أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - إنقلاب اعاد شحن الاسلام السياسي في المنطقة















المزيد.....

إنقلاب اعاد شحن الاسلام السياسي في المنطقة


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 4160 - 2013 / 7 / 21 - 22:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاحت فرصة تاريخية مع الربيع العربي وما تلاه للتخلص من الحالة المُستنقعية التي يعانيها الاجتماع السياسي في منطقتنا والدخول في سيرورة مدنية وتصارعية سلمية تنتقل بالمجتمعات والبلدان الى الامام, وعن طريق الدمقرطة وليس الدم والاقصاء. لكن القوى التي وجدت نفسها في قلب الصراع, سواء أكانت اسلامية, ام ليبرالية, ام قومية, ومع اختلافها في كل شيء كانت تلتقي كلها على ثقافة إقصائية تحتقر التعددية عمليا وموضوعيا, وتضيق ذرعا بالتعايش مع الخصم السياسي, وفهمها للديموقراطية هش وبدائي إلى ابعد حد. لم تكن هذه مفاجأة كبيرة ذلك ان هذه القوى هي الاخرى من مخلفات ونواتج حالة الاستنقاع الطويل التي اورثت فكرا معوقا وسياسة معوقة في الحكم والمعارضة على حد سواء. والفرصة التاريخية التي لاحت في تونس, ومصر, وليبيا, واليمن يتم هدرها الآن بشكل مريع وتتحالف القوى المتصارعة في الإجهاز عليها, تتحكم فيها جميعا مراهقة سياسية وغرائزية بدائية اكثر من اي شيء آخر.
في مصر تم تفويت الفرصة التاريخية لجهة المضي بصبر وتحقيق انجاز تدريجي وتراكمي في مسار ابعاد الدين عن السياسة, وإبقاء الجيش بعيدا عنها ايضا. فخلال عام واحد فقط خسر الاسلام السياسي في مصر وفي المنطقة عبر السياسة ومن خلال الفشل في الحكم ما كان قد راكمه من رأسمال سياسي وشعبية انتخابية. كل الشعارات الاسلاموية وُضعت على محك الاختبار والقدرة على التنفيذ امام الشعوب والناخبين الذين كانت تجذبهم الوعود الخلاصية في برامج الاسلاميين. لم يكن بإمكان اية قوة سياسية منافسة, او قوة امنية قامعة, او عسكرية مسيطرة, تحقيق الخسارات المتلاحقة والمدهشة التي تجمعت في رصيد الاسلاميين خلال سنة واحدة من وجودهم في الحكم. أهم ما كانت تنجلي عنه تلك السيرورة هو إنكشاف الشعاراتية الاسلاموية امام الناس والناخبين, والتحييد المتسارع لفكرة خلط الدين مع السياسة في وجدانهم, ودفعهم للحكم على اي حزب, بما فيها الاحزاب الاسلامية, من منطلق الاداء والكفاءة وليس من منطلق العاطفة الدينية. لم يكن بالإمكان الوصول إلى ملايين الناس واقناعهم بالفكر والتنظير بضرر استخدام الدين في السياسة, حيث يتشوه الدين وتتعوق السياسة. لكن وجود الاخوان في سدة الحكم, وتسيَس السلفيين, حقق من الإنجازات على مستوى كشف الدمار الذي يحمله خلط الدين بالسياسة ما لم تحققه مئات الكتب التي اصدرها كبار المنظرين والمفكرين في المنطقة منذ عبد الرحمن الكواكبي وحتى صادق جلال العظم. هذا الانجاز الديموقراطي الليبرالي الكبير الذي حققه وجود الاخوان في الحكم دمره الليبراليون انفسهم عبر استعجالهم قطف النتيجة!
صعود الإسلاميين الوئيد والطويل خلال ثمانية عقود ماضية تأسس على عدة اسباب موضوعية. من اهم تلك الاسباب البناء على فشل الافكار السياسية والايديولوجيات الاخرى التي وصلت للحكم, اي الوعد بأن ليس هناك من طريق او حل إلا عبر تسلم الحركات الاسلامية الحكم, وهو ما كان يترجم شعاراتيا إلى "الاسلام هو الحل". ثم هناك زخم "المظلومية التاريخية" وهالة التضحية والبطولة التي تخرج من رحمها اجيال عديدة من الاسلاميين الجاهزين للموت في اي مكان من اجل اعتقاد "يقيني" ب "الفكرة التي تحالفت ضدها كل قوى الكفر العالمي". زرعت البذور الاولى لتلك المظلومية في التجربة المريرة التي خاضها الاخوان ضد حكم عبد الناصر وما تعرضوا له من اضطهاد وتعذيب في سجونه. ثم تكررت صور من تلك المظلومية في اكثر من بلد عربي على وقع الاستبداد والقمع الذي كان يطال الجميع. وكان هناك الشعار النضالي والجهادي المعادي لإسرائيل والغرب والذي يطرح نفسه عنوانا للممانعة والوقوف في وجه تعديات الغرب وعنجهيته إزاء المنطقة.
في سنة اولى حكم, سواء في مصر او تونس او ليبيا, توفرت الفرصة الذهبية لشعوب هذه البلدان لإنهاء مفاعيل العناصر والاسباب الكبرى التي عززت قوة وشعبية الاسلاميين في المنطقة. صار بالإمكان اختبار الشعار الفعال والذي يستثمر مشاعر الناس وعواطفهم الدينية "الاسلام هو الحل". وصار بالإمكان تحييد مسألة "المظلومية التاريخية" لأن الاسلاميين اصبحوا في قلب إدارة الحكم ولم يعد يُلحق بهم اي ظلم, بل على العكس صاروا في مكان "الظلمة" في اكثر من حادثة وسياسة. وصار بالإمكان تحييد مسألة استثمار الشعارات المعادية لإسرائيل وللغرب والتلاعب بعواطف الناس ايضا في هذا الموضوع, لأن إسلاميي الحكم في مصر وتونس وليبيا معاً ادركوا تعقيدات المعادلات الاقليمية والدولية وتواضعت همتهم "النضالية" ضد الغرب خاصة مع حاجتهم إليه هنا وهناك, وبالتالي اُبطل المفعول التعبوي للخطاب النضالوي ضد الغرب.
ما كانت تحتاجه مصر والعالم العربي هو ان يستمر الإنكشاف الاسلاموي على مرأى الناس والناخبين الذين يقررون هم لا, الجيش, ان حكم الاخوان يجب ان يُستبدل, وان يتم ذلك ديموقراطيا وانتخابيا. تلك هي السيرورة, التي بطؤها قد يستفز الاعصاب, ومخاطرها لا يُستهان بها, لكنها الوحيدة التي كانت تؤسس لمستقبل ديموقراطي حقيقي لمصر. بيد ان استعجال القوى المدنية والديموقراطية واستنجادها بالجيش اجهض تلك السيرورة, واعاد بضربة واحدة فقط إلى قلب السياسة إثنين من ألد اعدائها: الجيش والتوظيف الديني لها.
فالجيش, مثل اي جيش آخر, لا يقوم على بنية ديموقراطية, بل على تراتبية صارمة تقوم على قاعدة "نفذ ثم ناقش". وليس من المُستبعد ان ينفد قريبا صبر الجيش على فوضى الشارع وصبيانية ومراهقة السياسيين, بعد انفلات المياديين في مصر, ويعلن آجلا ام عاجلا حالة الطوارىء ويحكم مباشرة مُقادا بمنطق تحقيق الامن والاستقرار. أما الاخوان المسلمين, ومعهم الاحزاب السلفية, والذين كانت سياستهم وشعبيتهم في إنحدار متواصل فقد جاءت الرياح في صالحهم على المدى الطويل, وإن كانت خسارتهم كبيرة على المدى القصير. لقد خدمتهم نزعة الانتقام والغرائزية وقصر النظر الذي استبد بالقوى الليبرالية والديموقراطية واستعجالها انهاء حكم الاخوان, حيث اعادت خطوة اسقاطهم عبر الاستعانة بالجيش الحياة لعناصر الشعبية والقوة التي اعتاش عليها الاخوان عقودا من الزمن. سوف يقول الاسلاميون من الآن فصاعدا بأنهم لم يُمنحوا الفرصة الكاملة كي يطبقوا شعارهم "الاسلام هو الحل", مبقين على مفعوله في اوساط الناخبين. وسوف يعيدون تشغيل آلية "المظلومية التاريخية" على اساس جديد هذه المرة وهو ان كل القوى, محليا وعالميا, تحالفت مع الجيش لإزاحتهم وسرقة حكمهم الشرعي والمنتخب. وسوف يعيدون بث الحياة في خطاب عداء الغرب لهم بدليل مساندته للجيش والتغيير في مصر, وبذلك نعود الى ما قبل المربع الاول. هذا كله من دون ان نتحدث عن سيناريو تسعير الجنون الاسلاموي القاعدي الذي يفرك يديه فرحا الآن بإنفتاح "جبهة الجهاد في مصر". والفضل الكبير في كل هذا, اي في إعادة شحن طاقة التيار الاسلامي, إخوانيا ام قاعديا, في المنطقة, وفي تحقيق هذه العودة الارتدادية يعود إلى قصر نظر القوى الليبرالية واستعجالها غير المبرر وانقياد قياداتها للشارع, بدل ان تقوده.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المراهقة الليبرالية وإعادة شحن الإسلام السياسي
- الديموقراطية الليبرالية أو الحروب الدينية
- إنقاذ الشيعة العرب من «حزب الله»
- هل تبرز إيران الصديقة؟
- من مؤتمر باريس العربي 1913 إلى «عرب آيدول» 2013
- أين أصبح «مؤتمر باريس» العربي 1913؟
- «مصانع الفتاوى»: كهنوت إسلاموي وتدمير مجتمعي
- «أبوية الثورات» في الخطاب القومي
- -مصانع- الفتاوى الطائرة
- المشروع النهضوي العربي: من أبوية النص إلى أبوية الثورات (2-2 ...
- «حماس» وطلبنة غزة
- فيضان المستنقع الأسدي
- المشروع النهضوي العربي: من أبوية النص إلى أبوية الثورات (1-2 ...
- «البوكر العربية»... ومسألة الهوية
- قانون مدمّر في مصر: الشعارات الدينية في الانتخابات!
- مخاطر «أخونة» الأزهر
- العرب والغرب وتسليح الثورة السورية
- تسليح الثورة السورية مصلحة عربية
- «الدولة الأمنية العميقة»: أمن بن علي في مطار تونس!
- جرائم الشرف بين الدين والقانون


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - إنقلاب اعاد شحن الاسلام السياسي في المنطقة