أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد حبيب المالكي - هل اصبحت مفاتيح اللعبة بيد تركيا















المزيد.....

هل اصبحت مفاتيح اللعبة بيد تركيا


حميد حبيب المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 3808 - 2012 / 8 / 3 - 12:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المتتبع للتأريخ التركي الحديث والمعاصر سيرى بوضوح الكم الكبير من المشاكل التي صنعتها سياسة الدولة التركية مع جيرانها,والتي لا تزال عواقبها وتأثيراتها تلقي بظلالها حتى اليوم من مشاكل تركيا العثمانية مع روسيا وارمينيا وايران واليونان وبلغاريا,كما ان الدولة التركية العلمانية الحديثة التي انشأها اتاتورك لم تكن اقل مشاكلا مع الجيران فقد تدخل الجيش التركي بقبرص واعلنت دولة قبرص التركية التي لا تحظى باعتراف سوى من تركيا نفسها واحتلالها لاقليم الاسكندرون السوري ناهيك عن المشكلة الداخلية الاكبر وهي مشكلة اكراد تركيا,فأكراد تركيا يشكلون تقريبا نصف اكراد العالم ويغطون ربع مساحة تركيا وثلث سكانها تقريبا.
لكن الاكراد في تركيا هم أقل أكراد الدول الاربعة التي ينتشر عليها الشعب التركي من ناحية الحقوق الثقافية والقومية والسياسية وغيرها.
وجاء التغيير مرة اخرى في تركيا,فقد تمكن الاسلاميون من الوصول الى الحكم دون ان تتم الاطاحة بهم بعدما دأبت الأحزاب التركية العلمانية والمؤسسة العسكرية العلمانية ومن خلال الدستور التركي على اجهاض اي محاولة لوصول الأحزاب الأسلامية الى سدة حكم تركيا.
كيف لم تتم الاطاحة بحزب العدالة والتنمية والذي يعلم القاصي والداني هناك انه حزب بتوجهات اسلامية رغم ان الحزب يعتبر نفسه ليبرالي محافظ لكن هذا لا يغير من واقعه شيئا ولا ننسى انه تمت الاطاحة بحزب الرفاه الاسلامي وحزب الفضيلة وحجبهما اواخر التسعينيات من القرن العشرين ومطلع الالفية الثالثة وعرابهما نجم الدين اربكان هو استاذ وملهم زعيم حزب العدالة والتنمية والحكومة التركية رجب طيب اردوغان.
وهذا ما يكشف خيوط الاتفاق المبطن سابقا والذي بدأ يتكشف حاليا مابين قيادات حزب العدالة والتنمية مع الولايات المتحدة الامريكية لتحقيق مبتغى اميركا وأسرائيل بشرق أوسط جديد تكون أسرائيل جزءا طبيعيا داخل هذا الجسد.
وهذا ما طرحه قيادات حزب العدالة والتنمية بأن يكونوا بوابة هذا التحرك ان لم يكونوا الضامنين له وطبعا هذا مقابل منفعة يجنيها حزب العدالة والتنمية يتمثل بأبقائه بالسلطة وطرحه انموذجا للأحزاب الاسلامية في المنطقة والتي لا تعادي الولايات المتحدة الامريكية والغرب ولا تمانع اقامة علاقات مع أسرائيل والعمل معها,ذلك النموذج الذي يحل محل النموذج الاصولي او المتطرف كالسلفية ونظام الثورة الاسلامية في ايران.
كما أن امريكا من خلال تحكمها بمفاتيح التحكم بحكام معظم الدول العربية وخصوصا دول الخليج,ستفتح تلك الاسواق امام المنتج التركي وهو ما تحقق فعلا فحققت حكومة حزب العدالة ازدهارا اقتصاديا مذهلا لتركيا حيث تكون التجارة مع العالم العربي الجزء الاكبر بتجارة تركيا الخارجية.
دون شك فأن فتح الاسواق العربية على مصراعيها أمام المنتجات التركية لن يعود بالفائدة على تركيا فحسب,فهو بطريقة اخرى يخدم الولايات المتحدة من خلال ايجاد منافس قوي للمنتجات الصينية في المنطقة مما يساعد الولايات المتحدة في كبح جماح التنين الصيني ونموه الاقتصادي الاميبي.
وبين كل ذلك ورغم الموازنات الهائلة لكثير من الدول العربية مستفيدة من واردات النفط وعلى مدى اكثر من خمس عقود ألا ان تلك الدول لم تتمكن ان تكون دول منتجة بل تزداد في كونها دولا مستهلكة يوما بعد يوم واقتصاداتها هي اقتصادات احادية تعتمد على الواردات البترولية حصرا بنسب تتخطى ال 90% في كثير منها كما انها انفقت اموالها تشتري الذمم او تنشيء معارضة بمحاولة أسقاط ذلك النظام الذي يخالف ايديولوجيتها او بسبب خلاف شخصي بين الحاكمين أو انفقته بشراء ترسانات عسكرية باهضة الثمن لا تستخدمها ألا في استعراضات عسكرية بيوم الجيش او اليوم الوطني او مناسبات اخرى ويصدأ معظمها لاحقا في المخازن دون ان تستخدم,وانفقها اخرون في الحروب كحال العراق ولم تحقق هذه النظم الحاكمة اي تنمية حقيقة لدولها بل ازدهارها كأزدههار المراعي بسقوط المطر"البترول"والذي بفنائه ستفنى معه ولا يفوتنا البذخ والتبذير وغياب المسائلة للنظم الحاكمة في معظم الدول العربية وهذا كله على حساب شعوبها.
أما عن الفصول الاخرى للاتفاق الامريكي التركي فتتمثل بأيجاد ثقل في المنطقة يوازن الثقل الايراني لا سيما وان النموذج الاسلامي الايراني كان جاذبا للكثير من الحركات في الدول العربية التي نهجت منهجه او حاولت تطبيقه,لذلك كان من الضروري ان يكون النموذج الموازن المطروح نموذجا ذو عباءة اسلامية وهو الى حد كبير مأمون الجانب فهو مروض.
وهو اضافة لذلك يحل محل او يضعف التيارات الاصولية المتشددة كالسلفية وجماعات اخرى والتي عملت الولايات المتحدة على القضاء عليها واضعافها وحاولت الحكومات العربية ايضا القضاء عليها لكنها لم تتمكن وبذلك فأن سياسة احلال المحل هي خير سياسة تجاه هكذا نمط من المشاكل وعمل العاملون على تلميع صورة الاحزاب "المعتدلة" هذه وانها ستكون المنقذ لدولنا كما انقذ حزب العدالة والتنمية تركيا وحقق لها الازدهار الكبير.
وتتضح مدى جاذبية هذا النموذج بوصول احزاب مقلدة له لمقاليد السلطة في اكثر من دولة عربية ويعد للوصول في غيرها,فالاحزاب الاخوانية قد أخذت من النموذج التركي مثالا وهي سائرة على نهجه,فوصلو لسدة الحكم بتونس ومصر ولا يزالون قريبون من ذلك بليبيا والمغرب ويعدون لذلك بسوريا ويتحركون بقوة في الاردن والكويت بدرجة اقل لا بل ان تحركهم طال حتى الامارات العربية المتحدة.
وأمام هذا الصعود لهذا الصنف من الاحزاب الاسلامية المعتدلة في المنطقة لا نجد اي اعتراض من الولايات المتحدة لا بل هي الداعم لذلك رغم محاولات ابعاد هذه الشبهات والتي اعتقد انها لم تعد تشكل شبهة أساسا لهذا الصنف من الاحزاب الاسلامية فهي تقر بأنها شكل حضاري وجديد للأحزاب الاسلامية التي تتعامل مع واقع الحال بواقعية ومهنية ولا تقف ضد التيار.
أن هذا النهج بالسياسة الخارجية الامريكية جاء بعدما عجزت السعودية من أن تشكل قطبا موازنا ومجابها للقطب الايراني في المنطقة وفشل السياسة الخارجية وحتى الداخلية السعودية من ان تكون ندا لأيران فدخول تركيا على هذا المحور لا يشكل قطبا موازنا فحسب لا بل انه يعطي تفوقا للمحور الخليجي التركي في المنطقة.
رغم ذلك فأن صانع القرار التركي كان ذكيا بالتعامل مع الموضوع الايراني,فهو لم يصطدم او يواجه ايران بشكل مباشر ادراكا منه لقوة ايران والضرر الذي سيلحق بتركيا لو اختارت المواجهة المباشرة معها,بل أنه اختار اللعب على ساحات اخرى,فليس يخفى أمر الامتدادات الايرانية واذرعها وحلفائها بالمنطقة.
لذلك تم البدأ بهذه الامتدادات والحلفاء والاذرع بالخارج بغية الاستفراد بأيران فيما بعد حيث تكون بأضعف حالاتها,فيتم تطويق حزب الله في لبنان واشغاله بشكل مستمر ومحاولة اضعافه وهو فعلا سيضعف بشكل كبير جدا فيما لو سقط نظام حزب البعث في سوريا الذي يشكل عمقا وبعدا ستراتيجيا لحزب الله,ويتم استمالة هوى حركة حماس ومغازلتها واغرائها مستغلين الحرب في سوريا والتي تشكل ورقة ضغط تدفع قيادات حماس للقبول بكسب ودها.
والعراق محيد وبعيد وهو منهك بالفوضى واللاأستقرار بالداخل بسبب الظروف المعلومة التي مر بها,والنظام السوري الحليف الأبرز يئن لضراوة الحرب المشتعلة عليه ومن كل الجوانب والجبهات والتي ترجح الظنون انه لن يتمكن من ان يجتازها بسلام.
وتركيا دخلت هذه اللعبة على المكشوف متجاوزة القوانين والتشريعات والاعراف الدولية والتي لا نحتاج الى التذكير بأن من يستخدمها القوي ضد الضعيف لتحقيق مصالحه وتركيا بالصف الاميركي اي انها بالجانب القوي,فتركيا تمثل ملاذا امنا للمعارضة السورية وتوفر معسكرات لتدريب قوات المعارضة وتوفر المؤن لهم وطرق النقل والامدادات والنواحي اللوجستية ونقل الاسلحة لقوات المعارضة السورية وكل ذلك تقوده المخابرات التركية بالتنسيق مع المخابرات الامريكية.
كما أن حكومة اردوغان لم تنأى بنفسها لتكون بالحياد من الدفع الطائفي من قبل حكومات بعض النظم العربية المفلسة والتي تجد بالدفع والاحتقان الطائفي ما يضمن استمرارها مدة اخرى بالحكم بمؤسساتها الاعلامية المسخرة لخدمة هذا الغرض وبمباركة امريكية اسرائيلية فهم الكاسبون بمحصلة الامور حتى اننا وبعد مرحلة استمرت لاكثر من نصف قرن من الصراع العربي الاسرائيلي فأن ذلك الصراع يمكن ان يعد قد انتهى بفضل الحكومات الممسوخة تلك ونستطيع القول اننا على أعتاب مرحلة جديدة هي مرحلة الصراع العربي الفارسي او الصراع السني الشيعي يغذيه اضمحلال او خنق الصوت العاقل والمدرك لما يجري مع تنامي حالة جهل وتشوه فكري عربي سببه كثرة الصدمات والمؤامرات التي تعرضت لها الشعوب العربية حتى اصبحت مغلوب على امرها وفكرها واصبحت كالخراف يسوقها القصاب الى المسلخ دون ان يكون لها حول ولا قوة.
ولكن هل فكر صانع القرار التركي والذي حقا اصبح اللاعب الابرز في المنطقة بثقله السياسي والاقتصادي والعسكري وبمباركة ودعم الولايات المتحدة,هل سيبقى بمنأى عن النار التي تشتعل حواليه والتي يساهم هو في ايقادها واذكائها؟ واذا تمكن من تجنبها فألى متى سيتمكن من ابقائها بعيدة عن الداخل التركي المتنوع طائفيا وحزبيا وقوميا وطبقيا؟وفيما لو لم تنجح خطة الاطاحة بنظام الاسد فهل ستبقى مفاتيح اللعبة في المنطقة بيد تركيا؟



#حميد_حبيب_المالكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- -نساء الزرافات- في تايلاند..هكذا وثق مغامر إماراتي واحدة من ...
- كيف تحوّلت ألعاب الفيديو إلى ساحة لتجنيد المتطرفين؟
- فاديفول في زيارة رسمية لأوكرانيا تأكيدا لمواصلة الدعم الألما ...
- حرب السودان.. عندما يصبح الصحفي سائقا والمهندس مزارعا
- هل تحتوي الإيصالات الورقية على مادة سامة؟
- هل تنجح ضغوط واشنطن في التوصل إلى صفقة تنهي حرب غزة؟
- سلاح حزب الله بين الضغوط والجدل اللبناني وترقب الرد
- أوسع هجوم روسي منذ بدء الحرب.. رسالة حادة للغرب
- غروسي ينسف رواية ترامب.. مشروع إيران النووي لم يُقبر بعد
- ضربات ترامب على إيران تعزز تمسّك كوريا الشمالية بترسانتها ال ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد حبيب المالكي - هل اصبحت مفاتيح اللعبة بيد تركيا