أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نزار حمود - رسالة إلى أخي الثائر السوري ...















المزيد.....



رسالة إلى أخي الثائر السوري ...


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 4312 - 2013 / 12 / 21 - 23:35
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


مقدمة المترجم

هذه الرسالة موجهة إلى الإنسان السوري الجميل. كتبها صديق ٌ قديم ٌ من أصل سوري باللغة الفرنسية. رغبت أن أترجمها – بأمانة - إلى العربية علها تصل في يوم من الأيام إلى المرسل إليه كي تتحول لبقعة ضوء صغيرة في بحر الظلام والدمار الذي يحاول أن يبتلعنا جميعا ً.
نستطيع أن نتفق مع المؤلف أو نختلف على العديد من النقاط لـكن هذا لا ينقص من أهمية مثل هذا الطرح الفكري في هذه المرحلة بالذات من تاريخ سوريا.
لابد لنا من وقفة تأمل وإعادة تقييم شاملة حقيقية لتاريخنا العربي والإسلامي كي نستطيع أن نقتل الجمود الفكري المدمر ونخرج لعالم العلم والحرية المبدع المنفتح على العالم أجمع.
ستنشر هذه الرسالة على شكل حلقات متتالية تحافظ قدر الإمكان على تسلسل النص المنطقي وفقا ً لرؤية المؤلف.

نزار حمود
مونتريال في 21 - 12 - 2013


مقدمة المؤلف

صديقي الثائر العزيز
أيها القارئ العزيز

لن تكفي هذه السطور للتعبير عن مدى امتناني للمترجم الذي لولا جهوده ما استطعت أبدا ً نشر هذه الرسالة ولكانت ضاعت في عماء العدم قبل أن ترى النور.
إن المساحات البيضاء الموجودة في هذه الرسالة مقصودة تماما ً كما هي الخطوط " المتقطعة " والحجوم والألوان المختلفة لحروف الكتابة.
لقد رغبت أن يكون للصمت مكانه الخاص المتخلل لضجيج الكتابة
كما وددت لو أن قارئ هذه السطور قام بقراءة النص بشكل " تشاركي فاعل "
عذرا ً منك إن وجدت َ في ذلك بعض الغرور ... وربما كنت ساذجا ً بعض الشيء ... لكني آمل أن يستطيع حتى القارئ المعارض للأفكار الموجودة في هذا الكتاب متابعة القراءة لآخر النص ذي الفصول الخمسة. وأن يؤدي ذلك لنقاش وجدل أفكار " صحي وسليم " دون الوقوع في المسارات المعروفة لسوء الفهم والتفسيرات المسيئة المغرضة التي تشل كل تقدم ٍ وعلى كافة الصعد في سوريا ...

شكرا ً
















الفصل الأول



التاريخ غير المعلن لسوريا
أو

الوجه الآخر لتاريخ سوريا
















يا صديقي السوري الغالي
ياصديقي الغالي الثائر

سوريا بالنسبة للعـرب
هي فرنسا بالنسبة لأوروبا ...
لقد غير العام 1789م وجه العالم ...
رغم أنه جلب امبراطورا ً في آخر المطاف !
تستطيع فرنسا أن تفتخر بذلك. لقد مدن هذا العام الدولة الفرنسية.
قد لا نأمل من العام 2011 نفس الأمر لكنه قد يؤدي لتغيير الإنسان السوري وما هذا بالأمر الهين !

سأخبرك أدناه أشياء ما كنت لتعرفها أبدا ً أو ربما ما كنت تحب أنت نفسك أن تعرفها. إلا أن الهدف من هذه الرسالة يجبرني على أن أسرد عليك بعض الأحداث المفصلية الهامة التي أطرت وشكلت تاريخ بلدك. سيناقض سردي هذا، حتماً، كل الصيغ "الرسمية" التي اعتدت على سماعها لكن لابد لنا اليوم من رفض أكاذيب الماضي وأن نقبل بأن نتمعن فيه دون مهادنة. إنه حقنا بالقيام بعملية جرد كاملة له كي يكون غدك على مستوى طموحك وآمالك.
عملية سرد وقائعية نوعا ً ما ...
سرد قد لا يقوم به الآخرون ليس بسبب الحذر والحيطة
بل بسبب الخوف أو ببساطة ... بسبب الكذب !
كي يؤدلجوك ويجعلوك تعتقد أن سبيلهم هو الصحيح ... بدون أي نقاش أو محاكمة عقلية وبشكل قاطع لا رجعة فيه ...

لكن، إعلم أن السنوات الطويلة لن تستطيع أن تطمس معالم الأحداث ولا أن تجعلها تختفي لأنها وببساطة حصلت على الأرض وانتقلت للذاكرة الجمعية على الرغم من أن حكام بلادك لا يرغبون لها في أن تبصر النور...
كي لا تستطيع أنت الإفادة من خبرة أجدادك الممتدة لأكثر من ألف عام ...
كي تبقى غارقا ً في الجهل حتى آخر أيامك
وأسوأ من ذلك ...
كي تنقل بفخر واعتزاز جهلك َ لأولادك
الذين سينقلون بدورهم جهلهم لأولادهم
لا تقل لي أن ذلك لن يحدث ! لأن هذا يحدث منذ أكثر من 1400 سنة !
ولاشيء يشير إلى أنه سيتوقف هنا
للأسف ...
لقد تركنا الحقيقة الكاملة جانبا ً وفضلنا عليها بعض المشاهد التاريخية المجتزأة كي نسبغ المجد على تاريخك، تاريخ الإسلام الذي أعطى العـرب َ الحسام القاطع
وبنفس الوقت فرض عليهم فكرا ً ظلاميا ً من الصعب للغاية التخلص منه
بسبب جمل ضبابيةٍ " مبهمة " من نوع



" الإسـلام دين ودولة ... "




هذه الجملة التي فرضت نفسها ربما من خلال الواقع المعاش في عصر الفتوحات علما ً بأنه ...
من المعروف أن العرب مدينون للإسلام كونه ارتقى بهم إلى مصاف الأمم العظمى في ذلك العصر بينما كانوا فيما سبق مجرد مجموعة قبائل: أصدقاء حتى الإيثار والتضحية بالذات في سبيل الغير ... وأعداء ألداء حتى اقتتال الأخوة والآباء وشتى البشاعات الأخرى !

لقد دفع الإسلام كل هذه القبائل للاتحاد تحت رايته وجعلهم ينطلقون لاحتلال مساحات شاسعة كانت لفترة وجيزة خلت ملكا ً لامبراطوريتين :

امبراطورية الفرس العريقة من جهة الشرق التي كانت تعتقد أنها واقعة تحت تأثير لعنة الـ " 300 عام " !!!
إذ أن الفرس كانوا، كلما مر 300 سنة، يصابون بهزائم نكراء في مواجهاتهم العسكرية مع أعدائهم
أمر مدهش أليس كئلك ؟
يبدو أن كسرى كان قد نسي هذه اللعنة تماما ً (مؤكدا ً إياها بنفس الوقت ...) منهمكا ً بانتصاراته المتتالية على البيزنطيين ...

وإمبرطورية الروم من جهة الغرب التي كان إمبراطورها هرقل يتمتع بمزاج أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه مزاج ٌ غريب.
كانت تصرفاته جديرة بأن يدرسها المحللون النفسانيون: فهو وبعد سنوات الشباب الخمولة اللاهية التي تحمَّل بها إهانات عدوه اللدود الفارسي الدائمة، نراه فجأة "يستيقظ" ...

يضع شكة الحرب وينطلق لقتال كسرى لينتصر عليه في ستة حملات عسكرية متتالية !
يتم اغتيال كسرى المهزوم من قبل إبنه سيروس (غاباد) قاتل أبيه ... (لم يجلس على العرش إلا ثمانية أشهر فقط ...)

لم يعرف هرقل ما كان ينتظره ...
فما كاد ينتصر على العدو الفارسي وإذ به وجد نفسه يواجه ...

مد ا ً عظيما ً من المحاربين العراة الحفاة الممتطين على صهوات مطاياهم ... أحصنة وجمال. الذين لا يعرفون لا الترس ولا الدرع ولا يطلبون إلا شيئا ً واحداً: الشهادة في سبيل الله وأن تذهب أرواحهم مباشرة إلى الجنة ...
ليس إلى جنة دانتي أليغييري دانتي
لأن جنة إلههم مختلفة. لقد أعطانا المعري صورة أو لمحة ً عن هذه الجنة في عمله الخالد "رسالة الغفران" قبل أن يكتب قرآنا ً مزورا ً محاكاة للقرآن...
لقد سمح له زهوه واعتداده بنفسـه أن يقوم بهذا الفعل !!!
كان يريد أن يثبت أنه بارع بالبلاغة مثل واضع الكتاب المقدس نفسه !!!

نعم ... ياسيدي ... قرآناً مزيفا ً أو محاكاة للقرآن!
ولقد سارعت سلطات ذلك الزمان إلى حرق هذا الكتاب أو بالأصح إلى إعدامه حرقا ً.

وقد كان زمنُ إعدام الكتب حرقا ً قد أخذ يزدهر آنذاك بدء ً من مكتبة الإسكندرية ...
التي حرقها قيصر ... ولم يكن الأخير في ذلك
فلقد أحرقها المسلمون عند دخولهم مصر ؟
الأمر الذي أدى لتحول كنوز المبدعين الأكثر تألقا ً إلى مجرد دخان ...
يقول جيبون : كان هناك في الإسكندرية نحو 4000 حمام
ويقول أبو الفرج أن الكتب غذت أفران هذه الحمامات لمدة ستة أشهر ..!
إن التطرف واحد ...
سواء كان يهوديا ً أم مسيحيا ً أم بوذيا ً أم كونفيشيوسيا ً
إذا وضعنا عوضا ً عن القرآن ِ الإنجيل َ أو التلمود َ أو الفيدا أو التوراة َ
ضع ما شئت على المحرقة
رجالا ً أم كتبا ً
يبقى التطرف والتعصب واحدا ً
دائما ً مزهوٌّ بنفسه
دائما ً فخورٌ بما يبتدع ...

لكني أخرج عن الموضوع ...

لقد قام المسلمون المتشددون لدينهم والذين وصلوا لدرجة الهسيتيريا جراء الوعود بالجنة والحوريات الشبقات وأنهار الخمر والعسل واللبن ... بمهاجمة الإمبراطوريتين في آن معا ً ...

أمرٌ صعبُ التصديق ولا ينصح به أبدا ً أي من الفاتحين العسكريين في التاريخ :

" لا تهاجم أبدا ً على جبهتين في آن معا ً ... "

لقد تجرأ الخليفة الثاني وأحد أعمدة الإسلام الرئيسية، عمر ابن الخطاب، وقام بذلك. لقد قام بذلك بفضل شجاعة وإقدام رعاياه وانتصر في وقت واحد على الامبراطوريتين معا ً ... المنهكتين جراء الحروب التي كانت قد مزقتهما معا ً منذ ما يزيد عن الثلاثين عاما ً.
ملخص ما جرى هو التالي :

لقد انتصر الجهاد، الحرب المقدسة، انتصر على هاتين الدولتين المنهمكتين بتضميد جراحهما
لقد اجتاح المسلمون الفرس َ والروم َ كما لو كانوا لعنة أصابتهم ...

كانت بيزنطة المنتصرة منهكة تماما ً ولا تختلف في شيء عـن قطيسفون المهزومة.

صديقي العزيز
عندما تبحث في تاريخ الإسلام والعرب ينتابك شعور أن لاشيء ولا أحد وجد أو كان موجوداًعلى هذه الأراضي والمساحات الشاسعة مترامية الأطراف!؟

ستقرأ أن العرب وصلوا وانتصروا على الكفار وعلموهم الحضارة من خلال تعليمهم حكمة القرآن وقواعد الدين الجديد.
لكنك لن تقرأ أبدا ً أنهم فرضوا دينهم الجديد هذا بالدم وضرب المهند!

لا أحد من الكتاب المعروفين يريد أن يقرأ التاريخ تحت ضوء الحقيقة الساطعة ...

تمت هزيمة الحضارتين الأكثر تألقا ً في ذلك العصر أمام البدو الهراعيين !

ستقرأ في كل مكان الجملة نفسها التي تهدف لتجميل الواقع وتحويله لأسطورة ذهبية جميلة :

" ما عرف التاريخ فاتحا ً أرحم من العرب!" ـ يحب العرب أن يصفوا أنفسهم كذلك ...

إنها صفحة جديدة من التاريخ تـُـفتح، وعلى العرب الآن كتابتها.

وهنا ...
ينسى المدرسون في بلدك وكل البلاد العربية
أو ربما هم أنفسهم لا يعرفون
ربما ...
واحدا ً من أهم قوانين تطور البشرية
يقول:

تخرج الأمم المهزومة بقوة السيف منتصرة بحضارتها التي تفرضها "بشكل لاواعي " على المنتصرين !!

لقد تحول المغول للإسلام بعد أن أشادوا البروج من جماجم أعدائهم المسلمين المهزومين وأحرقوا مكتباتهم

فرض المهزومون على المنتصرين عظمتهم وجلالهم و ثروتهم وقانونهم وعدالتهم وطريقة "حياتهم المتحضرة"

وهذا ما حصل تماما ً قبل بضعة مئات من السنين عندما انتصر المسلمون على الإمبراطوريتين ...

وكي نبدأ ... نقول ...
لقد قام العرب بترجمة مشاهير اليونان والفلاسفة القدماء المجهولة أسمائهم تماما ً بالنسبة لك
تمت ترجمة كل هؤلاء القدماء ولم يكن ذلك فقط بهدف خدمة الذاكرة البشرية
كلا !
حصل ذلك، قبل أي شيء آخر، لنقض فكر الكنيسة والملحدين والكفرة.
ما إن استتب الأمن بعد حمامات الدم الهائلة المماثلة لحمامات دم الحرب العالمية الأولى أو الثانية في عصرنا الحديث ...
حتي بدأ عصر التفكير وإعادة الحسابات والغرق في مباهج الحياة ...
كانت قصور البدو المنتصرين
مشابهة لقصور البيزنطيين أو الفرس المهزومين
مشابهة لحد التطابق ...!

لقد وجد المثقفون العرب أنفسهم أمام الكنوز المعرفية الهائلة للروم والإغريق والفرس القدماء،
فسارعوا بترجمتها للعربية التي تحولت لتصبح، بما يشبه المعجزة المدعمة بالسيف، اللغة المهيمنة عالميا ً


كانت عملية اختلاس للحقيقة، وهو ما لا نرغب أبدا ً بأن نكشفه ونعترف به ...
رغم أنها مفيدة للغاية لك ... إبن هذه الأرض
فلا أرض تحب الكذب
وبخاصة الأكاذيب "عديمة الفائدة"
كما قال بينثام

لا يجب أن نخجل من تاريخنا
لكن
لا بد من معرفته جيدا ً على الأقل ...

فلنعد إلى ذلك العصر البعيد ... عصر انتشار الإسلام، ولنثبت أن الإسلام لا يستطيع القول بأنه دين ٌ ودولة ٌ في آن معا ً !
بل كان من الأفضل له أن يبقى، كسائر الأديان الأخرى، في قلوب المؤمنين شأنا ً خاصا ً فرديا ً بحتا ً ليس له مكان في الشأن المجتمعي العام أو في السياسة أو في إدارة البلاد ...

إذا ً
من خلال عمل جسور ومتهور بشكل خاص
قام عمر ابن الخطاب بإنجاح عملية انتخاب أبي بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين الأربعة، حيث انقض القريشيين، وعمر على رأسهم، الذين فروا من مكة إلى المدينة على سعد ابن عبادة ومناصريه وذبحوا زعماء أهل المدينة الذين كانوا قد رفضوا اقتراحهم القائل:

"منـكم الــوزراء ومنا الأمــراء"

عندما رفض " المدينيون/ الأنصار" اقتراح القريشين هذا تمت تصفيتهم دون أية محاكمة

ننسى ولا نحب أن نقول ...
إن خلافة الرسول تمت من خلال حمام دم
يقول إبن هشام المتوفى في العام 843 م

يقال إنه كان هناك ثلاثة قتلى
" أو ربما أكثر من سبعين قتيلا ً " ...

وعندما قيل له: "ياعمر لقد قتلت سعدا ً! "
أجاب الخليفة الراشدي الثاني: " إن الله قتله !"

تفتقد الرواية الرسمية لما جرى، المذكورة في العديد من الكتب، وبشكل واضح للمصداقية:

"غادر سعد إلى دمشق ... كي ينهي بها فيها أيامه الأخيرة بعد هذا الانتخاب الذي لم يعترف به بأي شكل من الأشكال ... " !!!


يثبت "انتخاب" الخليفة الأول هذا
وبشكل واضح لا لبس فيه
أن الإسلام لم يقدم أو لم يتوقع أي تدبير أو آلية للـ " الخلافة " بعد وفاة الرسول العربي ...
إذا ً ...
القول بأن : الإسلام دين ودولة ! ليس له أي معنى
لا يمكن أن يكون الإسلام كذلك
الدليل الآخر على ذلك يكمن في واقع أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين الأربعة (سموا كذلك كناية على الحكمة والرشد)
ثلاثة من الأربعة تم قتلهم غيلة ً بخناجر حادة قاطعة ...


على المقلب الآخر
ننسى ولا نحب أن نقول
إن الفرس وحتى أيامنا هذه ربما... يكنون حقدا ً دفينا ً عميقا ً للخليفة الراشدي الثاني ... عمر

هناك تقادم كبير على هذا الصعيد ... فلقد مر 1400 عام على هذه الأحداث !

ننسى ونحب أن ننسى أن ...
واحدا ً من معاوني عمر ابن الخطاب، وهو المغيرة ابن شعبة، كان قد أرسل للخليفة شابا ً إيرانيا ً اسمه ابن لؤلؤة بصفة "خبيرٍ" في مجال الطاقة! لقد قام هذا الشاب الإيراني لاحقا ً بتمزيق جسد الخليفة بخنجره أثناء أداء هذا الأخير لصلاة الفجر ...
مدهش !

لكننا لا نبحث عن سبب هذه الجريمة النكراء ...
لا نبحث عن أسباب هذه المؤامرة - المكيدة
التي كلفت الخليفة عمراً حياتـَه ...
وعوضا ً عن ذلك نـُسـَـرُ بالأسطورة الجميلة القائلة

إن أحد زعماء الحرب الإيرانيين المعتنقين حديثا ً للإسلام التقى الخليفة عمر في مكان إقامته، الذي كان يتوقع أن يكون مشابها ً لقصر ملك فارس المخلوع، فوجده مرتديا ً ملابس متواضعة جدا ً ونائما ً تحت شجرة مورقة وارفة دون حرس ودون سلاح ...
عندها يقول جملته التي بقيت محفورة في ذاكرة ومدونات الإسلام :

"عدلت فأمنت فنمت رسيخ البال"

لكن ... هاك بقية القصة غير المعروفة لدى الكثير من الناس ...

ينسى ذوو العمائم اليوم أن يقولوا لك إن هذا الساتراب المحترم بعينه هو من دفع حياته ثمنا ً لجريمة قتل الخليفة... وذلك على يد عبد الله ابن عمر: "الذي لم يكن يصلح لشيء" حسب ما كان يقول عنه أبوه نفسه لأن "زوجته كانت تتحكم به !!!"
و ...
بعد ذلك بسنوات

التحق عـبد الله بجيوش معاوية وقـُتل في معركة صفين على يد جيوش علي ابن أبي طالب

كان عليا ً يهدده دائما ً بالموت في كل مرة يلتقيه بها في شوارع المدينة المنورة عقابا ً له على جريمته التي ارتكبها بحقق الساتراب الإيراني ...
هل ترى ؟

بدأ التاريخ يأخذ ملامحه التي نعرفها اليوم

يمر الوقت بسرعة ... أليس كذلك ؟
أمر بدهي ...

الزمن (كما كان يقول أحد حكماء مدينة الأرض الكبار)

" يستطيل ويتقاصر تبعا ً لحالتنا النفسية نحن ...! "

أذكر هذا من ذاكرتي فعذرا ً لعدم الدقة ...
بالإجمال ...
يتقلص الوقت إذا كنا سعداء، نكاد لا نراه ولا نشعر به كأنه غير موجود

نهر ٌ متعجرف ٌ ينساب بصمت وبسرعة ولامبالاة ...
تراه يمر دون أن نراه
أو أن سعادتنا لا تهمه ؟
أنتم سعداء ... لماذا تريدون إذا ً أن ألحظ وجودكم ؟!
يبدو فخامة الزمن، ساتورن أو زحل ، وكأنه يقول ذلك ...

يبدو المشهد في لوحة غـويا مرعبا ً للغاية ...
هل رأيتها يا صديقي ؟
لا ؟
لا تتكل على المدرسين السوريين كي يعلموك أي شيء آخر غير تمجيد الرئيس الملك والحزب القائد الذي يحكمك ...
لا تتسع المناهج التربوية لتدريس عبـاقرة الرسم
غويا، فيلاسكيز، زورباران، رافائيل، ميكيل أنجلو، ليوناردو، رامبراند، فيرمير ...
وهذا كي لا نذكر إلا أكثرهم شهرة ...

لكني أخرج هنا عن الموضوع ...
لنعد إلى موضوعنا :

في اليوم الذي نشعر به بالانزعاج والألم. عند ما تصيبنا مآسي الحياة
عند ما يتحضر جسدنا للموت ويدمى ...

يغدو الزمن أقل لامبالاة بنا. نراه يهتم بنا ولكن ليس من خلال تضميد الجروح بل عبر زيادة الألم وذر الملح بين شفاه الجرح المؤلم كي نتألم أكثر. الزمن هنا يتباطأ ويجد لنفسه "الوقت" الكافي كي يلهو بنا !
غريبة هذه السادية التي يبديها الزمن كلما أردنا أن نراه يسرع الخطا بحثا ً عن غد ٍ أفضل ...

إنه نــِزق ٌ يلعب بالوقت الضائع ... هذا الزمن

يسرع عند ما نريد منه أن يخفف من سرعة "طيرانه"

وبالعكس، عندما نريده أن يركض خببا ً سريعاً ... نراه يتوقف ليرمقنا بنظرات ساخرة
كما لو أنه يسألنا بالحاح : " لِمَ تريدون البقاء أحياء إذا كنتم تعانون بسبب الزمن ؟ "

إذا ً
يا صديقي العزيز
في بلدك، حيث كل شيء جميل عدا اللون الأحمر الدموي القاني لأعمال وأفعال أوبو أو بشار الأسد الوريث والحاكم الحالي من سلالة الأسد
أفعال وإنجازات حمراء وروح حالكة السواد.

حمراء كلون دماء الشهيد
و
سوداء كالطاعون الذي يعشعش في الأفكار ويحظرها ويسجنها

كل شيء هناك مفروض ... فرضه أوبو فرضا ً من على قمة هرمه وهو جالس ٌ على عرشه العاجي اللون
بفارق واحد فقط
وهو أن هذا العرش لم يصنع من المرمر!
بل من عظام البشر

يا صديقي الثائر
إن الهدف الرئيس من هذه الرسالة هو التفكير في ما يجري حاليا ً في سوريا ... حول ماضي ومستقبل هذا البلد الذي ينسى أن لديه كل ما يلزم كي يمنح الرخاء والهناء لمواطنيه.


يشكل هذا المدخل " إطاراً عاماً " للنص المنثور الذي سيتبع لاحقا ً

أن تكتب ...
أن تقرأ ...

ليس بالأمر عظيم الشأن. ماذا نستطيع أن نفعل عندما نعرف أننا قد أمضينا وقتنا في الهرب من الحقيقة في هذا البلد الجرح ؟
عندما نعرف أن العمر لم يعد يسمح لنا بحمل السلاح
عندما نبلغ من العمر مبلغا ً لا نعود معه قادرين على تحمل الأكاذيب وتردادها
عندما لا يعود لدينا ما يكفي من الوقت (الزمن مرة أخرى) كي نكون أنبياء
كي تكون نبيا ً ... لابد لك من التبشير
كي تكون إلها ً ... يجب عليك أن تعطي خدك الآخر
لا بد من توافر الحد الأدنى من الوقت ... لكن الوقت غير موجود

بفضلك أنت يا صديقي ستتحرر الكلمة والفكرة والإنسان السوري
في الوقت الراهن ...
جريمة أن تفكر وأن تتكلم ... بنظر أوبو وسلالته

إن انتصارك القادم سيسمح لمواطن سوريا الجديدة أن يعبر عن نفسه دون الخوف من ردود فعل ظالمة أو أي اضطهاد

هل تعد بذلك ؟


عندما كان المرء ينتقد النظام ... كان ينعت فورا ً بأنه شيوعي وانهزامي وخائن يعمل لحساب العدو ...
والعقوبة الفورية كانت السجن والتعذيب والاغتيال ...
من أسعفه حظه وخرج من السجن كان يرى سمعته محطمةً بفضل جهود المخابرات الفعالة للغاية: لم يكونوا يوفروا أي تهمة: عمالة وخيانة للوطن، وصولا ً لرمي المعارضين بالعنانة الجنسية!

والويل لمن يقع بأيدي أجهزة الأمن السورية

هل تعد ...
بأنك عـندما تصل للسلطة لن تقوم بنعت معارضيك بالمارقين والكفرة وعملاء الغرب ؟؟
بأنك لن تسجنهم دون أدلة قاطعة كافية لإدانتهم ؟
آمل فعلا ً أنك ستفي بوعودك ...!

لا بد أنك لاحظت أنه بعد ستة أشهر من الثورة السلمية التي قوبلت بقمع ٍ يفوق التصور ... بدأ الرعب الناجم عن العنف ينبع من الطرفين: طرف الثورة وطرف النظام الطاغية !

لا يخفف هذا العنف ... الواحد من حدة الآخر ...
لا !
بل يضيف له ... إنه محصلة جمع وليس طرح ...




هناك دول تقبل الحوار وتمارسه
حيث نستطيع "النقاش"
النظام الطاغية في دمشق لا يقبل أي حوار، بل يرفضه تماما ً؛ كل من يعبر عن رأي مخالف قليلا ً عن رأي النظام يوصف فورا ً بالخائن لوطنه ...
هكذا ببساطة شديدة



ترى ... هل هناك ما يمكن أن يبرر تكرار نفس الأمر ونفس الممارسة ؟

هل يجب علينا أن نقبل الآن، تحت شعار الثورة ضد الطاغية. تحت هذه "التغطية" الأخلاقية والفكرية، هل يجب علينا أن نصف من يخالفنا بالرأي بالزنادقة والمرتدين؟

انتبه ... ليس الأمر بهذه البساطة !
يجب أن يقبل الحوار الذي تدعو إليه بكل ما تملك من قوة، كل الانفعالات حتى الأكثر انفلاتا ً منها
أن تقبل اللامنطق شريطة أن يبقى ذلك في إطار الأدبيات المقبولة والمعقولة. أي احترام المحاور المختلف معك بالرأي.

وهو ما يعني أن مجتمع الحوار الذي نطمح إليه في المستقبل سيشكل، بحد ذاته، تحديا ً لإنسانية الإنسان السوري. وليس هذا بالأمر التافه الذي لا طائل من ورائه!
بل على العكس
في المعسكر الآخر الذي تحاربه أنت
تمنع اليد الحديدية التي يضع بها الطاغية البلاد تحت رحمته ... أي شكل من أشكال حرية الفعل أو التعبير

شجاعتك كانت خارقة للعادة يا صديقي !
هناك من السوريين من كان ببساطة يريد العيش وليس مجرد البقاء على قيد الحياة
ما حملهم لترك البلد والهجرة منه
دون أن يقوموا بأي فعل شجاع
دون أية بطولة
غادروا ...
هكذا ...
من الباب الخلفي ...

هؤلاء ... فاتهم قطار التاريخ ... تاريخ سوريا
التاريخ الحقيقي لهذا البلد

في العام 1976 عندما قام جنود أوبو، الأسد الأول، بالفتك بالفلسطينيين
في العام 1982 عندما اجتاحت الدبابات الإسرائيلية، بدون أية صعوبة تذكر، عاصمة َ "بلد ٍ شقيق". وهو التعبير الذي تحب أن تكرره كل أجهزة التلفاز المزروعة في صالونات كل بيوت البلد
(بإمكانهم أن يحرموا أنفسهم من الغذاء لكنهم يعجزون عن حرمانها من التلفاز!)
ما علينا ...
لننسى ذلك الآن ...

لا أريد أن أخوض في هذه الذكريات المؤلمة للغاية

لا بد لنا من معرفة وفهم الظروف التي سمحت للأسد الأول أن يصل للعرش
لا تخف ...
سأوجز ...
بضعة تواريخ مهمة فقط ..
مع بضعة تعليقات ...

يصل رِفاعة رافع الطهطاوي (1801 - 1873)، مصري الجنسية، إلى باريس في العام 1826على رأس بعثة طلاب ويشهد سقوط الملك شارل العاشر ووصول خلفه لويس فيليب للسلطة ... في العام 1830
يتعلم الطهطاوي الكثير من الأشياء
يبدأ بالتفكير والتمييز والتعريف:



الأمة الإسلامية: هم مسلموا العالم
الأمة الوطنية: هم المصريون ... بغض النظر عن دينهم ...



إنه أمر ٌ في بالغ الأهمية ... لكنه منسي للغاية، للأسف

لقد فوَّت العرب كل الفرص التاريخية الكبرى ... فرص تاريخهم هم ...

ثبات ٌ في الموقف وحماقة ٌ مدهشة بالفعل !

لقد أخطأوا دائما ً في حكمهم والتزاماتهم ورهاناتهم
بثبات ودون أي تحفظ ...
لم يتعلموا من أخطائهم
ولا من أخطاء الآخرين ...
في الثورة السورية الكبرى مع لورنس العرب: اختاروا الإنكليز ضد العثمانيين
ثم ... عند سايكس– بيكو تم تقاسم "المملكة" الموعودة بين المنتصرين ...

في العام 1939
راهنوا على الضبع الألماني كي ينتقموا من الأسد الإنكليزي
علما ً بأن الرايخ الثالث كان قد أعلن عن نيته بمساعدتهم بطرد اليهودي من فلسطين (لم يكن هذا الوعد حقيقيا ً أبداً، وسأعطيك الدليل على ذلك في فصل ٍ لاحق)
فشل ٌ آخر !
فقد خسر الألمان الحرب
ومرة أخرى وجد العرب أنفسهم في معسكر المهزومين



1948
قيام دولة إسرائيل يؤدي للغليان في القلوب والعقول: كيف حصل ذلك ؟

اليهودي يغتصب الأراضي المقدسة: لا بد من الجهاد ...

إلا أن الجهاد لم يفضي إلا للهزيمة النكراء، ما أدى بدوره لدى الشباب الذين كانوا بعمرك في ذلك الوقت، لرغبة جامحة بالانتقام ... للرد الذي سيقتلع اليهودي من فلسطين.

لم يعرف سياسيوا تلك المرحلة المخضرمون، لم يقولوا، لم ينتبهوا، لم يفهموا أو لم يريدوا أن يفهموا أن كل القوى العظمى اعترفت فورا ً بدولة إسرائيل هذه بدء ًً من الاتحاد السوفيياتي ...
السوفييت ... الحليف الأكبر للعرب
أمر مدهش، أليس كذلك ؟

1952
انقلاب عسكري "جميل" في مصر تقوده أسماء ٌ ساحرة : "الضباط الأحرار" يـُسقطون الملك فاروق. حدث ٌ عظيم يدعو للأمل بعد سنوات طويلة من الهزائم والإحباط
يظهر ضابط ُ كاريزماتي للغاية وغير كفوء للغاية أيضاً... على رأس الحركة الثورية
ناصر الذي يأخذ كلام لورنس العرب كما لو كان كلاما ً منزلاً... لورنس الذي تصور نفسه نبي القومية العربية والعقول العربية أصبح ناصر بطلا ً بلا منازع وبلا بديل !

القومية العربية


لقد قرر ناصر تأميم قناة السويس.
قرار ٌ يصعب فهمه حقيقة ً لأن القنال كان سيتحول تلقائيا ً للأيادي المصرية بعد خمس سنوات فقط ... بمناسبة مرور مائة عام على الإنشاء!

ومنذ تلك اللحظة "التاريخية" تبدأ سلسلة من "الانتصارات" العربية ضد كل أنواع المؤامرات والأعداء والوحوش والتنانين ...
1956: يهاجم الحلفاء (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) مصر التي تتفادى الهزيمة العسكرية بفضل تدخل الولايات المتحدة الأمريكية.

انتصار كبير للرئيس الجذاب الفاشل ...

1958: وحدة بين البلدين الأكثر نفوذا ً في الشرق الأوسط: سوريا ومصر. وحدة قائمة على المشاعـر ... "المشاعر الطيبة"

عوضا ً عن البدء بتوحيد المناهج التدريسية والقضاء والعملة والسفارات والاقتصاد ...

يقوم الرئيس السعيد والمحبوب جدا ً من الشعب ... بالوحدة الكاملة الفورية: بلد ٌ واحد ٌ - الجمهورية العربية المتحدة
رئيسٌ واحد: ناصر ...
إذا ً ... كان محتما ً
بعد ثلاث سنوات : فك الوحدة ... والاحباط ... واليأس ...


1963
انقلاب عسكري يحمل للسلطة في سوريا فريق ٌ شعاره جملتين سحريتين :

" أمة عربية واحدة - ذات رسالة خالدة "

الشعار الثاني كان سحريا ً أيضا ً ... أكثر من سابقيه

" وحدة - حرية - إشتراكية "

كيف لا نهوى هذه الشعارات ولا نكون من عشاق بعث العرب ؟
حانت ساعة الانتقام من العدو الصهيوني: انتبهي يا إسرائيل !!!

نستطيع أن نفهم رجال هذا "الجيل". الجيل الذي عانى مباشرة ً من الاحتلال الاسرائيلي. لقد أعمى احتلال الأراضي المقدسة بصائرهم واحتلت فكرة الصراع ضد العدو كل مساحة العقل والضمير لديهم بحيث لم يعد هناك مجال لأي شيء آخر. باتوا عميانا ً تماما ً وساذجين بشأن كل ما يتعلق بالنوايا الدولية اتجاه المنطقة.

لنتابع لو سمحت هذه الخلاصة للتاريخ غير المعلن ...

1967 :
نصر عربي مدو ٍ آخر. تستطيع بنفسك الحكم على هذا الانتصار: لقد احتل الإسرائيليون الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية وسيناء ... لكنه يبقى نصرا ً !!!
ويعود المجد كله للأسد الأول وزير الدفاع السوري العظيم في ذلك الوقت، الذي قام بإعلان هزيمة جيشه قبل وقوع الهزيمة الفعلية بـأربع وعشرين ساعة. أي أن القوات السورية أخلت مواقعها (كي لانقول هربت !) تنفيذا ً لأوامره قبل وصول القوات الإسرائيلية بيوم كامل. لقد أكد هذا الأمر وزير دفاع الأسد الأول الفريق مصطفى طلاس (تم تعيينه بعد نجاح انقلاب الفريق حافظ الأسد) ... الذي يمضي اليوم تقاعدا ً هادئا ً في فرنسا ...
كان انتصارا ً ... وأيما انتصار ...




1968:
النقطة الوحيدة ربما المضيئة والإيجابية في كل هذه الخلطة العربية العجيبة : "معركة الكرامة" التي خاضها عرفات أبو عمار وكتائبه الهزيلة بمواجهة الجيش الإسرائيلي ...

1970 :
انتصار عربي آخر تمثل بوصول أوبو الأول لرأس السلطة في سوريا بعد ...
عبر انقلاب ... كما لا بد وانك خمنت !

1973 :
نصر عربي مؤزر. بلى ... الجيش المصري السادس محاصر في منطقة البحيرات والقوات الإسرائيلية تصل للكيلومتر 25 على طريق دمشق. لكنه يبقى نصرا ً !!!

1976:
نصر ٌ آخر: تل الزعتر. حيث قامت قوات الأسد الأول بذبح وتجويع وتعذيب أكثر من 10000 فلسطيني في بيروت. علما ً بأن أوبو كان قد وصل للسلطة كي يحميهم و يعيد لهم الوطن السليب: فلسطين ...
نعم ... حمايتهم ... وأنا لا أقول ذلك من باب المزاح
فلسطينيون ... نعم ... نعم ...

1982:
سنة غنية بالأحداث تستحق تأملا ً خاصا ً
ثلاثة انتصارات في سنة واحدة !!!!
نعم يا صديقي
تماما ً ...
ثلاثة انتصارات !


شباط 1982 :
نصر ضد سكان حماه السورية. تتكلم الأخبار عن نحو 20 إلى 30000 مدني قتلته القوات ... السورية التابعة لأوبو الأول: مرت تلك المجزرة بصمت .. الجنرال المنتصر يرفع الزينات ويحتفل ...
مدفعية وطيران ومشاة ... لم يوفر الأسد الأول شيء ...
أخ أوبو الأول - رفعت الأسد ـ يقول بهذه المناسبة: سنقتل مليون سوري إن اقتضى الأمر كي ننقذ الثورة
وفي جلساته الخاصة كان يردد دون تعب:

"إن توجب ذلك ... سأقتل مليون سوري كي أحافظ على السلطة وأعيش هانئا ً مستمتعا ً بالثروة الهائلة التي نهبتها من الناس"


حزيران 1982 :
نصر ٌ عظيم هائل. نجحت القطعات السورية واللبنانية بسحق العدو وتشتيت قواه لدرجة أن الدبابات الإسرائيلية باتت تسرح وتمرح في العاصمة ... اللبنانية ...
ومن باب التواضع طبعا ً
لا ينقل تلفزيون أوبو الأول أخبار هذا الانتصار !

أيلول 1982 :
صبرا وشاتيلا. تقع مجزرة بين الأصدقاء. مقتلة رهيبة تحت أنظار النظام السوري المتعاطفة والحزينة للغاية


ثم ... فترة قحط من الانتصارات تستمر حتى العام 2006 !!!

2006 :
انتصار لملتحي جنوب لبنان المدعومين من قبل الملتحين الفرس والطاغية الكبير السوري ... على قطعات العدو: لقد تم تبادل جثتي جنديين إسرائليين مقابل 1000 قتيل لبناني. نصر مؤزر آخر.
يصرح الشيخ الملتحي الأكبر (هكذا ...) بعد المعركة ضمن مظاهر الفرح العامة:

"لو كنت أعرف أنهم سيفعلون كل هذا ... ما كنت تصرفت بهذا الشكل ... "
كانت مزحة سمجة من المنتصر ... فاشل ٌ آخر يجهل قدراته ويرسل بلده للموت

هذه كانت يا صديقي ...
سلسلة الانتصارات المتواصلة
كما تعرف

لكن هذه المرة
الأمر مختلف
لأنك ...
أنت وحدك من سيكتب قصة الانتصارات الحقيقية هذه


يقوم جيش الأسد بأسلحته النارية
وطائراته
ومدفعيته
ودباباته
ومشاته
نراهم اليوم يقومون
بمهاجمة مدنك أنت: المدن السورية

هذه القصة ستكتبها أنت نفسك
بدمك أنت ...

في هذا الزمن الذي يغمرنا بالمعلومة والمعلومة المزورة المزيفة والبروباغاندا

يبدو أسهل أن "نضع" ثلاثة أو أربعة أوراق هزيلة ... من أن نكتب كتابا ً يتكلم عن المشاكل الحقيقية
هذا هو تماما ً ما يتنطح له هذا المخطوط
هذا هو المشروع الذي يطمح هذا المخطوط لتحقيقه
هذا هو الهدف الذي يصبو إليه
هدف ٌ صعب المنال وغير مفيد ؟
ربما ... لكنه بات ضروريا ً لمواجهة الأكاذيب التي تواجهنا جميعا ً
هناك بلدان اثنان أعطيا العالم قيمه الخالدة
بلدان سبقا، وبدون نقاش، غيرهما من البلدان:

اليونان ؟

العالم بأسره مدين لليونان بشيء ما
فلقد أنجب اليونان الديمقراطية التي، يعلم الله، أن بلدك بحاجة إليها اليوم

فرنسا ؟
التي اخترعت شرعة ثقافة حقوق الإنسان الخالدة

فرنسا التي شاركت بقسوة وعنف بتاريخ سوريا مرتين
الأولى أيام غودفروا دو بويون عندما احتل القدس
والثانية في العام 1920 عندما صاح الجنرال غورو:

" ها قد عدنا يا صلاح الدين !"

فرنسا التي كان يتوجب عليها ضمان سلامة البلد
اكتفت بتسجيل تشرذمه
يتذكر السوريون جيدا ً وبأسف، بالأخص المعمرين منهم، فترة الاحتلال الفرنسي على أنها كانت فترة ازدهار مباركة ...

بفضلك أنت ستتبع سوريا الجديدة خطى أختيها العظيمتين

Justum ac tenacem propositi virum
non civium ardor prava iubentium,
non vultus instantis tyranni
mente quatit solida.

" الرجل الحقيقي المصمم
لا يتحول عن هدفه
بسبب جنون الجمهور
ولا بسبب طاغية قاهر "

الرجل الحقيقي الذي تكلم عنه هوراس هذا الشاعر الذي لم تتعلم عنه أي شيء في المدرسة والذي تكلم عن مفاهيم مغلقة بالنسبة لك كمفهوم الطاغية والتصميم والعزم والثورة ضد الطاغية ...







هذا الرجل هو أنت !











#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أن جنيف أو أن لا جنيف. هل هذا هو السؤال ؟
- الأقلية والأكثريات
- أما زال النصر ممكنا ً ؟
- سوريا بين مطرقة الظلم وسندان الظلام
- القبيلة ...
- الطائفية بين العَرَض ِ والمرض !
- صديقي الذكي !
- الضرب والتقسيم على الوتر السوري
- لعيون علي ...
- ... المؤامرة مرة ً أخرى
- رسالة إلى السيد حسن نصر الله المحترم ...
- عندما أ ُكِل َ الثور الأبيض
- أناديكم ... هل تسمعون !!
- سوريا مابعد الطوفان
- هجرة الأسماء إلى المعاني
- الشعب يريد إسقاط النظام... فليسقط النظام !!
- المؤامرة الكبرى - سوريا
- آرام
- قالوا في العصابات المجرمة !
- المثقف


المزيد.....




- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نزار حمود - رسالة إلى أخي الثائر السوري ...