أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود سلمان الشويلي - عيد بأية حال عدت يا عيد (المتنبي ومصيبة العراقيين)















المزيد.....

عيد بأية حال عدت يا عيد (المتنبي ومصيبة العراقيين)


داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)


الحوار المتمدن-العدد: 4174 - 2013 / 8 / 4 - 02:16
المحور: الادب والفن
    



هل التاريخ يعيد نفسه ؟ ام ان الضروف المؤاتية لكل قضية تتشابه فيما بينها ؟ ان كانت تلك القضية مسأله شخصية وخاصة ،ام كانت مسألة عامة .
القصيدة التي اخترناها ، او هي التي اختارت نفسها لتكون مدار حديثنا تطرح مسألة شخصية و خاصة عان منها شاعر قيل 1400 سنة ، ومسألة عامة برزت هي بفعالية تحسد عليه عانى منها مجتمع واسع وكبير هو المجتمع العراقي يكل دياناته وقومياته.
قصيدة شاعر العرب الاكبر ابو الطيب المتنبي (عيد بأية حال عدت يا عيد) التي قيلت – كما تذكر المصادر - في عيد الاضحى ،ترسم صورة واقعية ودقيقة للوضع المأساوي الذي يعيش فيه العراق منذ عشر سنين .
فمنذ البيت الاول ، يسأل الشاعر العيد عن سبب مجيئه ،ويقول له: هل جئت بشيء جديد، خبر او أي شيء ،ام انك جئت تحمل الماضي بين ثناياك ، ذلك الماضي الذي مليء بالمأسي؟
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
هذا السؤال اخذ يسأله العراقيون كل عيد – عيد الفطر او الاضحى – باي حال جئت يا عيد ، فلم يجدوا جوابا عنده ، اذ طغت المفخخات على ايامنا جميعها ، فلم ياتي يوم ما بدونها ، اتت لتحصد ارواحنا ، اسالت دماءنا ، انها قتلتنا.
يتساءل الشاعر – ابن العراقي اليوم – عن الاحبة الذين غادروه ويجيب قائلا: انهم في البيداء ، لقد رحلوا ، ويتأسف فحاله كحالهم مع احبته البعيدين ،احبة المتنبي في البيد ، واحبة العراقيين في السماء حيث يذهب الشهداء ،وكل يوم نزف عشرات الشهداء الى البيد / السماء ، اطفال ،وهم البذرة لنا، صبيان وحديثات ، شباب وشابات ، رجال ونساء ، شيوخ وعجائز وهم خيرتنا لانهم الناضجون بيننا ، فلا اهلا بك ولا سهلا.
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ

واذا كان حب الشاعر للعلى قد جشمه هذا العناء ، فالعرافيون قد انهكهم فقد الاحبة في كل يوم. يقول الشاعر:فما ركبت فرسا، ولا قطعت هذه المسافة ، ولكنت قانعا في العيش، هانئا :
لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا وَجْنَاءُ حَرْفٌ وَلا جَرْداءُ قَيْدودُ
لم يَترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي شَيْئاً تُتَيّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ
ولكن أي عناء ذاك الذي تجشمه ابناء الشعب العراقي ؟ انه فقد الاحبة، استشهادهم بالمفخخات، وكواتم الصوت والانفجارات. لانهم لا يطلبون المعالى كالمتنبي ، ولا هم يحزنون ، لقد فقدوا احبتهم، لا كفقد المتنبي لاحبته.
انه قد فارق كل عيش رغيد ، وكل الحسان التي كن بين احضانه لا لشيء الا لانه فقد الاحبة واصراره في طلب المعالي، ولو بقي يعانق الحسان اللاتي افضل واجمل من سيفه لكان افضل عنده.
وَكَانَ أطيَبَ مِنْ سَيفي مُعانَقَةً أشْبَاهُ رَوْنَقِهِ الغِيدُ الأمَاليدُ
لقد جاء الدهر على كل شيء في قلب وفي كبد الشاعر وفي كبودنا وقلوبنا جراء فقدنا لاحبتنا اؤلئك؟
لم يَترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي شَيْئاً تُتَيّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ
ان العراق بشعبه الابي ،هذا الشعب الذي وقف كالنخل امام اشرس عدوان اصفرقادم من خلف الحدود ، ما زال يتجرع كاس الموت في كل يوم ، ولا حول له ولا قوة .
ويقول الشاعر:انا مجبول من لحم ودم ، انا لست صخرة ايها العيد ، صامدة جامدة لا حراك بها ، ولكن لماذا ايها العيد بفرحك وسرورك ومدامك وزغاريدك لم تستطع ان تحركني ولو قليلا ، اتعرف لماذا؟؟ انه فرق الاحبة الذين اخذتهم السيارات المفخخة ، وكواتم الصوت ،والانفجار الى مكان بعيد عنا لا نعرف كنهه ، وليست لدينا خرائطه :
أصَخْرَةٌ أنَا، ما لي لا تُحَرّكُني هَذِي المُدامُ وَلا هَذي الأغَارِيدُ
إذا أرَدْتُ كُمَيْتَ اللّوْنِ صَافِيَةً وَجَدْتُهَا وَحَبيبُ النّفسِ مَفقُودُ
ماذا لَقيتُ منَ الدّنْيَا وَأعْجَبُهُ أني بمَا أنَا شاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ
ان الذين ماتوا استراحوا من هذه الدنيا وهذه الايام التعيسة وابقوا لنا نحن ابناء الشعب العراقي الحزن والالم والفراق بفقدهم.
صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَا فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ
وهكذا ابتلينا باناس لا هم لهم سوى السرقة ،والوطنين من ابنائه قد غابوا او غيبوا ، و ابناء الشعب العراقي فالذبح والقتل مصيرهم .
واذ كان المتنبي يقول عن حراس مصر انهم :غفلوا ، فدخلت الثعالب الى حدائقها فاكلت، و شبعت فان ما فعلته لم ينهي عنب البستان فما زال الخير به و الفضل.
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ
والعراق ما زال واقفا لا يموت ، ولكن الاحبة فيه قد ماتوا.
لا اريد ان اشرح القصيدة كلها ، ولكني اقول لان المسألة الشخصية لشاعر عربي كبير كالمتنبي ،توافقت مع مسألة عامة لابناء الشعب العراقي المظلوم ،فاذا كان المتنبي يشكو فقد الاحبة، فالعراقي ما زال منذ عشر سنين يشكو ذلك، وما زال الاشخاص هم ، هم في مكانهم ، كل واحد يختف على الكرسي الذي يجلس عليه، فمنذ عشر سنين ولا واحدا منهم استقال من منصبه الذي فشل فيه ، تضامنا مع ابناء الشعب العراقي المنكوب.
***
القصيدة:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ
لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا وَجْنَاءُ حَرْفٌ وَلا جَرْداءُ قَيْدودُ
وَكَانَ أطيَبَ مِنْ سَيفي مُعانَقَةً أشْبَاهُ رَوْنَقِهِ الغِيدُ الأمَاليدُ
لم يَترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي شَيْئاً تُتَيّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ
يا سَاقِيَيَّ أخَمْرٌ في كُؤوسكُما أمْ في كُؤوسِكُمَا هَمٌّ وَتَسهيدُ؟
أصَخْرَةٌ أنَا، ما لي لا تُحَرّكُني هَذِي المُدامُ وَلا هَذي الأغَارِيدُ
إذا أرَدْتُ كُمَيْتَ اللّوْنِ صَافِيَةً وَجَدْتُهَا وَحَبيبُ النّفسِ مَفقُودُ
ماذا لَقيتُ منَ الدّنْيَا وَأعْجَبُهُ أني بمَا أنَا شاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ
أمْسَيْتُ أرْوَحَ مُثْرٍ خَازِناً وَيَداً أنَا الغَنيّ وَأمْوَالي المَوَاعِيدُ
إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ عنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ
جودُ الرّجالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ منَ اللّسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ
ما يَقبضُ المَوْتُ نَفساً من نفوسِهِمُ إلاّ وَفي يَدِهِ مِنْ نَتْنِهَا عُودُ
أكُلّمَا اغتَالَ عَبدُ السّوْءِ سَيّدَهُ أوْ خَانَهُ فَلَهُ في مصرَ تَمْهِيدُ
صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَا فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ
العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ لَوْ أنّهُ في ثِيَابِ الحُرّ مَوْلُودُ
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ
ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ
ولا تَوَهّمْتُ أنّ النّاسَ قَدْ فُقِدوا وَأنّ مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ
وَأنّ ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرّعاديد
جَوْعانُ يأكُلُ مِنْ زادي وَيُمسِكني لكَيْ يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقْصُودُ
وَيْلُمِّهَا خُطّةً وَيْلُمِّ قَابِلِهَا لِمِثْلِها خُلِقَ المَهْرِيّةُ القُودُ
وَعِنْدَها لَذّ طَعْمَ المَوْتِ شَارِبُهُ إنّ المَنِيّةَ عِنْدَ الذّلّ قِنْديدُ
مَنْ عَلّمَ الأسْوَدَ المَخصِيّ مكرُمَةً أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصِّيدُ
أمْ أُذْنُهُ في يَدِ النّخّاسِ دامِيَةً أمْ قَدْرُهُ وَهْوَ بالفِلْسَينِ مَرْدودُ
أوْلى اللّئَامِ كُوَيْفِيرٌ بمَعْذِرَةٍ في كلّ لُؤمٍ، وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ
وَذاكَ أنّ الفُحُولَ البِيضَ عاجِزَةٌ عنِ الجَميلِ فكَيفَ الخِصْيةُ السّودُ؟



#داود_سلمان_الشويلي (هاشتاغ)       Dawood_Salman_Al_Shewely#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحزاب الدينية والحريات
- حرية الرأي - ج 1
- حرية الرأي - ج 2 - المناهج الحديثة في دراسة وتحليل ونقد النص


المزيد.....




- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود سلمان الشويلي - عيد بأية حال عدت يا عيد (المتنبي ومصيبة العراقيين)