أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشدي الصافي - خرافة السواء و ألا سواء














المزيد.....

خرافة السواء و ألا سواء


رشدي الصافي

الحوار المتمدن-العدد: 4284 - 2013 / 11 / 23 - 08:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أسمع كثيرا في مجتمعنا الذي لا يحمل أدنى ثقافة سيكولوجية من أناس بلغ منهم الجهل أو وهم المعرفة مستويات أكسبوا من خلالها جرأة منقطعة النظير في أن يصوغوا أحكاما حول السواء والمرض مستبعدين بدلك موقعهم كذات منفتحة على احتمالات عميقة بين السواء والا سواء . من منا السوي؟ ومن منا الا سوي؟ وما معيار السواء لدينا ؟. من نحن كي نحكم عن أناس آخرين بأنهم غير أسوياء؟ تلك أسئلة مخندقة للبعض من الدين يتوهمون امتلاك المعرفة (النفسية) وهي كذلك من الأسئلة التي لا تروق للائك الجريئين على صياغة الأحكام الجاهزة, إنها تضعنا عراة أمام المرآة كي نستبصر صورة من ألا سواء فينا ألبسناها من دي قبل معطفا سميكا من الأكاذيب , وهي حقيقة يحاول كل منا دائما إخفائها سجينة وراء واجهة براقة . في هدا يقول "جيرولد هوجل" : =إن معظمنا يميل لأن يبتعد عن نفسه في جانبها البغيض والكريه, ويغوص أو يندفع إلى ما وراء المعيار الاجتماعي بوصفه موجودا خارجه ,من أجل أن يقوم بتأويل لنفسه وأن يتم تأويله أيضا , من جانب الآخرين على أن له هوية واحدة صلبة ومتماسكة,بدلا من تلك الغرابة المتناقضة الهشة المتعلقة بحالة أخرى موجودة دائما في حضرة الذات , على الرغم من إنكار هده الذات الدائم لمثل هدا الحضور. =.
هناك ما يمكننا عيشه ولو بدرجات منخفضة من الخطورة من الاضطرابات النفسية كالعصاب مثلا الدي تبين مع نظرية التحليل النفسي أنه يسبر غور كل فرد منا على اعتبار أننا عصابيين بطبعنا "السوي", فالصراعات النفسية ما بين الذات برغباتها و مساعيها و بين العالم الخارجي المليء بالإحباط وما يرافقها من إسقاطات لا شعورية لدوافع الحياة والموت تشعرنا دائما بالمشاعر الضيق والتيه والاغتراب و القلق والضجر...إلخ, هي مشاعر إن كنا على وعي تام بها نجدها مشتركة كذلك بين كل المضطربين نفسيا لكن جهلنا بها أحيانا و خداعنا الدائم لأنفسنا أحيانا أخرى من خلال سعينا لبلوغ ذات متوافقة و منسجمة مع قيم المجتمع يجعلنا لا نعترف بهده الحقيقة إلا نادرا عندما نكون أمام تلك الذات الضاربة في التناقض و التي قمنا بتغليفها مسبقا بغلاف براق ولامع , وبهدا يكون سعينا إلى ما وراء المعيار الاجتماعي هو سعي لنكران حقيقتنا ويكون المعيار الاجتماعي نفسه هو قمع لتجليات تلك الحقيقة في الواقع . أكثر ما يقلقنا كبشر بعد الموت هو أن نصاب بالجنون (الدهان) -----;----- ونصبح بين عشية وضحاها مجانين على الرغم من أننا ولدنا كدالك ولازلنا نخفي دالك الوجه الآخر منا تحت العثمة حتى نسنا ملامحه.
تبرز لوحة ل" جويا" " نوم العقل يوقض الخفافيش" , ما يحمله اللاشعور من جوانب مظلمة من شراسة و رعب طالما ظل يخفيها هذا الكائن العاقل وراء واجهة العقل (المتعقل) المستمد من قيم الحضارة ’ لكن هذه الطبيعة الضاربة في عمق الخفاء تظهر جليا خلال فترات النوم الحالمة أو خلال الهذيانات الذهانية . أو عند ما يصبح العقل مستلبا حسب التصور الهيكيلي والماركسي كما هو الحال الآن مع أشكال التقدم التكنولوجي. وقد بين ذلك "فيولا " في عرض سينمائي له عرض فيه ما يشبه الغرفة بدون سرير و مزهرية وجهاز هاتف وفجأة يشغل جهاز التلفزيون فتظهر وحوشا وخفافيش وبوم ... كما هو موجود في لوحات جويا. هذا العمل المركب هو وجها آخر من وجوه التعبير عن هذا الغور المظلم بشكل أكثر فنية.
.إن كبتنا "ألاشعوري" المعقد لداك القلق المسقط و _الناتج عن صيرورة نمائية للخيال وعن أحداث قاسية وتمثلات مسبقة عن العالم يطبعها الخوف فاقت حدود قدراتنا الإدراكية الطفولية خلال ماضينا البعيد ما جعلها تستقر بصورة سوية أو مرضية وبكل جوانبها الانفعالية في ذاكرتنا - يظهر جلينا في حياتنا الواعية متقمصا شكلا من الاجتناب المبالغ فيه لمصاب بالمرض العقلي وفي خوفنا (المرضي) منه وتحقيرنا المتكرر لسلوكاته مع العلم أن البعض منا لا يحقر نفسه عند التبرز أو القتل أو التعري أو ممارسة الجنس مع المحارم أو المثل في وضح أحلامه . فهده الأخيرة تعكس حقيقتنا كمجانين على اعتبار أن "الحلم جنون مؤقت "كما صرح بدلك "فرويد". فأحلامنا المبعثرة التي نحلمها كل ليلة لا تترك لنا أدنى مجال للشك في أننا مجانيين بطبعنا (السوي) كذلك, ومن يرق له هدا الوصف فل يبحث عن مرادف آخر للحلم في قاموسه الواعي فلن يجد بدلك غير أحلام يقظته التي بدورها أشبه ما يكون بهديانات العظمة عند الفصامي .أو فل يعقلن حلمه "ألامعقول".
إن المرضى العقلين -ومند ولادة الحضارة- عانوا ولا يزلون يعانون من التحقير و الإقصاء فكتاب "تاريخ الجنون" ل"مشيل فوكو "كاف لأن يحملنا في رحلة عبر صفحات التاريخ الإنساني ليبرز فيه موقع المجنون في الحضارة التي أكسته كل أشكال التبخيس و التحقير, مع أنه يضل إنسان فقد كل شيء إلا عقله على حد تعبير" فوكو". بل حتى "فرويد" نفسه الذي فتح باب فهم وتفسير الأمراض النفسية ضل في جل نظرياته يضع الدهان في الهامش.
لن أطيل الحديث عن الجنون لأن الأمر يتطلب صفحات أخرى في مقال أخر, ما أود أن أخلص له من ما سبق أنه عندما نرى هدا الإقصاء المتعمد لمثل هدا النوع من الاضطراب مع الإبقاء قدر المستطاع على النوع الذي لا يشكل خطورة أكثر على دواتنا حتى من داخل العلم نفسه فيمكننا أن نسلم بفكرة مفادها أن خوفنا من الاضطراب هو خوف قائم ولا يمكن نكرانه لأنه يظهر حقيقتنا كبشر عرضة للاضطراب والأمراض النفسية كما هو الحال في ما يخص الأمراض العضوية, فما نظهره من إساءة صامتة لآو لائك الدين لم يحالفهم الحظ في أن يحيوا حياة مطمئنة وهادئة, وما نحاول إظهاره من عطف أحيانا عليهم ما هو إلا إسقاط لا شعوري نخفف من خلاله من حدة دلك الخوف الواعي و الغير الواعي في الآن نفسه الذي يذكرنا بقلق الموت المرافق لنا .

رشدي الصافي 21/11/2013



#رشدي_الصافي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألاسواء هو أساس سوائنا
- موقف الحياد من الأزمة في مصر... !
- مصر والأزمة الجديدة
- المقاربة الإكلنيكية للأمراض النفسية بالمغرب


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشدي الصافي - خرافة السواء و ألا سواء