أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - محمود جلبوط - هل نصغي بما يكفي لأطفالنا ؟؟















المزيد.....

هل نصغي بما يكفي لأطفالنا ؟؟


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1200 - 2005 / 5 / 17 - 10:33
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


هل نصغي إلى أطفالنا ؟ سؤال ربما لم يعد يفاجيء الكثير منا في أيامنا هذه, وذلك لانحسار شخصية الأب((السيد)) في بنيتنا الإجتماعية لصالح اتساع نموذج الأب ذي التحصيل الدراسي المعقول والأم المتعلمة إلى جانب النسبة المتزايدة من الأباء والأمهات المثقفين من ناحية , ولانتشار وسائل الإعلام العالمية ,المرئية والمسموعة والمقروءة,في منازلنا ودوائر لقاءاتنا الإجتماعية ودوائر أعمالنا من ناحية أخرى. لكن هل نصغي حقا بما يكفي لأطفالنا ؟؟ بحيث يجنبهم إصغاؤنا لهم الإغتراب عنا,وتجنبهم أجوبتنا المتروية والمدروسة القلق والجهل عندهم, و البحث عن الإجابة خارجنا الذي يكون له في معظم الأحيان عواقب خطيرة أخلاقية كانت أم نفسية لأنهم لو بحثوا عن الإجابة خارجنا فإن محاولتهم تتم خارج إشرافنا وهم بعد ليسوا مهيئين للفهم الصحيح لكثير من الظواهر الإجماعية والطبيعية والبيولوجية . ثم كم من الأهل اكتفوا استسهالا حجز أطفالهم إلى جانبهم ومنعهم من الإختلاط ,فضيقوا عليهم ومنعوا عنهم مصادر إثارة أسئلتهم بمنع الشارع عنهم بكل ما يعنيه من أماكن للقاء العام فتحول الشارع عند الكثير منا من مكان مشترك ومجال عام للتجمع إلى مجال وحيد مخصص للسير وبالتالي من مكان مأهول إلى مكان يجتازونه ويعبرونه فقط , فيحيلون المسكن الضيق لأن يكون بديل الشارع ومركز الحياة الجديدة ومقر أفراد العائلة بحيث تكون معزولة عن العائلات الأخرى, وتصبح النواة الزوجية الصغيرة شيئا فشيئا جزيرة للبقاء الوحيد وتغتصب لقب العائلة من العائلة الكبيرة التي كانت..
طبعا هناك الكثير من الضغوط والمشاكل في حياة كل منا تلهيه وتبعده عن أطفاله, وخصوصا الفقراء منا فيضطرون لقضاء ساعات طوال بعيدين عن أطفالهم بحيث تؤدي أحيانا إلى غياب الوالدين معا عندما تعمل الأم خارج المنزل مع الأب لتحصيل لقمة العيش,أو اللذين انخرطوا في العمل النضالي لتحرير الوطن, أو في العمل السياسي ضد الاستبداد في بلاد شرق المتوسط فغيبتهم المعتقلات أو المنافي أو الملاحقة سنوات طوال عن أطفالهم,بحيث يترعرع خلالها الطفل معظم سنوات العمر محروما من الأب وأحيانا الأم أو الإثنين معا بشكل قهري, مما يؤدي هذا الأمر للطفل لمشاكل عاطفية ونفسية كثيرة,و لكن موضوعنا اليوم لا يتعلق بهذه الحالة بل الحالة العادية المتداولة في الأحوال العادية.
كثيرا منا وبسبب ضغوط الحياة أحيانا يشعر بالحاجة لأن يبعد أطفاله عنه ويكفي نفسه شر أسألتهم بالقول لهم ((إصنع ما تريد)),غير مدرك أن هذا القول يعني عمليا((لا تطرح علي أسئلة بعد الآن إذ أني غير مستعد للإجابة على السؤال أو أني عاجز عن الإجابة)), بينما كان من الفائدة لنا الإصغاء إليه جيدا وبالتفصيل,لأنه بإصغائنا إلى أطفالنا ,لربما وبدون مجاملة,نخفف عن كاهلنا الضغوط التي أحاقت بنا باكتشاف قدرتنا على الصبر وما حدث معنا في يومنا , ولو كان لدينا الشجاعة لاستطعنا الإفادة بدورنا من تجاربهم,إن الأطفال يفهمون جيدا مشاكل الأهل,وإذا لم يتحدثوا عنها فغالبا ما يكون ذلك خوفا من جرح عواطف ذويهم,فمن واجب الأهل إذاَ ان يشعروا اطفالهم أنهم مستعدون لهذا الحوار.
إن الأطفال أشخاص رائعون خليقون بحبنا وثقتنا وإصغائنا إليهم, ليس من المهم أن نعرف الأجوبة على كل أسئلتهم واستفساراتهم, فالأهل الجيدون ليسوا حتما أولئك الذين يعلًمون بل الذين يثقون بأنفسهم ويعيشون أفعالهم وأقوالهم, فلا يهم ما سنقول لهم ونجيبهم, ولا ما نفعل بقدر ما يهم الطريقة التي بها نقول لهم أجوبتنا والطريقة التي نفعل. فالإحساس والعطف والفرح والحماسة أهم بكثير من المعارف والتقنية, بل وما يختلف عن كل هذا بوجه خاص وأكثر من كل شيء هو الإصغاء..
إن مفهوم الإصغاء هو واحد من أهم مفاهيم علم النفس,بل الأهم من أي مفهوم آخر للإتصال بين الكائنات البشرية,فالطفل يعلم أنه يحيا إذا سمعه أهله عندما يصرخ ويصغون إلى الحاجات التي يعبر عنها..والطفل يكتشف قلق الوحدة والخوف والإهمال عندما يحس أن الأهل لا ينصتون إليه, ولأنه لا يملك قدرة النطق بعد,يحاول بشتى الطرق أن يسمع صوته بالصراخ,البكاء,الإيماء,الكسر, ليبرهن أنه موجود,فتوقف الإتصال عند الطفل يعني الموت. إن الكثير من الكبار لا يعير كلام الصغار كثيرا من الأهمية, فلقد اعتاد الكبار على الحكم على ما يقال ليس على من قال, و قد اعتادوا أيضا بحسب مكانة محدثهم الإجتماعية أو المالية أو السياسية يصدقون كلامه أو لا يصدقونه, وهم يدركون القاعدة التي استند عليها حكامنا القمعيون بأن عدم الإصغاء لشخص ما يعني أنك تقوم بتقوية سلطتك القهرية عليه, لذلك علينا إذا الإصغاء إلى أطفالنا والتحدث معهم.
ماذا يبقى للطفل إذا لم نصغي إليه لكي يجعل صوته مسموعا ؟؟ بعض الأطفال يتبنى تصرفات تظهر سخيفة للأهل, والبعض يكسر بعض الأدوات, البعض يصرخ, والبعض يقلب الطعام, إنهم يحاولون لفت الأنظار إليهم,والأسوأ يكون عندما يصمتون.ولكي نجعل الصعوبات التي تواجه الأطفال أقرب إلى الفهم علينا أن نتركهم أو ندفعهم يتكلمون لكي نصغي إليهم لأن الإصغاء إلى الطفل يعني مراعاته والإعتراف بوجوده كإنسان, وهذا يساعده على تقوية شخصيته والشعور بأنه محط اهتمام الآخرين ومجتمعهم, فإن بكى الطفل وجب الإصغاء إلى بكائه ومشاركته أحزانه لا أن نكتفي بالمحاولات لمنعه من البكاء, وأن نهدهده ونضمه إلى صدرنا لنهديء من روعه لأن التماس الجسدي حتى للكبار منهم شيئا هاما , وعلى الآباء أن يكسبواهذه العلاقة مع أجساد أطفالهم بحملهم واحتضانهم بين ذراعيهم واللعب معهم, وعلى الآباء أيضا الإسهام في حزن وانفعال وبكاء أطفالهم.
إن الإجابة على أسئلة الطفل تعني السماح لهم بالفهم وإشعارهم بأننا قريبون منهم, وعندما يكون لا وقت لدينا الآن للسماع لهم أو أنه لدينا ما يشغلنا عنهم فعلينا الحظر من تقديم أكاذيب للإعتذار لهم أو أجوبة أو سلوكا غير منسجمة,فالأطفال شديدو الحساسية أمام الرياء والأعذار الكاذبة. إنهم يطلبون منا انسجاما بين ما هو نظري وما هو عملي,بين القول والسلوك, إنهم بحاجة ليشعروا أن الكبار يعيشون كلامهم. ليس من المهم أن يكون المرء مسلما أو مسيحيا أو شيوعيا أو بدين أو بلا, بل المهم أن ينضوي تحت لواء مذهب أخلاقي يطبقه وأن يظهر للطفل نوعا من الإنسجام اليومي.
إذا لم يصغي الأهل إلى طفلهم , وإذا لم يجيبوا على أسئلته فلا يبقى لديه إذاَ ما يقوله في بيته الذي هو بيت العائلة , وتتوقف الإتصالات بينه وبين ذويه, ويصبح بيت العائلة بالنسبة إليه فندقا فقط يأكل فيه وينام ويتلقى فيه بعض التوبيخ.
لكي يتمكن الطفل من الإفصاح عما بداخله يجب الإصغاء إليه والإهتمام به والإجابة على أسئلته. ولكن يجب علينا أيضا معرفة كيف نتحدث إليه. إننا بطريقة وشكل التعامل مع أطفالنا نرسخ لشكل البنية المجتمعية المستقبلية إن كانت ستكون مجتمع عبيد أم أحرار, فلكي ننجز مجتمع أحرار قادم علينا أن نعامل طفلنا معاملة الند, ولندربهم على الديموقراطية من خلال النقاش وإبداء الرأي عائليا,فمن خلال النقاش يقتنع جميع أفراد العائلة بسهولة, فليس للطفل وقد ضيق عليه أهل متسلطون سوى طريقتين بالضرورة: إما أن يثور, أو أن يخضع,وهذا سيأتي في غضون سنوات,ولكن لحين أن يتم ذلك ليس أمامه الآن سوى أن يتلعثم أو أن يحصل على علامة سيئة في المدرسة أو أن يبول في سريره.
ليس النقاش بين الأهل والأطفال معركة بالضرورة, لأن ما يبحث عنه الطفل من النقاش هو تبادل الرأي ونقل تجربة ذويه إليه لا أن يكون الحق مع الأهل بأي ثمن, فالطفل يريد أمامه ندا له, يريد شخصا يساعده على فهم وضبط العالم المحيط به.
إن النقاش بين الأهل والأطفال يجب أن يتحول إلى علاقة خلاقة يقدم كل فرد فيها مادة تساعد على تقدم المجموع. فيجب على الطفل أن يشعر أنه مسؤول وليس مذنب, مسؤول عن تصرفاته وعن الماضي الذي ارتكب خلاله خطأه , ومسؤول أيضا عن البحث وتطبيق طريقة الحل. يمكن اختراع طرق عدة لممارسة حرية الرأي وإبدائه: فمثلا يمكن أن يعلق في إحدى زوايا المنزل جريدة حائط يمكن أن يبدي أفراد العائلة جميعهم آرائهم بكل نواحي حياتهم من خلال مقالات صغيرة تعلق عليها ليتمكن كل أفراد العائلة من الإطلاع على آراء بعضهم, وعلى هذه اللوحة أيضا تكتب الإنتقادات والآراء والمشاعر نحو بعضهم البعض ثم تناقش لاحقاَ, وهذا يشكل في الوقت نفسه لعبة وطريقة مدهشة للإتصال.
طريقة أخرى للتواصل هامة وهامة جداَ, فكثيرون هم الأطفال اللذين يرافقون أهلهم في سيارة أو قطار لساعات طويلة, ويمكن تخصيص هذي الساعات لتعلم الكثير من الأشياء: المناظر المتتابعة,والمدن والقرى التي يجتازونها, والبشر, ومخازن السلع,كلها محرضات وأكثر تشويقا للتعلم, ما يجري في الشارع, و مهنة الأهل وأماكن عملهم,و زيارة السوق للتبضع,كل شيء يتيح للطفل أن يتعلم, لنأخذه معنا في رحلاتنا, لزياراتنا, إلى أماكن عملنا,سيسعد بذلك ولا يزيد ألا احتراقا وتشوقا لنا. إن المدرسة الرسمية تحول أطفالنا إلى مستهلكي تعليم وتهيئتهم لأن يكونوا مستهلكين طيعين, مستهلكي معرفة وصحة ومشاهد, وقليلا ما تنمي عندهم تذوق الدرس وفنه, المدرسة قالب يجب المرور فيه فتكون إطارا يشوه بقدر ما يكون,لذا علينا الإعتماد أكثر على مدرسة الحياة, وعلينا أخذ أطفالنا إليها, فالطفل لا يحتاج لمعارف بقدر ما يحتاج للإحتفاظ بتذوقه للمعرفة والإستكشاف, وعلى الأهل أن يشجعوا فيه هذا الشغف, إن التعلم لعبة أما المدرسة فتجعل منه عملا, وعلينا أن نبذل الجهد لجعله من جديد في حياة أطفالنا لعبة مشوقة...وللحديث صلة..



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أشبه المشهد السوري بالمشهد العراقي
- قصة قصيرة جدا...
- شعر....وبالذاكرة نقاوم
- من ذاكرة معتقل سابق 21
- زمن العولمة........زمن الكوليرا
- رسالة إلى صديق..
- حول مصافحة الأسد الابن مع رئيس الكيان الصهيوني
- قصة قصيرة - شعور الغربة والوحدة
- حوارية
- قصة قصيرة
- سفر التغريبة في ظلال الوجه الذي لم تكتمل ملامحه بعد
- المرأة في سورية والإعتقال والقهر السياسي
- رأي حول خطاب الرئيس السوري أمام ما يسمى مجلس الشعب
- رسالة تضامن مع المتحدث الرسمي لحزب الحداثة والديموقراطية لسو ...
- معلمتي الصغيرة ...دعاء الفلسطينية
- كابوس......
- قصة قصيرة جدا.......
- من ذاكرة معتقل سابق20
- يا يا يا سيزيف
- قصة قصيرة جدا..........


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - محمود جلبوط - هل نصغي بما يكفي لأطفالنا ؟؟