|
أندلسيّات (6): كيف أصبحتُ مسلماً أموياً؟
محيي هادي
الحوار المتمدن-العدد: 1221 - 2005 / 6 / 7 - 09:51
المحور:
الادب والفن
في أرضِ الأسبان في قريةٍ نائيةٍ في أعلى الجبال تعزفُ رياحُها الصافيه نغماتِ حُـبٍ هادئه جميلة رائعه. و شعاعُ شمسها الحاميه يعكس في أشجارِها الظِّلال. قريتُـنا جنةٌ، من أجمل الجنان. كنتُ في القريةِ أعمل راعياً، أرعى بها الماشيه أبحثُ لها عن عُشبِ، أوردها الماء في الوادي و أحميها من هجمةِ الذِّئبِ. فأحصلُ القوتَ لأولادي.
في عمرِ الصغار في كل يوم كنا نلتقي في ساحة القريةِ، نحقق الأحلام نُقبِّل الصديقَ بالضحكِ و بالسلامِ بحبِّـنا البريء و الوئام فمرة نبدأُ في اللّعبِ و مرة أخرى غايتنا الشجار و الخصام.
بعد الهجرةِ بعامين و تسعينْ، في ليلةٍ قاتمةٍ سوداء أيقظني من نومي الهادي صراخُ أطفالي و جيراني، بكاءٌ و أنينْ، و غريبُ أصواتٍ و ضوضاء. خرجتُ مذعورا إلى الدَّربِ أبحثُ عن مصادرِ الرُّعبِ: عمائمٌ مُـغْـبَـرَّه تحملُ أعلاماً أمويةً حمراءْ وجوه داكنة السُّـمْـرَه تُمزِّق الليلةَ الحالكةَ الظلماءْ قد عمَّ في قريتنا البلاءْ.
دخل الغرباءْ و كدّسوا في الساحةِ الرجال و قيَّـدوا الأيادي و الأرجل، بأغلظ الحبالِ و دنَّسـوا البيوتَ بحثا عن الجوهرِ و الأموالِ فسرقوا الياقوتَ و نهبوا العقيقَ و المرجان و أشعلوا في بيتنا النيران. قد اختفت عن أنظارِنا النساء و افتقدت أعينُـنا الأبناء.
آه يا أمّاه إنَّ الأسرَ يؤرقني و يقتلني و قيدَ الرسغِ و المعصمِ يُؤذيني و يَجرحني و مشيَ الدربِ يُؤلمني و يُتعبني
قد أجبرونا على المشيِ من حقلٍ إلى حقلِ و قد عبرنا حفاةً الأرجُلِ من نهرٍ إلى نهْـرِ و شققت رِجليَّ حافَّاتُ الصخْرِ ثمَّ وصلنا خيمةَ الروميِ، مُغيث الرومي سبيٌ من سبايا الحربِ قد سار على الإجرامِ و الرعبِ قيل لنا:"هذا هو القائد" دخلنا عنده جمعا بقيدٍ، أو واحدا، واحد. قال لي الرومي: "غيِّر الإيمان، و إلاّ السيف و القطع، و آمن بفكرةِ الإسلام، و إلاّ خِنجر القمع. آمِن و لك السلم والأمان"
بالمطارِق حطَّموا رأْساً فرأْساً جنودُ طارق أحرقوا كلَّ بيوتِ اللهِ و رموا الأهلَ في جوفِ المحارِق
آمنتُ بالله، الواحد القهّار، بإله بني أمية الجبّار و إلاّ فالسيف يقطعني و قدَّمتُ طاعتي الكبرى للخليفة المختار و إلاّ خِنجر الغدر سيطعنني.
قد قيل لي: هذا هو القرآن قـبِّـلْــهُ، قد قيل لي: هذا هو الفرقان إقـــرأهُ، فـقـبَّـلْتُـهْ، بدونِ العلمِ بالأعرابِ والإعرابِ فسَّــرْتُهْ
قد قيل لي، إنهم في الحروب لم يقتلوا الأسير، و إنهم لم يجهضوا أبداً على الجريح فهل هذا هو الصحيح، أم إنه فِعلا، من الكذبِ الصريح؟ و قيل لي بأنهم لن يُذلوا كريمَ قومٍ دارت به الخطوب.
فمن هو الكريم؟ هل هو ذاك الملكُ العظيم؟ هل هو ذاك المالك الجواري و العبيد؟ هل هو ذلك اللئيم؟ و إنني، أنا الراعي، ألستُ بالكريم؟ آه يا أختاه! في أيِّ حُـضنٍ قد أُجبرتِ؟ يا حُزني و مأساتي! آه يا زوجتاه! أين أصبحتِ؟ يا من شارَكَتْـني الحبَّ في أطيب أوقاتي. آه يا أمّاه! عبداً قد أصْـبَحتُ و أُجْبِـرتُ على ذاتي جثامينا أرى دوما، و أحلامي في أمواتي
لا أعرف، اليوم، أين زوجتي الحلوة؟ لا أعرف، الآن، أين ابنتي الشقراء، و ابني الأزرق العينين بوجهٍ أبيضِ السُّحنه؟! لقد أصبحتُ عبداً خادِما في بيتِ مجرِمْ أيّ مجرم!! هكذا بالسّيْفِ قد أصبحتُ مسلمْ.
#محيي_هادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في جنازة أمير موناكو
-
باسم الإسلام يحاربون حكم الشعب
-
أندلسيات-5- هل ساعد اليهود المسلمين على فتحِ الأندلس؟
-
أشقاؤنا شقاؤنا
-
أريد أن أنتخب
-
أندلسيات -4- هل طليطلة هي مدينة أصحاب الكهف؟
-
أندلسـيات -3
-
أندلسيات_2
-
أندلسيات-1
-
لن يكون هناك مكان لظلام طالبان
-
هل يُمْكِن الحِوار؟
-
لعنة الله عليكم
-
أغنيتي لإرهابيي الفلوجة
-
فتوى القرضاوي الارهابية
-
ليس كل محمد برسول
-
الشيوعيون الزرقاويون
-
عمائم الشيطان
-
الثيران المععمة
-
على درب خالد بن الوليد
-
الجزيرة تبحث عن شرف لها
المزيد.....
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|