أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - لماذا المصالحة على الدستور؟















المزيد.....

لماذا المصالحة على الدستور؟


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 4182 - 2013 / 8 / 12 - 01:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



لازلنا بين خيارين، الدولة المدنية والدوله "الخلطابيطا"، مدنية على دينية. نسمع الآن من ينادي بالمصالحة. لكن السؤال هو، المصالحة مع من؟ هي نفس الأفكار القديمة منذ أيام المرحوم أنور السادات. دولة العلم والإيمان.

يا سادة مافيش حاجة اسمها دولة العلم والإيمان. لم توجد يوما، ولا توجد حاضرا، ولن توجد مستقبلا. العلم والدين لا يمتزجان. لسبب بسيط. لأنهما نقيضان. صعبة على الفهم دي؟

العلم مبنى على التجربة والمشاهدة، والاستقراء والاستنتاج والشك. العلم مبني على استخدام المخ والعقل والحواس. لكن الإيمان يعتمد على التصديق والثقة والنقل بدون فحص وتمحيص، وعلى الكتب الصفراء. العلم هدفه معرفة الحقيقة وزي ما تطلع، والإيمان هدفه رضا الرب والجنة، وتجنب عذاب الآخرة.

إذن كيف يلتقيان؟ كيف أؤمن بنظرية فيثاغورث بدون برهان. قد تكون صحيحة بالنسبة لبعض المثلثات قائمة الزوايا، لكن هل هناك دليل على أنها صحيحة بالنسبة لكل المثلثات قائمة الزوايا؟ لذلك نحتاج إلى برهان، لا إلى إيمان.

إذا استخدمنا الإيمان في العلم، هذا يقودنا إلى كارثة مؤكدة. لن نستطيع أن نبني ونشيد ونصنع، ونعالج مرضانا وننتج غذاءنا. إذا أدخلنا العلم في الإيمان، فلن يبقى دين أو مؤسسة كهنوتية لها أتباع ومريدين.

العلم له أصوله، والإيمان له خواصه. والخلط بينهما ضار وقاتل. واحد تفهمه بالعقل، والآخر تأخذه على علاته، "بعبله وعضمه وشغته" كما يقول المثل البلدي.

مصالحة الفكر العلماني على الفكر السلفي والإخواني، هي عملية خلط العلم بالإيمان. دستور الشيخ ياسر برهامي والأخت عزة الجرف يشهد على ذلك.

فهو دستور "سمك لبن تمرهندي"، يخالف كل الدساتير، كله تعارض وتناقض. تسبب حتى الأن، وهو لم يمر عليه الحول، في ثورة وحرب أهلية.

لماذا؟ لأنك تحاول مزج نقيضان لا يمتزجان. هذا عزب فرات وذاك ملح أجاج. وهل يمكن أن يتزوج سهيل الثريا؟

أيها المنكح الثريا سهيلا _ عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استهلت _ وسهيل إذا ما استهل يمان.

الشعر لعمر بن أبي ربيعة، الثريا مجموعة نجوم سبعة في برج الثور، وسهيل هو النجم كانوبس، يقع في برج السفينة في الجنوب.

عندما استولى الإخوان، بمساعدة بنوا عمومتهم السلفيين والجهاديين والتكفيريين، على الحكم، فرضوا دستورهم وشمروا عن سواعدهم وسيطروا على التعليم والإعلام والثقافة.

حاولوا هدم القضاء والإعلام والأزهر والشرطة والجيش. وغرسوا زبانيتهم في مفاصل الدولة والوزارات وكل المناصب الحساسة. لقد أخذوا نصيب الأسد في كل شئ. ولم يتركوا لنا غير ذيل الضحية. وهذا يذكرنا بقصة أيسوب الرائعة:

كان فيه زمان أسد وحمار وثعلب. ذهبوا للصيد سويا. اتفقوا على قسمة ما يجنوه من صيد بينهم بالتساو. وجدوا غزالا، داهمه الأسد وقتله. طلب من الحمار أن يقوم بالقسمة بينهم حسب الاتفاق.

قام الحمار بكل مهارة بعمل ثلاثة أكوام متساوية من لحم وعظم وجلد الغزال. ثم طلب من الأسد أن يتفضل باختيار نصيبه. لكن الأسد غضب ولم تعجبه القسمة المتساوية. فقام بالهجوم على الحمار المسكين وقتله. ثم وضع جسده على لحم الغزال. وقال للثعلب: " قم أنت بالقسمة."

قام الثعلب وهو يرتجف بوضع لحم الحمار والغزال في كومة واحدة، وفي كومة أخرى، وضع ذيل الحمار. ثم تقدم للأسد قائلا: "تفضل يا مولاي بالإختيار".

تبسم الأسد، ونظر إلى الثعلب قائلا: "من علمك فنون القسمة؟"
أجاب الثعلب على الفور: "الحمار".

أنا لا ألوم الإخوان فيما فعلوه بالتكالب على كل شئ وطلب نصيب الأسد. فهذه هي طبيعتهم وما يؤمنون به. لقد فعلوا ما فعلوه بإخلاص شديد. وساروا إلى هدفهم في خط مستقيم لا يحيدون عنه.

لكن بعد ثورة 30 يونية المجيدة، والتي ليس لها مثيل في التاريخ. أتعجب من الدعوة للمصالحة. ألم نعي الدرس؟ هل المصالحة تكون على حساب دستورنا ومستقبل أولادنا؟ وهل هي دعوة لكي ندور في حلقة مفرغة ونسير محلك سر.

إننا نريد دولة مدنية علمانية مثل كل الدول المحترمة. وهذا أفيد لجماعة الإخوان والسلفيين، بشرط أن لا يكونوا أحزابا دينية. فلا نريد أحزابا دينية تعمل بالسياسة.

دساتيرنا السابقة كانت تنص على ذلك، ولا أدري من المسئول عن السماح للأحزاب الدينية بالتكوين والإنخراط في العمل السياسي.

لقد حذرنا وحذر غيرنا من مغبة وخطور هذا الأمر، ولكن لا حياة لمن تنادي. لقد رأينا بأم أعيننا نتيجة إشراك الأحزاب الدينية في إدارة شئون البلاد.

إذن، لماذا نشرك الإخوان والسلفيين ومن على شاكلتهم من الجهاديين والإرهابيين، في عمل دستور مصر الجديد. وتاني يا شيخ برهامي تحط لينا الخوازيق والأسافين والألغام في الدستور، لكي ترجع لعشيرتك تقول لهم: "هيه! ضحكت عليهم ومررت اللي انتم عاوزينه."

أو ياتي من يصر، بالنص في الدستور، على طمس معالم المرأة وعدم حمايتها، أو السماح لزواج الأطفال وتشغيلهم في سن مبكرة، أو عدم حماية الديانات الأخرى مثل الشيعة والبهائيين وغيرهم، أو عدم حماية حدود الوطن واحترام رايته ونشيده الوطني.

لماذ لا نقوم بعمل دستور مدني علماني، وليكن مثل دستور 54 الملقى في سلة المهملات، الذي اشترك في وضعه، السنهوري وأحمد لطفي السيد وطه حسين، وغيرهم من أبناء مصر وعباقرتها المخلصين؟ بدلا من أن نركن إلى دستور هزيل، اشترك في وضعه، الشيخ ياسر برهامي والأخت عزة الجرف.

يا سيدي، إننا لا نحتاج إلى مصالحة، يكون ثمنها دستور توأم لدستور الإخوان والسلفيين. وإلا فلتذهب المصالحة للجحيم. إننا نبني مستقبل دولة. نريد لها أن تبلغ السحاب وتسبق دول أوروبا.

غريبة دي؟ أبدا فقد كنا أسياد أوروبا آلاف السنين. ولم ننتكس ونتأخر ونغرق في مستنقع التخلف والجهل إلا بعد غزوة سليم الأول العثماني عام 1517م، والغزو الوهابي السلفي الحديث.

هذه فرصة، لا تتكرر كثيرا في عمر الشعوب. الشعب والشرطة والجيش، بقيادة أبناء مصر المخلصين، كلنا يد واحدة. الروح المعنوية للجميع مرتفعة للغاية.

لماذا لا نستثمر هذه الروح الجديدة في بناء دولة رائدة، كما كنا في الماضي. لماذا لا نستثمر هذه الروح في عمل دستور يليق بمصر، غير ملوث بفكر وتخلف الإخوان والسلفيين؟ لماذا المصالحة على الدستور؟
[email protected]



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة الموسيقى الغربية - الأوبرا
- الفن – الحديث
- الفن - الرمزي
- الفن - جوجان – سيزان
- الفن - ما بعد التأثيرية(فان جوخ)
- الفن التأثيري
- الفن الفرنسي – القرن 19
- الفن الفرنسي – القرن 18
- الفن الفرنسي – البداية
- الإخوان وحكم مصر
- الفن الإنجليزي – القرن 19
- الفن الإنجليزي – كونستابل - تيرنر
- الفن الإنجليزي – جينزبورو
- الفن الإنجليزي – رينولدز
- الفن الألماني – هانس هولباين
- الفن الألماني – دورير
- الفن الهولندي – العصر الذهبي
- الفن الهولندي – رامبرانت
- الفن الفلمنكي – فان دايك
- الفن الفلمنكي – روبينز


المزيد.....




- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- اللواء سلامي: نحن المسلمون في سفينة واحدة ويرتبط بعضنا بالآخ ...
- اللواء سلامي: إذا سيطر العدو على بقعة إسلامية فإنه سيتمدد إل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - لماذا المصالحة على الدستور؟