أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي عبد الجليل - لنفكِّر في هذه الكلمات















المزيد.....

لنفكِّر في هذه الكلمات


محمد علي عبد الجليل

الحوار المتمدن-العدد: 4292 - 2013 / 12 / 1 - 01:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذه دعوة للتفكُّر الحر، ليس على غرار دعوة القرآن المشروطة المنحازة التي تعتمد آليةَ "الانحياز التأكيدي" (Confirmation bias)، وهي آلية تقوم على تفضيل الشخص للمعلومات التي تؤكِّد أفكارَه المسبقة وعقيدتَه بغض النظر عن صحتها. إذْ إنَّ دعوة القرآن للتفكُّر هدفُها إقرار العبودية لفكرة اسمها "الله".

ندعو إخوتَنا في الإنسانية إلى التفكير من دون شروط مسبقة وليس بهدف إثبات وجود خالق أو صحة عقيدة، بل بهدف الرؤية الواضحة.

يستخدم المسلمُ كثيراً عبارات مثل: "الحمد لله على نعمة الإسلام"، "الحمد لله أننا وُلِدْنا مسلمين"، "اللهم ثبِّتْنا على الإسلام"، "الإسلام هو الحل"، "الإسلام دين التسامح"، وغير هذا الكثير من الكلام الفارغ من المعنى.

ندعو المسلمَ العاقلَ، لأنَّ غيرَ العاقلَ غيرُ مكلَّفٍ بحسب الفقه الإسلامي، إلى التفكير ولو في واحدة من هذه العبارات التي يردِّدها ببغائياً بصورة آلية.

إنْ شاء فليفكِّر في أقواله ولكنْ ليس بهدف إثبات صحتها، بل بهدف رؤيتها من كل جوانبها رؤيةً واضحةً فاضحة، بهدف رؤية الدوافع التي جعلَــتْه يقولها ويؤمن بها. المشكلةُ هي أنَّ المسلم، عندما يبحث في قولٍ لقَّنوه إيَّاه منذ الصغر، يوظِّفُ ذِهنَه وقواه العقليةَ لخدمة هذا القول ولإعطائه شرعيةً ومعنىً وقوةً لا إلى نقدِه وكشف عيوبه. مما يؤدِّي إلى تحَــكُّــم ذلك القول في خافية المسلم. وعندئذٍ يصبحُ تفكيرُه وبالاً عليه وتقييداً لقواه النفسية بدلاً من أنْ يكون سبباً في تحرُّرِه من أغلال الأفكار والإيديولوجيا والعقائد. الذهنُ هو أداة طيِّعة كاليد واللسان تنفِّــذ ما يُطلَب منها. وبالتالي يمكن للذهن أنْ يبرِّرَ صحةَ أي شيء ويعطيَه شرعيةً وقوةً مهما كان ذلك الشيءُ غيرَ منطقي. عندئذ يشكِّل الذهنُ بأفكاره الصاخبة المتلاطمة حاجزاً وعائقاً أمام رؤية الإنسان لنفسه رؤيةً واضحة. إنَّ المطلوبَ مِن الإنسانِ هو أنْ يفكِّـــرَ في الدوافع التي جعلَــتْه يقول كلامَه لا في المعنى اللغوي لكلماته بحسب معاجم اللغة. أيْ يجب عليه أنْ يبحث في نفسه هو ليعرفَ من أين جاء قولُه لا أنْ يكتفيَ في البحث في معنى هذا القول. يروي أنتوني دو مِلُّو [Anthony De Mello]، في كتابه "أغنية الطائر"، بترجمة الصديق أديب خوري (دار مكتبة إيزيس، دمشق، 2000)، أنَّ راهباً سأل معلِّمَه: "هذه الجبالُ والأنهارُ والأرضُ والنجومُ كلُّها من أين جاءت؟" فقال المعلِّم: "وسؤالُكَ من أين جاء؟"

على سبيل المثال، فليفكِّر كلُّ مسلم في عبارة "الحمد لله على نعمة الإسلام". ما معنى "الحمد"؟ ولماذا يلجأ المسلمُ إلى الحمد؟ ما الفائدة التي يجنيها من قيامه بفعل الحمد؟ وما تأثيرُ ترديد هذه الكلمات على نفسه؟ هل هو تأثيرٌ تخديري أم تأثيرٌ إيقاظي؟ هل تريحه هذه العبارة؟ ولماذا تريحه؟ هل يفضِّل كذبةً مريحة على حقيقة مؤلمة؟ أمْ أنه يقول هذه العبارةَ بدون تفكير لأنه مبرمَج على قولها؟

ما معنى "الله"؟ وأين هو؟ هل أحسَّ قائلُ العبارة بوجود "الهه"؟ وهل الشيءُ الذي أحسَّ بوجوده هو الله فعلاً أم هو أفكاره هو وأفكار محيطه؟ ما معنى "الحمد لله"؟ كيف يحمد المسلمُ اللهَ؟ لماذا يحمد المسلمُ اللهَ؟ ولماذا اللهُ أصلاً؟ لماذا يقول المسلمُ هذه العبارةَ؟ ما هي الدوافع النفسية التي تجعله يقولها؟ ما هي حالتُه النفسية عندما ردَّدَها؟ وماذا كان سيحدث لو لم يقلْها؟ وماذا كان سيقول لو صدفَ أنْ وُلِدَ في عائلة غير مسلمة؟

إنْ كان اللهُ موجوداً فلماذا يحتاج إلى الحمد؟ وإذا كان الله غنياً عن العالمين فلماذا يحمده المسلمُ؟ وإذا كان حَـــمْـــدُ المسلمِ للهِ مِن أجل تلبية حاجة المسلم لا حاجة الله فما هي حاجة المسلم إذاً؟ وكيف يلبِّيها؟ هل يلبِّيها حقاً إذا تمتم بمثل تلك العبارة؟ أم أنَّ عليه أنْ يبحثَ في جذور حاجته تلك؟

ثم ما هي "النعمة"؟ وما الفرق بينها وبين نقيضها "النقمة"؟ وهل النعمة ثابتة؟ فما تراه أنتَ نعمةً الآنَ أَلَا يمكنُ أنْ يكونَ نفسُه نقمةً غداً؟

ثم ما هو ذلك "الإسلام" الذي تعتبره أنتَ نعمةً وتحمد اللهَ عليه، بينما يحمدُ غيرُكَ إلهَه على أنه لم يولد مثلك في عائلة مسلمة؟ هل هذا "الإسلام" هو حقاً موقفُـــك أنتَ من الحياة ورؤيتُكَ أنتَ أم هو المعتقدات التي وجدْتَ عليها آباءك؟ هل فكَّرْتَ مِن دونِ تشنُّج ولا ردود أفعال بمعاني تلك العبارة ودوافع قولها؟ هل حاولْتَ أيها المسلمُ أنْ تبحثَ في داخلكَ أنتَ عن أجوبةٍ خاصةٍ بكَ أنتَ لا أنْ تستوردَ أجوبةً جاهزةً من المفتي فُلان والشيخ علَّان أو من معتقدات بيئتك ولا أنْ تردِّدَ عباراتٍ لقَّـنوك إياها؟ فما يميِّزكَ عن آلة التسجيل هو قدرتُكَ على فهمِ ما يسجَّل فيكَ وتحليلِه واستيعابِه والإحساسِ به والتفاعلِ معه والارتقاء به.

هل حاولْتَ أيها المسلمُ الكريمُ أنْ تتفحَّصَ عبارةَ "الحمدُ لله على نعمة الإسلام" لترى عيوبَها كما تتفحَّصُ سلعةً تريد أنْ تشتريَها؟ إنْ كنتَ تمحِّصُ السلعةَ لتتأكَّد من صلاحيتها لأنك تدفعُ ثمَنها بضعةَ فلوس من مالِكَ فكيف لا تمحِّص عقيدةً تدفع حياتَكَ ثمناً لها؟

هل فكَّرْتَ في معنى قولك: "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، "عليه السلام"، "جلَّ جلالُه" وفي دافعك لقول ذلك؟ ليس المطلوب منك فقط أنْ تفكِّرَ في معنى "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، بل أيضاً في السبب النفسي الخاص بك والذي دفعكَ إلى قول ذلك. لماذا تطلبُ أنتَ الرحمةَ والثناء على محمد؟ وإنْ كان المقصود التعظيمَ فلماذا تُعظِّم بشراً مثلكَ؟ وإنْ كنتَ تصلِّي على محمد من أجل ثوابٍ لك في الآخرة فأي ثواب هذا وأية آخرة تلك؟ هل أنتَ على يقين أصلاً من وجود محمد ومن وجود الآخرة؟ وهل علاقتكَ بالألوهة علاقة تجارة وربح ومصلحة ومكاسب؟

إنْ إنتَ فكَّرْتَ بالامتناع عن قول ذلك عند ذكر محمد فهل ينتابكَ خوف؟ وممَّ تخاف؟ من العقاب؟ أي عقاب؟ عقاب المجتمع بأنْ ينبذكَ إنْ لم توافق على معتقداته؟ أم عقاب الإله؟ هل تحقَّــــقْتَ أصلاً من وجود ذلك الإله الذي خوَّفوكَ منه؟ وهل تحقَّــــقْتَ من حتمية عقابه لك أنتَ؟ لا تتسرَّع بالإجابة بـــ"نعم". بل فكِّر فقط. ولا تسأل "أهلَ الذِّكر" كما لقَّنوك، بل اسأل نفسَكَ. اطرح على نفسِكَ أسئلةً ولا تُجبْ عليها. دع الأسئلةَ تتخمَّر فيك وتفعل فِعلَها لعلَّ ذلك يساهم في نضجكَ. ألقِ أسئلتَكَ في لُجَّةِ نفسِكَ وامشِ...



#محمد_علي_عبد_الجليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقيدة الوحش المجنَّح
- كيف يحجب القرآن الرؤية؟
- المعنى الكوني للإسلام
- ما المقصود بالعلم في القرآن؟
- وأرسلَ لي...
- كيف ينبغي فهم القرآن؟
- تعقيب على مقال -بعض الآثار السلبية للقرآن-
- بعض الآثار السلبية للقرآن على حياة المسلمين
- لماذا نقد القرآن؟
- الألفاظ الأعجمية في القرآن ودلالتها والتحدِّي ومعناه
- قِطة شرودنغر وقسورة القرآن
- القرآن العربي نص مترجَم إلى العربية
- وظيفة القرآن
- حقيقة النبي


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي عبد الجليل - لنفكِّر في هذه الكلمات