أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب بن افرات - شارون يرسم الحدود وحده















المزيد.....

شارون يرسم الحدود وحده


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 1186 - 2005 / 5 / 3 - 14:27
المحور: القضية الفلسطينية
    


خلافا لزيارة شارون السابقة لبوش، برزت هذه المرة نقاط الخلاف بين الطرفين. وبدا ان القراءة الاسرائيلية للواقع في العراق، لبنان وايران، تختلف عن القراءة الامريكية. وفي حين يطلب بوش من اسرائيل دعم ابو مازن واعتبار الانسحاب خطوة على خريطة الطريق، يزيد شارون صعوبات الرئيس الفلسطيني، ويوظف الانسحاب من غزة لاحكام القبضة على الضفة الغربية ويمتنع عن خوض مفاوضات الحل النهائي.



يعقوب بن افرات

عندما ظهر شارون الى جانب بوش في المؤتمر الصحفي المشترك الذي انعقد في مزرعة الرئيس الامريكي بولاية تكساس، بدأت النوايا الاسرائيلية والموقف الامريكي منها تتضح شيئا فشيئا. جاء المؤتمر الصحفي بعد عام بالضبط من المؤتمر الصحفي الشهير الذي عقد في البيت الابيض، والذي التزم فيه بوش بحق اسرائيل في ضم الكتل الاستيطانية المأهولة، وعدم الانسحاب لحدود ما قبل حرب 67، الامر الذي اعتبر خروجا عن الموقف الامريكي التقليدي الذي اعتبر الاستيطان خرقا للقانون الدولي.

واذا كان المؤتمر الصحفي في نيسان 2004 اعلانا عن الدعم الامريكي غير المحدود لشارون، وإدانة سافرة للجانب الفلسطيني الذي تمثل بالرئيس الراحل ياسر عرفات، فهذه المرة ابتعد بوش عن هذا الموقف، وأصر على ابراز الخلافات مع الرئيس الاسرائيلي.

وبدا واضحا ان شارون يريد ابراز موضوع "الارهاب" كموضوع جوهري كما كان الحال قبل عام، غير ان بوش امتنع عن استخدام كلمة "ارهاب" واكتفى بتشجيع الرئيس الفلسطيني المنتخب محمود عباس (ابو مازن) على التعاون مع اسرائيل في شأن الانسحاب من غزة. وفي حين اكد شارون على ان الكتل الاستيطانية ستبقى بيد اسرائيل في كل حل نهائي مستقبلي، اصر بوش على معارضة توسيع المستوطنات طبقا لخريطة الطريق.

من ناحية المبدأ اختلف الزعيمان على الموقف من الفلسطينيين. في العام الماضي حين قرر شارون المضي قدما في خطة الانفصال الاحادية الجانب عن غزة، متذرعا بعدم وجود شريك فلسطيني، لاقى استجابة كاملة من الادارة الامريكية. حينها احتاج كل من الزعيمين لدعم الآخر: فبوش كان على وشك انتخابات رئاسية، وكان بحاجة لدعم سياسي من شارون. كذلك كان شارون بأمس الحاجة لدعم امريكي، نظرا للمعارضة الشديدة من الاغلبية في حزبه ومن اليمين المتطرف الذي كان حينها حليفا اساسيا في حكومته.



قراءة مختلفة للشرق الاوسط

غير ان الوضع اليوم تغير تماما. فقد اجتاز بوش الانتخابات بنجاح جارف، كما احدثت وفاة عرفات هزة سياسية خلقت واقعا جديدا في الساحة الفلسطينية قادت لانتخاب ابو مازن. وانسجم التغيير مع الرؤية الامريكية للشرق الاوسط الديمقراطي الجديد، والتي قادت للانتخابات في العراق، والى انسحاب سورية من لبنان بضغط التحالف الامريكي الفرنسي مع المعارضة اللبنانية. انتخاب ابو مازن شكّل اعترافا بالدور الامريكي، علما ان ابو مازن مقرب من البيت الابيض، وما كان لبوش ان يواصل نفس الخطاب الذي انتهجه مع عرفات، لان هذا يعني تسديد هدف في مرماه وفقدان مصداقيته في المنطقة.

ولكن تبين من زيارة شارون ان القراءة الاسرائيلية لمتغيرات الشرق الاوسط، تختلف عن القراءة الامريكية. فحسب الاسرائيليين لم تمثل الانتخابات في العراق تغييرا جوهريا نحو الديموقراطية، بل ستؤدي الى انقسام طائفي خطير وتشكل ورطة عسكرية لا تعرف امريكا طريقا للخلاص منها. اما ما يحدث في لبنان فلم يسفر عن فوز ساحق للمعارضة على شاكلة ما حدث في اوكرانيا، بل تتوقع اسرائيل ان يبقى النفوذ السوري قويا في لبنان، رغم الانسحاب العسكري منه.

اما الموضوع الاكثر خطورة بالنسبة لاسرائيل، وهو المشروع النووي الايراني، فاصبح هو الآخر موضع خلاف بين شارون وبوش. فشارون يرى ان ايران على وشك الوصول للقنبلة النووية، اما بوش فيعتقد ان الامر سيستغرق وقتا اطول. من اسباب الرؤية المختلفة لهذه القضية، المصلحة التي تجمع امريكا بايران، خاصة في ارساء الاستقرار السياسي في العراق من خلال الحكومة الشيعية الموالية لايران.



شارون وابو مازن

الموقف من ابو مازن يبدو الاكثر تعقيدا، فبوش يطلب من اسرائيل دعم ابو مازن في انجاز مهمته، اما اسرائيل فتصر على انه لا يمكن الارتكان اليه لضعفه امام المعارضة الاسلامية. اعتراف اسرائيل بان ابو مازن شريك، كما يريد الامريكان، سيفرغ خطة الانفصال الاحادية الجانب من مضمونها، وسيضطر اسرائيل للدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين، ليس حول تنسيق الانسحاب القريب من غزة، بل حول الرؤية الشمولية للحل النهائي الذي من المفروض ان يقود الى دولة فلسطينية. وهذا بالضبط ما يرفضه شارون. فقد بادر لخطة الانسحاب من غزة لاحكام قبضته على الضفة الغربية، والامتناع عن الخوض في مفاوضات الحل النهائي.

ان موقف بوش تجميد نقاط الخلاف مع شارون بشأن مستوطنات الضفة، سيكون قابلا للتغيير غداة الانسحاب من غزة. فبوش ركز على انه يرى في الانسحاب فرصة على الفلسطينيين انتهازها لاثبات حسن نواياهم وقدرتهم على السيطرة الامنية. نجاحهم في هذا الامتحان سيشكل انطلاقة للتحدث عن انسحابات مستقبلية باتجاه الحل النهائي.

شارون من جهته يخشى ما يحدث في مناطق السلطة الفلسطينية، وتحديدا اتفاق التهدئة بين حماس وابو مازن. فاذا كان ابو مازن يهدف من التهدئة كسب الوقت للتفاوض مع اسرائيل وتحقيق مكاسب سياسية جوهرية، فكل ما تريده حماس هو المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة التي من المتوقع ان تتحول فيها الى قوة سياسية رئيسية، كما تريد تجنب اي اتهام لها من ابو مازن بافشال مساعيه السياسية مع اسرائيل.

الامر الخطير بالنسبة لاسرائيل ان ابو مازن اصبح متعلقا تماما بالهِبات الاسرائيلية. فهو يواجه معارضة داخلية من حماس، ولكن شارون يرفض الدخول في مفاوضات معه للحل النهائي. بل حتى الوعود بالتسهيلات التي اتفق عليها في شرم الشيخ لم تتحقق. فغالبية المدن الفلسطينية لا تزال تحت سيطرة الاحتلال، ولا يزال المعتقلون في السجون ولم يطرأ اي تغيير جوهري على الارض بعد. ويزيد هذا الوضع، بالاضافة الى حالة التشرذم في حركة فتح، من احتمالات فوز حماس في الانتخابات للمجلس التشريعي. وهنا ايضا تختلف القراءة الاسرائيلية عن الامريكية. فالديموقراطية كما تريدها امريكا لا تعمل لصالح اسرائيل بل بالعكس، تخدم عدوها اللدود: حركة حماس.

السؤال الكبير ما السيناريوهات المتوقعة في الصيف القادم، بعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية والانسحاب من غزة؟ المتوقع ان تمثل اسرائيل امام خيارين كلاهما ليسا في صالحها: إما الانسحاب من غزة في ظل التهدئة، ولكن في وضع قد تصبح فيه حماس قوة رئيسية في المجلس التشريعي الفلسطيني؛ وإما نسف التهدئة لمنع اجراء الانتخابات في موعدها، والمخاطرة بالانسحاب تحت نار المقاومة الفلسطينية.

الهدنة اذن اصبحت مرهونة بالانتخابات: فاذا قام ابو مازن بتأجيل الانتخابات بضغط من حركة فتح، سيقلب حماس عليه؛ واذا بادرت اسرائيل لنسف الهدنة والانتخابات معا، فستعود العمليات بكل العنف.

كما تبين من زيارة شارون الى تكساس، تواجه اسرائيل حالة لا تحسد عليها. خطة الانفصال الاسرائيلية التي كانت لها مصداقية معينة في نظر الامريكان قبل عام، بدأت تفقد شيئا فشيئا هذه المصداقية، اما النقاط السياسية التي حققها شارون قبل عام فلا يتوقع ان يبقى منها الكثير بعد الانسحاب، عندما سيكون المطلوب استعراض رؤيته للحل النهائي.

لقد عقّد اتفاق اوسلو النزاع الاسرائيلي الفلسطيني حتى ادى الى انفجار كبير، اما خطة الانفصال الحالية فتنذر بكارثة حقيقية اذا تم تنفيذها على النحو الذي يريده شارون.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرق اوسط جديد؟
- امريكا:مجتمع المُلكية ينقلب على دولة الرفاه
- هبوط الدولار يهز العالم
- الانتخابات الامريكية الدين يلعب لصالح بوش
- بين الواقع وعدم الواقعية
- عرفات ودحلان لا يلتزمان حتى النهاية
- الفوضى تستبدل الانتفاضة
- سعر النفط يهز اقتصاد العالم
- اعادة الانتداب المصري
- بناء الحزب العمالي مهمتنا الملحّة
- مغامرة بوش وشارون تعمّق الفوضى
- شارون يسلط سوط الانسحاب
- البورصة الامريكية تنتظر الحرب
- دعم ينطلق لبناء الحزب العمالي - اسرائيل
- انتفاضة شعبية في بوليفيا
- دعم يبني اسس- الحزب العمالي
- واخيرا اعترف بوش بفشله الاقتصادي
- الازمة الاقتصادية تعكر صفو انتصار الجمهوريين في امريكا
- امريكا تُدخل العالم لحالة الحرب الدائمة
- العالم رهينة لجنون بوش


المزيد.....




- -زيارة غالية وخطوة عزيزة-.. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان ع ...
- رفح.. أقمار صناعية تكشف لقطات لمدن الخيام قبل وبعد التلويح ب ...
- بيستوريوس: ألمانيا مستعدة للقيام بدور قيادي في التحالف الغرب ...
- دعوات للانفصال عن إسرائيل وتشكيل -دولة الجليل- في ذكرى -يوم ...
- رئيس الأركان الأمريكي السابق: قتلنا الكثير من الأبرياء ولا ي ...
- تفاصيل مثيرة عن -الانتحار الجماعي- لعائلة عراقية في البصرة
- الإيرانيون يعيدون انتخاب المقاعد الشاغرة في البرلمان وخامنئي ...
- السلطات اللبنانية تخطط لترحيل عدد من المساجين السوريين
- هتاف -فلسطين حرة- يطارد مطربة إسرائيلية في مسابقة -يوروفيجن- ...
- الجيش الإسرائيلي ينسف مباني في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب بن افرات - شارون يرسم الحدود وحده