أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - تواري العصفور















المزيد.....

تواري العصفور


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 4082 - 2013 / 5 / 4 - 02:39
المحور: الادب والفن
    


أعناب الكروم فيك "أيلة" تراود شفتي
تعلمني كيف ينهزم السحاب فوق جبالك
ويسقط مطرا مدرار
ترى ...
أتراني اليوم أذكرك الآن وحدك ؟
أم هو طيف الحبيبة فيك يزاحم ظلك ؟
كنت عصفورا يطير بلا أجنحة
يسير بالليل ويحلم بالنهار
كنت أحلم ، أحلم ، أحلم فيك
أطير حتى ألمس الغيم
وأصبح شريدا في مملكة السماء
أشرب خمورك التي لم تختمر بعد
نكاية في الحانات والبارات
اعذريني "أيلة" ، لم أعد الآن طفلك
أنا البدوي القادم من طين أريافك
منذ أن غادرت الحصاة فردتي حذائي
منذ أن كف بيتنا العتيق عن العويل
وأصبح حطاما ، تعلوه أشجار الشوك والصبار
وما تبقى من جرح الطفولة ، يطل من طاقتيه اليتيمتين
أي عاصفة رست بي ها هنا ، بعيدا عنك
أهي التي كانت تعجزنا في كل موسم شتوي
وقد كانت ضرورية لحياتنا ؟
صورك الآن " أيلة " في حزينة وموحشة
تبكيني منذ أن هاجر هدهدك الأول
أرأيت كم تبدلت...؟
رجالك الذين كانوا يقبلون جبين الأرض في كل صلاة
استبدلوا سجادا تهم الأولى بأخر مستوردات
ثم بدلوا بعد ذلك بيوتهم ونساءهم
آه ...، كم اشتقت لنسائك السامقات
لشوارب رجالك المعقوفة
تعالي ، لتري حفيداتك الآن
كيف يمططن في استذلال أجسادهن على أرصفة المدينة
يجحدن بالحناء في صالوناتها
ويرتمين في الأحضان الغريبة
كنا أغنياء فيك " أيلة " على ضوء شمعة
نتوسد كل ليلة حلما جديدا
ونستيقظ فيك على صيحات الديكة
هجرتنا بعيدا عنك أحلامك الجميلة
واستبدل الديك البلدي ألوانه القزحية بياضا روميا
لم تعد أعشابك عطورا وترياقا أو ياسمين
يبست أزهار الدفلى في أغصانها
فمن ينقذنا الآن من شرنقة هذا الليل
لنغني معا للفجر الضائع فيك
للطيور التي بح صوتها ، للفقراء ...
كنا نرسم قبلاتك على صدورنا العارية بفحمات الحداد
فمات الحداد زهرتي
وشاخ الطبشور في المدرسة القديمة
كنا نختزل الحياة في ضحكة
أما وقد شاخ ربيعك فينا
وانمحت الفصول من الجغرافية
هاجرت طيور الوروار والشرقرق والخطاطيف الملونة سماءك
يتقدمهن هدهدك الحكيم
زرت كل المدن
علي أجد زقاقا فيه باسمك
كنا نقسم بضوء صبحك
ألا تطأ أقدامنا حافلة الفجر الوحيدة
والآن ... ، لا أعرف إن كنت تعلمين
كم يستضيف البحر كل فجر جثامين أحفادك
قبل أن يرميها على سواحل الإفرنج
لم تعد الشمس تقتحم بيوتك القديمة
ولا الحمام يلتهم حصاك ، استعداد لموسم المبيض في شرفاتك
ولا فاض الحليب كما كان من أثداء بقراتك
أرقب بأسى تواري العصفور من سمائك
يرسم قبلة الوداع على كدياتك قبل أن يغيب
عذرك " أيلة "إن أنا أخطأت في حقك
الطفل الذي كنته فيك مات
يكاد يختفي من ذاكرتي الآن
والدمع يملأ مقلتي
يطول الليل فيك ويطول الشتاء
تراودني صور مجروحة كلما زرت قبري فيك
وأحرس ضوء الفجر
كي لا أخلف الموعد مع أحلامي القصيرة
أحجارك لم تعد صالحة لتيمم الأنبياء
نجست منذ أن أمسك بها قطاع الطرق والغرباء
أرى فيك بعد كل زيارة
شمسا ولا أرى شروقا
أرى فيك ليلا ولا أرى نجوما
كانت فاكهة البلوط فيك
كما لو أنها آتت لتوها من تخوم الجنة
ونفحة من "النشوق" مع العم إبراهيم في الصباح
تعيد الدفء إلى الشمس في شروقها الشتوي
أتدري ...، لم أكن أقوى كي أقول لها أحبك
كلما مررت قرب بيتهم القديم
فتعنفني بإغلاق البوابات والطاقات في وجهي
وتقول لي عذراء باسمها : " قلبها الآن ليس لك"
لم تعد طريق النمل تشي بأعشاش البيض كما كانت
هجر الحجل أحراشه وطار الحمام
انظري لتقاسيم وجهك "أيلة "
شاخت للخراب الممدد على سطوح بيوتاتك
لم تعد تصطف فيك أشجار الرمان / السفرجل / الإجاص/ الصفصاف
على السواقي ، كما كانت
وتغني سيمفونيتها الصباحية للعشاق العابرين
قبل أن تنحشر بين سيقان الذرة في حقول البسطاء
كان غبارك يطهرنا من خطايانا البريئة
وألواح " المسيد" تحمينا من عيون الشيطان الأزرق
فيك ...
قرأت أول سطر من الغزل
كتبت أول جملة من هذياني
وعانقت ملايين الأحلام
طينك.... ، رسمت به وجه حبيبتي
وجلست تحت الشمس أنتظر يبسه
كي أقبله في خلوتي
وحلك ...، كان يلتصق بحذائي البلاستيكي
و يشدني إلى المروج فيك
لكني أصررت بجنون على الرحيل
لما لاح لي في الأفق أول سرب من النوارس
وها أنذا أعود إليك الآن من ثقب قصيدتي
أتفقد فيك طفولتي
كنت أحلم فيك طول الليل
وأنسى أحيانا أن أنام
فيك " أيلة " تعلمت معنى أن يكون اللون قمحيا في الوجنتين
فيك ، لمست سهوا
نهدا محتشما ويداي ترتجفان
فيك، استحممت في بحر من حكايات "حديدان الحرامي"
كلما حاولت أن أتذكرها الآن
أنساها ، ويحضرني وجه أمي
فيك ، أينع ينبوعي
ودعاني الشيطان إلى العصيان
فأطعته عن قصد
فيك، نزعت نزوة عابرة رجلاي من الأرض
وطوحت بهما في السماء السابعة
وحين عدت إلى الأرض ...
وجدت ما ملكت جيوبي في يد عاهرة من سلالتنا
صرخت في وجه الأطفال : نكحتها ورب الكعبة... ‼
لم يصدقوني ...
ونظروا بسخرية إلى راحتي اليمنى
تحسست عنقي ونظرت إلى السماء
وجدتها مختلفة عما ألفته
فتأكدت من أنني أصبحت كآدم ، طريدا من الجنة
كن بناتك " أيلة " ، يسابقن الريح طائرات بأجنحة بيضاء كالملائكة
ولا يفتحن فخوذهن للغرباء إلا بمأذون
و( لا جرين وراء لذة الندامة)
سامحيني الآن ، إن أنا وئدت طيرا من طيورك الصغيرة
أو تبولت على حائط من حيطانك المقدسة
أعرف الآن ، كم كان صبرك علي
صبرت علي ، ما صبرت عليك
هاجرتك عن قصد ، وتعلمت لغات دخيلة
وهمت بشقراوات باردات وعيون زرق
لم يفجرن في داخلي قصيدا و لا حبا
وها أنذا في هذه ال " فاس"...
قعيدا على الرصيف ، أتابع مؤخرات نساء الإفرنج الرخوة
تنمحي تباعا ، وتبقين أنت في ذاكرتي
...................
- - (1) أيلة : مسقط راسي ، قرية جبلية صغيرة شمال مدينة فاس / المغرب



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر جمال بوطيب يفوز بجائزة القصيد بالمغرب
- -ماماغولا - جديد القاص المغربي عبده حقي
- قصة قصيرة جدا : وجهان
- الشعر في يومه العالمي بودربالة
- القصاصون العرب يعزفون سيمفونية القصة القصيرة جدا بالناظور ال ...
- من أجل لغة عربية للقمة والقاعدة
- منير عبار يخطف جائزة فاس للفيلم القصير ب - الهدف -
- الدورة 18 لملتقى الفيلم المغربي : إعادة الدفء إلى القاعات ال ...
- مجلة - الاستهلال- تخصص عددها الثاني للسرد العربي في المغرب
- جائزة محمد أنقار الوطنية للقصة القصيرة بخنيفرة المغربية
- الملتقى الوطني الحادي عشر للشباب في القصة القصيرة بفاس
- جائزة أحمد بوزفور للقصة القصيرة في دورتها العاشرة
- قصة ق. جدا : ارتباك
- قصة قصيرة جدا : دمعة
- شعر : حين داهمتني ملامح الوداع
- الإعلام السمعي بعد التحرير في المغرب : الواقع والآفاق
- الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية بفاس تحتفي بلغة الضاد ...
- قصة قصيرة : ضفة الوادي الصغير
- قصة قصيرة : العاشق الأندلسي
- الدكتور عبد الهادي التازي يحاضر حول -التاريخ الجميل- الآخر ل ...


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - تواري العصفور