|
( صالح الكواز ) الحلي شاعر السليقة والارتجال
حامد كعيد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 4391 - 2014 / 3 / 12 - 10:06
المحور:
الادب والفن
قرأت موضوعة عن شاعر الحلة الفيحاء ( صالح الكواز الحلي ) ووجدت سوقَ معلومة أجدها منافية لما قيل فيها عن الشاعر ( الكواز ) ، والمعلومة تقول أن ( الكواز ) ضليع باللغة العربية ونحوها ، ولأن ( أهل مكة أدرى بشعابها ) لذلك نقول ما عرفناه ووثقناه من متداول ورواة شعره ، وما عرف عن هذا الشاعر وأخيه الأصغر ( حمادي الكواز ) ، فلم يكن ( الكوازان ) على دراية وخبرة بعلوم اللغة ونحوها وصرفها وربما الكتابة فيها ، ودليلي لذلك ما تحفظه الذاكرة الحلية عن الشيخ ( صالح الكواز ) ، وتقول الرواية أن الشاعر ( الكواز ) كان يرتاد مجلس السادة ( القزاونة ) ويقرأ شعره عندهم ، وكانوا يريدون إيجاد خطأ نحوي بشعره ولم يتمكنوا من ذلك ، وفي أحدى القصائد التي كتبها للصديقة الزهراء عليها السلام يقول : مـا كـان نـاقة صـــالحٍ و فصيلها * بــــــالفضلِ عند الله إلا دونـــــي وحين قراءة القصيدة أستوقفه أحدهم قائلا ، منذ مدة ونحن نرقب خطأ نحوي بقصائدك وها أنت اليوم وقعت في الخطأ يا شيخنا الجليل ؟ ، قال له ( الكواز ) وما هو الخطأ الذي وقعت فيه ، قال المتتبع للقصيدة أنت تقول ( ما كان ناقة صالح ) ، وبما أن الناقة مؤنثة لذلك وجب عليك أن تؤنث الفعل الماضي الناقص ليكون ( ما كانت ناقة صالح ) ، ولا علاقة لي باختلال الوزن لأني لست معنيا بذلك ؟ ، أجابه ( الكواز ) قائلا هكذا يقول لساني ، قالوا له لنتفحص علماء اللغة فيما أثبتوه وعلنا نجد عذرا لك وتعال لنا صباح الغد ، في اليوم الثاني جاء ( الكواز ) لمجلسهم وقالوا له جميعا ( صدق لسانك يا شيخنا الكواز ) ، قال أحدهم ذهبنا الى ( سيبويه ) ووجدنا عنده ما يتلاءم مع قولك ، لأن الفعل الماضي الناقص لو دخل على المذكر أو المؤنث العاقل يجب أن يذكر أو يؤنث تبعا لذلك ، وأن دخل على المذكر أو المؤنث غير العاقل فمن حقك تأنيث الفعل أو تذكيره وفق ما تريد ، ولم يكن الرجل عارفا بما وجدوه له من عذر ، وهذا بزعمي دليل على رد من يقول أن ( الكواز ) على دراية بعلوم اللغة وأسرارها . وقبالة ذلك كان ( الكواز ) على دراية وحفظ ومعرفة لشعراء الجاهلية ، وصدر الإسلام ، والشعراء الأمويين والعباسيين ، ويحفظ الكثير من المراثي لآل البيت الأطهار عليهم السلام . ولد الشاعر أبو المهدي بن الحاج حمزه عام 1233 هـ في مدينة الحلة الفيحاء وهو من أصل عربي من عشيرة ( الخضيرات ) أحدى قبائل شمر ، وتوفي في الحلة الفيحاء عام 1290 هـ ودفن في النجف الأشرف ونعاه علماء الدين وخطباء المنابر ورثاه الشاعر السيد ( حيدر الحلي ) بقصيدة يقول في مطلعها : كل يوم يسومني الدهر ثكلا * ويريني الخطوب شكلا فشكلا ومن طريف شعره هذا البيت الذي أرتجل ويقول فيه : ما وشوش الكوز إلا من تألمه * يشكو الى الماء ما لاقى من النار وفي رواية أخرى ما قاسى من النار ، وحديث هذا البيت أن ( الكواز ) كان يعمل بصناعة الفخار ( الجرار ) ، وما شابهها من صناعات فخارية يدوية ، و ( الجرة ) عبارة عن وعاء فخاري مصنوع من الطين لحفظ الماء وتبريده أيام الصيف القائظ ، ، ويطلق على صاحب هذه الصنعة ( الكواز ) الذي يصنع ( الأكواز ) . وقفت امرأة جميلة على دكان ( الكواز ) طالبة منه بيع ( جرة ) لها ، واتفقا على السعر وأخذت ( جرتها ) وذهبت لبيتها ، في اليوم التالي عادت الحسناء قائلة له حين وضعت الماء في الجرة أصدرت صوتا غريبا يشبه الوشوشة ، وبدأ الماء ينساب من مسامات الجرة ، قال لها خروج الماء بقطرات قليلة شئ طبيعي وسنعالجه وسينقطع انسياب الماء شيئا فشيئا ، وأما الصوت الذي سمع فتلك شكوى من الجرة الى الماء ، بقدر ما لاقت من النار عند فخارها ، وفي حديث الكواز تورية واضحة ، وحقيقة الصوت هو دخول الماء الى مسامات الجرة وطرد الهواء من تلك المسامات مطلقا تلك الوشوشة التي ذكرها ( الكواز ) في بيته الشعري . وطريفة أخرى تناقلها شيوخ الحلة عن شاعرهم ( الكواز ) ، ومفادها ان الشاعر ( الكواز ) كان على علاقة مع أحد وجهاء مدينة ( الكاظمية ) المقدسة ومن وجهاء ( آل كبه ) ، وكان الوجيه ينزل بدار ( الكواز ) في الحلة أثناء مروره الى النجف الأشرف لزيارة أمير المؤمنين علي ( ع ) ، أو لزيارة كربلاء المقدسة ، وكثيرا ما كان يوجه الدعوة لصديقه ( الكواز ) لزيارة الإمامين الكاظمين ( ع ) ، وربما تستغرق السفرة أكثر من نصف شهر ذهابا وإيابا بسبب عدم وجود وسائط النقل الحديثة آنذاك ، وكانت سفراتهم على شكل مجاميع يستخدمون فيها الحيوانات للتنقل ، في أيام رمضان كان ( الكواز ) ضيفا على صديقه الكاظمي ، وصادف أن وجَهَ الشاعر المعروف ( عبد الباقي العمري ) دعوة أيام رمضان لحضور مجلسه الثقافي لذلك الوجيه البغدادي ، وألح البغدادي الكاظمي على ( الكواز ) لحضور ذلك المجلس الذي يعقده ( العمري ) بمدينة الأعظمية ، لم يقتنع ( الكواز ) بالذهاب لمجلس العمري لأنه لا يعرفه أولا ، ولم تقدم له الدعوة مباشرة ثانيا ، وثالثا وهي الأهم أن ( الكواز ) كان قد ندد بشعر ( العمري ) وشاعر آخر هو ( عبد الغفار الأخرس ) ببيت شعر ذكرهما سوية يقول فيه أخرستُ أخرس بغداد وناطقها * وما بقيت لباقي الشعر من باقي والتورية واضحة في البيت ، وأخيرا أجبر ( الكواز ) على الذهاب لديوان ومجلس الشاعر عبد الباقي العمري ، ومعلوم أن ديوان العمري يؤمه وجهاء البلد من ساسة وتجار ومثقفين ، و( الكواز ) رجل فقير الحال لا يملك من دنياه إلا ساعده الذي يعيل به عائلته ، نظر الشاعر عبد الباقي العمري للقادم الجديد مع مجمل المدعوين ، وربما لم تعجبه ملابس الشاعر ( الكواز ) المتواضعة ، و( الكواز ) يرتدي العباءة العربية والعقال والكوفية ( اليشماغ ) ، وربما سمع ( الكواز ) أطراف حديث الشاعر عبد الباقي العمري مع مضيّف الكواز الكاظمي واستهجان قدومه وملابسه البسيطة ، فقال ( الكواز ) قاطعا حديثهما بهذا البيت من الشعر : لو كان ثوبي قدر شعري لأصبحت * تحاك ثيابي من جناح الملائك نهض الشاعر عبد الباقي العمري من مكان جلوسه مسرعا نحو جلوس قائل البيت وصاح به صوتا يسمعه الجميع والله أنك ( صالح الكواز الحلي ) .
#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلة الله / قصيدة لشهداء الحلة الفيحاء
-
إضاءة / ( عرب وين طنبوره وين )
-
إضاءة / الجهاد والمجاهدين !!!
-
إضاءة / الزمن الجميل !!!
-
(يكولون غني أبفرح )
-
إضاءة / ( داعش ) حقيقة أم خيال !!!
-
إضاءة / العرب تاريخٌ ...!!!
-
قصيدة ( محمد وأحمد مختار وبشير )
-
( الجيش أبن العراق )
-
إضاءة / إعلان غير مدفوع الثمن ( د مديحة عبود أحمد البيرماني
...
-
إضاءة ( الحكومة نزل ) !!!!
-
إضاءة ( نفس الطاس ونفس الحمام )
-
إضاءة ... ( أن كان بيتك من الزجاج فلا ترمي الناس بحجر )
-
إضاءة / عراقي ينقذ ( النرويج ) !!!!
-
أريد أطبع على أخدود الحزب بوسه...
-
إضاءة / أعياد وذبح وطائفية !!!
-
إضاءة / دكتاتورية الفرد ودكتاتوريات الجماعة !!!
-
( فراديس العراق يوقد شمعته الثالثة بمحافظة بابل )
-
إضاءة / وللفقراء قصصهم !!!!
-
إضاءة / ( الفقير والتعيير والطموح )
المزيد.....
-
أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202
...
-
الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا
...
-
متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا
...
-
فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد
...
-
رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر
...
-
تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ
...
-
مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من
...
-
فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي
...
-
“ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام
...
-
محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|