أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد حبيب المالكي - حول مارتن لوثر وحركته وأثرها السياسي















المزيد.....

حول مارتن لوثر وحركته وأثرها السياسي


حميد حبيب المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 4238 - 2013 / 10 / 7 - 08:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن مارتن لوثرا مصلحا دينيا فحسب رغم أن مرامه كان أصلاح الدين,فقد غدا مصلحا دينيا واجتماعيا وسياسيا وتركت حركته اثرا كبيرا هو الأبرز في القرن السادس عشر في اوروبا وكان طابعها هو ما طبع اوروبا في القرون اللاحقة لأنقسامها لمذهبين الكاثوليك والبروتستانت وما جره هذا الأنقسام من تبعات ونود هنا ان نأتي على بعض جوانب حياته وحركته وواقع اوروبا حينها والأثر الذي تركته حركة الأصلاح الديني التي انطلقت على يده ونحن حين نعرض هذا كلنا أمل أن يبعث لوثرات لا لوثر واحد كي يتمكنوا من الأصلاح وتعديل الأعوجاج في الواقع الديني والسياسي والأجتماعي وغيرها.
مارتن لوثر هو مصلح ديني من احدى المقاطعات الالمانية,ولد لوثر عام 1483ببلدة ايسبلن وتوفي بها عام 1546 ولد لوثر لاسرة كاثوليكية متدينة وفقيرة حيث كان والده عامل في احد المناجم وقامت أسرته بتنشئته تنشئة دينية اذ قاموا بأرساله الى مدرسة دينية وجامعة دينية وبعد أتمامه الدراسة التحق بالدير ومن ثم رسم قسيسا وبدأ بتدريس الفلسفة في جامعة فيتنبرج,سافر الى روما عام 1511تلك السفرة التي تركت أثرا كبيرا في حياته,حيث كشف جانبا كبيرا من فساد الكنيسة ومقرها في الفاتيكان من بيع صكوك الغفران وجمع المال والتغول على حساب فقر وجوع المواطنين في كافة بلدان اوروبا.خلال تلك السفرة تفاجأ لوثر بكثير من الامور التي سببت له صدمة مما دفعه لاحقا الى اعلان وثيقته للاصلاح الديني.بعد عودته من جولته تلك نشر عام 1517 وثيقة للاصلاح الديني مؤلفة من 95 قضية ومسألة طرحها وينتقد فيها التصرفات الخاطئة للكنيسة,لم يكن لوثر مضادا للكنيسة ولا مخالفا لها لكنه طلب الاصلاح فيها لما حصل من التشوه في مؤسساتها وتصرفاتها الامر الذي كان يثير سخط الناس.نشر لوثر هذه القضايا على حائط كنسية وجامعة فتنبورج وتفاعل الطلاب معها بشكل قوي لابل أنهم قاموا بالرد على أحراق ممثل البابا الراهب تتسل لقضايا لوثر بأن قاموا بأحراق ردود تتسل الذي كان قد فر من المدينة بعد نشر لوثر لقضاياه,تفاعلت الاحداث بعد ذلك بسرعة وتطورت وغيرت واقع اوروبا ماقبلها ومابعدها بشكل لم يكن له مثيل ونشبت بسببه الحروب الدينية التي ,أستمرت لما يقرب من قرن وأكلت الزرع والضرع و أفنت الولد والتلد.
مضاعفات اعلان القضايا:أستدعى البابا لاون العاشر لوثر ليناقشه حول قضاياه ويقنعه بالعدول عنها لكنه لم يعدل كما ناظر لوثر الكثير من ممثلي الكنيسة وحاولوا ايذاءه لوثر لكن منتخب ساكسونيا وقف بجانبه في كثير من الاحيان لقناعاته باعتراضات لوثر أولا وأغراض سياسية ثانيا.اصبح لوثر يهاجم البابا في كل المحافل وانتشر صدى دعوته لسائر أرجاء المانيا ولاقت رواجا كبيرا فيها مما دعى امبراطور الأمبراطورية الرومانية المقدسة شارل الخامس لأستدعائه لمجمع يضم أمراء ورجال الكنيسة وغيرهم تحت ضغط من البابا والامراء المتدينين ممن رأوا في دعوات لوثر تهديدا لهم,وصدر القرار من هذا المجمع بنفي لوثر من اراضي الامبراطورية واحراق جميع كتبه ومنشوراته فقام حاكم سكسونيا باختطافه وتهريبه وذلك خوفا عليه من تعرضه للقتل على يد رجال الكنيسة وحلفائها أذ بادر البعض الى اهدار دمه.لوثر عاد الى فيتنبورج وأبدى سخطه من تصرفات كل من مؤيديه ومعارضيه وأن الاضطرابات بهذا الشكل لم تكن أهدافه من دعوته,كانت دعوات لوثر دينية محضة في ذاتها لكن أثرها السياسي كان كبيرا جدا قد يفوق الاثر الديني الذي تركته,فقد فتحت دعواته الباب لمن يريد ان يتخلص من السلطة المطلقة للكنيسة على الدول والشعوب الاوروبية وغيرت من الشكل السياسي لاوروبا حيث انقسمت الى الشمال اللوثري والجنوب الكاثوليكي ونشوب حروب طاحنة وتحرر فكر المفكرين والسياسيين من القيود الكنسية وتكفيرهم وقتلهم فيما لو جاءوا بأمر ما يخالف ماتراه الكنيسة وهو النصيب الذي نال من الكثير من المفكرين وإن لم يلاقوا حتفهم فقد قضوا حياتهم منفيين وهاربين وفي هذا المجال فقد كان لوثر اكثر حظا اذ وجد من يؤويه وينصره وكان ذلك هو حاكم سكسونيا.
الأثر السياسي:وجه لوثر رسالة الى حكام ومنتخبي وأمراء وفرسان الولايات والمقاطعات والمدن الالمانية الى أن يتبنوا دعوته ويتزعموا حركة الاصلاح الديني تلك,وقد رحب معظمهم بذلك لما وجدوه من تحقيق لمصالحهم في هذه الدعوة من مكاسب سياسية بالدرجة الاولى يتمثل بالتخلص من سيطرة البابا الذي كان الحاكم القوي والفعلي و الذي لايمكنهم الخروج عليه ويجعلهم منقوصي الامارة على ماموريهم ومنقوصي السيادة,أضافة لهذا الغرض فان التخلص من سلطة الكنيسة في روما يعني عدم دفع الاموال الطائلة لها وأن إيجاد كنائس محلية لاتخضع لروما سيعني تدوير الاموال داخليا مما يعود على الوضع الاقتصادي بمردودات ايجابية جمة,فقد كان جميع الحكام والامراء أولئك يدفعون الأتاوات لرجال الكنيسة وروما,لا بل أنه قبيل عصر الاصلاح الديني كانت الكنيسة تسيطر على معظم أراضي أوروبا وبنسب كبيرة لذلك كان بعض الامراء في حقيقة الامر عمال بدرجة عليا ليس أكثر لو عدنا الى حقيقة الامر أما الفلاحين فكانوا عبيدا في تلك الاراضي.
ومن الدعوات الجديدة للوثر التي تركت أثرها في هؤلاء الأمراء الطامحون سياسيا هي دعوة لوثر لان تخضع الكنيسة ورجال الدين للسلطة المدنية بما رآه حينها من انه يمنع فسادها ولكنه غفل حينها أن ذلك سيؤدي الى فساد السلطة المدنية نفسها وهو الامر الذي عانت منه أوروبا لاحقا بتجبر الحكام وطغيانهم,فقد ساهم لوثر في إحياء نظرية الحق الالهي للملوك التي كانت من تبعات دعوات الاصلاح الدينية في اوروبا.إذن فالظروف السياسية بالدرجة الولى من ثم الاجتماعية والدينية كانت هي من ساعد في انتشار دعوة لوثر في المانيا بشكل خاص حيث خضوع الفلاح الالماني لاكثر من جهة بدءا بالبابا من بعده الامبراطور ثم الملك ثم الامير ثم الاقطاعي وقد تتدرج لصور اخرى,كل ذلك كان يعني ضرائب اكثر يدفعها هذا المواطن تثقل كاهله لا بل انها كانت تجعلهم مملوكين لمن فوقهم لعدم تمكنهم من دفع ما يطلب منهم من اموال واتاوات,وقد كانت بعض كتابات لوثر حادة وقوية جدا في نقد الكنيسة في روما وهو الامر الذي لم يكن ليجرؤ عليه احد قبله بدءا بقوله بعد عودته من روما وما راه فيها من فساد عام 1511 فقال(ان من يذهب الى روما يشعر بأن عقيدته الدينية تترنح تحت الضربات التي تصيبه جراء مايراه هناك)) وتصاعدت حدة كلامه لتصل أقصاها وأقساها قبل وفاته و كان((البابوية اسسها الشيطان)) هو احد منشوراته.
ان تبني الامراء الالمان لدعوة لوثر ادى لان يحصل تقارب كبير فيما بينهم وبين المواطنين الامر الذي قوى من سلطة الملوك على حساب سلطة الكنيسة ونشأ عنه لاحقا الدول القومية والسلطة المطلقة للملوك متزامنين.وكان لدعوة لوثر وحركة الاصلاح الدينية أثر في أربع نواح هي:
الاول يتمثل بتقارب الامراء والملوك من مواطنيهم والزيادة بقوتهم والعودة للحكم المطلق وتجبر الملوك والعودة لمفهوم الحق الالهي للملوك في الحكم.
الثاني هو نشوء الدول القومية وذلك بعد قيام الامراء من جهة والمواطنين من جهة اخرى بالبحث عن ما يجمع الشمل بديلا عن الدين مما فتح ابواب الزمن لتغييرات كبيرة جدا في مختلف الافكار والمبادي والتطبيقات السياسية أثرها واضح ولا يمكن أن نتصور ما وصل اليه العالم سياسيا لولاها.
الثالث الحروب الدينية التي وان كانت قد وقعت احداثها على الاراضي الالمانية وفيما بين مقاطعاتها وولاياتها غير ان كل دول اوروبا كانت مشتركة فيها ومدت يدها لدعم هذا الطرف او ذاك بهذه الحروب.
الرابع كان في تحسن الوضع المعاشي للمواطنين بسبب تحررهم من نسبة كبيرة من الضرائب التي كانت تثقل كاهلهم وتحرر افكارهم بعد كسر قيود قيدتها لمدة طويلة رغم ان ذلك قد تعطل لمدة من الزمن بسبب الحروب الدينية الطاحنة.
كل هذا أدى لان تحصل تغييرات كبيرة وسريعة ومتلاحقة في القرنين اللاحقين كسرا جمودا سياسيا واجتماعيا وفكريا وغيرها استمر لما يزيد على خمسة قرون وامتد تاثير هذه التغييرات ليطال كل دول العالم بدفع ما كان يحصل على الاراضي الاوروبية.اذن فما بدأ بزيارة دينية لارض مقدسة هي الفاتيكان انتهى بتحطيم هذه الهالة من القدسية عليها وتكسر القيود وسقوط العروش وحروب طاحنة وانقسام ديني عظيم تناصف فيه المذهب القديم الشعوب مع المذهب الوليد.
البروتستانتية:نشأ عن دعوات لوثر ملحوقة بدعوات الفرنسي جان كالفن للاصلاح الديني وتقويم مسار الكنيسة الى نشوء تيار ومذهب ديني انتشر بين جزء كبير من شعوب وبلدان اوروبا وامتد الى الولايات المتحدة وكندا واستراليا وغيرها,كانت المطالب التي نادى بها لوثر تتضمن بصورة أساسية الغاء صكوك الغفران التي تبيعها الكنيسة وان القساوسة ورجال الكنيسة لايمكنهم منح الغفران لاحد وان الله هو الوحيد الذي يمكنه ذلك,و طالب بمساواة الكهنة والقساوسة بغيرهم من الناس وذلك بحقهم في الزواج وأنجاب الاطفال والحياة الاسرية,كما طالب بالتخلص مما أعتبرها بدع وخزعبلات لا أساس لها في الدين مثل القداس الالهي وغفران ذنوب الميت وتحويل القساوسة الماء الى دم المسيح والخبز الى جسد المسيح وغيرها مما اعتبره لوثر ومن بعده البروتستانت كبدع لا اساس لها وخاطئة,أنتفض البروتستانت مطالبين بتلك المطالب الدينية وتضمنت مطالب سياسية مبطنة حيث لايمكن فصل هذا عن ذاك.أن ما قام به لوثر وكالفن هو توفير الجانب النظري للناس المكبونة والتي كانت تغلي من جور الكنيسة وفسادها خصوصا وأن الامر آل لان يتم شراء المناصب الدينية ولم يقتصر على شراء المناصب السياسية او شراء المغفرة والرحمة وكل ذلك طبعا كان يجري على حساب المواطن الفقير الذي يرزح تحت اعباء الحياة.قام البروتستانت بترجمة الكتاب المقدس للالمانية بعد ان كان ذلك ممنوعا بزمن السيطرة الكاثوليكية كما وقاموا بحملات للتوعية والتنوير ومحو الامية في الكثير من ارجاء اوروبا الامر الذي اكسبهم مقبولية كبيرة وسمعة حسنة بين الناس وبالتالي تبنيهم لهذا المذهب,وبهذا فقد غيرت حركة مارتن لوثر وانتفاضته والثورة البروتستانتية والاصلاح الديني من وجه أوروبا وهذا التغيير لم يتوقف بوفاة لوثر بل أن معظمه قد حصل بعد ذلك وعصفت الحروب الدينية بوسط أوروبا وتشكل لها وجه جديد اصطبغ بصبغة لوثرية مميزة له عن الصبغة الكاثوليكية التي طغت لما يزيد عن العشر قرون على وجه اوروبا.



#حميد_حبيب_المالكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام الرئاسي بوابة لحل معضلة العراق
- جامعة الدول العربية بين الفشل والتقويم
- الثورة الفرنسية..بحث في الأسباب والنتائج
- الثورة الانجليزية..الأسباب والنتائج
- الحركة الصهيونية بين الأشتراكية والرأسمالية
- حول الفكر السياسي الشيعي
- الحرية في العالم العربي بين الأسلامية والليبرالية
- من يحاسب الرقيب؟
- مظاهرات المنطقة الغربية في العراق
- غياب الهوية الوطنية العراقية
- العراق جبهة المواجهة في الصراع الأقليمي
- روسيا والصين والهند نحو توازن قوى عالمي جديد
- هل اصبحت مفاتيح اللعبة بيد تركيا


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد حبيب المالكي - حول مارتن لوثر وحركته وأثرها السياسي