أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحلام طرايرة - كذبة الفقر والفقراء.. إحدى أكبر كذبات التاريخ!















المزيد.....

كذبة الفقر والفقراء.. إحدى أكبر كذبات التاريخ!


أحلام طرايرة

الحوار المتمدن-العدد: 4126 - 2013 / 6 / 17 - 20:25
المحور: حقوق الانسان
    


لم يعد يخفى على أحد- ممن أنعمت عليهم الحياة بنعمة البصيرة- أن استمرار الفقر والعوز في العالم هو أمر مقصودٌ مقصود، وأن ثمة خلل ممعن في الفداحة، مقصود أيضا، يحرص على أن يبقى بعض الناس- أو معظمهم بالأحرى- فقراء. فبدون الفقر لا يمكن أن يُجرّ الناس إلى الحروب، وبدونه أيضا ستختفي "صناعات" كثيرة يترزق منها جشعي المال والسلطة، المتاجرين بألم الناس ومعاناتهم وعوزهم.
إن اعتبار مشكلة الفقر معضلة يصعب حلّها هو خرافة وكذبة تم جرّ الجميع لتصديقها. فهل يُعقل أن البشرية التي حلّقت إلى كواكب أخرى وتوصلت الى ما توصلت إليه من تقدم علمي عاجزة أن تضع حداً لجوع الناس ومرضهم ووجعهم وأن تسمح لما يزيد عن الثلاثة ملايين طفل أن يموتوا سنوياً إثر سوء التغذية (وهو ما يشكل 45% من وفيات الأطفال تحت سن 5 سنوات بحسب تقارير عرضت في قمة الجوع في لندن بداية هذا الشهر)، هذا غير ال 165 مليون طفل الذين يعانون من التقزم بسبب سوء التغذية. الإجابة هي لا، فلا يمكن للبشرية التي لديها القدرة أن تخترق فضاءات خارجية وتنفق ثروات طائلة على ذلك، وتنفق ثروات طائلة أخرى في مقابلها على الحروب وتجارة السلاح، أن تكون غير قادرة أن تؤمّن حياة كريمة وغذاء كافي لفقرائها، إلا إذا كانت تعني ذلك وتقصده. الحقيقة هي أن مشكلة الفقر تعتبر ضرورة لاستمرار النظام العالمي القائم، الذي سينهار بانتهائها.

تثبت هذا الاستنتاج- وهو ليس استنتاجا شخصيا- عدة دراسات وتحليلات كالذي أعلنته مؤسسة اوكسفام في بداية العام بأن عائدات العام الماضي 2012 لأغنى 100 شخص في العالم كفيلة أن تنهي الفقر على الأرض وبشكل كامل لأربع مرات مضاعفة! بمعنى أن ربع عائدات هذه النخبة لعام واحد فقط لن تترك فقيرا واحدا في العالم. في حين أن دراسة سابقة لحملة شبكة العدالة الضريبية أعلنت أن فاحشي الثراء يتهربون من الضرائب بإخفاء ما مجموعه 21 تريليون دولار في بنوك سريّة في سويسرا وجزر كايمان (وهو ما يعادل الدخل القومي للولايات المتحدة الاميركية واليابان مجتمعين). ولتكتمل الصورة، نذكّر أن آخر إحصائيات تفيد أن 1% فقط من سكان العالم يملكون ما يقارب نصف الثروة المالية العالمية. هذه الأرقام لا تدع مجالاً للشك أن من مصلحة "النخبة" الغنية هذه أن تبقى الأمور كما هي عليه- أو تسوء بمفهومنا نحن لا هم- كي تحافظ على ثروتها، وعلى تنفّذها. وهذا التنفّذ لا يمكنه- منطقياً- أن يدوم إذا توزعت ثروات العالم بشكل عادل على جميع الناس.

وفي الوقت الذي تسيطر فيه قلة قليلة جدا من الناس على مقدرات الأرض عبر التاريخ، عملت هذه القلة القليلة بجدّ حتى يبدو الوضع طبيعيا، أي أن يمتلك بعض الناس الثروة ولا يمتلكها آخرون. وحرصت أن تكون الأمور محبوكة ببراعة من أيّ زاوية نظرت إليها ضمن منظومة كاملة متكاملةً. فلقد تم تجيير الثروات والموارد الموجودة على الأرض ليقابلها "المال" أو "النقود"، هذا الشيء الذي لم يكن موجوداً وتم اختراعه وإدخاله الى المعاملات التجارية جنباً إلى جنب مع تقسيم الأرض التي كانت واحدة لتصبح دولاً تفصل بينها حدود وهمية ويبدأ الناس- العوام- بقتال بعضهم على ملكية الأرض والموارد التي عليها تحت مسميات مختلفة، فيما يجني ثمار القتال مخططيه الكبار، بينما يسلّم معظم الناس في قرارة أنفسهم أنه من الطبيعي والبديهي أن يكون بعضهم فقراء، هؤلاء الذين تعدهم الديانات لصبرهم على معاناتهم في الدنيا بوفرة وثراء في الجنة، مما يكفل تخدير أغلبية الناس لكامل حياتهم دون أن يخطر لهم ولو خاطرا أن ثمة خلل ما يحدث في هذا العالم.

ولكن الثواب المنتظر في الجنة لوحده ليس كفيلاً أن لا يثور الجائع، ولهذا كان على "النخبة" المسيطرة أن تبتدع فكرة مساعدة الغنيّ للفقير، والتي استخدمت في حقبة طويلة كحجة لاستعمار بلاد بأكملها ولاحتلال شعوب لسنوات طوال استُنفذ فيها جلّ ما في تلك البلدان من ثروات بشرية ومادية. وبقي الاستعمار حتى بعد استقلال البلاد بأشكال أخرى كانت تتناسب مع كل عصر وفق معطياته ومستجداته، والتي تظهر في عصرنا اليوم على شكل "صناعات" مبتكرة كصناعة الأمراض، وصناعة المساعدات الإنسانية التي ألهمتني للكتابة في هذا الموضوع، كأحد العاملين في هذا المجال. أما صناعة الأمراض، فقد كانت- ولا زالت- تخترع الأمراض اختراعا عن طريق أسلوب الحياة الذي فرض تدريجيا على الناس في مأكلهم ومشربهم ومسكنهم وتحركهم، وتدخل الأبحاث الطبية والدوائية كجزء من هذه الصناعة. فيأتي الأوربيون بالإيدز مثالا إلى افريقيا لينخرها نخراً، بالإضافة إلى الحفاظ على الحروب والنزاعات الداخلية، وتنهال "الجهود" الدولية لإنقاذ القارة الأم من مرضها ونزاعاتها. وفي نفس المضمار تعمل صناعة المساعدات الإنسانية أيضاً، فتُسرق افريقيا وتنهب ثرواتها في سنوات استعمارها الطويل، ثم يبقى المستعمر (الذي يمثل النخبة المسيطرة أو يعمل لديها بالأحرى) رابضاً في المنطقة بحجة انتشال الناس من وحل الفقر والمجاعة من خلال مؤسسات وبرامج المساعدات الإنسانية والإغاثية. فيظن الفقراء، أو هكذا يقولون، أن الأغنياء يساعدون ولكن المشكلة أعظم وأكبر من إمكانياتهم!

وكما أوردت سابقاً، إنها منظومة كاملة تم تصميمها بدقة، فالتعليم والاقتصاد والسياسة والإعلام والدين كله في يد النخبة الحاكمة، تحقن فيه ما تحقن من مسلّمات وقواعد وتعاليم وسياسات. ولكل حقل منها حديث مطوّل جدا قد أتطرق لبعضه لاحقاً. ولكن في هذا المقام يكفينا أن نعرف أن ما مجموعه 1500 صحيفة و1500 محطة تلفزيونية و9000 محطة راديو و2400 دور نشر و1100 مجلة كبرى مملوكة لستة شركات إعلامية فقط، وموجهة جميعها لتقول ما يعزز الوضع القائم ويضلل الناس عن الحقيقة التي لا تتداولها إلا وسائل الإعلام البديلة المحدودة الانتشار. إذن، لنؤكد أنه لن يسعى المتسفيدين من النظام العالمي القائم أن يقضوا على الفقر وسيوهمون الجميع- من باب التخدير- أنهم يحاولون، وستبقى المؤسسات الممثلة لهذا النظام تمدّ يدها بعونٍ زائف لا يهدف في جوهرة وحقيقته إلا لتعميق الفقر والإمعان في بشاعته كي تبقى الحاجة لمساعدتهم الكاذبة قائمة ويبقى تحكمهم في مقدرات الشعوب وفي مصير الأرض ككل هو سيّد الموقف.



#أحلام_طرايرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هناك مدّعين بيننا فاحذروهم!
- أن تكون فلسطينياً- اسرائيلياً !!
- هذه الأرض المقدسة، هل هي حقاً مقدسة؟
- أيّ خلافة إسلامية ينتظرون؟؟


المزيد.....




- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحلام طرايرة - كذبة الفقر والفقراء.. إحدى أكبر كذبات التاريخ!