جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 4362 - 2014 / 2 / 11 - 18:03
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
اللص يختفي عن أعين الناس حين يريد أن يسرق,وأنا أختفي عن عيون الناس حين أريد أن أصلي ل يسوع.
اتخذت من غرفتي مصلى ووجدتُ فيها زاوية جيدة ولا بأس فيها تنفع فقط للصلاة, وجهتُ وجهي للغرب وهذه أولُ مرةٍ أوجه فيها وجهي للغرب,حافظتُ على هدوء أعصابي جيدا,تماسكتُ جيدا ووضعتُ يديا على صدري,ورحتُ أتأملُ في هذا الكون,وفي حياة الناس, استحضرت كل الذكريات ووضعتها أمامي,تأملتُ في الجدار الذي يقفُ أمامي,رأيتُ صور كل الذين مروا من هنا.... صليت لإلهي يسوع,طلبتُ في صلاتي أن يعم السلام على العالم كله, تمنيتُ أطيب الأوقات وألذها لكل الناس..طلبتُ في صلاتي أن تنتهي الحرب في سوريا بنهاية غير مأساوية, طلبتُ منه أن تنتهي الحرب أيضا في العراق وفي ليبيا وفي مصر,وطلبتُ المغفرة لكل الذين ما زالوا مصرين على عدائي,قارنتُ بيني وبين الناس,وأدركتُ المسافة البعيدة بيني وبين يسوع حين تصبح قريبة أثناء الصلاة,وطلبت الهداية لكل الناس,وتمنيت أن تصلي كل الناس مثل صلاتي.
كنتُ فيها وحيدا ليس معي إلا هو, كنتُ فيها بعيدا عن أعين الناس وعن أعين كل البشر, حريصٌ على خلوتي في صلاتي,وكل يوم سأصلي مثل هذه الصلاة, لأني لا أصلي من أجل أن يعرفني الناس,ولم أصلي من أجل أن يراني الناس, بل من أجل أن يكون يسوع كل يوم حاضرا معي... كان بيتي يكفيني للصلاة, بيتي هو كنيستي,وماء الحمام الذي دهنتُ فيه جسدي كان هو معمداني, كنتُ أدعو وأتوسل أن يعم السلام في المشرق وفي المغرب , وتمنيت أن تعرف الناس بأن الصلاة ليست مرآة للمنافقين, الصلاة علاقة وجدانية بين المصلي وخالقه, الصلاة من أجل أن تزهر النفس ومن أجل أن يتفتحَ القلبُ ليرى رؤيا واضحة أكثر وأطول مدى من رؤية العين, كانت صلاتي من أجل أن أرى مناظر ومشاهد جديدة على الساحة..الصلاة علاقة وطيدة بيني وبين يسوع لا دخل للناس فيها, لم يطلب مني أحد أن أُصلي ولم تطلب مني الحكومة أن أُصلي, لقد خطرت لي الفكرة وأنا جالسٌ في البيت وحدي, نظرت إلى الهدوء الذي حولي وإلى أشعة الشمس الساطعة وقررتُ أن هذا الطقس مناسبٌ جدا للصلاة, ونظرتُ في أحوال الناس جميعا ووجدتُ أن هذا الوقت مناسبٌ أيضا للصلاة, كل شيء حولي يدفعني لأصلي ولأطلب من يسوع أن يمد في عمري أكثر لكي أصلي أكثر ولوحدي دون أن يراني أحد.
قدّمتُ في صلاتي كل ما أملكه من دموع,وقدمتُ في صلاتي كل ما أعرفه من كلمات, وكل ما حفظته وتعلمته من أمنيات, وضعتُ في صلاتي كل ما عندي من أحاسيس, ومشاعر,قدمتُ في صلاتي كل ما عندي من أفكار وكل ما عندي من ممتلكات, لبستُ في صلاتي أجمل ما عندي من أثواب, وحين حلقتُ ذقني قبل الصلاة وحين تعطرتُ قبل الصلاة شعرتُ بشيءٍ غريب وكأني لأول مرةٍ في حياتي أحلقُ وجهي وأضعُ العطر على رقبتي..قدّمتُ في صلاتي شهادة إبداعية يشهدُ عليها يسوع.. قدمتُ في صلاتي تعبي وعرق جبيني, أغمضتُ عيوني ورحتُ أغط وأغفو وأنا أتأمل بهذا الكون..قدمتُ في صلاتي كل الجروح وقدمتُ كل الدماء التي نزفت من جروحي, قدمتُ في صلاتي ليلي الطويل والحزين ونهاري المتعب, قدمتُ في صلاتي كل الذكريات المؤلمة, كل تلك الأمور قدمتها قربانا ل يسوع كي يقبل صلاتي ولكي يشعر بحاجتي إليه, لم أملك ثمن كبش أذبحه أو عجلا سمينا,ولم أجد عندي أغلى من كفاحي ونضالي لكي أُقدمه, وقدمتُ في آخر صلاتي ابتسامة عريضة فأنا سعدتُ جدا بصلاتي وآمل من كل الناس أن يحذو حذوي, فالصلاة في المسجد يقدمها أهلي فقط لا غير من أجل أن تراهم الناس,ويصلوا دون أن يقدموا قربانا لله, والصلاة بدون قربان غير مقبولة على الإطلاق من وجهة نظري, والقربان يجب أن يكون عملا خيريا يعمله الإنسان في حياته, وأنا ما شاء الله دموعي وكفاحي ونضالي وبطولاتي تشهد على ذلك لذلك قدمتها جميعا ل يسوع.
قدمتُ في صلاتي كل ما أملكه من خيبات أمل طويلة, قدمتُ في صلاتي كل ما ادخرته من أوجاع,قدمت في صلاتي كل وسائل التعذيب والترهيب التي مورست بحقي منذ يوم ولادتي حتى هذا اليوم, مسحتُ دموعي بقميص يوسف, نذرتُ روحي للشمس ونثرتُ أنفاسي في الهواء, انزويت في قلب الزاوية القائمة حتى لا يراني أحد,كنتُ أحاول أن أبتعد حتى عن النمل الموجود في غرفتي,كنتُ حريصا على أن لا يراني أحد,تسللتُ إلى غرفتي ليلا وكأنني رجلٌ غريب دخل بيتا غير بيته, كنتُ أمشي في الغرفة وكأنني لصٌ قَدِمَ إلى هذا البيت لكي يسرقه,ولم أستطع أن أخفي عن يسوع مشاعري,كانت أحاسيسي ومشاعري التي أحضرتها معي تكشفُ له عن شخصيتي, كانت الابتهالات له تلوى الابتهالات والتضرعات تلوى التضرعات,كنتُ أحس بجمالي وأنا أصلي, آهٍ لو رأيتم منظري الجميل وأنا أُصلي, آه لو رأيتموني, حتى أنا كنتُ معجبا بنفسي وأنا أُصلي,كنتُ وكأنني لأول مرةٍ في حياتي أرى نفسي بهذا المنظر, كنتُ مفتخرا ومعتزا بنفسي كثيرا وأنا أقفُ بين يديه,كنتُ أتصور نفسي وكأنني لأول مرة أقفُ أمام نفسي,وقبل أن أُصلي دخلتُ الحمام وأخذت حماما فاترا وكنت معجبا بهذا الاستحمام وكأنني لأول مرةٍ في حياتي أستحمُ فيها,وحين وضعتُ المنشفة ولففتُ فيها جسدي شعرتُ وكأنها أول مرة توضعُ فيها على جسدي,وهذا الشعور صادقٌ جدا فأنا لأول مرةٍ في حياتي أصلي فيها لإلهي الحقيقي وفي بيتي,وبالذات في الزاوية التي اتخذتها محرابا, كنتُ سريع الاستجابة لنداءه,كنت قرير العين في صلاتي, تمنيتها لكل محب ولكل عدو.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟