أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - كيف ولماذا انتخب المصريون -السيسي-؟!















المزيد.....

كيف ولماذا انتخب المصريون -السيسي-؟!


شريف صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 17 - 12:08
المحور: المجتمع المدني
    


بعد يوم مرهق مع أولادي، وأكثر من أربع ساعات في الزحام والحر الشديد وسوء التنظيم داخل وأمام السفارة المصرية في الكويت، نجحنا أخيراً في الإدلاء بأصواتنا. وفي اليوم التالي استيقظت وفتحت بريدي الإلكتروني لأقرأ خبراً عن فلكي مصري يدعى أحمد شاهين يقول فيه إن السيسي سيتمكن من "تحرير القدس". ما ذكرني بمقولات الإخوان بأن مرسي هو "ذو القرنين" و"حفيد عمر بن الخطاب".
وهكذا لا تستقيم صناعة الأسطورة دون الهالة الدينية المقدسة! رغم أن الناس ذهبوا لانتخاب رئيس جمهورية وليس لانتخاب محرر للقدس! عدا أن النبوءة الهائلة للرجل الذي سيقضي على "أسطورة إسرائيل" لا تستقيم مع هزلية الوضع في سفارة عاجزة عن تنظيم انتخابات.
وفيما يلي قراءة فيما جرى، قد تصلح إجابة عن "كيف ولماذا انتخب المصريون السيسي":
1. العجز كلمة مفتاح في يوم الانتخابات؛ فالناخب المسمّر في الحر لأربع ساعات سيظل يسمع من الموظفين المهذبين كلمات من عينة: "معلهش لازم نساعد بعض.. معلهش لازم نتحمل عشان مصر.. وأنا بإيدي إيه أعمله؟" كلها عبارات ومشاعر مهدئة، وصادقة غالباً.. لكن الموظف هذا يعاني من عجز أكثر فداحة هو غياب الرؤية: لم يفكر مثلاً مع سقوط شبكة الأجهزة المتكرر والفادح في توفير فريق دعم فني؟ (قيل لنا إن الفريق التقني سيصل بعد نصف ساعة) لم يفكر بينه وبين نفسه: هل السفارة تصلح لجنة وحيدة لجالية تقدر بحوالي 400 ألف مواطن؟! وإذا افترضنا أن المتحمسين للتصويت 25% فقط أي مائة ألف بواقع 25 ألف يوميا هل هي مجهزة فعلاً لاستقبال هذا العدد بواقع 2000 شخص كل ساعة؟ هذه الأسئلة كلها هي التي على أساسها يتم اتخاذ القرارات وتوفير الدعم والاحتياجات.. إما أن تضعني في خانة الزحام والفوضى ثم تعلن عن عجزك أمامي، فهذا يعني ببساطة أننا أمام سفير فاشل هو ومساعدوه.. لا يمكن تصور أن هذه العقلية ستساعد السيسي في تحرير القدس ولا حتى في بناء مصنع إسمنت!

2. حوّل الحر والزحام تلك الساعات إلى عقاب جماعي للناخبين الذين جاءوا فرحين بأطفالهم.. ورأيت سيدات مغمى عليهم وأم تبكي لأنها اضطرت للوقوف كل هذه الساعات وليس معها طعام لرضيعتها! ومع التعطل التام لشبكة الأجهزة التي تقوم بتسجيل وتأكيد البيانات إلكترونيا علت الأصوات داخل السفارة نفسها تندد بالسفير وتطالب بمجيئه حالاً.

3. لم يكن الوضع أمام السفارة أحسن حالاً، فالذين تسمروا خارجها بدأوا في التململ لأن الطوابير لا تتحرك، وبعضهم علم بتعطل الأجهزة، وكان من الممكن أن يتطور الأمر إلى فوضى وتدافع وإصابات.. لولا حكمة وحسم قوات الأمن الكويتية التي جاءت بالقوات الخاصة، وتم إغلاق مدخل السفارة في الوقت المناسب لمنع تدفق المزيد من الناخبين، طالما أن الأجهزة لا تعمل، وتحويل مسار الخارجين إلى مخرج من ناحية الخليج، وهو ما يعني سير المئات على أقدامهم ومع أطفالهم لأكثر من 2كم.

4. بالطبع بدأ البعض في المقارنة بين تنظيم الإخوان لانتخابات 2012 التي كانت أكثر ترتيبا وتم فيها توفير خيام مكيفة، نظراً لارتفاع حرارة الجو في الكويت، والآلاف من زجاجات المياه.. بينما حملة السيسي انشغلت فقط بطبع صوره وبوستراته على تي شيرتات.. الفارق واضح طبعاً، بين حملة سعت لتقديم خدمة للناخب، وحملة اكتفت بتأليه مرشحها ونسخ عدد لا نهائي من صوره.

5. لعل أهم ما وفرته الحملة، مجموعة كبيرة من الباصات تغطي معظم مناطق الكويت، نظراً لمنع دخول السيارات الخاصة إلى حرم السفارات لأسباب أمنية. وهنا تظهر حكمة الأمن الكويتي، مرة أخرى، عندما منع القائمين على الحملة من وضع صور السيسي على الباصات، حتى تبدو كأنها خدمة عامة لجميع الناخبين بغض النظر عن اختيارهم.

6. في انتخابات 2012 (المريحة بكل المقاييس/المرحلة الأولى) كان هناك عشرة مرشحين وكنا نتناقش معا بشأن صلاحية حمدين ومرسي وعمرو موسى وشفيق.. في 2014 لا يوجد أدنى صورة للمرشح حمدين صباحي ولا حتى هتاف واحد لصالحه.. فقط صور السيسي وشعاره "تحيا مصر" وبوستراته.. فالجميع يتعامل باعتبار الأمر احتفالية بتولي السيسي رئاسة مصر. وكنا أمام صيغة "الاستفتاء" على شخص أكثر من كونها "انتخابات" تعددية.

7. من ثم على حمدين وحملته، ألا يتوقع أكثر من 30% من الأصوات، في ضوء تلك المؤشرات.. وعليه أيضا أن يصغي إلى الملاحظات المضادة له ويؤهل نفسه لتكوين معارضة وطنية مؤثرة.

8. هذا الطابع الكرنفالي الاحتفالي استمر حتى الخامسة مساء تقريباً، وشارك فيه مصريون من كل الأعمار.. ورفعت أعلام مصر والكويت، وصور أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر، كما هتف البعض لمصر والكويت والإمارات.. وكان للنساء حضور بارز في الهتاف والغناء.

9. الأغنية التي هيمنت على سيارات الناخبين وهواتفهم هي "تسلم الأيادي"، وإن فتح البعض هاتفه على أغنية وطنية لشادية وإحدى الفتيات غنت بصوت عال "يا أغلى اسم في الوجود".. وكان من الواضح أن هؤلاء يتبعون حملة المرشح السيسي لتحميس الناخبين وإثارتهم عاطفياً، حيث يتماهى السيسي وشعاره ومصر في كيان واحد. فأنت لا تصوت للسيسي بل تصوت لمصر.

10. هذا التصويت، بهذه الطريقة "الموجهة"، و"الكرنفالية"، و"الكثيفة"، ليس ضد حمدين بالضرورة، لكنه عملياً ضد الإخوان.. وهو نتيجة مباشرة لأخطائهم وخطاياهم، مضافاً إليها غسيل الدماغ الذي قامت به وسائل الإعلام المصرية طيلة عام تقريباً. فالمصريون أتوا بكثافة خوفاً على وطنهم، قبل أي شيء آخر.. وهي رسالة مرعبة للإخوان (لو كانوا يستوعبون) كي لا يعيشوا طويلاً في صورة الضحية، ويتفكروا في الفزع الذي أصاب المصريين بسبب رداءتهم التي جعلتهم يكفرون في فكرة الديمقراطية وقدرة أي حاكم مدني على إدارة البلد. فالناس صوتت بهذه الطريقة ليس استسلاماً فقط لماكينة الشحن العاطي، والثورة المضادة، بل ولعقاب معارضة لم تفعل أي شيء جدي منذ قيام ثورة يناير.

11. هذا الحضور رسالة لأصحاب فكرة "المقاطعة" من ثوريين وإخوان، فهو كشف تهافت مبدأ المقاطعة، وأظهر أن الشعب متجاوز.. أو لنقل ثمة شعب آخر هائل، لا يستمع إلى هؤلاء ولا يتأثر بخطابهم، لأنهم لم يصلوا إليه بعد.

12. في المجمل، كان الحضور من مختلف شرائح المجتمع المصري، ومثلت المرأة منه حوالي 30%، وكانت ملابسها تتراوح ما بين ترك الشعر والتحجيبة المصرية التقليدية مع الماكياج، بينما حضور ذوي اللحى والمنقبات كان نادراً جداً (عكس انتخابات 2012) وهو ما يشير بوضوح إلى مقاطعة الإخوان، وغياب "السلفيين" رغم إعلانهم الظاهري بتأييد السيسي.

13. إذا حاولنا أن نقرأ دوافع هذا الحضور الشعبي (وهي رسالة لكل الأطراف) فهي أولا: الدفاع عن إحدى أقدم الدول في التاريخ الإنساني، ضد أي محاولة لتفكيكها، أو تغيير هويتها.. وثانياً: الإيمان بالحاجة إلى حاكم قوي قادر على إعادة الهيبة لمؤسسات هذه الدولة، وبث الأمل في نفوس أبنائها.. وثالثاً: الرغبة في تأكيد مكسب الانتخابات الحرة وأننا بالفعل بدأنا نظاما ديمقراطيا ولن نسمح بالتراجع عنه (كلمة التغيير تكررت في الحوارات والمشادات الجانبية، كثيراً)

14. على الناحية الأخرى، طريقة الحشد "المباركية" وتكريس تماهي البطل مع الوطن، قد ينذران بأننا أمام أحد أسوأ أشكال الديكتاتوريات، أي الديكتاتورية التي تحظى بتأييد شعبي جارف على طريقة "هتلر"، ولا تكتفي فقط بما تملكه من أجهزة وعناصر قوة.. وهذا يتطلب عمل هائل من المعارضة، ومن السيسي نفسه، بعد فوزه ـ لو أراد حقاً أن يحترم مستقبل الأطفال الذين هتفوا له فوق أكتاف آبائهم، والعجائز الذين جاءوا على كراس متحركة لانتخابه.. وأن يفي بوعوده لهؤلاء، لأنهم من أوصلوا إلى الحكم، وليس فلول مبارك ولصوص الوطن، ولا حتى من يدعون أنهم "سلفيون".

لقد خرج المصريون ينشدون السيسي، بكل أشواقهم الوطنية، ويرون فيه بطلاً ينتشلهم من الفقر والفساد والمرض وعدم الإحساس، وليس ديكتاتوراً مشغولاً بتأليه ذاته في عيون ملايين الرعية.



#شريف_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبث المقاطعة
- لهذه الأسباب أؤيد حمدين صباحي
- نعم للدستور ليست -نعم- للسيسي
- -الإخوان- تنظيم إرهابي
- سبعة أسباب.. لرفض أحزاب العنف والخراب
- المعارضة المصرية بنت ستين كلب
- 30 سبب للخروج في 30 يونيو
- ماذا يريد الداعية الإسلامي مني؟
- أهم إنجازات مرسي.. احتقار رموز مصر
- حوار مع إخواني
- الجندي صدمته سيارة في السماء
- الأمنجي الملتحي والملتحي الإخوانجي والإخوانجي البلطجي
- ماذا يريد المواطن المصري من -الدستور-؟
- مسودة الدستور المصري لإنتاج -إله- جديد!
- إني اتهمك يا سيادة الرئيس محمد مرسي
- الشراميط الأوساخ.. مسلمين ومسيحيين!
- أبو إسماعيل المروج الأكبر للجهل
- العريان.. عارياً
- أولمبياد لندن.. ومارثون الأسد
- ملاعيب شفيق و-العسكري-


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - كيف ولماذا انتخب المصريون -السيسي-؟!