أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد حبيب المالكي - الحرية في العالم العربي بين الأسلامية والليبرالية















المزيد.....

الحرية في العالم العربي بين الأسلامية والليبرالية


حميد حبيب المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 4221 - 2013 / 9 / 20 - 07:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع ان الكلام الطويل والنقاشات والتأملات الفلسفية والتنظير لمفهوم الحرية خصوصا في القرون الاربعة الاخيرة اي مع مفكري النهضة وعصر التنوير من جون لوك وجان جاك روسو مرورا بجون ستيوارت ميل وادم سميث وايمانويل كانت حتى المعاصرين من جون ديوي ووليم جيمس وبول ريكور وغيرهم الكثير,لكن ما نستطيع ان نجزم به هو رغم كل الاخذ والرد حول الحرية لكنها لاتزال مفهوما جدليا ولم يتم الاتفاق حتى على حدود فضفاضة قد يكون بالامكان حصر الحرية ضمنها,وهذا الاختلاف ياخذ محاور متعددة سنحاول في بحثنا هذا تسليط الضوء على ما تيسر لنا منها:
اولا:تعريف واحد او اثنين او حتى عشرة لا تخرج الحرية خارج اطارها حيث هنالك مئات التعاريف يصح كثير منها في عدة جوانب ويخطيء في اخرى ولا توجد تعريفات شاملة ممكن ان تنحصر الحرية كمفهوم فلسفي ضمنها.
ثانيا:ماهي حدود الحرية,وهذا المفصل هو الاكثر تعقيدا بين مفاصل الاشكال حول الحرية كونه يمس الحرية كتطبيق وهو الاهم ولو سلمنا انه من الطبيعي ان تختلف المذاهب في تعريفها ووضعها لحدود مفهوم معين لكنه ليس من الطبيعي ان نجد هذا التعدد والتمدد الكبير في مفكري المذهب الواحد حتى انه يمكننا القول انه لكل مفكر تناول الحرية حدود خاصة يضعها لها تختلف قليلا او كثيرا عن اي مفكر اخر حتى لو كان من نفس مذهبه.
ثالثا:منبع الحرية,وهذا المشكل تختلف الفلسفات حوله فهنالك من يرد الحرية لأصل ديني اي تشريع رباني وبالتالي تكون مقيدة بقيود هذا التشريع ولا يجوز اطلاقا الخروج عنه ومساحة الحرية للتنظير والتفكير هي ضمن اطار ذلك التشريع حصرا ومثاله الفكر الاسلامي اما البعض الاخر فيردها للعقل حصرا متأثرا بالظروف الزمانية والمكانية المحيطة كالمذهب الليبرالي وذهب اخرون بعيدا حتى ردوها للغريزة على اعتبار انها بديهية من البديهيات وتقديسا لها فيما بقي قسم يراوح بربطها بين ما هو ديني و عقلي و غريزي.
رابعا,مجال التطبيق,فالحرية مفهوم فلسفي يأخذ مجالات كثيرة للتطبيق لكن كل مذهب فلسفي حدد مجالات معينة فمثلا الليبراليون اعتبروا الحرية تطبق في مجال السياسة والرأي السياسي وحرية التعبير والرأي وحرية العمل والحريات الخاصة كالملبس والمأكل والمشرب وحرية الاعتقاد والتعبد في حين كان الاسلاميون اقل مساحة من الليبرالية فحددوا مجال التطبيق بما اجازه الشارع المقدس فعلى سبيل المثال في مجال حرية التعبد لا تجوز عبادة الشيطان في الدولة الاسلامية ولايجوز العمل في اماكن محرمة كالخمارات ولا يجوز الخروج على الحاكم المسلم الا بشروط معقدة ومتشددة حتى انه ذهب البعض انه لايجوز الخروج على الحاكم المسلم الا اذا ما منع الصلاة ان تصلى مع جواز كل ما دون ذلك لهذا الحاكم.
خامسا:قيود الحرية,ونحن هنا نميز ما بين قيود الحرية ومحددات الحرية فالحدود هي اطر خارجية اما القيود فقد تكون في وسط المساحة المتاحة للحركة ضمنها كما ان القيود تأخذ عدة اشكال فقد تكون قيود دينية كالقيود في الاسلام فالفرد المسلم في الدولة المسلمة ليس حرا ان يترك دينه ويصبح مسيحيا او بوذيا او لا دينيا في حين نرى النظم الليبرالبية تعطي هذا الحق لكل فرد,وقد تكون قيود الحرية هي من قوانين الطبيعة فمثلا احد القوانين الطبيعية هي الملكية الفردية ولذلك الفرد ليس حرا بأن يسلب الاخرين ما يملكوه دون وجه حق لمجرد كونه حرا دون قيود,وقد تكون القيود لها عقلية ونتيجة تفكير فمثلا حرية الرأي السياسي لم تكن نتيجة تنظير او فلسفة دينية ولا طبيعية لكنها نتيجة مجهود وتطور عقل الانسان واستجابته للتطور وبحثه عن الافضل حتى وصل لهذا الطرح والذي لو طرح على البشر السوي سيتقبله لانه يوافق العقل,وقد تكون القيود اخلاقية وهي باعتقادنا الابرز والاهم لكونها تضم في طياتها كل القيود السابقة والاخلاق نوع من القواعد القانونية السائدة في المجتمع والتي لايترتب على خرقها عقوبة من الدولة لكن هناك ردة فعل من المجتمع ترفض خرقها وتتكون هذه القواعد الاخلاقية من مزيج من التأثيرات الدينية والطبيعية والقوانين الوضعية والعقل وهي بمخرجين فهي تؤثر في محيطها وتتأثر به بالتالي في حالة تطور دائم وليست هنالك منظومة خلقية جامدة او غير متطورة كالتشريعات الدينية مثلا فالتشريع الديني ثابت لا يتغير على اعتبار وحدة المشرع وعلمه بالاصلح فما وجد من تشريعات دينية على زمن الرسول الاكرم هي نفسها اليوم لم تتغير,وعودة على الحرية وكون الاخلاق احد القيود عليها وهذا واضح فلو اخذنا دولة كالولايات المتحدة وولاية واحدة كتكساس فأن المنظومة الاخلاقية لمدينة دالاس تختلف عن القرى والارياف وبالتالي فهامش الحرية بين المدينة والريف ايضا يختلف بمقدار ليس بالقليل او اللامحسوس بل هو واضح للعيان ومرد ذلك هو لاختلاف الاخلاق بين المدينة الكبيرة والقرى الريفية حتى ولو كانت المسافة ليست بعيدة والاصول السكانية لكليهما تتشابه كثيرا وبالتالي تختلف القيود التي تضعها الاخلاق السائدة بكل منهما.
ان طرحنا السابق لا نقصد به الرفع من الحرية لدى احد المذاهب الفكرية او الفلسفية او الحط منه لدى الاخر بل هو توضيح التفاوت بين مذهب واخر وتسليطنا الضوء في امثالنا على الاسلام والليبرالية كونهما هم الاكثر تاثيرا في دولنا ومجتمعاتنا فنحن نعيش في دول اسلامية وللاسلام دور كبير في تكوين وعينا ووجداننا ومنظوماتنا المعرفية والاخلاقية والفلسفية والقانونية وغيرها,وتتداخل بالتأثير خصوصا مع العولمة والنظم السياسية لدينا الجديدة شكلا "والقديمة مضمونا" والتي تظهر تبنيها لمفاهيم ليبرالية قد تكون الحريات هي احد ابرز متبنياتها لكن فعلا لم يتبلور شكل او ممارسة او فهم واضح للحرية في دولنا والسبب هو الضياع بسبب التعارض وعدم الفهم الصحيح لكون الطرح الليبرالي للحرية يختلف كثيرا عن الطرح الاسلامي لها ليس هذا فحسب بل انه يعارض جوهر الاسلام ناهيك عن كون الحرية لا تزال موضوعا جدليا داخل الفكر الواحد نفسه,وقد تبين لنا ان ممارسة الحرية يوقع في مأزق التعارض مع مبادئها واسسها,فالديمقراطية احدى اهم اوجه الحرية ونتاجاتها والديمقراطية هي ان تقول رأيك وتنتخب بكل حرية,ولو فرضنا انه في دولة معينة تعداد من يحق له التصويت فيها مليون نسمة طرح للتصويت على تعديل فقرة دستورية كأن تنص فقرة دستورية على عدم جواز تصويت وانتخاب مزدوج الجنسية ويطرح تعديل لهذه الفقرة يسمح لمزدوجي الجنسية بالتصويت والانتخاب وعلى افتراض ان المليون قد صوتوا باجمعهم فصوت نصف مليون وواحد لعدم التعديل وصوت نصف مليون الا واحدا للتعديل فأن التعديل لن يتم,هكذا هي الديمقراطية,لكن من ناحية النتائج هل كان الكل احرار؟كانوا احرار في الالية وممارستها لكن في النتائج لم يكن الجميع احرار بل فرض رأي الاغلبية على الاقلية وارغموا عليه.
ان هذه الجدليات والتضادات تجعلنا ندعو الى انتاج حرية طبيعية خاصة بنا,فنحن لا نريد حرية مقيدة بقيود ازلية كما لا نريدها متسيبة دون ضوابط بل يجب ان نوازن بين الامور كما نعتقد أن النصوص الدينية ليست جامدة وانما متحركة ومرنة لكن جماعة من الفقهاء هم من صبغها بصبغة الجمود كي يجعلوا تشريعاتهم هم والموسومة باسمائهم ازلية والتي قد تكون تشريعات انسانية لكنهم جعلوها ربانية من خلال اقحامهم اياها في النص الديني باعتبارها هي ما اراده هذا النص او ذاك واعتبارهم هذه التشريعات تنطبق تماما على اوامر ونواهي الشارع المقدس.
كما ان الليبرالية مع ما وصلت اليه من تطوير لمفهوم الليبرالية لكنها تبقى وليدة بيئتها,ووليدة ظروفها وانه مع أن الافكار ليست حكرا على احد بل هي تخص الانسانية ككل لكن هنالك خصوصية واضحة للزمان والمكان والبيئة على الافكار التي تطرح لا يمكن بأي شكل من الاشكال ان تفصل عنها او ان تجرد خصوصا عندما تكون هذه الافكار يتداخل فيها ما هو ديني مع ما هو اخلاقي مع ما هو عقلي وغيره,لذلك نعتقد انه وأن كنا نستطيع الافادة مما طرحة الفكر الغربي بخصوص الحرية والتقدم الحاصل في هذا المجال كون هذه الشعوب سبقتنا بقرون بتحررها وتخلصها من القيود في حين لا تزال كثير من الدول العربية والاسلامية لم تذق للحرية طعم حتى يومنا هذا ونحن وطئنا عقدين من الالفية الثالثة,لكن مع ذلك لا يمكن ان نأخذ حرية الغرب ونحاول تغيير مقاساتها كي تلائمنا فهذا لن يجدي نفعا لوجود تعارض جوهري في الاسس والمتبنيات ما بين الاسلام والليبرالية وهذا التعارض يشوه المفاهيم ويدعونا للتفكير بأيجاد فكر اصيل وليد زماننا ومكاننا وبيئتنا كي نضمن عدم التعارض والوصول لأفضل النتائج وتكون المخرجات سليمة.



#حميد_حبيب_المالكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يحاسب الرقيب؟
- مظاهرات المنطقة الغربية في العراق
- غياب الهوية الوطنية العراقية
- العراق جبهة المواجهة في الصراع الأقليمي
- روسيا والصين والهند نحو توازن قوى عالمي جديد
- هل اصبحت مفاتيح اللعبة بيد تركيا


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد حبيب المالكي - الحرية في العالم العربي بين الأسلامية والليبرالية