أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعود سالم - توكل على الله والدولة














المزيد.....

توكل على الله والدولة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4133 - 2013 / 6 / 24 - 12:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل المجتمعات التي يحكمها الله وبدون إستثناء، تعشش في عقول المواطنين والمواطنات فكرة ثابثة وملحة وغير قابلة للتغيير.. وهي وجود سلطة عليا وسماوية مسؤولة مسؤولية مباشرة عما يحدث في هذا العالم، من العواصف والزلازل والكوارث الطبيعية التي تجتاح الكرة الأرضية من حين لآخر، إلى مرض الزكام الذي أصاب الوزير الياباني الأسبوع الماضي ومنعه من حضور إجتماعه الأسبوعي. وهذه السلطة العليا والميتافيزيقية، تساندها قوة أخرى، أرضية هذه المرة، وهي المسؤولة عن كل ما يحدث وما يمكن أن يحدث وعن ما لا يحدث في بلدنا وفي مدينتنا وفي حينا وفي شارعنا، من جمع القمامة والأوساخ من أمام المنازل وتنظيف الشوارع إلى نشر الثقافة وتشجيع الشعر وتطوير اللغات الأقلية وتفجير الطاقات الإبداعية لدى الشباب، إلى أسعار الخبز وثمن البترول والدولار في البورصة العالمية. هذه السلطة السحرية، تسمى في هذه المجتمعات ب "الدولة"، والتي لها هيبتها وقدسيتها كمعبد من معابد السلطة الروحية والمادية معا. وأحيانا تنتقل هذه السلطة إلى الوزارة المعنية: ماذا تفعل وزارة الصحة فيما يتعلق بالمعاقين؟ ماذا تفعل وزارة الثقافة لتشجيع الرواية والمسرح والفنون التشكيلية؟ أو ماذا تفعل وزارة التعليم .. إلخ وتتشخص أحيانا في الوزير ذاته ليصبح المسؤول المباشر عن إنقطاع الكهرباء أو المياه أو عن تردي مستوى التعليم في المدارس، ونطالب برأسه كلما سائت الأمور.
‫-;-"‬-;- توكل على الله " تترجم حرفيا في مجتمعاتنا المتخلفة ب " توكل على الدولة "، وننسى أو نتناسى بأن الدولة لها مصالحها وبرامجها الخاصة، وليس لها الوقت الكافي للإهتمام بمشاكلنا اليومية المزرية. فوزارة الثقافة، على سبيل المثال، لا يهمها بأي حال من الأحوال الوضع الثقافي في البلاد ولا الإهتمام بالشعر أو الرواية أو المسرح أو الفنون التشكيلية، الذي يهم الوزارة في المجال الأول هو الحفاظ على مصالح الدولة ونشر فكر الحزب الممارس للسلطة والذي مكن الوزير المعني ليكون وزيرا، والإشتراك في أكبر عدد ممكن من المعارض والإحتفالات والمناسبات العربية والدولية بدون أي إهتمام حقيقي بحتوى هذه الأحداث. القصة في غاية البساطة ولا تحتاج لكثير من الذكاء، لا أحد يعرف مصالح الناس أكثر من الناس أنفسهم، ولكن الناس في أغلب الأحيان يسكنون خارج قصور السلطة.
ثقافة التوكل .. ليست جديدة وليست ظاهرة فريدة تتعلق بالمجتمعات العربية والإسلامية المتخلفة، إنها ظاهرة عامة وترتبط إرتباطا وثيقا بالديموقراطية البرلمانية، حيث تتمكن مجموعة من الأعيان والأغنياء من السلطة ولا يتركونها لأولادهم إلا بعد إنتقالهم إلى المقبرة. إنها ثقافة التوكيل، حيث نعين أحد الأعيان ليدافع عنا وعن مصالحنا اليومية، ولا نطلب منه في المقابل أية ضمانات، له الحرية المطلقة في الدفاع عمن يشاء ولا أحد يحاسبه، متحصنا بشرعية مقدسة هي شرعية الإقتراع.
فبعد أن تمت سرقة الثورات الشعبية في تونس ومصر وليبيا وتم تشكيل حكومات موالية للسماء وتتلقى أوامرها من الله مباشرة، وتشكلت هوة عميقة بينها وبين هموم المواطن العادي، بدأ الناس يشتكون من غياب الدولة ومن عدم قدرتها على ضمان الأمن أو العمل أو العدالة أو حتى تنظيم حركة المرور. وبدلا من إقتناص هذه الفرصة التاريخية - غياب الدولة ـ والبدأ في عملية النتظيم الذاتي لأمورهم البسيطة، وبداية التفكير في كيفية إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل التخلف والفقر، فإنهم بدأوا يطالبون هذه الحكومات الوهمية بإيجاد الحلول الأمنية والإجتماعية وغيرها، المطالبة بإنشاء أجهزة للشرطة وبناء جيش قوي، تعيين أو إقالة بعض الوزراء أو مطالبة أمازيغ ليبيا على سبيل المثال للحكومة القائمة بدسترة اللغة والحقوق الأمازيغية، مطالبين بذلك تدجين الثقافة الأمازيغية وتحويلها من ثقافة الرفض والنضال الشعبي إلى ثقافة حكومية رسمية تابعة وخاضعة للقوانين التي لن تكون في صالحها في أي يوم من الأيام .
نحن هنا بطبيعة الحال نقول هذا الكلام للتنبيه فقط، حتى لا يفجأ المواطن ويشتكي فيما بعد من الخدعة، الحكومة لا تخدع أحدا، وظيفتها الأساسية هي خدمة مصالح الأغنياء والأعيان، لأنها حكومة الأغنياء والأعيان ـ لا يوجد في أي برلمان في العالم المتقدم أو المتخلف عامل واحد أو فلاح واحد - إن الذي نريد قوله وقد قلناه مرارا هو أن نظام إدارة أي مجتمع وتنظيم أمور حياته هو مسؤولية مباشرة لمواطني هذا المجتمع، لكل المواطنين وليس لطبقة معينة منه، وأنه لا فرق نهائيا بين النظام البرلماني في ليبيا مثلا وبين النظام المتخلف في قطر وفي الإمارات الخليجية المختلفة. ففي قطر لاحظنا أخيرا أن وسائل الاعلام المؤيدة لهذه القبيلة حرصت على نشر مقالات وتعليقات وانباء عن قرب تخلي الامير عن السلطة في الأسابيع أو الأشهر القادمة. وكان التركيز في المقالات والتعليقات والانباء على أن الشيخ حمد بن خليفة لم يكتف ببناء دولة حديثة تمتلك دورا اقليميا مميّزا، بل ينوي اعطاء دروس للحكام العرب والخليجيين في كيفية تنظيم عملية الانتقال السلمي للسلطة من جيل الى آخر بعيدا عن العنف. متناسين أن هذا الشيخ توصل إلى السلطة بعد إنقلاب على والده وبأن الإنتقال السلمي للسلطة هو تسليم هذه السلطة لإبنه، وبأنه ساند وما يزال يساند ميليشيات مسلحة في ليبيا وسوريا وغيرها. الأمر لا يختلف كثيرا بين شرعية الوراثة القبلية وشرعية القوة والسلاح أو شرعية الإقتراع، لأن هذه الشرعيات تمنع المواطن البسيط من ممارسة حقه الطبيعي في إدارة حياته بنفسه.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملل ..
- ليبيا .. في إنتظار الكارثة
- خرائب الوعي .. 26 - تحت ظل الشجرة
- الفقر عدو الوطن ..
- الجهل
- خرائب الوعي .. 25 - البحر
- تجارة الكلام
- أول مايو .. عيد الأناركية
- الجوع .. كارثة طبيعية
- الله .. وبعرة الجمل
- المثلية الجنسية .. حق من حقوق الإنسان
- هوموفوبيا
- خرائب الوعي .. 24 - نوستالجيا
- خرائب الوعي .. 23 - الهروب
- جربوا الحب قبل الموت
- خرائب الوعي .. 22 - الصدى
- الفقراء وبؤس الثورة
- العصيان والعقاب .. 3 - ثورة إبليس
- العصيان والعقاب .. 2 - سارق النار
- العصيان والعقاب


المزيد.....




- مادة غذائية -لذيذة- يمكن أن تساعد على درء خطر الموت المبكر
- شركة EHang تطلق مبيعات التاكسي الطائر (فيديو)
- تقارير: الأميرة كيت تظهر للعلن -سعيدة وبصحة جيدة-
- عالم روسي: الحضارة البشرية على وشك الاختفاء
- محلل يوضح أسباب فشل استخبارات الجيش الأوكراني في العمليات ال ...
- البروفيسور جدانوف يكشف اللعبة السرية الأميركية في الشرق الأو ...
- ملاذ آمن  لقادة حماس
- محور موسكو- طهران- بكين يصبح واقعيًا في البحر
- تونس تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية
- ?? مباشر: تحذير أممي من وضع غذائي -كارثي- لنصف سكان غزة ومن ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعود سالم - توكل على الله والدولة