أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فؤاد قنديل - هل الأديان خطيرة ؟1















المزيد.....

هل الأديان خطيرة ؟1


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4229 - 2013 / 9 / 28 - 12:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




سؤال مهم ، كان يجب أن يخطر على بال الملايين أوعلى الأقل عشرات الآلاف من النخبة المثقفة والمفكرين وعلوم الإجتماع والأنثروبولوجيا وعلوم الأديان المقارنة وشتى الدراسات الإنسانية والمدارس الفلسفية ومن دار في أفلاكها ..أقول كان يجب لأن الدين ليس أمرا هامشيا وليس مسألة ارتبطت بزمان معين ثم تجاوزها التطور وتلاشي تأثيرها .. الدين ليس عادة تناقلتها الأجيال عبر القرون أو طقس فولكلوري ، لكنه سواء كان سماويا أو وضعيا متغلغل إلى حد كبير في الضمير الإنساني ويحكم الكثير من الأفكار ويمارس سلطة بالغة القوة ويوجه سلوكيات البشر في كثير من المناحي وأحيانا في كل المناحي ، وقليلون من يستطيعون مقاومة وجوده أو الهروب من حضوره الراسخ . وإذا كان صاحب الكتاب الذي بين أيدينا واسمه هو عنوان المقال ، قد قال في مقدمة كتابه أن الدين قوة مدمرة تغذي التعصب والعنف وبدونه يمكن للناس أن تعيش في حال أفضل ، وقبل أن نناقش فكرة الرجل وأسبابها وتجلياتها التى دفعته لأن يذهب في هذا الاتجاه الملتبس ، علينا أن نسأل سؤالا أظنه بدهي وهو : ما الدين ؟
ما الدين ؟
الدين السماوي دستور إلهى أنزله الله على من كلف من الأنبياء والرسل ليكون منهجا للحياة على الأرض من المفترض أن يعين الإنسان على شق طريقه في الحياة في إطار ما منحه الله من قوي بيولو جية وفسيولوجية وعقلية ونفسية ، بحيث يتمكن من العيش في أمان مع البشر والطبيعة حسب منظومة الأوامر والنواهي التي تضمنها هذا الدين أو ذاك ومن هذه الناحية فثمة تماثل بين كل الأديان ، ولعل أهم ما يرسخه الدين في النفوس أمرين أولهما الإيمان بالله الذي يساعد الإنسان على تحمل المشاق والصبر على البلاء والقضاء وقسوة الأيام ، والإيمان هو الدافع لشروق شمس الأمل التي تجعل هناك إقبال على الحياة والثاني هو الضمير .. الضمير ذلك الكائن المعنوي والأخلاقي الذي يعمل لحساب الآخرين فيدفع الإنسان للتفكير فيهم واحترام حقوقهم والسعى للتكافل معهم ومساندتهم والتخفيف عنهم .
وإذا كان هذا هو الدين الذي لا يزيد عن كونه مجموعة من التعاليم لدعم مسيرة الإنسانية نحو حياة آمنة ، فلماذا نشأت المشكلات وأصبح الدين بمرور الزمن يتسم بقدر من الخطورة وربما دون أن يقصد يتسبب في إنتاج العنف هنا وهناك ؟
الحق أن الدين ليس مسئولا بشكل مباشر عن المشهد الدامي الذي يتأجج فجأة في مكان ما ولا عن النزاعات الشرسة التي تندلع نيرانها في مناطق بعينها ولعل السياسة كانت في الأغلب ذات أثر بالغ في تحويل دفة الدين نحو المشاركة في الصراعات وإشعال النزاعات ، فقد تنبه الملوك والأباطرة من قديم إلى أهمية الدين في حياة الناس ، بل لقد التفتوا إلى قدسيته غير المحدودة التى يتعامل معها البشر بكل ما يملكون من تضحية حتى ليفتدونها بالدماء والأرواح ، وهذا هو السر في أن الملك الذي يطمع في دولة مجاورة يكفيه أن يحرك الوازع الدينى ضد سكان المنطقة التي يريد غزوها ، كما أن بعضهم استغل الدين ضد الفئات الوطنية المحتجة عليه سياسيا أو اجتماعيا ، عن طريق شراء رجال الدين وحاملي راياته ، ومن هنا يمكننا القول أن الدين بريء من التدمير والعنف ولكن المتاجرين به هم المسئولون في كل العصور والحقب بدءأ من الهيمنة الكنسية في العصور الوسطى حتى جماعات الإخوان المسلمين والجماعات الجهادية والسلفية والتكفيرية والقاعدة وغيرها .
ما دفعنى لتناول هذه القضية صدور كتاب مهم العام الماضي هو " هل الأديان خطيرة ؟" Les religions sont-elles dangereuses? للكاتب والمفكر الإنجليزى كيث وارد ، وهو أستاذ مشهود له بالرصانة والعمق في الدراسات اللاهوتية ، شغل سابقا أرفع كرسي في اللاهوت والعقيدة بأوكسفورد، وهو اليوم يشغل الكرسي ذاته بمعهد غريشام في لندن. و عضو الأكاديمية البريطانية، ومساعد رئيس المؤتمر العالمي للأديان، وله أكثر من عشرين مؤلفا. وقد اقتتح كتابه بمقدمة صادمة ، إذ قال :
"الدين قوة مدمرة تغذي التعصب والتزمت والعنف، ومن دونها يمكن للبشرية أن تعيش في حال طيب حسن. والصفحات الطويلة والمظلمة من تاريخنا الإنساني، وواقعُنا المعاصر، كأنما يؤكدان هذا الحكم ويبقيان التساؤل الحذر قائما بين المجتمعات: هل شر الأديان أكبر من خيرها؟
لن يرهبنا هذا الرأي كما قد يتصور القارئ لأن الكتاب في الحقيقة يتنقل بين أسباب التعاسة الإنسانية المختلفة وهي كثيرة ، ويبدأ فصوله بالدفاع عن الدين كسبب لاندلاع الحروب .
الدين والحروب
لا جدال في وقوع حروب دينية عبر تاريخ الإنسانية، فالكاثوليكيون حاربوا البروتستانتيين، والسُنة حاربوا الشيعة، والهندوس حاربوا المسلمين.. لكن بعد الفراغ من حجة التاريخ، لا يمكن لأحد أن ينكر أن معظم النزاعات لم تكن دينية في جوهرها. وحتى في حالات الحروب الدينية، لم يكن العامل الديني منفردا في التأثير، بل كان له شركاء آخرون، كالعامل الاجتماعي والإثني والسياسي والاقتصادي.

للعثور على نماذج من الحروب اللادينية، لا داعي لأن نتعب أنفسنا بالبحث في صفحات التاريخ البعيدة، فها هو النصف الأول من القرن العشرين قريب جدا منا وتدلنا إحصائيات ضحاياه على أن من قتل فيه من البشر أكثر مما قتل في باقي العصور. والحربان العالميتان الأولى والثانية، لم تشتعلا لأسباب دينية ، والدواعي كثيرة معقدة، أبرزها الرغبة في العلو والسيطرة، والعزة القومية، وتوسيع الإمبراطوريات والصراع الأزلي على الحدود. وعندما استدعي العامل الديني للدخول في أتون الحرب كما فعلت ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، كان الدين واحدا والرب واحدا، وحشر الدين ها هنا لتعزيز الوازع القومي ليس إلا، ولم يكن للدين أي أثر في السلوك والالتزام العملي. فأشد الحروب ضراوة وفتكا في التاريخ إذن لم تكن دينية.

وفضلا عن ذلك، ففي النصف الأول ذاته من القرن العشرين، سقط ملايين القتلى في بلدانهم وبأيدي جيوشهم في البلدان الشيوعية، حيث قتل في الاتحاد السوفياتي السابق نحو 20 مليون شخص، وفي الصين 65 مليونا، وفي كوريا الشمالية مليونان، وفي كمبوديا مليونان. وكلها أنظمة شيوعية أخذت على عاتقها تطهير مجتمعاتها من أبنائها لسبب سياسي خالص لا وجود فيه للدين والتدين.كما شهدت أفريقيا قتل عشرة ملايين على الأقل في النصف الثاني من القرن العشرين لأسباب عرقية وعنصرية وليست دينية ، وتمتد اللائحة الرهيبة حتى مطلع قرننا الواحد والعشرين، إذ ذكر تقرير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لعام 2006، أن عدد المُرحلين من مساكنهم داخل أوطانهم وصل إلى 25 مليونا طردتهم حكوماتهم من أراضيهم لأسباب سياسية واقتصادية وبيئية.
أما المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية –المصدر الأكثر مصداقية في إحصائيات الحرب- فقد ركز تقريره لعام 2006 على المناطق الساخنة للعنف والتهديد العسكري، مثل إيران والعراق وأفغانستان وكوريا الشمالية والصين. وفي المنطقتين الأخيرتين لا وجود لبعد ديني، أما التهديد الإيراني فمرده رغبة في امتلاك أسلحة نووية أكثر من أي اعتبار ديني. أما العراق وأفغانستان، فالمظاهر الدينية واضحة وعميقة، لكن التقرير ذكر أيضا النزاع حول الهوية والبعد الإثني والصراع على السلطة ومصادر الطاقة والفوارق الاجتماعية والاقتصادية، والاضطهاد، على أنها الأسباب الأولى للعنف والحرب، ولا يستخدم الدين إلا عند الحاجة للتبرير عندما يكون ذلك ممكنا. ولا ينبغي أن ننسى أن الحروب في العراق وأفغانستان أشعلتها قوى إمبريالية غالبة -الولايات المتحدة وروسيا- سعت لقلب الأنظمة الحاكمة وفرض هيمنتها، وصار الدين بعد ذلك عاملا ضمن العوامل، لكنه جاء استجابة لمثيرات سابقة.
كما ذكر التقرير أن أكثر من 260 مجموعة مسلحة غير نظامية، لا يحضر البعد الديني إلا عند قليل منها. وشدد على التصاعد المثير للخصخصة العسكرية باستخدام مجموعات من المرتزقة -قرابة 30 ألفا- في العراق وحده، والدين غائب تماما عند هذه الكتائب الخاصة.



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استرخاء
- لا تغيير بلا ثقافة
- المثقفون والسلطة
- حَدثني عن البنات
- الكتابة من الوضع راقدا
- نزهة في حدائق الألم
- خطأ السيسي الفادح
- مصر في قبضة الشياطين
- جمهورية -رابعة -
- لا تصالح
- العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب ( 2 )
- العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب (1)
- خذوا مرسي وهاتوا أردوغان
- زيارة لسجن طرة
- هل قامت في مصر ثورة؟
- صندوق الحرية الأسود
- هُوية مصر ليست إسلامية فقط
- تعود سيناء أو يذهب مرسي
- مرسي المالك الوحيد لقناة السويس
- محاكمة النظام أو المواجهة


المزيد.....




- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
- المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة ...
- عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
- عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا
- “يابابا سناني واوا” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ال ...
- قائد الثورة الاسلامية: العمل القرآني من أكثر الأعمال الإسلام ...
- “ماما جابت بيبي” التردد الجديد لقناة طيور الجنة 2024 على الن ...
- شاهد.. يهود الحريديم يحرقون علم -إسرائيل- أمام مقر التجنيد ف ...
- لماذا يعارض -الإخوان- جهود وقف الحرب السودانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فؤاد قنديل - هل الأديان خطيرة ؟1