية التي من شأنها أن تصيب المجتمع من زواج المحارم إلى زواج المتعة والزواج المبكر والزواج المختلط إلى غير ذلك من المتواليات التي تعد بمثابة مظاهر للإخفاق الاجتماعي.
ينتقل الباحث، في الفصل الثاني، إلى مقاربة الدين من خلال تجلياته الشعبية والسياسية في المجتمع المغربي، ويتخذ من الأنتروبولوجيا التي تعتمد على التأويل كمنهج لتحليل السلوك الديني المرجعية النظرية. فإذا كان الدين من المنظور السائد، هو أيضا، وعلى غرار الجنس، من الطابوهات المحرم الخوض فيها، فإن الباحث يعتبر السلوك الديني سلوكا ثقافيا قابلا للدراسة والتحليل، فهو في ذلك يساير غورتز في التعريف الذي يقدمه للدين بقوله :" أن الدين هو نظام من الرموز يفعل لإقامة حالات نفسية وحوافز قوية وشاملة ودائمة في الناس عن طريق صياغة مفهومات عن نظام عام للوجود وإضفاء هالة الواقعية على هذه المفهومات بحيث تبدو هذه الحالات النفسية والحوافز واقعية بشكل فريد" (غورتز، ص:227).
إن التعامل مع الدين لا يجب أن يكون من اعتباره طابوها لا يجب المساس به، كما لا يجب على أجهزة القرار تبني المقاربة الأمنية المفرطة في التعاطي مع ظاهرة الاعتقاد (البهائية نموذجا)، بل اللجوء إلى هذه الآلية لا يعكس إلا تهافت خطاب الدولة وخوفها من الحرية في الاعتقاد والتفكير (أبلال، ص:106). ويعود الباحث في مكان آخر ليناقش ظاهرة التدين في المغرب وانتشارها في أوساط الشباب، حيث يرجع ذلك إلى البحث عن الهوية في ظل الأحداث الدولية التي يشهدها العالم، وإلى الهروب من القلق الاجتماعي الذي ما فتئ يتسلل إلى الأفراد بفعل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.
تأسيسا على ذلك، وحتى لا يتجه المجتمع نحو مستنقع الفوضى في التدين، يتحتم على كل الأطراف والجهات الفاعلة في المجتمع أن تطرق باب الحوار والتواصل لمناقشة هذه الظواهر ( السحر، الشعوذة، حرية الاعتقاد...) وعدم التوجس منها، لأنها السبيل الكفيل لمعالجتها، والتي ما هي في حقيقة الأمر إلا إخفاقات اجتماعية ناتجة عن أسباب سوسيو- اقتصادية وثقافية. فيصبح الدين، بالتالي، ملجأ ومتنفسا لدى هؤلاء لإفراغ المكبوتات الاجتماعية.
وفي الفصل الأخير، يطرح الباحث إشكالية أخرى للمناقشة تتعلق بالجريمة والعنف، حيث اللجوء إلى هذه السلوكات ناتج عن الإخفاق في الحياة. يبرز الباحث في فقرات هذا الفصل أشكال ورموز هذا العنف، فيجسدها في العنف ضد النساء وفي الملاعب الرياضية والجامعات، أو تعنيف الذات ( الانتحار ) وممارسة الجريمة ... يِؤكد الباحث بأن الاختلالات التي يشهدها المجتمع على مستوى أنساقه هي التي تدفع في اتجاه إنتاج هذه الظواهر، زيادة عن تأثيراتها السلبية على الشخصية. والحاصل هو لجوء الفرد الفاشل اجتماعيا إلى القيام بهذه السلوكات غير المقبولة اجتماعيا كالانتحار والعنف بكل أشكاله، وهو بذلك يعوض عن إخفاقه.
أما المجال الذي يشهد وتكثر فيه هذه السلوكات فهو مجتمع الهامش، الذي عندما يعي واقعه الاجتماعي ويدرك ذاتيته المقهورة والجريحة فهو يعبر عن ذلك إما بالاحتجاج ضد القهر والظلم الاجتماعيين، وإما إلى مختلف السلوكات السابق ذكرها. فالعنف كظاهرة اجتماعية مرضية لها جذور تاريخية وترسيماته متأصلة في التجمعات السكانية الشعبية، بحيث ينمو الفرد وسط العنف الأسري (بين الأب والأم) ليجده أمامه في المدرسة التي تعيد إنتاجه (عنف البيداغوجيا)، وبالتالي عنف المجتمع الذي لا يرحم. فمن الطبيعي أن نكون أمام عملية إعادة إنتاج كل صور العنف.
عمل الباحث إذن على رصد تجليات العنف ومختلف الإطارات الاجتماعية التي تنتجه وتعيد إنتاجه من أسرة ومدرسة ووسائل إعلام... هذه الظواهر مصدرها الفقر والحرمان والإحساس بالظلم وكل ما ينتج الإخفاق الاجتماعي.



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضيف وموهبة برنامج إذاعي يحضن المواهب الشابة في الإبداع الادب ...
- فاس والكل في فاس 300
- الدين والمجتمع الدكتور إدريس مقبوب
- تحديات تدبير ظاهرة احتلال الملك العام بالحواضر ...
- فاس والكل في فاس 299
- فاس والكل في فاس 298
- الهدر المدرسي بين هاجس التنمية وتضليل الأرقام
- إرساء بنية تحتية للاتصال شاملة قصد تدبير المعلومة عن قرب وتو ...
- الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش المؤتمر الدولي الأول تحت شعا ...
- فاس والكل في فاس 297
- حوار مع الدكتور بوشعيب أوعبي استاذ العلوم السياسية بجامعة مح ...
- فاس والكل في فاس 296
- فاس والكل في فاس 295
- الدكتور محمد البقصي في إصدار تربوي وتشريعي جديد
- فاس والكل في فاس 294
- كيف تقضي مصداقية الإعلام المغربي على عدو اسمه الجزائر ووهم ا ...
- فاس والكل في فاس 293
- فاس والكل في فاس 292
- ما الفرق بين اليسار السياسي واليسار الإلكتروني في الصحافة وا ...
- السمعي البصري والتربية أية علاقة ؟


المزيد.....




- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزيز باكوش - قراءة في كتاب - الإخفاق الاجتماعي بين الجنس والدين والجريمة - المؤلف: عياد أبلال ذ. إدريس مقبوب