أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - صهيل الفرس المفجوعة فوق التل














المزيد.....

صهيل الفرس المفجوعة فوق التل


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 11 - 14:48
المحور: الادب والفن
    


صهيل الفرس المفجوعة فوق التل
سعد محمد موسى
في إحدى الصباحات الصيفية كانت خطى اللاجىء غارقة بالاحزان وذاكرة الجبال الموحشة والقاسية
وهو يسير بمحاذات مزرعة للخيول في أطراف قرية تمتد ربوعها الخضراء بعيداً نحو أقاصي جنوب السويد.
كان اللاجىء مثقلاً بلوحه السومري الموشوم بجراحاته وأحلام الوطن الذي تركه هنالك ينزف.
استوطن المتعب في منفاه بسلامٍ وعزلة بينما ذاكرته كانت مثقبة مثل خوذة جندي مهجورة في الارض الحرام . ثم توقفت خطاه أمام فرس صهباء كانت ترضع مهرها الوديع بطمأنينة.
...
رحلت حينها ذاكرة اللاجىء بعيداً الى وديان الجبال الوعرة والى تلال قضاء شيخان التي كان يقطنها (الايزيديين) وهو كان مقاتلاً في إحدى فصائل الانصار الشيوعيين أثناء محاصرة مفارزهم عام 1988 من قبل الجيش العراقي والمرتزقة الاكراد الذين كان يطلق عليهم تسمية (جحوش).
...
إنقطعت المؤن والامدادات عن المقاتلين، فشعروا بضراوة الجوع بعد أن نفذ طعامهم وهم مختبئين وراء سواترهم ومفارزهم.
ثم شاهد أحد الانصار فرساً مع مهرها وهما ينحدران الى واديٍ قريب من رابيتهم فتسارع المقاتلين لحصار الفرس ومهرها. فأمسك الجياع بالمهر بينما الفرس هربت مذعورة وحوافر خببها كانت تنقش فوق الصخور تضاريس الاسى والخذلان.
تسلقت الفرس تل (كيري باجي) وهي تشهد فجيعة أسر مهرها، وصدى صهيله البكر كان يخترق الفضاء منادياً " أماه أنقذيني" !!!
ثم ذبحه أحد المقاتلين بسكينه الحاد. سالت دماء المهر فوق الصخور الملتهبة .
صهلت الفرس من أعماق فجيعتها نحو عنان السماء وسالت الدموع من عينيها. شعر بعض المقاتلين بحزن المشهد فلم يكن لهم خيار وسط هذا الحصار غير قتل المهر. كما كان يظن الجميع.. بإستثناء أحد الانصار الذي رفض أن يشارك رفاقه وليمة العشاء الاثمة.
شعر الرفيق بالخيبة وحزن المساء، فانزوى وراء صخرة وأجهش بالبكاء وهو يتذكر مشهد الفرس حين كان يعلو صهيلها فوق التل . ثم داهمته ذكرى أمه أيضاً على ضفاف شط العرب حين كانت تودعه لاخر مرة بنحيبها الجنوبي الذي كان يتعقب صداه خطى أبنها الوحيد وهو يغادر البصرة شمالاً كي يلتحق باحدى معسكرات رفاقه الشيوعيون في كردستان.
...
كان بعض الرفاق يطلق تسمية الماركسي الرومانسي على صديقهم (سامي) المنحدر من إصول مندائية.
بعد أن قرر أن يكون نباتياً.
غالباً ماكان سامي يقضي أوقاته اثناء أداء واجبه في المفارز وفوق الروابي بقراءة الشعر والكتابة .
بعد سنتين قضاها بين رفاقه الانصار ، قرر ذات يوم أن يغادر كردستان ويودع الرفاق .
فكر ببناء طوافة خشبية من بقايا جذوع الاشجار والاغصان كي يعبر بها نهر الخابور من كردستان الى سوريا لغرض مقابلة الامم المتحدة هنالك في دمشق ثم طلب اللجوء الى إحدى دول الغرب.
...
بعد ان ودع سامي أصدقائه تاركاً لهم كتبه ودواين الشعر وبعض من تخطيطاته بالفحم والاحبار فوق علب السكائر والورق التي نفذها أثناء تواجده في معسكرات الانصار.
لم يجلب معه سوى حقيبة صغيرة كانت تحتوي على قليل من الملابس وحاجيات صغيرة وزوادة طعام.
أبحرسامي بطوافته الخشبية في ليلة معتمة بعد أن غادرها القمر خلف سواتر الغيوم، كي لايوشي به الضوء فيفتضح أمره الى العسس المتربصين فوق رابية مثلث الموت والذي كانت تتشاطره قناصات وفوهات بنادق الجنود الاتراك والعراقيين والسوريين.
لوح سامي بيديه لرفاقه المودعين على جرف النهر. ثم جدف بعمودين خشبيين وهو يدفع بالطوافة وحين إبتعد قليلاً أخذ يجدف بحذرٍ شديد بعد أن تمالكه القلق ونشوة الحلم صوب ضفاف الشام.

استغرقت الرحلة المرعبة بشق الانفس فوق طوافة الخشب الى ضفاف سوريا أكثر من ساعتين حتى وصوله الى الضفة الاخرى من نهر الخابور ثم تسلل من هناك الى قرية سورية واختفى في اعماق الليل مابين البساتين والبيوت الطينية.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعويذة الفيروز
- توني الخياط
- حكايات من الطفولة
- تعويذات الدرويش
- بستان الاب مرزوق
- احتراقات في خلوة
- الاقدام الحافية تتعقب القافلة
- صلاة غيمة في محراب فضاء
- تجليات في إيقونة القدر
- سورة العشق
- شنيشل وذاكرة النهر والمدينة
- أسفار الحزن في رحلة حمار
- ترنيمات في معبد
- حين يترك الجمر تضاريسه فوق الرماد
- ملامح لعاشق في مرايا الروح
- لوعة النهر والضفاف
- خوف داخل أسوار المدرسة
- صدى لحكايات في افق الذاكرة
- وشم فوق جسد موجة
- قلبي ان لم يضمه العشق يصدأ


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - صهيل الفرس المفجوعة فوق التل