تفسير النسخ في القرآن

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4408 - 2014 / 3 / 29 - 20:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

(مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة:106] .

دائما ما استمع من الناس إلى أخطائهم وهم يفسرون بآية(ما ننسخ من آية...إلخ) وهم يعتقدون بأن الله نسخ أحكاما في القرآن هكذا على طول الخط في كل القضايا الشرعية, دون أن يرجع هؤلاء الناس إلى كتب التفسير العلمية وخصوصا كتب فقه اللغة, ويقع في هذا الخطأ الكثير ممن يطلق عليهم الناس صفة علماء الدين الإسلامي وما هم بعلماء, فالآية هنا قُرأت على خلاف ما يقرأه كافة المسلمين, فكل الناس يقرئون(نُنسها) بضم السين وكسر السين, على حين أنها قرأت قراءة أخرى وأظنها هي الصحيحة وهي كالتالي( نَنسها) بفتح النون وفتح حرف السين, ومعناها اللغوي هنا هو(نؤجلها) كقولك اليوم وأنت تناقش أحدا,(لننسى هذا الموضوع) وأنت هنا من المؤكد أنك لا تقصد فيها نسيان الموضوع نهائيا ولكنك تقصد تأجيل البحث فيه إلى وقتٍ آخر.

أما النسخ فهو تبديل حكم شرعي بحكم شرعي آخر, وأما نسيان بعض الآيات فهي تعني تأجيل تفعيلها على أرض الواقع, فقد كان محمدٌ رجل ضعيف في بداية دعوته ولا يستطيع تطبيق بعض التشريعات التي شرعها في القرآن لذلك كان يؤجل تنفيذ الحكم القضائي ببعض التشريعات التي جاءت في القرآن, وكان من ضعف محمد أن رجلا يهوديا كان يضع الزبالة والنفاية أمام بيته, ولم يكن قادرا على توجيه الإساءة له أو رد الصاع بصاعين, كان ذلك الرجل كل يوم يضع أمام بيت محمد الزبال ة والقاذورات التي كان يخرجها من بيته, ولم يكن محمدٌ قادرا على مواجهته, لذلك كان يؤجل وينسى عملية الانتقام منه مباشرة, ولو أن هذا الرجل كان يضع القاذورات أمام بيت محمد حين أصبح محمد رجلا قويا لقتله محمد, ومن نافل القول أن المسلمين يعدون هذه الخصلة في محمد خُلقا رفيعا, في حين نراها نحن ضعفا وليس خُلقا, والمهم في الموضوع, أن محمدا كان يؤجل تنفيذ الأحكام الشرعية لضعف مفهوم الدولة الإسلامية, فلم يكن محمد بعد قد انتهى من تأسيس دولته الإسلامية وكان رجلا ضعيفا في كل شيء اقتصاديا ومعنويا, لذلك كان يقول للناس(لنَنسى) هذا الموضوع ولنؤجله إلى موعدٍ آخر, كما كان يؤجل عملية الانتقام من اليهود إلى ما بعد غزوة الخندق...إلخ.


وكما قال ابن جرير : (مَا نَنْسَخْ),أي نحذف... أي: ما ننقل من حكم شرعي لآية إلى غيره من أحكام جديدة، فنبدله ونغيره بقوانين وتشريعات ونظم جديدة وذلك أن يحول محمدٌ الحلال حراماً والحرام حلالاً، والمباح محظوراً، والمحظور مباحاً، ولا يكون ذلك إلا في أمور النهي والحظر والإطلاق أي السماح أو المنع والإباحة فأما الأخبار التاريخية فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ,ومن عجيب القول: أن الدين الإسلامي نسخ كل الأديان أو الديانتين التين سبقتا الإسلام وهما: اليهودية والمسيحية,وهذان الحكمان باطلان عقليا, لأن لكل مجتمع من المجتمعات قوانينه وعاداته وتقاليده, والديانات في الأصل أن كل ديانة وافقت عادات الناس وتقاليدهم, وتختلف عادات الناس دوما من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة على حين أن أغلب العادات والتقاليد في المجتمع(الإثني) الواحد تتوافقان ما يقارب90% وتبقى الاختلافات ظاهرة ولكنها بسيطة, ولكن الفجوة تكبر وتعظم أكثر من مجتمع إلى مجتمعٍ آخر على حسب أنماط الإنتاج البدائية أو الحديثة, والمهم في الموضوع أن نسخ الأديان السابقة للإسلام يبقى موضوعا مستحيلا جدا.

ومما يعجبني تفسير (الواحدي) الذي أكد على أن محمدا لم تكن له شخصية ثابتة فقد كان دوما متقلب المزاج, وقالت قريش: أترون محمدا؟ إنه يأمر أصحابه بأمر ثم ينهى عنه في اليوم التالي, ويأتي لهم بتشريع ثم يلغيه في اليوم التالي, وهذا هو سبب كتابة: آية النسخ, وقالت معظم رجالات قريش: دين محمد ليس من عند الله بل هو من عند محمد نفسه, يقوله للناس ثم يبدل ويغير على حسب ما يراه مناسبا, وهذا الكلام ليس بكلامي وبإمكان القارئ أن يراجع كتب التفاسير جميعها ويقرئ عن أسباب نزول أو كتابة آية النسخ في سورة البقرة, ويقول القرطبي رحمه الله: أن سبب نزول هذه الآية عندما حول محمد القبلة من بيت المقدس أي(الهيكل) إلى الكعبة, قالت اليهود: محمد لا يثبت على قول ولا على رأي واحد , وهذا القرآن ليس من عند الله بل هو من تلقاء محمد نفسه, يأمر أصحابه بشيء ثم ينهاهم عنه في اليوم التالي, وفي الحديث عن عائشة أن قيام الليل كان فرضا ومن ثم حوله محمد من فرض إلى عمل تطوعي.... ففي صحيح مسلم عن سعد بن هشام أنه سأل عائشة فقال: يا أم المؤمنين؛ أنبئيني عن قيام نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: أليس تقرأ هذه السورة يا أيها المزمل؟ قلت: بلى، قالت: فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة. والله أعلم.

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات