أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - أبلسة التاريخ وتزييفه لإدراة الجماهير















المزيد.....



أبلسة التاريخ وتزييفه لإدراة الجماهير


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4315 - 2013 / 12 / 24 - 02:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يختلف اثنان أن تزوير التاريخ .... حالة طبيعية تعتبر إحدى أهم الضروريات الاستراتيجية في عملية إدراة الجماهير ... لكن لصالح من ؟.أنظروا إلى ما وصلت إليه البشرية ... أنظروا إلى التوجّه الفكري و الأخلاقي الذي تسلكه الشعوب .. من المسئول عن هذا الوضع المرعب الذي نعاني منه الآن ؟.. لماذا لا تعلن الحقيقة ؟.. حقيقة أن التاريخ المكتوب صنعه مشعوذون استراتيجيون ... هدفهم هو توجيه الشعوب كما يشاؤون ... و التحكم بهم كما يشاؤون .. و تسخيرهم لتنفيذ أهداف قلّة شريرة من الناس و أهوائهم السخيفة ... فتاهت الشعوب و ابتعدت عن الحقيقة تماماً .. و راحوا يخوضون الحروب على الآخرين معتمدين على التاريخ المكتوب .... و راحوا يشعلون النيران و يقطعون الأشجار كما هو مكتوب ... راحوا ينهلون من المعلومات التاريخية المزوّرة حتى أصبحوا كائنات شريرة ! لا تستطيع العيش دون قتال فلم يعد للخير بينهم مكان ... و بدلا من تبجيل الخير و لعنة الشرّ ، راحوا يعبدون القوة و يحتقرون الضعف و الهوان !.. انقرض الخير و سادت القوة فحكم الشرّ !.. و نسب السيف للمجد !.. و نسبت القوّة للعظمة !... و المجرم السفاح أصبح بطلاً !. و الضعيف الذي خسر المعركة هو دائماً الشرير !.. أما المنتصر ، فهو القديس الذي اسمه يسود ! ويكتب باحرف من نور فى كتب التاريخ !!...والى كل اتباع الاصنام التاريخية والسياسية فى اى دولة ...حكمة التاريخ تقول لنا : لابد ان تضع يدك على قلبك وانت تقرأ تاريخ الدول والقادة والزعماء فى العالم ..لانك قد ترى او تسمع عكس ما يقال تماما .....حيث فى دهليز الحكم التى تموج بالخطط والمؤامرات السياسية والنفسية لتصفية الخصوم , قد ترى العجب العجاب .. لذلك بحكم دراستى فى الاقتصاد والعلوم السياسية كانت هناك حكمة جميلة تسيطر علينا الا وهى : من ضمن الاخطاء الكبرى التى يقع فيها الساسة والقادة فى الدول ان يضعوا معلوماتهم فى قوالب من حديد ... اى لايغيرون معلوماتهم عن تاريخ الملوك والرؤساء وكأنهم آلهة !!.... لذلك اقول لنفسى ولغيرى : ضع يدك على قلبك من هول ما ستقرأ عن تلك الاصنام السياسية وانت تقرأ التاريخ السليم وليس التاريخ المزيف ....

فمثلا : (كليوباترا) .. المؤرخون يؤكدون انها سيدة ذكية , وانها وطنية فى المقام الاول , وانها من اجل العرش فعلت المستحيلات .... ولكن الفنانين الكبار يقولون : انها فعلت كل شىء من اجل العرش ومن اجل جسمها , وان نشاطها جعلها تتعثر فى ابطال وملوك واساطيل .. اما الحقيقة التى يجب ان تضع يدك على قلبك وانت تقرأها : انها كانت غانية مدربة واسعة النشاط ....و(ثيودورا).. زوجة الامبراطور (جوستنيان) الذى كان رجلا عظيما بكل الموازين .. اما هى فالشك حولها وتحتها , ولذلك لايذكر التاريخ الا مباذلها .. حيث يرينا التاريخ المرأة الغانية التى جلست على العرش او تحته .... وكأن التاريخ يقول لنا : ان الظروف مهما تغيرت .. فالمرأة ذات طبيعة ثابتة , وطبيعتها انها بائعة هوى لكل من يطلبه ....و(سميراميس).. يقول لنا التاريخ انها كانت امرأة شرسة .. ويقال انها كانت مثل الكلاب تشمشم فى اقدام الغرباء كما يقول الشاعر الالمانى (جيته)..وانها كانت تركب حصانا عاريا وعارية .... وكانت تلف وجهها فقط .... وكانوا يعرفونها من ملامح جسمها .... وكانت تلقى بنفسها عند اى شاب غريب .. تلك هى صورتها التى صورها التاريخ السليم ...و(بلقيس).. ملكة سبأ , فى القرآن الكريم فى سورة النمل , تجد صورة لملكة عادلة سمعت بالملك النبى سليمان , الذى دعاها للايمان .... فهى ملكة لاتنفرد برأى او بقرار .... ولكن التاريخ يحدثنا عن مباذل ملكة سبأ بلقيس , وكيف انها اقامت المواخير فى اورشليم وكيف انها كانت تستحم فى اللبن وتشعل النار فى دماء الرجال وتستدفىء فى هدوء .... اقرأوا التاريخ السليم ستدهشون من كمية المعلومات عن معظم الاصنام السياسية التى نظنهم آلهة ....و(الخلاف بين احمد اسماعيل وسعد الشاذلى ) .. الخلاف بين الاثنين سجله التاريخ منذ ان كانا فى (الكونغو).. الشاذلى كان برتبة عقيد وكان قائدا لقوات الامم المتحدة .. وفوجىء بمجىء بعثة برئاسة العميد احمد اسماعيل , فرفض الشاذلى ان يتعاون مع احمد اسماعيل , وكان يرسل تقاريره للسفير (مراد غالب) ويتجاهل احمد اسماعيل .. وذات يوم قال له احمد اسماعيل : انت تريد ان تدعم موقفك فى الامم المتحدة لكى تضمن عملا مجزيا ..فثار عليه الشاذلى وسبه وشرع فى الاعتداء عليه ضربا , وارسل برقية الى شمس بدران : احضروا فورا لامر هام ... وبالفعل حضر شمس بدران لتسوية الموقف .. وعندما تم تعيين احمد اسماعيل رئيسا للاركان قدم الشاذلى استقالته المسببه ولزم بيته .. ولكنه عدل عن الاستقالة بعد 4 ايام عندما ارسل له عبدالناصر (اشرف مروان) وطلب اليه العدول عن الاستقالة .. الى ان تولى السادات الحكم , استدعى الشاذلى وقال له : سأعين احمد اسماعيل وزيرا .. فقال للسادات : سأعمل مع اى شخص تختاره وزيرا .. فأجابه السادات : انا عارف انك مختلف مع احمد اسماعيل , لكن تأكد انه سيعاملك كويس ...وفعلا استمر شهر العسل بينهم 6 اشهر بعد تعيين احمد اسماعيل وزيرا للحربية .... الى ان حدثت الثغرة ففجرت الخلافات مرة اخرى بينهم .. على مبدأ (العناد والعناد المضاد) .. تلك هى الحقيقة التى يجب ان تضع يدك على قلبك وانت تقرأ سر الخلاف بينهما .....الم اقل لكم ان التاريخ يقول : ضعوا اياديكم على قلوبكم وانتم تقرأون عن الساسة والقادة فى كل الدنيا !!..

إذا نظرنا إلى التاريخ الذي تتناوله الشعوب المختلفة ، نلاحظ أن كل أمّة تنظر إلى التاريخ من الزاوية المناسبة لها ، و هذا طبعاً هو أمر طبيعي إذا قمنا بالنظر إليه من الناحية الاستراتيجية . فمن أجل إرساء الوحدة الوطنية و غيرها من أفكار تعمل على دغدغة مشاعر الشعوب ، تعمل المؤسسات الثقافية على إيجاد أبطال تاريخيين منسوبين لهذه الأمة و شاركوا في صنع أمجادها الغابرة !. ففي جمهورية أوزبكستان مثلاً ، يعتبر تيمورلانك بطل قومي حقق لشعبه الأمجاد و جلب له الخيرات من كل جهة و صوب !.. و من لا يعرف تيمورلانك ؟!. أنا لا أعلم ماذا يقولون للطلاب و كيف يسردون لهم عن تلك المجازر التي قام بتنفيذها ضد الشعوب الأخرى ؟ فمدينة أصفهان لوحدها ، ذبح 70.000 من السكان ! و في مدينة دلهي في الهند ، سفح 100.000 من الهندوس !. كان يأمر جيشه ببناء هرم كبير من الجماجم بعد كل مذبحة !..... أما هولاكو ، الذي دمّر بغداد دماراً تاماً ، قام بإطفاء شعلة النور الوحيدة في زمن الجهل المظلم ، قتل 800.000 من سكانها !. و لازالت آسيا الوسطى تعاني من نتائج أفعاله التخريبية حتى الآن !. ينظرون إلى هذا الرجل في جمهورية منغوليا على أنه أعظم الشخصيات في التاريخ ! بعد جدّه جنكيز خان صانع الانتصارات العظيمة و سيد العالم أجمع !...... أما " شاكا " ، زعيم قبائل الزولو في جنوب أفريقيا ، هذا الرجل يعتبر رمز العظمة و الجبروت ...... سببت حملاته التوسّعية و حروبه على القبائل الأخرى إلى مقتل أكثر من مليوني إنسان و عشرات الملايين من الدواجن و الماشية !.... هذا رقم غير قليل في زمن الرمح و الخنجر ! مع العلم أن جيشه كان يزحف على الأعداء مشياً على الأقدام دون ركوب الجياد !.... و عند سماعه يوماً نبأ وفاة والدته ، و كان حينها بعيداً عن الوطن ، أصيب بنوبة اختلال عقلي ( كريزة ) فراح يسفح يميناً و شمالاً برجاله و كل من جاء بطريقه ! و عندما زالت نوبته كان قد قتل 7000 فرد من الزولو !.... و لمدّة سنة كاملة ، عاش شعبه هذا الحزن الكبير الذي أصابه ، فمنع زراعة المحاصيل ، و إنتاج الحليب ( الغذاء الرئيس لشعب الزولو ) و كل امرأة حملت جنين في بطنها قتلت مع زوجها في الحال ! وذبح الآلاف من الأبقار الحلوبة ! ذلك من أجل أن تشعر العجول الصغيرة بصعوبة فقدان الأم !....

هذا الرجل يعتبر من أحد الأبطال الكبار في تاريخ أفريقيا !. أما إذا نظرنا إلى أبطال أوروبا التاريخيين ، و الطريقة التي يصفون بها هذه الشخصيات المثيرة للجدل ، نجد أنفسنا أمام أكبر عملية تزوير للتاريخ ! خاصة في عصر الاكتشافات ! أوّل ما يلفت انتباهنا هو اعتبار كريستوفر كولومبس أنه مكتشف العالم الجديد ، و لازالوا يحتفلون بهذه المناسبة حتى اليوم ! و تجاهلوا تماماً الشعوب المحلية التي ازدهرت يوماً في تلك البلاد ! هذه الشعوب المسكينة تعتبر اكتشاف كولومبس أكبر لعنة ضربت القارة الجديدة !. قام الأوروبيون بذبح مئات الملايين من السكان الأصليين و دمروا كل ما له صلة بثقافاتهم و حضاراتهم الراقية ! و حوّلوهم إلى عبيد بين ليلة و ضحاها ! و بقوا على هذه الحال إلى أوائل القرن العشرين !. نأخذ مثلاً من الأبطال الأوروبيين : القائد الأسباني العظيم هيرناندو كورتيز ، دخل إلى بلاد الأزتك ( المكسيك حالياً ) و استقبله ملك البلاد " مونيزوما " استقبال النبلاء ، و أمر شعبه بأن يحسنون ضيافة الجنود و تلبية كل طلباتهم . لكن القائد الأسباني النبيل قام باستغلال هذه المعاملة المسالمة و بعد أن توغّل جيشه بين السكان ، بطريقة سلمية ، أصدر الأمر المفاجئ و راحت آلة القتل تعمل بهؤلاء المساكين . قام بإبادة طبقة النبلاء و المثقفين و القيادات العسكرية إبادة تامة ، و أخذ الملك رهينة كي يبادله بالكنوز و الأموال المخبّئة ، أما باقي الشعب المصدوم ، ففرض عليهم نظام استعبادي دام قرون من الزمن .... لازالت تماثيل كورتيز تعانق السماء في ساحات المكسيك !.بلاد الأزتك !. أما القائد العظيم فرانسيسكو بيزارو ، هذا الرجل الذي لم يتعلّم القراءة و الكتابة ، شاءت الأقدار بأن تجعله أحد أكبر قادة الجيوش الأسبانية في أمريكا الجنوبية !... عند وصوله إلى سواحل ما تسمى البيرو حالياً ، حيث ازدهرت حضارة الإنكا ، علم ملك البلاد ( أتاهوالبا ) بنبأ وصولهم ، فأوعز لجيوشه بأن يسمحوا لهم بالدخول إلى المناطق الداخلية حيث كان مقيماً هناك ، و ذهب هذا الملك المضياف مع بضعة آلاف من طبقة النبلاء و القادة لاستقبال الضيف القادم من وراء البحار ، مع العلم أن الهنود كانوا مجرّدين من السلاح . لكن البطل النبيل بيزارو قام يذبحهم جميعاً ! تاركاً الملك فقط على قيد الحياة من أجل إطلاعه على مخابئ الكنوز و الأموال ! و بعد استسلام جيوش الملك الذي أخذ رهينة ، و كان عددهم هائلاً مما جعله من المستحيل أخذهم كأسرى ، أمر القائد العظيم بيزارو جنوده بأن يقتلوهم جميعاً ! فراح الجنود الأسبان المتوحّشين يتفننون بقتلهم إلى أن تعبوا من ذلك ( بسبب كثرة العدد ) ! فصدر أمر من القائد السموح بأن يطلق سراح الذين لازالوا على قيد الحياة ، و قد تم ذلك بالفعل ، لكن بعد أن قاموا بتقطيع أيديهم !.. لقد قطعت أيدي أكثر من أربعين ألف من الهنود ! ثم أطلق سراحهم و عادوا على عائلاتهم بهذا الحال المزري !. هكذا كان فرانسيسكو بيزارو صانع أمجاد أسبانيا العظمى.....


على صعيد أخر إذا ألقينا نظرة على التاريخ الذي تدعي به حكومات الولايات المتحدة الأمريكية ، و الذي لا يتردّدون في الإعلان عنه و إدخاله في المناهج المدرسية و يعلّمون التلاميذ كيف كان أجدادهم الأبطال يحاربون الهنود المتوحشين ! و يجب أن لا ننسى الدور الذي لعبته الأفلام الهوليودية في ترسيخ تلك الأكاذيب في عقول الشعوب !... نكتشف حينها ذلك المستوى من الانحطاط الأخلاقي و التجرّد من الإنسانية الذي يمكن أن يصل إليه الإنسان في عملية تزويره للتاريخ !... يدعي التاريخ الأمريكي بأن الأوروبيين الأوائل قد خاضوا مئات من الحروب ضد الهنود .... لكنها في الحقيقة لم تكن سوى مجازر دموية لا أخلاقية ارتكبها الأوروبي القوى المدجج بأسلحة فتاكة ضدّ شعب مضياف مسالم شبه أعزل يكره الحروب !. لا زالت كتب التاريخ الأمريكية تزخر بالمئات من الدروس التي تتحدّث عن حروب ضارية بين الأوروبيين و الهنود .... أوّلها كانت حرب البيكوت عام 1637م .... ثم حرب الناراغانست بين عامي 1643م 1645م . ثم الحروب التي اندلعت بين المستعمرين الفرنسيين و المستعمرين الإنجليز ، و التي راح ضحيتها المئات من القبائل ( مئات الألوف من الهنود ) التي صادف وجودها في وسط مناطق الصراع ..... ثم حرب الأوتاوا ، و حرب النوسكارورا ، و حرب الناتشيز ، و حرب الألغونكوان ، و حرب الأوروكويز ، حرب الشيروكي ، و الشكتاو ، و الكريك ، و الشاوني ، معركة تيبتكانو ، حرب البلاك هوك ، حروب السامينولي ، حروب الشوشون والأوتي و الأباشي و النافاجو ، ثم معارك الأراباهو و الشايني و السيوكس ، و معركة ليتل بيغ هورن ، و أخر المعارك كانت ضد شعب النيزبيرس في عام1870م ، و المعركة الشهيرة التي أخضعت آخر الثورات الهندية بقيادة جورانيمو في العام 1880م ، و ختمت هذه الحروب بمجزرة ووندد ني في داكوتا الجنوبية عام 1890م .... جميع هذه الحروب اتخذت أسماء القبائل الهندية التي قام الأوروبيون بسحقها بعد التعامل معها بالمكر و الخديعة و المفاوضات قبل الإنقضاض عليها غدراً و من ثم ارتكاب أبشع المجازر بحق شعوبها ...

يقوم التاريخ الأمريكي بوصف تلك الحروب بطريقة تجعلنا نعتقد بأن المستعمرين البيض هم شعوب مسالمة جاؤا بسلام و لم يعتدوا على أحد إلا إذا تم الاعتداء عليهم .... فيضطرّون حينها للردّ ، لكن بشجاعة لا مثيل لها و نبل أخلاقي منقطع النظير .... أما الهنود ، فهم مجموعة من القبائل البدائية لا حضارة لها ، شعب من الكفار لا دين لهم ، متوحّشين يقتلون الأطفال و النساء ، لا يأبهون بالقيم الأخلاقية التي طالما نادى بها البيض !.... لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو : إذا كان الحال كذلك ، كيف نفسّر إبادة عشرات الملايين من الهنود ؟ كيف تم دفع شعوب بكاملها ملأت يوماً كافة أرجاء القارة الأمريكية الشمالية ، إلى حد الانقراض التام ؟!.. إن جميع تلك الحروب المذكورة لم تكن سوى مجازر هدفها هو إبادة منظّمة للشعوب الهندية على يد الأوروبيين !.... و الوثائق التاريخية تؤكّد ذلك .... يصف لنا الكابتن جون أندرهيل ، القائد الإنجليزي الذي شارك في الحرب التي أدّت إلى إبادة شعب البيكوت عام 1637م ، إحدى معاركها التي انتصر فيها الإنجليز الأبطال على الهنود الأشرار !!... و قتل في هذه المجزرة 400 من الرجال و الشيوخ و الأطفال و النساء .... و لم ينجو منها سوى خمسة هنود !... و قد برّر فعلته الشنيعة هذه بأنه دائماً يستلهم أفعاله من الكتاب المقدّس الذي ورد فيه ما يحلّل قتل الكفار و أطفالهم و نسائهم و شيوخهم و كل ما يخصّهم !.... يقول البطل أندرهيل : (بينما كنا نقترب من مخيّمهم ، راح الجنود ينبشون قبورهم و يمثّلون بمحتوياتها ... و قاموا بإحراق محاصيلهم .... و راحوا يطلقون النار على الحيوانات الأليفة التي جاءت في طريقهم .. و كل من جاء لمفاوضتنا من قبلهم كان يتعرّض لنيران الجنود ... قمنا بإشعال الحريق حول مخيّمهم المحصّن .... و انتظرنا لفترة من الوقت حتى تمكنت النيران من التسرّب إلى داخل المخيّم .... و رحنا نسمع صراخ الأطفال و النساء من بين الذين راحت تأكلهم النيران ... مما أنذرنا بأن الوقت قد حان لخروج رجالهم تجاهنا لمواجهة الموت المحتّم ... فراحوا يهجمون علينا من داخل النيران بشجاعة يستحقون الاعتراف بها حتى من أعدائهم ... و راح رجالنا يستقبلونهم مجموعات مجموعات ، ثلاثين و عشرين من الهنود بالوقت نفسه .... لكنهم لم يجدوا في انتظارهم سوى سيوفنا و نيران البنادق ... و ليس هناك فرصة للهروب ..... أما مشهد جثث الأطفال و النساء المترامية هنا و هناك ، فقد جعلت الكثير من الجنود يستسلمون للبكاء ، خاصة هؤلاء الصغار في السنّ الذين لم يخوضوا الحروب من قبل ... لكن الذي حصل هو الصواب .. و في هذه المناسبات القتالية أستلهم دائماً كلمة الله الواردة في الكتاب المقدّس ... فأتذكّر حروب الملك داوود على الكفار ، و كيف كان يسحق الأعداء الذين يستحقون البطش دون رحمة .. دوائهم هو السيف و ليس السلام ... إنهم يستحقون أبشع ميتة يمكن أن يموتها الإنسان الكافر ... و قد ورد في الكتاب ما يشير بوضوح إلى أنه يجب على النساء و الأطفال و ذويهم الكفار أن يهلكوا و يفنوا تماما على يد المؤمنين ... يجب أن لا نتجادل حول ما نفعله أو نرتكبه في الحروب .. إننا بكل بساطة نقوم بتنفيذ كلمة الله الذي طالما ساندنا في خطواتنا و إنجازاتنا المختلفة ..!)...

مثالاً آخر على الحروب المذكورة في التاريخ الأمريكي المجيد نذكر تلك التي شنّتها الحكومة الأمريكية على شعب النيزبيرس الذي كانت قبائله تقطن في ما يعرف بأوراغون حالياً ... فرضت الحكومة على هذه القبائل بأن تنزح عن أراضيها الخصبة إلى محميات خاصة للهنود أقامتها الحكومة في أراضي صحراوية غير صالحة حتى لعيش الأفاعي !.... لكن هذا الطلب رفض من قبل الشعب الذي كان يتزعّمه أحد أعظم الشخصيات الهندية هو أنموتوياهلات الملقب بشيف جوزيف .... كان هذا الرجل الحكيم راجح العقل ، واسع الأفق ، و ميّال للسلام أكثر منه للحرب .... لكن الضغوط الكبيرة التي أنزلتها الحكومة على شعبه المسكين جعلته يفضّل النزوح شمالاً تجاه الأراضي الكندية بدلاً من الانتقال إلى محمية وضيعة في الصحراء ..... لكن ما أن وصل قرب الحدود الكندية ( مونتانا حالياً ) حتى انقضّت على قوافله المهاجرة جحافل من الجيوش الأمريكية بقيادة الجنرال البطل أوليفر هاوارد ! ففرض عليهم القتال !.... و دامت المعارك الشرسة أيام عديدة إلى أن انتهت باستسلام الزعيم الهندي العجوز حفاظاً على سلامة من تبقّى من شعبه الذي تعرّض لعملية إبادة وحشية شاملة !... يقول في كلمته الشهيرة التي أعلن فيها عن استسلامه : (لقد تعبت من القتال ... جميع زعماء شعبي قد ماتوا ... جميع الشيوخ الحكماء قد ماتوا .. و الذي يقود المحاربين الشباب قد مات .. إن الجو بارد جداً ، و ليس لدينا ما نكتسيه كي نتقي البرد القارص ... الأطفال الصغار يتساقطون من البرد و يموتون .... أما الذين بقوا على قيد الحياة ، فقد هربوا إلى التلال المجاورة ليختبؤا بين الأحراش ، ليس لديهم طعام و لا كساء .. لا أحد يعلم أين هم الآن ... ربما ماتوا من البرد .. أريد أن تمنحوني وقت حتى أبحث عن أطفالي .. ربما أجدهم بين الأموات .. اسمعوني يا أسيادي . أنا تعبت . إن قلبي حزين و مريض . و منذ هذه اللحظة ، من حيث موقع الشمس الآن ، سوف لن أقاتل أبداً) .... مات هذا العجوز العظيم في إحدى المحميات الحكومية بعد حياة ذليلة ، ترفضها الكلاب ، قضاها في أواخر أيامه .... و في العام 1890م ختمت الحكومة حروبها ضد الهنود بمجزرة ( ووندد ني ) التي ارتكبتها في داكوتا الجنوبية .... و روى أحد الهنود الناجين من تلك المجزرة عن بعض من تفاصيلها للسيد جيمس مكريغور ، المشرف على أحوال و شؤون الهنود الحمر .. فقال : (... ها أنت تشاهد حالتي .. أنا مريض و جرحي بالغ الخطورة ... فالجنود كادوا أن يقتلوني .. أنا لم أؤذي أي أبيض في حياتي ... كانت هذه المجزرة خطأ كبير تجاه شعبي و زعيم قبيلتي .... لم ينوي زعيمنا مقاتلة الجنود . كان يضع دائماً علم أبيض أمام المخيّم تعبيراً عن ميله للسلام و التفاوض .. لقد غدر بنا الجنود ... قاموا بتجريدنا من السلاح بعد أن خدعوا زعيمنا .. راحوا يتوغلون بين الأهالي يفتشون النساء و الأطفال بحثاً عن السلاح أو أي آلة حادة تستخدم كسلاح .... و بعد أن كدّسوا الأسلحة بعيداً عن تناول الهنود ، أصدر قائدهم أمراً بإطلاق النار علينا و على نسائنا و أطفالنا ! .... راحوا يلاحقونا و يصيدونا كما يصيدون البوفالو !.. كيف يمكن لهؤلاء الجنود أن يقتلوا الأطفال ؟.. لا بدّ من أنهم سيئون .. فالهنود لا يستطيعون قتل الأطفال البيض .. لا يمكنهم فعل ذلك أبداً) ....

في أوائل القرن التاسع عشر ، حضر مبشّر مسيحي إلى بوفالو كريك ، نيويورك ، قادماً من بوسطن و جمع زعماء قبائل السينيكا ، الذين سكنوا تلك المنطقة في حينها ، ليقول لهم أنه ينوي تحويلهم إلى الديانة المسيحية .... و أنه سيعلّمهم كيف يعبدون الروح العظيم ، و لا ينوي تجريدهم من أرضهم أو مالهم أو ممتلكاتهم ... و لا يوجد سوى ديانة واحدة أصيلة في هذا العالم ، و إن من لا يعتنقها سوف يتجرّد من السعادة و سيعيش في الظلمة و الخطيئة طوال عمره ، و غيرها من كلمات تبشيرية ساحرة ..... و بعد انتهاء هذا المبشّر من خطابه الطويل ، طلب من الزعماء الهنود الحاضرين في الاجتماع أن يعطوه جواب على اقتراحه ... و اتفق الزعماء على أن يتحدّث باسمهم الزعيم الهندي المخضرم " ساغويواثا " الملقّب بريد جاكيت .... و قد قام الكاتب الأمريكي " سامويل غودريش " بتوثيق هذا الخطاب ، و نشره فيما بعد ضمن كتاب يحمل عنوان : " شخصيات هندية شهيرة " ..... و قد وصف الكاتب هذا الزعيم الهندي النبيل بدقة كبيرة منذ أن وقف ببطء منتصب القامة ملقياً وشاحه التقليدي على ذراعه كالسيناتور الروماني ، و كيف ألقى خطابه الشهير بفصاحة لا تخلو من النبل و عزة النفس ، و هذا ذكّر البيض الذين حضروا الاجتماع ، بما فقدوه من الشيم الأخلاقية الأصيلة التي طالما تميّز بها الهنود الحمر ، إلى أن انتهى من كلامه و مضى في سبيله ... قال الزعيم الهندي رداً على كلام المبشّر : صديقي و أخي .... إنها إرادة الروح العظيم بأن نجتمع هنا اليوم .... إنه الآمر الناهي بكل شيء .... و قد أعطانا يوماً جميلاً لاجتماعنا ..... أزال حجابه عن عين الشمس فسطعت من فوقنا و فتحت عيوننا فأصبحنا نرى بوضوح .... و عملت آذاننا دون توقّف ..... مما جعلنا نسمع بانتباه كل كلمة قلتها لنا .... كل هذا هو من فضل الروح العظيم و له الشكر و الحمد .... أخي .. لقد أقيم هذا الاجتماع من أجلك .... و قد حضرنا في هذا الوقت بناءاً على طلبك .... و قد استمعنا بانتباه لما قلته .. و طلبت منا أن نعبّر عن أفكارنا بحريّة .... هذا يجلب السرور لقلوبنا .... فإنه يشجعنا على الوقوف أمامك باستقامة و التعبير عما يجول في نفوسنا من أفكار .... الجميع هنا استمع إلى ما قلته ، و الجميع قرّر و اتفق على إعطائك الجواب عن طريق وسيط واحد .. أخي .. قلت أنك تريد جواباً على ما اقترحته قبل مغادرة هذا المكان .. إنه من حقك الحصول على جواب .. فأنت بعيد جداً عن منزلك و نحن لا نريد أن نؤخّرك .. لكن يجب علينا أولاً العودة قليلاً إلى الماضي .. و سأروي لك ما رواه لنا آبائنا و أجدادنا ، بالإضافة إلى ما سمعناه من الرجل الأبيض .. أخي .. اسمع جيداً ما سأقوله .. كان هناك وقت ملك فيه أجدادنا هذه الأرض .. و امتدّت مقاعدهم من شروق الشمس إلى غروبها .. فالروح العظيم جعل هذه الأرض للهنود .. و خلق البوفالو و الغزلان و الحيوانات الأخرى لطعامنا .... و خلق الدب و القندس لنجعل من جلدها كساءاً .. و قام بنشرها في جميع أسقاع البلاد ، و علّمنا كيف نصطادها .. و سخّر الأرض لتنتج الذرة فصنعنا الخبز .. كل هذه الخيرات ، خلقها من أجل أولاده الهنود لأنه يحبّهم .... و إذا حصلت خلافات بين الهنود حول أراضي الصيد ، كانت تسوّى مباشرة ، دون سفك الدماء .... لكن مرّ يوماً ملعوناً على الهنود .. عندما قطع أجدادك المياه العظيمة ( المحيط ) .. و وصلوا إلى شواطئنا .... كان عددهم قليل ، لكنهم وجدوا أصدقاء ، و ليس أعداء .. قالوا لنا أنهم هربوا من بلادهم خوفاً من رجال أشرار .... و جاؤا إلى هنا كي يتمتعوا بممارسة ديانتهم بحرية .... و طلبوا منا مقعد صغير من الأرض ... فأشفقنا عليهم ، و قمنا بتلبية طلبهم .. و عاشوا بيننا بسلام .. و قدمنا لهم اللحوم و الحبوب .. لكنهم أعطونا مقابلها السمّ !. لقد اكتشف الرجل الأبيض بلادنا .. فأرسلوا أنباء إلى بلادهم .. و جاء المزيد من البيض .. لكننا لم نهتم لهذه المسألة و أخذناهم كأصدقاء .. و قالوا لنا أنهم يعتبروننا أخوة .. و قد صدّقناهم و أعطيناهم المزيد من الأرض .. لكن أعدادهم ازدادت كثيراً ... و طلبوا المزيد من الأرض .. و قد أرادوا بلادنا كلها !... لكن عيوننا تفتحت ، و أصبحنا مضطربي البال .. و وقعت حروب كثيرة .. فأبيد الكثير من الهنود .. أخي .. كانت مقاعدنا في يوم من الأيام كبيرة ، و مقاعدكم كانت صغيرة .. لكنكم أصبحتم الآن شعب عظيم العدد و القدرة .. أما نحن ، فمن الصعب علينا إيجاد مقعداً نمدّ فيه بساطنا .. لقد أخذتم بلادنا .. لكنكم غير مكتفين بذلك .. و تريدون الآن فرض ديانتكم علينا .. أخي .. تابع في الاستماع .. تقول أنك ستعلّمنا كيف نعبد الروح العظيم وفق الطريقة التي يريدها هو .. و إذا لم نعبده وفق المذهب الذي تسلكونه سوف لن نكون سعداء إلى الأبد .. تقول أنك على صواب و نحن تائهين في عالم الخطيئة .... من الذي يضمن صحّة هذا الكلام ؟... و قد فهمنا أن ديانتكم مكتوبة في كتاب .. فإذا قُدر لهذه الديانة أن تنتشر بيننا ، لماذا لم نستلهمها مباشرة من الروح العظيم ؟.. لماذا لم يعطيها لأجدادنا و أسلافنا الأوائل حتى نتفهّمها جيداً و نستوعبها بطريقة صحيحة ؟.. إن كلّ ما نعرفه عن هذه الديانة هو ما تقوله لنا .. كيف لنا أن نصدّق كلامك في الوقت الذي نتعرّض فيه دائماً للمكر و الخديعة على يد الرجل الأبيض ؟.. أخي .. تقول أنه هناك طريقة وحيدة لعبادة الروح العظيم و خدمته .. إذا كان هناك حقاً ديانة واحدة ، لماذا أنتم البيض تتجادلون دائماً حولها و تختلفون ؟. لماذا لا تتفقون على سلوك واحد طالما أن التعليمات مكتوبة في هذا الكتاب ؟.. أخي .. نحن لا نفهم هذه الأشياء .. قيل لنا أنكم توارثتم هذا الدين من أجدادكم و انحدر من الأب إلى الابن إلى أن وصل إليكم .. لكن نحن أيضاً لدينا دين .. و قد توارثناه من أجدادنا .. هذه هي طريقتنا في العبادة .. إنه يعلّمنا كيف نحمد الخالق على ما نجنيه من خيرات .. و يعلّمنا كيف نحب بعضنا البعض .. و كيف نتّحد .. نحن لا نتجادل و لا نختلف حول ديننا .. أخي .. إن الروح العظيم قد خلقنا جميعاً .. لكنه جعل أولاده البيض و الهنود يختلفون في أشياء كثيرة .. فقد أعطانا لون بشرة مختلف .. و عادات مختلفة .. و أعطاكم الفنون .. خاصة تلك التي تتعلّق بالحروب .. فهو لم يفتح أعيننا لهذه الأشياء .. و بما أنه جعلنا نختلف بأمور كثيرة ، لماذا لا نتفق على أنه أعطانا ديانة مختلفة لكنها مناسبة لطريقة عيشنا و فهمنا للحياة ؟... إن الروح العظيم لا يخطئ أبداً .. و هو يعرف ما يناسب أولاده .. و نحن مكتفون بما أعطانا .. أخي .. نحن لم نشأ تدمير ديانتكم .. أو نجرّدكم منها .. إننا فقط نريد أن نمارس ديانتنا .. أخي .. قلت أنك لم تأتي إلى هنا لتأخذ أرضنا أو مالنا .. بل أتيت لترشدنا إلى طريق الصواب .. لكن أحب أن أقول لك بأنني قد حضرت إحدى اجتماعاتكم العبادية .. و رأيت الراهب حين كان يدور على المصلّين و يجمع منهم المال .. أنا لا أعرف إلى أين يذهب هذا المال أو لماذا تجمعوه .. لكن دعونا نفترض أنه يذهب إلى الكاهن الأعلى .. و إذا بنينا هذا على طريقة تفكيرك ، نستنتج بأنك تريد بعض من مالنا .. أخي .. قيل لنا أنك تقوم بالتبشير بين البيض الذين يسكنون في الجوار .. هؤلاء الناس هم جيراننا و نحن نعرف سلوكهم جيداً .. سوف ننتظر لفترة من الوقت و نرى ما هو تأثير تعاليمك التبشيرية عليهم .. و إذا اكتشفنا أن لها نتائج إيجابية على سلوكهم ، و تجعلهم صادقين في تعاملهم مع الهنود و تردعهم عن الغش و الخداع الذي طالما عانيناه منهم ، سوف نعيد النظر فيما قلته .. أخي .. لقد سمعت جوابنا على اقتراحك .. و هذا كل ما عندنا لنقوله حالياً .. و بما أننا سوف نفترق ، سنتقدّم لمصافحتك باليد و نتمنى أن يحميك الروح العظيم في رحلتك ، و العودة إلى ديارك و ذويك بأمان ..لقد تعرّض بعدها الزعيم ريد جاكيت لتهم كثيرة تنعته بالهرطقة و الشعوذة و الخروج عن السلوكيات الدينية الأصيلة و اتخذت بحقه الإجراءات المناسبة لها ... !

إن التاريخ المثالي هو الذي يكتبه مؤرخون متخصّصون يتمتعون بإلمام كامل عن الحقائق و التفاصيل التاريخية المختلفة ... بالإضافة إلى عدم الانحياز في النظر إلى الأحداث .... لكن الواقع يظهر حقيقة أخرى .... فالتاريخ الذي تتعلمه الجماهير هو التاريخ الذي فرضه المنتصرون !. هذا يذكرني بكلام داروين عن حقيقة " البقاء للأنسب " ؟. ليس من الضرورة لأن نكون خبراء محترفين حتى نكتشف حقيقة أنه عندما يتعلّق الأمر بالإنسانية نجد أن الذي يبقى هو ليس الأنسب !. إذا نظرت إلى الواقع بنظرة إنسانية أصيلة ، تجد أن الذي يبقى هو الأكثر رغبة في القتل ، المدجّج بالسلاح و المحترف بفنون القتل و الدمار ، القاسي الذي يخلو من أي رادع أخلاقي يكبح وحشيته الشريرة . و بكلمة أخرى نقول : إن الذي يبقى هو النوع الغير مناسب إنسانياً...انظروا حولكم سترون مجموعة من الذئاب .. تجتمع حول غزال مسكين .. و انقضّت عليه و مزّقته إرباً .... بشراسة مخيفة ... دون شفقة أو رحمة .. ثم التفتنا إلى كلب ودود .. الكائن الوحيد الذي أثبت وفاؤه المطلق للإنسان ... و المستعد للتضحية بحياته من أجله .. فقرّرنا استخدام الاسم " كلب " لنشتم به الآخرين ! .. أما الاسم " ذئب " فمدحنا به الآخرين !.. و أطلقناه اسماً على أحد أولادنا تيمناً بذلك الوحش المرعب المخيف !.. من قال أن الإنسان على صواب ؟!. آن الأوان أن ندع التاريخ جانباً ... و نبدأ بتلقين أولادنا الأخلاق !.. آن الأوان أن نتعلّم كيف نحب الآخرين .. مهما كان لونهم .. مهما كانت ثقافتهم و معتقداتهم و علومهم .. يجب أن تسود المحبة .. كي يعمّ الخير من جديد ... هل هذا المطلب كبير علينا كشعوب و جماهير ؟.. أم أن هناك من يقف عائقاً في هذا التوجّه الإنساني العظيم ؟!...



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهندسة المناخية كسلاح دمار شامل
- مؤامرة شرق أوسط جديد ينتظر قص الشريط
- الفخ
- الدين الوهابى السعودى بين الولادة والتشوهات
- التحدى التركى الايرانى لمصر ... إلى أين؟!
- دكتور امراض نسا
- الهيئة العامة السعودية للاستثمار حجر عثرة أمام الاستثمار
- الدولارات تبيح لدى الاخوان انشاء جهاز للاستخبارات
- الاوليجاركية والاناركية وثقافة الفوضى فى الثورة المصرية
- الشرطة المصرية... الداء والدواء
- استحقاقات سياسية لم يفهمها الإخوان
- فيتامينات الزيف ومقويات الضلال فى مسلسل عمربن الخطاب
- رفقا بالقوارير
- مولد سيدي العبيط
- حنفية المياه وفتنة الجهيمان
- الاخوان المجرمون وتنظيمهم السرى قتلوا مرشدهم الارهابى حسن ال ...
- الاحزاب الدينية حجرعثرة فى طريق دولتنا السيكولارية
- الحلم النووى المصرى بين الواقع والمأمول
- يا باسم يوسف انت والاخوان خذوا المناصب والمكاسب واتركوا لنا ...
- الخرافة فى التاريخ الاسلامى


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - أبلسة التاريخ وتزييفه لإدراة الجماهير