أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - الغرائزية الانتقامية واللاعقلانية: -برادايم- التسيس العربي















المزيد.....

الغرائزية الانتقامية واللاعقلانية: -برادايم- التسيس العربي


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 4202 - 2013 / 9 / 1 - 18:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في فهم وتحليل السياسة ومواقف السياسيين والاحزاب والجماعات ثمة بعض المنطلقات والمفاهيم التي تستخدم وتشتغل بفعالية إلى حد معقول. يمكن ان نفهم مثلا ان سياسة معينة تقوم على الايديولوجيا إذ تتبنى مجموعة مبادىء توجه تلك السياسة والقائمين عليها, وتستهدف تطبيق "البرنامج" الايديولوجي المعلن. ويمكن ان نفهم ان سياسة معينة تقوم على البراغماتية حيث تكون المصلحة الضاغطة هي بوصلتها وبوصلة القائمين عليها, وفي حال اصطدام هذه المصلحة مع مبادىء سابقة فإنها تنحاز إلى المصلحة. ونفهم ان سياسة معينة تقوم على المثالية وتلزم نفسها بمجموعة مبادىء وقيم كبيرة وربما غائية وتنزع الى تطبيقها ونشرها (احيانا بالقوة) في سبيل تحقيق صورة المجتمع والعالم المثالي الذي يستحوذ عليها. وقد يكون الدين (وغالبا المؤدلج والمسيس) هو ما يتم استخدامه كإطار لسياسة معينة, يتم الاحتماء به او توظيفه واستغلاله في الخطاب الذي تعتمده سياسه ما. وقد تكون السياسة المتبعة من قبل دولة, او حزب, او جماعة, او فرد هي خليط من ذلك كله, فتشترك عناصر ايديولوجية وبراغماتية ومثالية ودينية, كلها, او بعضها, لتكون الإطار العام الذي تشتغل فيه تلك السياسة.
كثيرون يروا ان الامر الاساسي الذي يحتل موقع القلب في كل تلك المفاهيم والمنطلقات والاديولوجيات والمبادىء المعلنة او غير المعلنة, المثالية منها وغير المثالية هو المصلحة الضاغطة لللاعبين السياسيين. سواء أكان اولئك اللاعبون احزابا ام دولا فإن مصلحة الحزب او مصلحة الدولة وبقاؤها هو الشاغل الاكبر والاهم. كل الادعاءات الايديولوجية والشعارات الكبيرة تُزاح جانبا ويتولى "محرك المصلحة" قيادة السياسة وتوجيهها. ويمكن القول ان جل التسيس الانساني عبر التاريخ كان مُقادا بهذا المحرك سواء اقر بذلك السياسون ام لا. وكلما كانت المصلحة عارية وفجة فإنها تتدثر بشعارات اكثر وتزعم اتساقها مع مبادىء معينة, او ان ما يراه الاخرون من انجرافها وراء مصلحتها هو في الواقع لنشر مبادىء معينة او الدفاع عنها. كل حروب التوسع والغزو واحتلال اراضي الآخرين في التاريخ البشري منذ عهود الفراعنة والاغريق الى الصين والهند والرومان والفرس والمسلمين والاوروبيين كانت تتدثر بالمبادىء, في ما هي خليط من دوافع ومصالح واهداف سياسية عديدة.
في الوقت الراهن هناك الكثير من التسيس العربي الذي يتحدى كل تلك المفاهيم ولا يندرج في اي سياق منطقي للفهم. فهناك اطراف سياسية, احزاب, وجماعات, وحكومات, ودول عديدة تتبنى سياسات ومواقف يصعب تفسيرها وفهمها من منظور اي منطلق من المنطلقات التقليدية المعروفة في فهم السياسة, إذ لا علاقة لها بالمبادىء, او تندرج وفق منطق المصالح, وبعيدة العقلانية والبراغماتية التي تسم السياسة الرشيدة. يكفي التأمل في جنبات المشهد السياسي العربي, من مصر, الى سوريا, الى العراق, الى ليبيا ثم تونس, ومواقف الاطراف الاقليمية, حيث تسود دوافع وعوامل تكاد لا تنتمي للسياسة بشيء لكنها تقود التسيس وتتحكم فيه. ويمكن رصد اكثر من "آلية" تتحكم في التسيس الراهن.
تتربع على عرش آليات التسيس العربي الراهن اللاعقلانية وهي التي تسود معظم الفعل السياسي ورد الفعل. مراقبة السيرورة السياسية اي من بلدان الربيع العربي تقدم الدليل تلو الدليل كيف ان البعد عن العقلانية يكاد يكون القاعدة المشتركة التي تلتقي عندها معظم الاطراف. اللاعقلانية هي التي حكمت الوعود والبرامج الانتخابية التي رفعت اسقف التوقعات عند الناس وكأن البلد سيتحول الى جنان وارفة في اليوم التالي للإنتخابات. واللاعقلانية هي التي حكمت سياسة الاحزاب التي فازت في الانتخابات وظنت وكأنها حازت على تفويض كوني بأن تفعل ما تشاء وكيف تشاء. واللاعقلانية هي التي ايضا حكمت سياسة الاحزاب المعارضة حيث اصبح تحطيم الاخر, والذات والوطن معه, هو البوصلة. واللاعقلانية هي التي حكمت سياسة دول وحكومات كثيرة في المنطقة, إذ تذهب سياسات تأييد هذا الطرف, او معارضة ذلك الطرف, إلى الحد الأقصى الذي لا تأني معه ولا تبصر. وفي جو سياسي تتسيده اللاعقلانية سيكون المنتج الاكثر رواجا هو التوتر والدفاع المستميت عن النفس, لأن كل شيء يدخل في صراع صفري, موت او حياة.
في السياسة اللاعقلانية تغيب البراغماتية التي تعتمد اللقاء في منتصف الطريق, والتي تحسب حسابات الربح والخسارة بدقة, تتقدم حيث يفسح المجال, وتتراجع حيث تضغط الظروف. في السياسة الراشدة والمصلحية التي بوصلتها مصلحة الطرف السياسي, حزبا ام حكومة, تكون المساومة واللقاء في منتصف الطريق بين الاطراف هي السياسة الهادية, وليس الحرد, والانتقام, وإدارة الظهر كلياً. ويكون الانشغال في توسيع مربع الاصدقاء وتقليل الاعداء اوتحييد ما امكن منهم. على العكس من ذلك رأينا "إبداعات" حزبية وحكومية واقليمية في ممارسة سياسات تزيد من الاعداء, وتقلل من الاصدقاء, من دون اي تسويغ او ضرورة لذلك. ورأينا كيف ان التراجع عن خطوات او سياسات مدمرة لا يمكن ان يتم, حتى لو جلب الدمار والحطام على الذات, الحزبية او الحكومية, ناهيك عن الوطن. لهذا تسود الحيرة وسط الرأي العام, حتى في الشرائح البسيطة منه, حيث تسير امور السياسة على الضد من اي منطق سليم وتكون مرئية تحت الشمس وفي رابعة النهار, لكن الطرف المعني يكون قد ركبه العناد والتصميم اللاعقلاني.
لكن ذلك العناد والتصميم اللاعقلاني يحتاج إلى دوافع ومحركات اضافية حتى يواصل حركته التدميرية, وهنا تتدخل الغرائزية والانتقامية لتوفر الوقود المطلوب. وهنا تتم عملية استدعاء تقاليد الثأر والانتقام التي لا تنتسب لا إلى العقل ولا المنطق ولا العصر الحديث. فالحس الظافري يتقولب في عقلية قبلية ثأرية لا ترى شرعية في الحياة السياسة إلا لصاحبها, وتريد إقصاء كل الباقيين. وتتبادل الاطراف مواقع الجلاد والضحية كما في لعبة الكراسي الموسيقية, والكل يتلطى بخطاب الضحية, والكل مشحون بغريزة الانتقام, والكل يريد للخصم, مهما كان كبيرا او صغيرا, ان يختفي عن ارض الوجود, وينخرط في عملية إقصائه بكل جهد ممكن, حتى لو ادى ذلك إلى فنائه ذاته. "عبقرية" تسيس اللاعقلانية والانتقامية انه يدمر صاحبه والاخرين معاً, ويسقط الحطام على رأس الوطن والناس والشعب المسكين.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد الكيماوي, ردع الاسد خارج مجلس الامن
- مقارنة بمصر، مطلوب موقف خليجي أصلب في سورية
- ليبراليا وديموقراطيا: الجيش لا يقتل الناس
- استبداد الاردوغانية ينهي -النموذج التركي-
- الديموقراطية هي تنظيم الكراهيات في المجتمع ... وهنا عبقريتها
- إنقلاب اعاد شحن الاسلام السياسي في المنطقة
- المراهقة الليبرالية وإعادة شحن الإسلام السياسي
- الديموقراطية الليبرالية أو الحروب الدينية
- إنقاذ الشيعة العرب من «حزب الله»
- هل تبرز إيران الصديقة؟
- من مؤتمر باريس العربي 1913 إلى «عرب آيدول» 2013
- أين أصبح «مؤتمر باريس» العربي 1913؟
- «مصانع الفتاوى»: كهنوت إسلاموي وتدمير مجتمعي
- «أبوية الثورات» في الخطاب القومي
- -مصانع- الفتاوى الطائرة
- المشروع النهضوي العربي: من أبوية النص إلى أبوية الثورات (2-2 ...
- «حماس» وطلبنة غزة
- فيضان المستنقع الأسدي
- المشروع النهضوي العربي: من أبوية النص إلى أبوية الثورات (1-2 ...
- «البوكر العربية»... ومسألة الهوية


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - الغرائزية الانتقامية واللاعقلانية: -برادايم- التسيس العربي