أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود سلمان الشويلي - ذكريات مع رشيد مجيد















المزيد.....

ذكريات مع رشيد مجيد


داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)


الحوار المتمدن-العدد: 4274 - 2013 / 11 / 13 - 09:11
المحور: الادب والفن
    


ذكريات مع رشيد مجيد
داود سلمان الشويلي

* وهكذا مرت سني ُ العمر من غير صدى ،
لم تترك السبعون من هم ومن منتجع
مرسى لاحلام ٍ اضاعتها ليالينا سدى ،
ولم اكن اول منسي ، ولا 000
اول من أخطأه زمانه منذ بدا ،
امنيتي 000 لا ادري ما امنيتي ، واي اوهام سوى
ما يتعب النفس ، وما يوكلها
لقسوة الايام 00 والايام حان مغلق
وضاميء لم يرتوي 00
ومرتوٍ لم يدرِ انه ارتوى ،
وكان ان اوقدت الشموع ، والعمر على اخره ،
وكل ما في رحمة الدرب هوى
فلنملأ الاقداح يا صيف العطاشى طالما،
اينعت الكروم ، وارتد عن الفم الظمأ،
ولتذهب الاحزان يا هذي العذابات لبتي ،
عشت معاناتي ومأساتي بها ،
ولتنتهي 000
ولتهدأ الجراح في محرابها
وليهجع القلب الذي ،
لم يبرح التيه ، ولا الوحدة في شعابها (1)
***
في صيف عام 1988 م ، تعرفت على الشاعر رشيد مجيد ، وكان ذلك في جمعية الشعراء الشعبين في ذي قار 000 بعد ان كنت ان قرأت له مجموعته الشعرية( لا كما تغرق المدن) ، وبعض القصائد في الصحف والمجلات 0
منذ ذلك التاريخ ، بدأت اواصر الزمالة تتوثق بيننا 000 من خلال الجلسات التي تضمنا سوية ، او مع بعض الزملاء في الجمعية المذكو رة ، او في نقابة الفنانين في ذي قار 000 وكنت مستمعا جيدا لما يقرأه من قصائد في هذه الجلسات 0
وفي عام 1992 م ، وبعد تأسيس فرع اتحاد الادباء في ذي قار ، ضمتني جلسات ثنائية معه ، اذ كنت اطرح عليه بعض الاسئلة المتعلقة بحياته وشعره 000 وكنت اسمع منه مباشرة - وبصوته المعروف- آخر قصائده 000 وكنت اسجل ما يقول في اوراق خاصة 0
وعندما افتتحت لي محل لبيع الكتب والقرطاسية في شارع الحبوبي ، اصبح ذلك المحل المحطة الرئيسية لاستراحة الشاعر اثناء خروجه من بيته ليذهب الى اي مكان يريد(زيارة احد الاصدقاء ، مراجعة الطبيب ، شراء الدواء ،التنزه ) وكان يحرص اشد الحرص على ان يُسمعني آخر ما كتب 0
مرة ، سألته ان كان يحتفظ بمسودات قصائده ، فأخبرني، بأنه لا يحتفظ بها ، ذلك لانه لا يكتب مسودة ، وانما يصحح قصائده مباشرة على نفس الورقة ، اذ انه يقوم بذلك التصحيح باستخدام الممحاة ان كانت الكتابة بقلم الرصاص او بالشطب او بالقلع بالموسى او التصحيح بالحبر الابيض 000 عندها طلبت منه ان يبقي الكتابة الاوليية للكلمة الخطأ كما هي ويكتب الصحيحة بالقرب منها بعد ان يشطب عليها ، ثم يكتب النص النهائي في ورقة جديدة ، ففعل ذلك ، فتجمعت لدي حصيلة لا بأس بها من مسودات قصائده او قصاصات منها 0
كانت جلساتي معه في مكتبتي من اهم الجلسات الشعرية بالنسبة لي وله ، اذ كنت - وقتها - اعد لمشروع دراسة عنه ، وكان هو يزودني بكل ما اريد ، حتى جمعت عشرات الاجابات عن اسئلة سألتها اياه ، وصورة تذكارية تجمعنا سوية توثق احدى هذه الجلسات ، الا ان مشاغل الحياة ، ومن ثم بيع المحل ، ابعداني عنه ، سوى بعض اللقاءات العابرة ، او الزيارات الشخصية المتباعدة التي اقوم بها الى بيته ، وكثيرا ما كنت اراه جالسا على كرسيه امام باب دار بيته عندما هده المرض 0
في آخر ايامه اقعده مرض القلب الذي اودي به فلحق برحمة باريه الذي خاطبه مرة :
* ونحن الرحالون 000
فيا من اطلقت مسيرتها الكبرى
يا من سويت مصائرها ، فيما تحصده ، او تزرع
و ملأت جوانحها طمأ ، وهوىً مضرم
لو ندرك حكمتك الازلية 000
فيما تبنيه ، وتهدم ،
فيما تعطي ، تعطي ،
واذا تمنع 000 تمنع
يا من سويت مصائرنا
وهزأت بها وبنا اجمع (2)
***
محطات استذكارية:
الولادة:
بين عامي (1921 - 1922 م) ضاع التاريخ الحقيقي لميلاد رشيد مجيد ، بين ما مدون في سجلات الاحوال المدنية ، وبين ما اخبره به والده ، اذ ان سجلات الاحوال المدنية تخبرنا ان المولود البكر لـ (مجيد سعيد محمد صالح العنزي) قد رآى نور الحياة عام 1922م ، فيما يقول مجيد سعيد لابنه (رشيد) بعد ذلك ، ان ولادته كانت عام 1921م 000 وكان ذلك في محلة (السراي) في متصرفية المنتفك - الناصرية بعد ذاك ، ثم ذي قار لعموم المحافظة - 0(3)
***
الشاعر واهله :
قدمت له اكثر من عشرين سؤالا في نواح عدة ، فأجاب عنها بخط يده بتاريخ 10 / 5 / 1922 000 ومن ضمن تلك الاسئلة ، علاقته بأهله السابقين واللاحقين ، فأجاب قائلا :
(( افراد عائلتي : ابي وامي وجدتي واخوتي السبعة مع اختين ، اما حاليا ، فأنا وزوجتي وولدي وزوجته وابنته ، اما ولدي الاكبر فهو وزوجته وابنتيه في بيتنا القديم ))0
ثم تابع القول عن علاقته بوالديه:
(( احببت والدي كأي انسان احب والده مع ان الرجل ليس له تأثير سلبي او ايجابي على اهتماماتي او ميولي الشخصية 0 اما بالنسبة لشعوري اتجاه والدتي ، فلا يختلف عن شعوري تجاه والدي 0
لم اخرج عن طاعتهم لانهم لم يفرضوا عليّ شيئا لا احبه))0
وعن طفولته قال :
(( لم اتذكر عن طفولتي مع والدتي الا ما هو عادي ، علاقة الطفل بالام ، ولم اكن متعلقا بها تماما ، ولا نافرا منها ، ولم اسافر معها ابدا)) 0
ومما ذكر :
(( ربما اعتبر نفسي مدللا في العائلة ، لانني كنت الولد البكر ، هذا في ايام الطفولة ، وبعدها اصبح كل شيء عاديا )) 0
وعن تأثير البيت على نشأته الاولى ، قال:
(( كانت عائلتي تعيش في بيت مستقل ، فهو ليس لجدي ولا لاحد من اقربائي ، ولا اعتقد ان لهذا الشيء علاقة في نشأتي الاولى))0
وعندما سألته عن داره الحالية ، اجاب :
(( ارادت مديرية السياحة والاصطياف استملاك بيتي لتتخذ منه محطة سياحية ، لولا ان الرفيق طاهر توفيق العاني ، عضو قيادة قطر العراق وقتذاك ، حال دون ذلك ، لاسباب ، اهمها : انه ربما سيكون يوما ما من اثار الشاعر عندما يسأل البعض عن البيت الذي عاش فيه الشاعر ، وكتب قصائده فيه وعن اصدقائه واهم مؤلفاته))0
اقول : انها امنية ندعو تحقيقها 0
***
استذكار اول :
من حديث للشاعر مع كاتب السطور جرى مساء الثلاثاء المصادف 19 / 5 / 1992على حدائق اتحاد ادباء ذي قار ، قال :
(( في بداية مشواري الشعري ، كنت لا استطيع قراءة قصائدي امام الجمهور ، مما دفعني الى ان اعطي قصائدي الى احدى الفتيات!؟ (4) لتقرأها نيابة عني 000 كان ذلك في فترة صداقتي لبعض الشيوعيين ، وكانت هذه الفتاة تذهب الى بغداد وتقرأ قصائدي الوطنية ، خاصة في ايام الوثبة ، وقد تكون الفتاة شيوعية ، او قومية ، او مستقلة ، لكنها كانت تقرأ قصائدي ، حتى ان السياب ، عندما كتب مقالاته عن الشيوعيين ، قال مخاطبا اياهم ": ان الشاعر الذي كنتم تحاولون كسبه اليكم ، كانت قصائده تقرأها فتاة" 000 وكان السياب يحب تلك الفتاة ويسلمها رسائلا منه لتوصلها لي - كما قيل لي وقتها - لكنني لم استلم اية رسالة ، وعندما التقيت به اردت ان اسئله عن ذلك ، الا ان الشاعر عبد القادر الناصري دخل المقهى التي كنا نجلس فيها وهو ثمل( وخربط) الحديث 000 فنسيت ان اسأل السياب عن ذلك 0
ان موافقتي في ان تقرأ هذه الفتاة قصائدي ، ليس بسبب صفتها الحزبية ، وانما كان ذلك بالنسبة لي لكونها فتاة جميلة 0
وان اول من ساعدني على القراءة امام الجمهور هو الاستاذ) ريسان مطر( اذ قال لي مرة) : اشرب بيك عرق واقرأ (5) ( وهكذا استطعت مواجهة الجمهور الكبير الذي امامي ، حتى انه في احدى الاحتفالات،وامام(المتصرف) شربت )بيكين) مما جعلني لا ارى الجالسين امامي ، لكنني استطعت قراءة قصيدتي بصورة جيدة )) 0
***
استذكار ثان:
وعلى ذكر الفتاة الشيوعية ، وريسان مطر ، سألته بتاريخ 15 / 6 / 1994 م ، عن علاقته بحزب البعث العربي الاشتراكي ، فأجاب :
(( بدأت علاقتي بحزب البعث سنة 1963 م ، واوقفت بعد ردة تشرين ، وسحبت يدي من الوظيفة لاكثر من سنة على ما اتذكر ، ثم انقطعت عن العمل الحزبي لاسباب ، اهمها : حالتي الصحية ، ووضعي النفسي ، وعدم كفاءتي للقيام ياعباء العمل الحزبي ، والانصراف لعملي المعيشي بعد اوقات الدوام الرسمي )) 0
بتاريخ 19 / 5 /1992 م سبق وان اجابني الشاعر عن هذا الموضوع قائلا :
(( بعد ثورة 14 رمضان ، انتميت لصفوف حزب البعث العربي الاشتراكي ، وكان الذي فاتحني بالانتماء صديقي (ريسان مطر) ، وبعد ردة تشرين اعتقلت بتهمة انتمائي للحرس القومي ، اذ اتهمني احد ضباط الشرطة بانني المصور الرسمي - وكنت كذلك - للمسؤولين 000 وعندما سألني المحقق عن ذلك ،اجبته بأنني موظف في الدولة ، ووظيفتي تحتم علي القيام بتصوير المسؤولين ، فأقتنع المحقق ، واطلق سراحي 0
عدها لم اعد للتنظيم الحزبي ، اذ لا يمكن ذلك ، بعد ان تركته في وقت الشدة ))0
***
استذكار ثالث :
قال في حديثه لي في الجلسة نفسها بعد ان سألته عن تحصيله الدراسي :
(( لم انه دراستي المتوسطة ، وبقيت عاطلا عن العمل ، وكان لي صديق امر عليه في بعض الاحيان ، كان يعمل رساما للصور الشخصية وخط اللافتات في محل خاص به 0
بعدها عملت في ستوديو احد الاصدقاء ، وكان عملي هو (ترتيش) الصور واختيار جلوس العملاء ، اعتمادا على حسي الفني ، ولكنني تركت العمل لانه اخذ يستغلني ، بعدها عملت في سينما الاندلس الصيفي ، وكان صاحبها قريب لي من عائلة (آل طالب) ، بعدها انتقلت للعمل في سينما الاندلس الشتوي 0
بعد فترة من الزمن ، طلبت من قريبي (حمودي طالب) ان يقرضني مبلغا من المال لفتح ستوديو للتصوير ، فأقرضني مبلغ مئتي دينار ، وافتتحت الاستوديو 000 كانت (اعظم ستوديو في الناصرية )0
كنت اصور الحفلات والمهرجانات والزيارات الرسمية للمصرفية، وان المتصرف في ذلك الوقت طلب مني ان اعمل موظفا في الادارة المحلية براتب شهري ، وان مواد التصويرعلى نفقة المصرفية ، وان لي الحرية كاملة في الدوام اليومي ، لان المتصرف - وقتها - قد شعر ان عملي معهم دون ان اكون موظفا يكلف الدولة مبالغ كثيرة ، فرفضت ، وكرر الطلب ، ومرة قال لي : ان هذا الراتب سيفيدك في حالة المرض او الموت 0
في احد الايام زرت احد الاصدقاء في دائرته ، في الادارة المحلية ، فوجدته قد هيأ لي (عريضة) (6 ) مكتوبة ، وقد السق عليها طابع رسمي ، وطلب مني التوقيع عليها ، فوقعت ، وهكذا اصبحت موظفا في الادارة المحلية )) 0
***
استذكار رابع :
(( انهيت الدراسة الابتدائية عام 1938 م على ما اظن 0 دخلت بعدها متوسطة الناصرية،وقد تعرفت على اصدقاء كثيرين في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة ، غير ان احدا منهم لم يترك اثرا في حياتي الادبية ولا في كتابة الشعر 0
لم يدفعني احد لقراءة الكتب ، فقد كان هذا صدفة ، عندما قرأنا احد كتب المنفلوطي المترجمة عن الفرنسية ، وكنا يومها هاربين من المدرسة انا واحد اصدقائي ، وكان معه الكتاب صدفة 0
وكان هو اول كتاب خارجي أقرأه ، ولعله الفضيلة او ماجدولين ، وهما من الكتب المترجمة عن الفرنسية 000 ثم قرأت الكثير لجبران خليل جبران ، فكنت اميل الى قراءة الكتب العاطفية ، خصوصا التي تنتهي نهاية مأساوية ، ومع هذا فقد كانت قراءاتي متقطعة ولا طاقة لي على مواصلة القراءة ، وهذه حالة ما زالت تلازمني حتى الآن 0
في المرحلة المتوسطة ، بدأت اشعر بميل الى الرسم، خصوصا عندما نقلت بقلم الرصاص صورة لـ (فريدة) زوجة الملك فاروق ، وكانت بمنتهى الدقة مع انها التجربة الاولى ، ولعلها كانت الدافع لممارسة هذه الهواية التي برزت بها الى حد انني حصلت على البعثة الى لندن من قبل الحاكم العسكري عام 1941 م ، غير انني رفضت ، لاعتقادي بانهم سيتخذون مني عميلا لهم )) 0
***
اصدقاء :
في حديثه السابق ، ذكر الشاعر : ان احدا من اصدقائه في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة ، لم يترك اثرا في حياته ، فسألته عن اصدقائه بعد هاتين المرحلتين ، فأجاب : (( لا يدخن ، لا يشرب ، لا يقرأ ولا يكتب ، امي "جاهل" "إعرُبي )) 0
هذا ما بادرني به الشاعر رشيد مجيد عندما سألته عن (عزران البدري) الذي كثيرا ما كان يتذكره اثناء احاديثه ، او في شعره ، فتابع ذكرياته عن (عزران البدري) قائلا :(( كان يعمل "صبي" في مقهى (عبد ضيدان) ، ثم استقل مع اخيه (إسمُير) في مقهى خاص بهم ، فكان (احسن جايجي) ، اذ استطاع ان يستقطب الناس الى مقهاه 0
كانت رجلاه مفطورتين (يقصد راحتي قدميه) ، وكان يموع (يذوب) البلاستك ، ويملأ به (الفطور)0
كانت المقهى الخاصة به في سوق الندافين ، وكان الشباب من رواد المقهى لهم اهتمامات ادبية ، قراءة وتناقل اخبار الادب والشعر 000 وكان هو يصغي لكل ما يقال000 بعد ذلك ، اصبحت المقهى منتديا ادبيا وسياسيا 000 اذ فكرنا ، نحن الرواد المهتمين بالادب و الشعر ، ان نجعلها كذلك ، فرحب - رحمه الله - بالفكرة ، وكان يتفقدناواحدا واحدا 0
في يوم ما ، اخبرني احد الاصدقاء ، بأنه قد تعرف على شاعر (معكّل) (7)، وطلب مني ان اتعرف عليه 000 فكان الشاعر (ملا عباس ملا علي) الذي انضم الى مجموعة المقهى 000 وكان شاعرا مجيدا مقتدرا من اللغة العربية ، اذ كان يحاضر في المدرسة الثانوية في مادة اللغة العربية000 فأخذ يدرسنا المنطق والعروض والفقه (وكنا نقبل دراسة الفقه مجاملة منا له ، اذ كنا بعد ان يغادرنا نهزء بهذه المادة)0
كان (ملا عباس) ذا ثقافة دينية ، وكان من عادته ان يسألنا في اليوم التالي عما تعلمناه منه في اليوم السابق ، بعدها اخذ يطلب منا ان نكتب مواضيعا في الانشاء 0
بعد ذلك اتسعت المجموعة 000 وكان عبد القادر الناصري في بغداد ، وعندما عاد الى الناصرية ، نعرفنا عليه ، ورحب كثيرا بفكرتنا ، واللقاء في المقهى ، فأصبح الاثنان (ملا عباس ، والناصري) اساتذة جيدون لنا 0 00( قادر) في الشعر و (ملا عباس) في اللغة والادب 0
(عزران) كان يصغي لنا ، وفي بعض الاحيان كان يشترك معنا في الحديث ، وكان يصحح لنا بعض المعلومات على الرغم من اميته 0
اخذ (عزران) يشتري الكتب الادبية ، ويجمعها في شباك المقهى الذي جعله على شكل مكتبة ، وضع لها ابوابا زجاجية 0
وعندما سألناه عن المكتبة ، قال : ((الناس تصرف اطنانا من التبغ وهذه الفلوس التي اشتري بها السكاير التي لا ادخنها ، اشتريت بها الكتب))0
مرة قال لي(عزران) : لدي مقال اريد انشره ، وطلب منا ان نكتبه وهو يملي علينا المقال 000 وكان ما اراد 000 وبدء النشر0
عندها قرر تعلم القراءة والكتابة 000 وكنا معلمين له 000 فتعلمها بسرعة ، فأصبح (ينافس) جبران خليل وارسطو ، ويناقش في الفلسفة والمنطق 0
مرة ، طلب منا تخصيص ليلة ادبية في داره في كل اسبوع ، فكنا نجتمع ، ونحن متعددي الاتجاهات السياسية ( الشيوعي ، القومي ، المتدين ، الملحد) اذ كان هناك تعايشا فيما بيننا 0
انضم لنا (السيد سعيد) وهو اخ الشاعر (كمال الدين) قاضي مدينة الناصرية الى اماسينا الادبية ، وفي بعض الاحيان ننقل هذه الاماسي الى دار القاضي ، ليبعد اية شبهة سياسية عن تجمعنا ، كما كان يقول لنا القاضي 0
عندما سمع الاستاذ المرحوم جعفر الخليلي بهذا المنتدى ، اذ كان ينشر نتاجاتنا في جريدته (الهاتف) قام بزيارتنا 000 كان يزورنا مرة او مرتين في الشهر ، واوقف مجلته لادباء الناصرية 0
استمر هذا المنتدى حتى وثبة كانون ، اذ كنا على رأس المظاهرات في الناصرية 000 اذ شاركنا بقصائدنا و كلماتنا ، شجبا للمعاهدة ، وهكذا اتهمت بالشيوعية ، انا والمجموعة ، فأنحلت هذه المجموعة التي كانت تضم كل من :
* لطيف جاسم - كاسب 0
* كاظم جواد - اخ حازم جواد 0
* عبد الرحمن رضا - والد الفنانة سناء عبد الرحمن 0
* جابر حمود - كان يحضر معنا دون ان يشارك 0
* محمد 000
* حميد 000
* رشيد لفتة - كان ضابطا واخرج من الجيش برتبة ملازم لاسباب سياسية. )) 0
ويستمر رشيد مجيد يتذكر 000 وكان ذلك في صبيحة يوم السبت المصادف 14 / 11 / 1992 في مكتبتي ، قال :
(( لعزران قصتين ، وموضوع عن " الادب شاهد الاجيال" 0 والقصة " هذا من فضل ربي " قصة قصيرة عن بائع الباقلة الذي كتب على "عربته" هذه العبارة ، وكان القاص يهزء من مثل هذا الفضل 0
بعد ان تنتهي ندوتنا في المقهى ، نبقى ثلاثتنا " انا وقادر وملا عباس " حتى يقفل " عزران "
لمقهى ، فنذهب الى شارع الحبوبي " عكد الهوه" لنتمشى حتى ساعة متأخرة من الليل ، ونحن نتحدث في الادب والشعر 0
مرة شاهد " عزران " صورة لشكسبير ، فسألني : هل صحيح هذا هو شكسبير؟
اجبته : نعم 0
فقال : ان وجهه "فاهي " ليس كوجه شاعر عظيم ))0
(يتبع )
***
الهوامش :
1 - من مسودة قصيدة لم يضع لها عنوان ، مؤرخة بتاريخ 3 حزيران 1992 ..
2 - من قصيدة (هذه قدم اخرى – ايلول 1978) من ديوان (لا كما تغرق المدن .
3 - كتب الفقيد بخط يده اجابة عن سؤال سألته اياه عن عائلته ونسبه بتاريخ 10 / 5 / 1992 فقال : (( ينتمي اصول عائلتي الى عشائر عنزه ، وقد نزحت عائلتي الى بغداد ايام الحكم لعثماني لاسباب سيايبة وقتها ، ثم نزحوا الى سوق الشيوخ ، ثم الى الناصرية في اول تأسيسها )).
4 - هناك بعض الامور الغامضة في حديث الفقيد ، وكنت وانا اسجل ذلك مباشرة على الورق ، اضع علامات استفهام امامها ، كي لا اقاطعه ، ومن ثم اسأله عنها ، لكنني كثيرا ما انسى ذلك ، فظلت الكثير من الامور بحاجة الى توضيح .
5- بيك : قدح شراب .
6 - عريضة : طلب مكيوب .
7 - معكل : يرتدي على رأسه العقال .



#داود_سلمان_الشويلي (هاشتاغ)       Dawood_Salman_Al_Shewely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - عاشوراء - الذكرى والتأسي
- رسالة حب الى المثقفين والادباء والفنانين
- رحلة في الذاكرة - ما الأدب ؟ - شهادة ابداعية-
- عيد بأية حال عدت يا عيد (المتنبي ومصيبة العراقيين)
- الاحزاب الدينية والحريات
- حرية الرأي - ج 1
- حرية الرأي - ج 2 - المناهج الحديثة في دراسة وتحليل ونقد النص


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود سلمان الشويلي - ذكريات مع رشيد مجيد