أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الثوري - ذاكرة المكان محَمد خضير في عيون جاستون باشلار















المزيد.....

ذاكرة المكان محَمد خضير في عيون جاستون باشلار


كريم الثوري

الحوار المتمدن-العدد: 4168 - 2013 / 7 / 29 - 21:47
المحور: الادب والفن
    


ذاكرة المكان
محَمد خضير في عيون جاستون باشلار
في الوقت الذي كنت أقرأ فيه "المملكة السوداء" لمحَمد خضير، كنت أبحث في كتاب جماليات المكان لجاستون باشلار و لاحظت أن صدفة ليست عمياء هي مَن جمعت بين عملاقين ، أحدهما طويت له الأرض فراح يُفتش بشغف الملهوف، عن شيء ثمين مربوط به سر وجوده، ما جعله يُحلق بخُفيّة بين الاقبية والمسالك الضيقة ، يتنقل كالجن وهو يصور حياة كانت هنا ثم سقطت غفلة ، والثاني هو ذلك الشيخ الكَيّس ذو اللهجة الريفية، المحبوب بين تلاميذه و المهتم بدراسة ما يعرف بالظاهراتية ( دراسة بداية الصورة في الوعي البشري، أو ما يعرف بالمعايشة والخيال) أستاذ الفلسفة في جامعة السوربون . جاستون باشلار
المكان ذات المكان ، والزمان هو المراحل المحروقة في مقدرات الهوامش ، لتعيش اللحظة بكل مجروراتها فتحيل المكان إلى ممكنات تمارس وعيها السفلي فيه ، لتستمر على سبيل خيال ، لذلك ليس من وجه الغرابة أن نجد أبطال سرد "المملكة السوداء " هم ذاتهم أبطال أبحاث "جماليات المكان " مع فارق واحد أن محَمد خضير أخرج مخلوقات الليلية ، من تحت الأقبية والبيوت فاقدة أبسط مستلزمات شروط استمرار الحياة ، وألقاهم في وجوهنا تحت أشعة الشمس ، مخلوقات تضع أكفها على عيونها ، فهي لم تألف الشمس ، وتركها هكذا إلى أن تجف
بينما جاستون راح يُعاينها ويقلبها ذات اليمين وذات الشمال ، ليكتشف البعد الجمالي في "نثر وسرد" لكتاب وشعراء وفنانين " قاموا بتبيض فعاليات هؤلاء المنبوذين تحت الأرض.
العنوانين :
عنوان مجموعة القاص محَمد خضير هو "المملكة السوداء" وعنوان جاستون باشلار هو "جماليات المكان".
لا أدري لماذا سارت خطاي بالتوالي بين سرد وبحث، وكأن الأول كان يُمهد والثاني يبني ، وجدت أن محَمد خضير يغوص في جزئيات وتفاصيل ، مثله مثل الغواص مدموغاً بلذة الاكتشاف والتحرر في لُجة الاعماق ، والثاني من على ظهر السفينة يستقبل الإشارات ، يفككها ويردها بالتحليل الدقيق ، فيعيدها ثانية لمصادرها الأساسية ، وهكذا تستمر لعبة الغوص والتفسير ، لذلك لا غرابة في أن محمد خضير وهو يخوض تجربة " كائنات العتمة" ، هناك في الأعماق ، يسمي تلك المملكة ، بالسوداء ، فيما راح جاستون مأخوذا بغريزة تتبع منابع الخيال ، تلك الطاقة الجمالية المضيئة التي تشتعل في الأعماق والتي لا تستجيب إلاّ حين تلتقي بمنابع الذكريات البِكر، عند تماسها الهستيري ، في أرق مفاصلها ، لذا سُميت تجربته ، بتجربة تحري المنبوذين وهم .يستعيدون عن طريق الخيال، ما انفلت من بين أيديهم غفلة، ليستعيدوا توازنهم ، بجماليات المكان
أن كلاهما " سردا وبحثا " يؤسسان انطلاقا من عامل المكان، (المكان الأسود). صحيح أن محمد خضير تنقل بين بَرٍ وبحر، وهذه سمة من يعيش في مناطق الجنوب، البصرة تحديدا ، والصحيح أيضا أن جاستون لم يكتف بجزئية محمد خضير بل تعداها إلى تجارب أوسع وأبعد تبعا لاختصاصه في البحث والتنقيب والتفسير.
سنقرأ بعض ما جاء في مطالع بعض قصصه ثم نقاربها على ضوء منطلقات وبحوث جاستون باشلار:

مَن هذا القادم يدق باب البيت ؟
بابٌ مفتوحٌ ، ندخلهُ
بابٌ مُغلق ، مُعتكف
نبض العالم يخفق خلف بابي / بيير البير
أولاً : البيت


ذلك الباب الثقيل بالمسامير العريضة وزخارف المطرقة البرونزية والخشب المتصلب الأسود ، المنحوت الحواف ، لم يكن مرتجا ، دخل ( علي ) من الباب القديم ، الذي حفرت في خشب إطاره تواريخ هجرية ، وعبارات الشكر لله على فضله في بناء هذا البيت السامق ، ووسط هذه الفوضى اللغوية المثلمة المطموسة بالتراب ونهش الأنياب التاريخية قرأ ( علي ) عبارة " أيها الداخل للحوش اقرأ السلام " ثم انغمس في عتمة الدهليز المبلط بطابور محفور...
( قصة المملكة السوداء ) .
ولا ندري لماذا وضع محَمد خضير اسم ( علي ) بين قوسين ، في كل الحوارات التي تكررت 21 مرة في هذه القصة ؟! .
***
منذ ثلاثة أيام وأنا أشم رائحة الطين حولي في الغرفة الصغيرة ، التي تطل نافذتها على ساحة داخلية شبه دائرية ، تحدها بيوت ذات أسطح وأسيجة من الخشب أو الصفيح ، لا شيء غير رائحة الطين .
( قصة نافذة على الساحة ) .
***
سأرى أمي... ها هي ذي تهز مهد أخي الجديد وتولول لهُ كالغراب ..بدأت تشمه لأنه لا يكف عن الصراخ ، ولأنه ولد في الشتاء ، ولم يولد في الصيف ..تركته وغادرت الغرفة . أظنها ستذهب إلى المطبخ.. كلا.. تصعد الدرج الخشب للسطح وتجمع البيض من الدجاج بعد أن تفرغه.
( قصة شجرة الأسماء ) .
***
رؤوس عديدة ، آلاف الرؤوس لنساء وأطفال تطل إلى الأسفل من الشرفات والسطوح العالية ، تشهد مرور مواكب العزاء وفرق " الزنجيل " التي تصاحبها الصنوج والطبول والأبواق في الشارع الضيق.
( قصة الشفيع )
***
لكل مساء حكاية . حكاية واحدة ، في أول المساء – عندما تسكن عصافير البرد على سدرة البيت ، وتكف طيور " الدرج " في أحراش الحلفاء خلف البيت عن النداء المنغم.
( قصة حكاية الموقد )

أنظرو ماذا يقول باشلار بخصوص البيت وأثرهُ في الابداع الأدبي :
بغض النظر عن ذكرياتنا فالبيت الذي ولدنا فيه محفور بشكل مادي في دواخلنا ، انه يصبح مجموعة من العادات العضوية بعد مرور عشرين سنة ، ورغم السلالم الكثيرة الأخرى التي سرنا فوقها ، فإننا نستعيد استجاباتنا للسلّم الأول ، فلن نتعثر بتلك الدرجات العالية بعض الشيء ، ان الوجود الكلي للبيت سوف ينفتح بأمانة لوجودنا ، سوف تدفع الباب الذي يصدر صريراً بنفس الحركة ، كما نستطيع أن نجد طريقنا في الظلام إلى حجرة السطح ، ان ملمس أصغر ترباس يظل باقياً في يدينا ، فالبيت وحجرة النوم والعلية حيث كنا وحيدين ، قدمت الاطار لحلم يقظة متصل ، حلم يستطيع الابداع وحده أن يحققه بشكل كلي.
فحين نتذكر البيوت والحجرات فإننا نتعلم أن نسكن داخل أنفسنا
إننا في داخلنا بنفس القدر التي تكون هي في داخلنا .

ثانيا : القبو
ثم ننعطف باتجاه تكرر أيضا في قصص محَمد خضير " القبو "

توقفت الفتاتان، العاملتان في أحد معامل الخياطة الحكومية ،عند رأس السلّم ، متقاربتان ، حيث تتسلل في الهبوط الحواف المثلمة لدرجات السلّم الحجرية وتغيب في القعر المعتم في الأسفل
قالت الفتاة في منتصف العتمة :
أنتِ تهذين
ثم استدارت في هبوط السلّم، ولابد أنها أصبحت في الدهليز ، لأن صوتها أصبح أبعد من السابق.
( أمنية القرد )

***
كما لو كانت في قعرإبريق وجدت أن عتمة السرداب قد تخثرت باردة لذيذة حولها ، وأن المروحة مازالت تدور فوق صندوق الشاي الفارغ.
( قصة المئذنة )

يقول باشلار بخصوص الأقبية / جمع قبو/ ، والتي تتكرر كثيرا في مجموعة المملكة السوداء ، يقول :
أما بالنسبة للقبو فلسوف نجد له منافع كثيرة في الأثر الأدبي دون شك ، وهو قبل كل شيء الهوية المظلمة للبيت ، هو الذي يشارك قوى العالم السفلي حياتها ، فحين نحلم بالقبو فنحن على انسجام مع لاعقلانية الأعماق ، الحالم يبني ويعيد بناء الجزء الأعلى من البيت وحجرة السطح حتى تصبح متقنة ، ونحن حين نحلم بالارتفاع فنحن في المنطقة العقلانية للمشاريع الذهنية الرفيعة ، أما بالنسبة للقبو فان الحلم يحفر ويحفر حتى يجعل أعماقه نابضه بالحيوية ، وعلى طريقة المحلل النفساني كارول يونغ بخصوص الصورة المزدوجة للقبو والعلية فيحلل المخاوف التي تقطن البيت فينتهي إلى أمل الإنسان الواعي بأن " يقضي على تماسك العقد النفسية بعدم مواجهتها "
ويضرب المثال التالي :
"الوعي يسلك كرجل سمع صوتا مريبا في القبو فاسرع الى العلية، وحين لم يجد لصوصاً فيها قدر أن ما سمعه هو مجرد وهم ، في حقيقة الأمر أن هذا الرجل الحذر لم يجرؤ على المجازفة بدخول القبو "

للموضوع صلة



#كريم_الثوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد خراب البصرة
- استغرب
- بلاش نزعل الشيوعيين
- الحقيقة الخالدة
- باااااااااااااااااااااااااااااي
- مرثية بوظة بكداش ( سوق الحميدية )
- المومس والكاتب
- صباح الخير ياعراق
- اكريّم ياطلايب الله
- شاهد مشاف حاكه
- عاشق اللازانيا
- التكو اللثة
- صديقي القناع 5
- صديقي القناع 4
- اختصارات
- ما ملكت أيمانكم
- ههههه يمكن اميلي مخترق مرسي الزناتي تهزم ياركاله
- العراق في خصوبة الشعر 2 رؤية في ( ما قاله الماء للقصب ) لبلق ...
- العراق في خصوبة الشعر 1 رؤية في ( ما قاله الماء للقصب ) لبلق ...
- الغرفة


المزيد.....




- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الثوري - ذاكرة المكان محَمد خضير في عيون جاستون باشلار